بتـــــاريخ : 9/11/2008 10:28:42 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1486 0


    أشهر القضايا و المحاكمات في التاريخ ... 7

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : ليلة عشق | المصدر : www.egyptsons.com

    كلمات مفتاحية  :
    تاريخ أشهر محاكمات قضايا

    كان من الطبيعي أن تحدث فتن واضطرابات عقب اغتيال فيليب، ولكن حزم الاسكندر ومقدرته العسكرية والسياسية، جعلت الفتن تنام في مهدها وتدين له البلاد بالولاء التام، وعندما حاولت احدي المدن اليونانية الثورة عليه، سرعان ما أخمد هذه الثورة بعد أن هدم المدينة وسوي بيوتها بالأرض! كما أمر أن يباع رجالها وأطفالها ونساؤها في سوق العبيد!
    وكون الاسكندر الذي أصبح الاسكندر الأكبر جيشا منظم من مقدونيا ليبدأ مشروعه الامبراطوري في التوسع والاستيلاء علي الدول المجاورة، لنشر الثقافة الاغريقية بجانب أطماعه أن يكون سيدا علي العالم!
    والغريب أنه عندما كان يهاجم الفرس، وكان معهم عدد كبير من الجنود المرتزقة من الاغريق، وكان عددهم يزيد عن عشرين ألف مقاتل، وقد أمر الاسكندر بعد هزيمة الفرس، بقتل كل هؤلاء المرتزقة باعتبارهم خانوا بلادهم، وانضموا الي جيش الفرس.

    وقاريء التاريخ يعرف كيف استطاع الاسكندر هزيمة الفرس هزيمة منكرة، وأصبح قائدا عسكريا لا ينافس بعد هزيمته ملك الفرس ( دارا ) وبعد أن أصبحت صورته في العالم صورة القائد الشاب المنتصر دائما، والذي روع الجميع بما كان يصنعه بعد أن ينتصر في معركة من المعارك، فإنه مثلا بعد أن أسقط مدينة صور وأخذها من يد الفرس دمر المدينة، وباع 30 ألف من أهلها كرقيق وعندما استولي علي مصر رحب به المصريون باعتباره قد أنقذهم من نير الاستعمار الفارسي

    لقد انتقل الاسكندر من نصر الي نصر، فقد قضي علي امبراطورية الفرس واستولي علي أملاكها، كما استولي علي مصر والهند، وكان من أطماعه أن يكون أعظم أسطول في العالم، وأن يخضع العالم لسطوة حكمه.

    لقد انتقل الاسكندر من نصر الي نصر، فقد قضي علي امبراطورية الفرس واستولي علي أملاكها، كما استولي علي مصر والهند، وكان من أطماعه أن يكون أعظم أسطول في العالم، وأن يخضع العالم لسطوة حكمه.
    ويبدو أن الاسكندر وقد أسكره خمر هذه الانتصارات المذهلة، فإذا به في لحظات شعوره بتألق هذه الانتصارات يتحول إلي إنسان آخر.. إنسان يملأه الزهو والغرور، وعدم الاعتداد بالآخرين، حتى انه أمر بقتل أحد أصدقائه المقربين وابنه (بارمينيو) كما قتل صديقه ( كليتس ) وهو في حالة سكر في معركة معه وهو تحت تأثير الخمر.
    يقال أن بطليموس قد أخرج جثمانه من بابل حيث توفي ونقله الي الاسكندرية (ومازال المغامرون يبحثون كل حين عن هذا الجثمان الذي لا تقدر قيمته التاريخية بمال إن وجد).
    ويقول:
    حياة الاسكندر تعتبر العامل الحاسم في نقطة ارتكاز التاريخ الانساني..
    يعتبر الاسكندر في المنتصف الهندسي للتطور الانساني، والحياة الانسانية بعده تختلف اختلافا بينا عن الحياة قبله، فكأنه يقع في منتصف رحلة الانسانية (كما أن نشاطه يقع في قلب العالم كما تخيله) اذا نظرنا الي خريطة العالم، فإننا نتبين للوهلة الأولي المسافات الشاسعة التي اخترقها بجيشه (كما فعل من قبله قورش العظيم ودارا العظيم) ثم نتبين الهدف الي أخذ نفسه بتحقيقه ومقدار من تحقق من هذا الهدف.
    لم يكن هدفه تحقيق الفتوحات فحسب، بل كان من أهدافه استكشاف المناطق ثم استعمارها والاستقرار فيها، وحقق هذه الأهداف وتشابك الغزو العسكري مع السياسة السليمة والفن والتجارة والتقدم التقني والعلمي، وفي هذا الشأن فاق الاسكندر كل من سبقوه، فاقهم بالاستفادة الكاملة مما تركوه له، ومما ورثه عن الحضارة الاغريقية.
    ويقول عن شخصية الاسكندر:
    كان انسانا فيه كل فضائل الانسان ونقائصه.. هو رجل قتل أصدقاءه عندما غاب عقله بفعل الخمر، كما كان يقتل أعداءه بآلالاف وهو في كامل عقله سواء اشترك في مؤامرة لقتل والده أو لم يشترك في تلك المؤامرة لا يغير شيئا من حكمنا عليه.. كان يتأسف كثيرا علي جرائمه ويندم علي أفعاله الخاطئة ولكنه لم يغير من طباعه ولم يقومها، كان شديد التدين ولكنه لم يمتنع أن ينصب إلها، كان باني ملك عظيم ولكنه لم يتزوج لينجب وريثا للعرش إلا في آخر الأمر، رغم كل هذه التناقضات في حياته، فإن حياته كانت ذات معني عظيم.. ورث نبوغه من أبيه، وحدة طبعه من أمه..

    المهم أن الاسكندر الذي كون إمبراطورية هائلة، وبني مدينة الإسكندرية في مصر، والاسكندرونة بالشام مات بعد أن أقام وليمة شراب في بابل فمات في 323 ق.م وأن هذه الإمبراطورية كما يقول ه.ج.ويلز سرعان ما تمزقت أربا تلك الرقعة الهائلة من الأرض. وقبض ( سلوقوس ) أحد قواده علي معظم الإمبراطورية الفارسية من السند إلي افيسوس، واستولي علي مصر قائد آخر هو ( بطليموس )، كما اختار مقدونيا قائد آخر اسمه ( انتيجوناس ) ، أما بقية الإمبراطورية فإنها رزحت في غمرات الفوضى وعدم الاستقرار، وجعلت تنتقل إلي أيدي مجموعة متعاقبة من المغامرين المحليين، وابتدأت غارات البرابرة من الشمال وأخذت تتسع مجالا وتزداد وحدة، حتى انتهت الأمر بظهور قوة جديدة هي قوة الجمهورية الرومانية التي جاءت من الغرب وأخذت تخضع الجزء تلو الجزء إلي أن ربطت بينها جميعا إمبراطورية جيدة أطول عمرا.


    هذه صورة سريعة لأعظم قائد عسكري في التاريخ.. رغم عظمته العسكرية وطموحاته السياسية، لوث أمجاده وانتصاراته بنزواته عندما قتل والده، ونكل ببعض أصدقائه، وباع الأحرار في سوق الرقيق.

    نهاية بطلة ( كريستين تريفولس )
    ظلت تحارب الاستعمار النمساوي لإيطاليا حتى وفاتها


    لم تكن مدينة ميلانو الإيطالية تعرف عندما ولدت بها فتاة تدعي ( كريستين تريفولس ) أن هذه الفتاة سيدون اسمها في التاريخ علي أنها احدي الفتيات اللاتي وهبن حياتهن لتحرير وطنها من الاستعمار النمساوي وجرائمه، وأنها حفرت تاريخا عريضا لنفسها يوم أن عاشت لهدف نبيل، وأنها تعرضت للموت والنفي والتشريد من أجل القضية التي آمنت بها وعاشت لها.
    كانت كريستين تريفولس هذه من أسرة شديدة الثراء، وكان ميلادها في مدينة ميلانو الإيطالية عام 1808م، ولكن ها لها عندما تفتحت عيناها علي الحياة أن جيوش النمسا قد احتلت هذه المقاطعة، وأنها ترتكب الكثير من الجرائم تحت سطوة هذا الاحتلال، وأنهم كانوا يرهقون الناس بفرض الضرائب التي لا تطاق، بجانب تكبيلهم لحريات الناس، وإذلالهم بلا مبرر..!
    وفكرت في الطريقة التي تأخذ لنفسها موقفا ايجابيا من الأحداث .
    كان من الممكن لفتاة بالغة الجمال والثراء أن تبحث عن رجل يشاركها الحياة، وتشاركه الحياة، وما أكثر الذين تقدموا يطلبون يدها.. من أكثر الشباب الذي كان يحاول أن يقترب منها ويغزو قلبها!
    ولكنها عزفت عن كل هذه الأمور، وأخذت تثقف نفسها بنفسها، حتى ذاع اسمها في كل أنحاء إيطاليا.. كانوا يتحدثون عن هذه الفتاة المثقفة والتي درست الأدب والفلسفة، وأصبحت تناقش كبار أدباء عصرها وكبار مفكريها في عطائهم الأدبي والفكري، ومع ذلك فقد آثرت أن تلبس الزي العسكري، وتحمل السيف والخنجر، وتنادي بضرورة التخلص من الاستعمار النمساوي لبلادها. وأنه لا كرامة في ظل الاحتلال.. ولا معني للحياة والمستعمر يجثم علي تراب الوطن، وأن من المستحيل علي هذا المستعمر أن يرحل بالهتافات ضده، ولا بالخطب الرنانة ولا بالكلمات التي تكتب أو تلقي علي الجماهير، ولا حتى بالكتب والمجلات التي تنادي بالاستقلال، ولكن بالكفاح المسلح، والكفاح المسلح وحده هو الذي يرغم العدو علي الرحيل عن البلاد.
    ومن هنا فقد شجعت الناس علي أن يكونوا الكتائب ويتدربوا علي حرب العصابات، وكانت هي تنفق من أموالها علي هذه الكتائب المسلحة، من أجل أن يشعر المستعمر النمساوي أن استمراره في احتلال مقاطعة لومبارديا ليس نزهة ولكن هو الجحيم بعينة.

    كان من الطبيعي علي فتاة تملك هذه الشهرة.. وهذا الحال أن تلفت الأنظار إليها.. وخاصة أنها تملك بجانب ذلك الجمال الآسر، فتقدم إليها شريف ثري يدعي الأمير (بليوزو) وطلب يدها، ووافقت بعد أن شعرت بأنه هو الآخر يمتلئ وطنية وحبا في تحرير تراب وطنه.

    ولم يشغلها هذا الزواج عن الجهاد في سبيل وطنها، فبثت روح المقاومة في حزب ( الكربوناري) عدو النمسا، واستطاعت أن تضم إليه الناس التي تكونت منهم جماعة (الجردنيرا) الذين بدءوا في الهجوم علي قوات الاحتلال، مما أنهك المستعمر، بينما ارتفع اسم كريستين إلي القمة، وأصبحت حديث الناس.
    وبدلا من أن يعجب بها زوجها، إذا به يخونها في كل شيء!
    خانها عندما تعرف بامرأة أخري فأهان بذلك كبرياءها وأنوثتها!
    وخانها عندما تعاون مع المستعمر وفض يده من قضية النضال المتحمسة لها زوجته.. وعندما رأته ذات يوم يدخل المسرح مع خليلته، فانهارت وسقطت علي الأرض مغشيا عليها!

    ولم تجد أمامها من سلوى إلا العودة إلي ساحة نضالها ضد أعداء وطنها، وذات ليلة خرجت متجهة إلي أحد المنازل البعيدة حيث كان يجتمع فيه المقاومون للاحتلال، ولكنها لاحظت وجود رجلا يتبعها، وعرفت بفطرتها أنه أحد جواسيس الأعداء، وهنا قررت العودة من حيث أتت حتى لا يعرف الأعداء مكان أصدقائها، ولكن الرجل أمسك بها، وهددها بالقتل لو لم تدله علي المنزل الذي يجتمع فيه رفقاء السلاح، وما كان منها إلا أن تخلصت منه، ثم ضربته بالخنجر، فسقط قتيلا، وعندما أرادت الهرب لم يمكنها رفقاء هذا الجاسوس من جنود النمسا وأمسكوا بها وأودعوها السجن!
    ولم تطق الحياة داخل هذا السجن الذي يضم بين جدرانه البغايا والمجرمات وقد تخلصت من السجن عندما تدخل زوجها بعلاقاته مع النمساويين بأن يطلق سراحها، فأطلق حاكم المنطقة المرأة علي شرط أن تنفي خارج البلاد، فاختارت أن يكون منفاها باريس!

    وفي باريس أرادت أن تنسي خيانة زوجها لها بعد أن انفصلت عنه.
    كما أنها قررت أن تتقرب من ساسة فرنسا وأدبائها وشعرائها وأقامت صالونا أدبيا عرفت من خلاله الوزير ( تيير) والمؤرخ (أدجستان تييري ) والشاعر ( هتريك هانيه) والموسيقي (شوبان).. ودفعتهم أن يكونوا من الدعاة ضد الاستعمار النمساوي لبلادها كما أنها استطاعت أن تنشيء بمالها بعض الصحف والمجلات التي كرست جهودها بضرورة وحدة إيطاليا، كما أسست حزبا ينادي بذلك من المنفيين الايطاليين في فرنسا.

    وعندما علمت أن ملك إقليم (بيمونت) قد استرد مدينة ميلانو من النمسا، عادت إلي بلادها، ولم تكن تدري أن هذا الملك تخاذل بعد ذلك وعاد وسلم المدينة إلي النمساويين، من هنا شعرت بالخطر، وتزيت بزي متسولة حتى لا يقبض عليها ويزجوا بها في أعماق السجن، أو يقوموا بقتلها، ولجأت إلي قصر مجهول لأحدي صديقاتها لتعيش فيه.
    ولكنها لم تهدأ أو لم تهادن العدو ، بل أخذت تبيع مصاغها لتصرف علي المقاومة الشعبية، وتوزيع المنشورات ضد العدو.

    وفي هذه اللحظات سمعت عن شاب يدعي ( جايتانو ستيلزي) كان شديد الوسامة.. شديد الوطنية. يقاوم المستعمر ببسالة منقطعة النظير وما كادت تراه حتى أحبته من أعماقها.. لقد عرف الحب طريقة إلي قلبها لأول مرة، وما كادت تتعرف عليه حتى بادلها نفس الحب.. لقد جمعهما الحب، كما جمعهما الهدف المشترك وهو تحرير أرض الوطن، والعمل علي وحدة إيطاليا وتمض الأيام..
    وإذا بهذا الشاب يقرر أن يقوم بعملية جريئة داخل معسكر الأعداء كان يريد أن ينسف مستودع الذخيرة بهذا المعسكر، ولكن شاهده بعض الجند من الأعداء، وأطلقوا عليه الرصاص، ولكنه استطاع الهرب رغم جراحه، وذهب إلي القصر المهجور الذي تعيش فيه حبيبته، وعندما رأته وهو ينزف دما أسرعت إليه، ثم سرعان ما لفظ آخر أنفاسه!
    وجن جنونها إنها لم تحب أحدا في حياتها سواه؟ كيف يموت بهذه السرعة؟
    ورفضت أن توسده التراب!!
    إنها تريد أن تراه.. ولو لبضعة أشهر..!!
    واستدعت أحد الأطباء الكبار ليحنط الجثة التي ألبستها ثوب المجاهدين ، وأرقدت الجثة في حجرة بعيدة في القصر علي فراش من حرير، وأخذت تدخل عليه حجرته يوميا لكي تري هذا الذي كان ملء حياتها وسمعها.
    ويقول الأستاذ ( إبراهيم المصري ) عن خاتمة هذه القصة التي لا تكاد تصدق.
    بيد أن قيادة جيش العدو كانت قد بثت العيون والأرصاد حول المرأة، تمكنت من استكشاف مكمنها. فطرق رجال الشرطة فجأة أبواب القصر المهجور واقتحموا حجراته، فوجدوا كريستين في الغرفة النائية منحنية علي الجثة المحنطة، ومشهرة خنجرا تريد أن تطعن به نفسها كي تلحق بحبيبها ولا تقتل بيد العدو، فارتمي عليها رجال الشرطة، وانتزعوا منها الخنجر، واندفعوا بها خارج القصر إلي حيث مقر قيادة الجيش، ولكن أنصارها الأحرار الذين كانوا قد علموا بما وقع، أسرعوا لنجدتها، وتقاطروا علي رجال الشرطة من مختلف الأزقة والدروب، فدارت بين الفريقين معركة طاحنة، تمكنت (كريستين) خلالها من الفرار والالتجاء إلي بيت فدائي يسر لها سبل السفر مرة ثانية إلي فرنسا..
    فهبطت باريس، وعادت تجاهد وتكافح وتثير أقطاب السياسة علي استعداء النمساويين، حتى تدخلت الحكومة الفرنسية في الأمر، فانسحب الجيش النمساوي من مقاطعة لومبارديا، وتحققت وحدة إيطاليا علي يد الزعيم ( كافور)
    وإذ ذاك.. إذ ذاك.. فقط.. عادت (كريستين) مثلجة الصدر إلي بلادها
    فاحتفل بها المجاهدون، واستقبلها الشعب كما يستقبل الأبطال.
    وعاشت بعد ذلك في القصر المهجور نفسه وماتت سنة 1871 في الحجرة نفسها التي كان يرقد فيها جثمان البطل الشهيد.

    أليست هذه صورة بالغة الجمال، لإنسانة قوية الإرادة.. شديدة الإيثار.. أحبت وطنها، وأحبت الحب، فكانت صورة مجسدة للوطنية الصادقة والحب الصادق؟

    نهاية الامبراطور بونابرت
    الأيام الأخيرة لأشهر قائد تاريخي وهو نابليون بونابرت
    نابليون قهر جيوش أوروبا وهزمته ثلوج روسيا

    عندما وقع أسيرا في يد قوات الحلفاء بقيادة انجلترا بعد هزيمة (ووترلو) ونفي الي جزيرة ( سانت هيلانة ) في جنوب المحيط الأطلس .تذكر ما مر به من أيام المجد، وأيام الهزيمة، الي أن مات مصابا بالسرطان في 5 مايو 1821م.
    والحديث عن نابليون بونابرت حديث يطول، وربما يذكرنا أيضا بما أحدثة من تغيرات في تاريخنا المعاصر يوم غزا مصر عام 1798م.
    ومعروف أنه هرب من مصر عام 1799م ليبدأ انقلابا يتولي بعده السلطة في فرنسا، وهو الذي أشرف علي مراجعة القانون الفرنسي الذي أعطي الكثير من الحريات للشعب الفرنسي، ثم انطلق ليكون امبراطورية أوربية هائلة الي أن هزم في روسيا، ثم هزم بعد أن تحالفت عليه أوربا في معركة الأمم، حيث سقطت باريس في أيديهم في 11 ابريل 1814، وتنازل عن العرش، ونفي الي جزيرة (ألبا) في الساحل الشمالي الغربي لايطاليا، ولكن نابليون صاحب الطموحات التي لا تحد، عاد الي فرنسا من جديد، وحكم مائة يوم، حيث تصدي له الحلفاء بقيادة انجلترا وتحت قيادة القائد دوق ولينجتون، حيث هزم في موقعة 'ووترلو الشهيرة'.. وهنا فر الي باريس، وتنازل عن العرش، ونفي الي جزيرة سانت هيلانة.
    والعجيب أن نابليون وهو في سنوات تألقه لم يكن يؤمن اطلاقا بشيء اسمه الحظ..
    كان كل شيء عنده محسوبا بالقلم والمسطرة.
    المعارك العسكرية ممكن الانتصار فيها من خلال خطط موضوعة، يتسم بالعلم والمنطق ولا مجال للهزيمة في ظل هذه الخطط المحكمة.
    والسياسة لابد أن تحقق النتائج المرسومة لها طالما أعد لها الاعداد الجيد.
    ولكن هذه الأفكار عن الموضوعية والتخطيط، ابتدأ يتحفظ عليها يوم غزا روسيا، وتألبت عليه قوي الطبيعة البالغة القسوة، بجانب المقاومة الروسية، مما جعله يفقد نصف مليون جندي، ويعرف معني الهزيمة.
    كما أنه أيقن أن هناك القدر الذي لا يمكن الافلات منه، وأحس بهذه السطوة في المعارك التي خاضها وفشل فيها، فقد كان يقول قبل أن يخوض معركة (ووترلو) التي هزم فيها، وانتهي دوره التاريخي بعدها.. قال نابليون قبل هذه المعركة.
    'هاتف داخلي ينبئني أن النتيجة سوف لا تكون سارة، وأني أعزو فشلي الي أفول نجمة حظي'.
    لقد اعترف نابليون بأن هناك أمورا من الصعب التحكم فيها، فوق قدرة البشر، ومن هنا عرف الرجل الذي لم يكن يؤمن بكلمة المستحيل، أن المستحيل قد يصبح حقيقة لا نعرفها في بعض الظروف.

    كان نابليون يردد
    إن الحظ يعمل ضدي..
    وكان يظن أنه بعد أن انتهي به المطاف سجينا في جزيرة (سانت هيلانة) أنه سوف يعيش البقية الباقية من عمره هاديء البال بعد أن عاش حياته السابقة كلها في طموحات تكوين امبراطورية فرنسية بالغة الاتساع، تشمل بجانب أوربا أجزاء من آسيا وافريقيا، ولكنه رأي أحلامه وهي تتهاوي، ورأي مجده وهو يتساقط، وأنه الآن حبيس جزيرة جرداء وآن له أن يستريح

    ولكن نابليون لم يكن يتصور أن نهاية حياته لن تكون راحة.. ولن يكون فيها ما يصبو اليه من سكينة اليأس، وأن سجانه سوف يعاملونه بقسوة بالغة لا تليق بالامبراطور نابليون، الذي دوي اسمه وشهرته في كل مكان
    ولم يكن يدري أن الانجليز سوف يحولون حياته الي جحيم لا يطاق في تلك الجزيرة القاحلة القابعة في جنوب المحيط الأطلنطي.
    لم يكن يتصور أن حاكم هذه الجزيرة التي تخضع للنفوذ الانجليزي سوف يعامله بصلف وغرور.. وانه مجرد أسير.. وكان هذ الرجل الانجليزي اسمه (هدسون لو).. وكان يقول
    أنا آمر القائد بونابرت أنه أسيري!! وقد سمعه نابليون يقول ذلك، فرد عليه في حدة وغضب
    أنا لست أسير أحد.. إنما أنا ضيف الأمة الانجليزية!!
    ويرد عليه الحاكم الانجليزي
    هذا هراء.. وسأرغمه علي طاعتي أو أضعه في القيود والسلاسل.
    وعاملوه معاملة في غاية القسوة والاذلال، حتي عبر عن ذلك أحد أصدقاء نابليون بونابرت بقوله:
    'إنهم يقتلون بوخز الإبر رجلا عجزت عن هزيمته جيوش أوربا'

     

    وما أكثر ما احتد النقاش بين نابليون وسجانه، وكان نابليون يقول لهم أنه سيد أوربا، وسيظل اسمه في التاريخ، بينما لن يعرف التاريخ عن سجانه هذا شيئا.
    وقال له نابليون يوما إنك تضحكني!
    واتهمه هدسون له بخشونة الأخلاق!!
    وقرر نابليون ألا يلقي هذا الحاكم مرة ثانية، لأنه يثير فيه الغضب، وبالفعل لم يلتق به هذا الحاكم بعد ذلك إلا ونابليون علي سرير المرض.

    ويعلق المرحوم علي أدهم، علي هذا بعد دراسته عن (نابليون وسخرية الأقدار) بقوله
    'وهكذا ظلت الحرب التي ظن أنه قد نبذها وباعدها بقبوله المنفي فلاحقه، وتأبي أن تتركه، وظلت الحرب ناشبة الي يوم مماته، ولكنها كانت حربا ضد الطغيان الذي حاول أن يفرضه عليه هدسون لو، كانت حرب صغائر وسفاسف يثيرها مستبد ضئيل الشأن علي رجل فقد كل شيء، وعزيز قوم ذل.
    وصار نابليون يعتقد أن هذه المعركة هي الحلقة الأخيرة من المعارك التي دامت طوال حياته ضد الانجليز. وكان (هدسون لو) في نظره يمثل الانجليز.
    قال لليدي مالكوم:
    'لقد لبست تاج فرنسا الامبراطوري، وتاج ايطاليا الحديدي، وانجلترا الآن تقدم لي تاجا أروع وأعظم، وهو اكليل الشوك'..
    فالاهانة والتحقير والاستبداد تزيد في شهرتي، وإني أعزو الي انجلترا تألق مجدي وكان يعزي نفسه بقوله
    غيري من الناس يخفضهم فشلهم، أما أنا فقد رفعني الفشل الي أسمي المراتب، ولم يستطع أن يواجه حقيقة أن حبسه كان ثمنا تقاضته الأقدار لطموحه المتناهي، ومطامعه البعيدة، وللحيوات البشرية التي حطمها وأسال دماءها في حروبه العديدة، ولكنه كان في منفاه، وقد أثقلته المصائب وأذلته الأحزان أشجع منه في أيام مجده و الدنيا عليه مقبلة.
    كان عظيما وجلدا صبورا، كان رجلا، وقد صبر صبرا جميلا علي سخرية الأقدار.

    هذه صورة سريعة عن قائد من أعظم قواد التاريخ طالما صال وجال.. وطالما حلم بامبراطورية لا تغرب عنها الشمس.. وقد ذهب عنه كل هذه الطموحات، وعرف معني الهزيمة.. وعرف الشتات والغربة وقضبان السجون، ثم انتهي كل ذلك ولم يبق إلا مرارة الذكريات!
    ولكن كل ما حدث لنابليون في منفاه من عذابات يتضاءل أمام ما يحدث الآن في سجن العراق الكبير.. في القرن الحادي والعشرين!!

     

     

     

     

    كلمات مفتاحية  :
    تاريخ أشهر محاكمات قضايا

    تعليقات الزوار ()