بتـــــاريخ : 9/19/2008 12:21:58 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1438 0


    الزمن اللدن

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : جمعان الكرت الغامدي | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة جمعان الكرت الغامدي

     

    لم يعهدها بذلك الملمس اللدن .. كانت تنـزلق كطحالب مائية من على صخرة ملساء .. حاول محاصرتها إلا أنّها انسابت من بين أصابعه كالزئبق .. قبض عليها بكلتا يديه .. فظهرت كرؤوس دبابيس حادة .. وضع إبهامه لإغلاق منافذ الخروج.. تلولبت كثعبان متحفز, وانسابت ..

     

    شدّد في قبضته.. تمرّدت وانزلقت بتتابع .. الثانية .. الدقيقة .. وأخيراً الساعة ظلّت تتراقص في انسجام وكبرياء .. راح عقرب الساعات يتباهى رغم قامته القميئة .. واستمرّت العقارب الثلاث ترقص بشكل توافقي عجيب .. في التو طرأت عليه فكرة لإسكات ذلك القرع المفزع الذي تدّقه بأقدامها الحادة عند كل حركة .. سيبرم اتفاقاً مع الرشيقة اللدنة .. تدور تتأرجح غير آبهة بتلك النظرات الشرزاء .. تدور .. وتدور.. اقترب.. وثب قابضاً على رأسها النحيل ..

     

    حاول كبح جماحها إلا أنّها ظلّت تسير وتسير كأرنب بريّ عشقه القفز على نبات الخزامى .. مدّ يده ليثني عنقها .. تلدنت .. وسارت.. همس في أذنها وقال : دعك من الحركة الرتيبة البلهاء .. دعك وإلّا ألجمت أنفاسك . انفلتت متأرجحة كغصن شجرة هزّته الرياح.. قفز عقرب الثواني قفزات متتابعة خارت الرحاة تماهى سابحاً في الفضاء .. دمعتان ساخنتان سقطتا امتزجتا مع ماء المطر .. المؤشّران الآخران يسيران ببطء وبطريقة عرجاء .. تهدّلت عيونهما ..

     

    راح يلحظ الانفكاك .. تمنّى وقتها أن تنسلخ الدقيقة .. ليتكىء عليها ويرحل.. تلولبت ارتكزت في يمناه .. اتّكأ عليها.. تلدنت .. ضحك.. صدى مقزّز .. قذف بالدقيقة في الماء.. انزلقت ببطء كسفينة تتأرجح بفعل الأمواج العاتية.. استقّرت في القاع فقاعات هوائية تصاعدت ..

     

    سرعان ما تلاشت حين وصلت سطح الماء.. خطوة .. خطوتان.. ضحك ضحكة مجلجلة .. كاد شدقه يصل إلى أذنيه .. كسب رهان التحدي .. العقرب الأكبر كان وقتها ينـزف دماً .. بثقة متناهية قال : جئت لأمرّغ رأسك المشمخر في الوحل.. ستقضي على شيء ثمين وغال . لا يهم .. لا يهم .. فالزمن في طريقه للهدم .. كما أننّا من فرط غبائنا نضع الزمن شمّاعة نعلّق عليها أخطاءنا .. خمولنا .. فشلنا ..

     

    وأشياء أخرى كثيرة والآن سأسحقك لأعيش في اللازمن اللاشيء .

    بمقدورك أن تكبّل عقارب الساعة .. بل بمقدورك أن تسحقها برجليك الغليظتين إلّا أنّه من المستحيل .. من المستحيل .. تكبيل

    الزمن .. أنت جزء منه!

    بصعوبة بالغة رفع رأسه, ونظر إلى الحائط, وقال بصوت متهدج بل متلدن : أيها الزمن الطويل قف . ندّ صوت رقيق من جوف الساعة .. اعقل! أعقبه قرع متواصل.. تك .. تك .. تك .. الساعة تشير

    إلى الثالثة فجراً .

     

     

    كلمات مفتاحية  :
    قصة جمعان الكرت الغامدي

    تعليقات الزوار ()