بتـــــاريخ : 9/18/2008 6:09:08 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1344 0


    رؤية عبر الضباب

    الناقل : heba | العمر :42 | المصدر : www.tarbya.net

    كلمات مفتاحية  :
    رجل امراة المتزوجين المقبلين الزواج

    رؤية عبر الضباب 

     الفكرة الرئيسة التي أود أيصالها لكم هي طرح رؤية جديدة للتخطيط الإيجابي للزواج، والتفكير السليم للحياة القادمة، فقبل أن تقدم على مرحلة الزواج، عليك أن تحسن الاختيار، فالإختيار إذا لم يكن موفقا من البداية، فسوف يخلف آثار سلبية فادحة تترك جروحا عميقة في نفسك، لا تلتئم عبر الزمن، وتنثر سحابة غائمة ومثقلة بالهموم والغموم على كل من له علاقة بهذه الزيجة، سواء كنت أنت كأحد الأطراف الرئيسة، أو ممن ينتسب لك من الأهل والاصحاب، فكل اختيار خاطئ سوف يسبب لك شيئا من آلام النفسي والقلق الجسدي، وقد يتصاعد الخلاف بينكما وينجرف نحو أهلكما، وقد ينهار هذا البناء، وينتهي بين أروقة المحاكم، وفي النهاية تنضم هذه الأسرة الناشئة التي كان من المفترض  لها الإستمرار، إلى قافلة الأسر المفككة التي انهارت بسبب الإنفصال.

     

    فالاختيار يبقى في النهاية مسؤوليتك في المقام الاول، ومن ثم تأتي قناعة الطرف الآخر الذي يرسم درب حياته الزوجية معك، لأنكما ستعيشان معا وتتحملان تبعات الحياة الزوجية بشقيها، سواء كان سلبا أو إيجابا، صحيح إنه قد يشارككما الآخرون من الأطراف المحيطة في إنشاء القرار، كالوالدان والاصدقاء والأقربون، لكن يبقى قرارهم مجرد تحصيل حاصل لا يماثل الرغبة الجامحة  لكلا منكما في الإرتباط بالآخر.

     

    فالزواج هو أخطر علاقة بشرية قائمة على سطح الكرة الارضية، وأشرفها على الإطلاق، وقد سماها المولى عز وجل بالميثاق الغليظ كما في  قوله تعالى (وجعلنا بينكم ميثاق غليظا).

     

     فلابد عليك أن تولي هذا الأمر الإهتمام العظيم، وأن تصل إليه عبر نوع من التخطيط السليم، والتفكير الواعي،  لأنها أولى وأهم مراحل الزواج التي إذا سلمت فقد سلم الزواج، وإذا فسدت فقد فسد الزواج، فالأسرة التي تريد انشاؤها سوف تصبح نواة بناء في صرح المجتمع، وتشكل مصنع إنتاج الجيل المسلم الذي يصون كرامة دينه ويحافظ على سلامته، يقول الشيخ سيد قطب في الضلال: وينبثق نظام الاسرة في الاسلام من معين الفطرة وأصل الخلقة وقاعدة التكوين الاولى للأحياء جميعا وللمخلوقات كافة، تبدو هذه النظرة واضحة في قوله تعالى (ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون. (الظلال ص 234).

     

    فالكثير من الشباب اللذين يصلون الى تلك المرحلة من التفكير في الحياة الزوجية القادمة، يبنون الكثير من الأحلام الوردية التي سيكون عليه بيت الزوجية في المستقبل القريب، ويشكلون المواصفات المثالية التي يضعونها للزوجة القادمة والشريكة لهذه الحياة، لأنها ستصبح النصف الآخر طوال مسيرة الحياة، والتي سوف تشاركهم في كل المواقف والأحداث،  فتراهم يخططون لفترات طويلة، لتكوين الصورة المتكاملة والشاملة، بهدف الوصول للإستقرار والراحة النفسية والأمان الاجتماعي، وتجنب الوصول الى مرحلة الفشل والسقوط في وحل الإنفصال....، الكثير من المشاكل لأسرية التي نسمع عنها تحدث غالبا بين الشباب حديثي الزواج، كما أن نسب الطلاق المرتفعة بين المتزوجين حديثا في الوقت الحاضر هي الأكثر مقارنة بالزيجات المتوسطة والقديمة، وكل تلك المظاهر ما هي سوى إفرازات طبيعية للعديد من الأخطاء السلبية التي لم ينتبه لها هولاء الشباب منذ بداية الزواج، لعل من أبرزها الاختيار الخاطئ، والغير موفق لشريك العمر سواء كان للزوج أو الزوجة..وأغلب حالات الطلاق التي تتم بعد سنوات قليلة من الاقتران، كان  لايؤخذ فيها برأي الشاب أو برأي الفتاة على الأرجح، أو ترك الاختيار المطلق للأبناء، وهذا خطأ فادح يرتكبه الكثير من الأباء والأمهات، حرصا على سلامة الأبناء، وبحجة أنهم غير قادرين على الإختيار السليم، فالأباء يرون أنفسهم الأقدر على الإختيار الامثل لحياة أبنائهم القادمة، ولا يشعرون بماهية الإحتياجات النفسية والإجتماعية والعاطفية لتلك الفتاة أو لذلك الشاب، ولا يعلمون أنهم بذلك يكتسبون إثما فادحا في تعريض ابنائهم لحياة لا يريدونها لأنفسهم، والشواهد على ذلك كثيرة، فكم استمعت لبعض الأزواج الذين ألتقيهم لعلاج مشكلة زوجية قائمة، إن هذا الزواج كان من أجل رضا الوالدين دون الاقتناع بالطرف الآخر أو حتى تقبله، وهو رمز مهم وامر ضروري جداً واعتبره حجر زاوية في الحياة الزوجية فأغلب المشكلات الزوجية التي تقع بعد الزواج، بسبب أن الزوج أو الزوجة كان مجاملا لامه او ابيه في اختياره، رغبة منه لعدم إبداء رأيه، فبكون الثمن حين تكون هناك مشكلة نفسيه بين الزوجين، بسبب عدم تقبل الزوجين لذاتهم وعدم تهيأتهم للدخول في الحياة الزوجية، فلا بد أن يكون المقدم على الزواج على اقتناع تام بمسئولية الزواج، وما يترتب عليه من مسئولية وارتباط وثيق..ويأتي هذا بطبيعة الحال، بالاستعداد النفسي والتهيئة الشاملة لدخول الحياة الجديدة مع شريك الحياة.          


    وللأسف نجد الان في الوقت الحاضر الكثير من الأسر، تقوم بتزويج واختيار الزوجة لابنها أو قبول شاب لفتاة هي قد لاترى فيه مقومات الزوج الذي يناسبها ولا تشعر بأنه اقدر على المسئولية ويحمل تبعات المنزل الجديد على عاتقه، ومع ذلك تقبل الزواج منه ليس ارضاء لنفسها وأنما ابتغاء ما يطلبه الآخرون.


    والعجيب أن النسبة الكبرى من الأسر ينظرون لاختيار الزوجة على أنه أمر يسير بل طبيعي جداً عندما يقومون لابنها الشاب بعد ما يحصل على وظيفة أو انتهى من تعليمه الجامعي وكأنه مهيأ للدخول بكل ثقة وهو لم يشق طريقه بعد، ولم تتضح لديه مهارات ومقومات الرؤية والادراك الناضج والاستيعاب الواعي لمعنى الحياة الزوجية، وما يترتب عليها من مسئولية اكبر من طاقته في هذا الجانب فقط،
    فاختيار شريك الحياة ليس بالأمر الهين، بل قد تكون هناك معطيات ومسلمات يحتار فيها الشخص، فيدخل دوامة الحيره والتردد والتأجيل والتخوف

    ولهذا نجد الشارع الحكيم قد وصانا بالإختيار الصحيح..وبذل الأسباب المعينة لإيجاد شريك الحياة، فلا تنسى أنك سوف تخوض طريقا لم تسلكه من قبل، فلذا سوف تجهل الكثير عنه، فعليك ان تنظر الى من سبقك اليه، وتستشير من تراه مناسبا في رأيك، جتى تستفيد من تجاربه وما هي عقبات تلك المرحلة، فهذا الإختيار ينتج عنه أسرة ونسب بين الطرفين على مدى الأيام، ويمتد لأجيال متلاحقة، ويشكل بناء مجتمع وتطور بشري على مدى الحياة بين الزوجين اللذين اختارا شراكه العمر ليمضيا سويا نحو الكفاح في الحياة، وبناء المستقبل...بشكل منظم ومخطط له وبإقتناع.

     

     

    وإلى اللقاء في الدرس القادم (النجاح  يبدأ  بفكرة)

     

     

    كلمات مفتاحية  :
    رجل امراة المتزوجين المقبلين الزواج

    تعليقات الزوار ()