بتـــــاريخ : 9/11/2008 10:13:12 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1926 0


    أشهر القضايا و المحاكمات في التاريخ ... 4

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : ليلة عشق | المصدر : www.egyptsons.com

    كلمات مفتاحية  :
    تاريخ أشهر محاكمات قضايا

    جان كالاس
    محاكمة ظالمة من أعداء العدالة والحق

    تبدأ القصة صباح يوم 14 تشرين الأول – أكتوبر من عام 1761 ، ساعة شهدت الطريق المؤدية إلى بلدية مدينة ( تولوز ) الفرنسية القائد ( ديفيد بودريغ ) يسوق خمسة أشخاص ألقي القبض عليهم منذ قليل . هؤلاء الأشخاص هم ( جان كالاس ) وزوجته ( آن روز) وابنهما ( بيار) وآخرين هما ( فرنسوا لافايس ) والخادمة ( جانيت ) .

    منذ أربع ساعات فقط ، وجد ( مارك انطون ) ، الابن البكر ( لجان كالاس ) مقتولا في دكان أبيه ، تاجر القماش . ماذا سبق هذا " الحادث " والمفجع ؟
    في الساعة السابعة من مساء 13 تشرين الأول – أكتوبر ، أغلق جان كالاس متجره وتوجه إلى بيته لينضم على العشاء ، إلى عائلته المكونة من زوجته وولديه ، وكان عندهم ضيف هو الشاب فرنسوا لافايس . عند انتهاء العشاء ، توجه الجميع إلى البهو ، باستثناء جان مارك ، الذي كان يبدوا شاحباً ومرتجفاً ، مما دفع الخادمة جانيت إلى سؤاله :

    -هل تشعر بالبرد يا سيدي ؟ لماذا لا تتغطى ؟
    -كلا ، على العكس ، اشعر بأني احترق !

    وفي الساعة التاسعة والنصف ، استأذن الضيف ، فرافقه بيار ، الابن الأصغر لجان كلاس ، وبيده قنديل . نزل الاثنان السلم وما أن وصلا إلى الممر الذي يحاذي الدكان وينتهي إلى الشارع حتى وجدا باب الدكان مفتوحاً . وهذا مستغرب في تلك الساعة . نظرا إلى الداخل ، فإذا بهما يريان مارك انطون مقتولاً .
    هرع صاحب البيت والعدد القليل من المارة ليروا ما حصل ، كما فتحت الخادمة شباكها لتصرخ :

    -يا الهي لقد قتلوه .

    في الدكان ، كان القتيل جاثياً على أكداس القماش . لم يكن عليه أي اثر لجرح ، كل ما وجده طالب من طلاب الجراحة - احضر إلى المكان - هو خط اسود يلف العنق . هذا يثبت إن القتيل مات منتحراً ، خنقاً أو شنقاً . بعد ذلك وفي الساعة الحادية عشرة والنصف ، حضر قائد الشرطة ( ديفيد بودزيغ ) ومعه أربعون من رجاله . وما أن رآهم المتجمهرون حتى تعالت أصوات تردد : " لقد قتلوه ... قتله هؤلاء الهوغنو"

    ( والهوغنو ) هم الكاثوليك . أما جان كالاس ، فكان بروتستنتيا لكنه معروف بتسامحه وبسعة صدره حتى خادمته جانيت كانت كاثوليكية . ومنذ خمس وعشرون سنة ، وهي تعمل لدى عائلة كالاس دون أن ترى منهم أية مضايقة .
    عام 1732 ، ولد مارك انطون . ومنذ نعومة أظفاره ، أظهر ميلاً نحو الخطابة والمسرح . وهذا ما دفعه ، عام 1759 ، عند نيله البكالوريا ، إلى التوجه نحو كلية الحقوق . لكن باب الجامعة صد في وجهه : لم يكن مسموحاً لبروتستنتي آنذاك بالوصول إلى المرحلة الجامعية .هذه الصدمة جعلت مارك انطوان في وضع نفسي متعب ، ولا خلاص له من هذا الحائط المسدود إلا باعتناق المذهب الكاثوليكي . ويشاع في الحي الذي تسكنه عائلته ، ومعظم سكانه كاثوليك ، أن الشاب كان ينوي اعتناق الكاثوليكية . لكن عائلته قتلته ، مفضلة له هذا المصير على أن يحقق ما صمم عليه ...!

    هذه الشائعة هي التي دفعت القائد بودريغ لان يلقي القبض على العائلة بأكملها بما في ذلك الضيف والخادمة . وقد خالف بذلك كل الأصول القانونية التي تمنع القبض على شخص دون إذن بذلك .

    عند استجواب الموقوفين ، أكدوا جميعهم إن مارك انطون لم يكن ينوي تغيير مذهبه الذي توارثه عن أسلافه . وعن الجريمة ، أكد الأب ، بادئ الأمر ، إن ابنه ذهب ضحية أشخاص دخلوا إليه من الشارع ، لكن ليس هناك ما يثبت ذلك ، فالدكان مغلق ولا اثر لكسر أو لخلع ، وهذا ما يرجح إن الجناة ، إنما قدموا من داخل البيت ، غير أن الأب نفسه عاد ، في اليوم التالي، ليتراجع عن أقواله تلك ، ويقول إن ابنه لم يقتل ، بل انتحر . و دعم كلامه بأن قال انه ، عندما دخل الدكان ، بعد صراخ ابنه الثاني ، رأى القتيل معلقاً بحبل . وقد قام ، هو والابن الآخر ، يقطع الحبل . ولكن ، بعد فوات الأوان . هذه الرواية ، عاد وأكدها أخ القتيل بشهادته ، كما أكدها الآخرون ، الأم والضيف والخادمة .

    هذا التراجع أثلج صدر قائد الشرطة . لقد كذبوا جميعاً ، بعد أن رأوا أن رواية الجريمة على أساس تغيير المذهب لن يكتب لها النجاح . وهل يكذب بريء ؟ لكن لماذا كذبوا ؟ الأمر غاية بالبساطة ففي عام 1761 ، عام وقائع هذه القضية ، كان الانتحار يشكل جرماً شائناً تعاقب عليه الجثة بأن تسحل في الشوارع ويبصق عليها المارة . لذلك ، فقد أراد أهل القتيل إخفاء الانتحار بادئ الأمر ، لكنهم عادوا وكشفوه ، عندما رأوا أن روايتهم عن القتل لن تكون مقبولة من أحد .

    في اليوم الثالث للحادث ، يوم 16 ، استدعي الجميع لتمثيل الجريمة . أثناء ذلك وجد إن الانتحار لم يكن ليتم إلا إذا تمكن المنتحر من الصعود على كرسي ورفسه ليتدلى ويموت . هذا الكرسي لم يوجد . إذا هل صحيح أن الموت حصل بسبب الانتحار ؟ ألا يمكن كذلك ، أن يكون الكرسي قد اختفى من الدكان الذي ترك منذ الجريمة ، دون حراسة ؟ إن الشرطة تؤكد أن الموت لم يكن بسبب الانتحار .

    توالى الشهود ، ومعظمهم مدفوعون بالتعصب ضد البروتستنتية أو بالوعود المغدقة . وها هو احدهم ( جان بيريس ) يؤكد انه رأى الأب يقتل ابنه في الدكان في الساعة التاسعة والنصف من مساء يوم الجريمة ، لكن بعض الشهود لم تأت شهادته متوافقة ورغبة بودريغ ، منهم شاهد أكد عدم نية القتيل على اعتناق مذهب غير مذهبة ، حتى إن هذا الشاهد ذهب ابعد من ذلك عندما كشف أن مارك انطون كان ينوي الدخول في الاكليروس البروتستنتي والسفر إلى جنيف لهذه الغاية ، إذا الأمر ليس كما يريد أن يصوره بودريغ بأنه جريمة من الأهل لمنع ابنهم من اعتناق المذهب الكاثوليكي .

    لكن بودريغ لم يلق سلاحه . لجأ إلى إجراء آخر كان لا يزال سائداً آنذاك . ويقضي بأن يعلن في كل الكنائس ، وعلى مدى ثلاثة أسابيع ، أن مارك انطوان كان ينوي ترك البروتستنتية واعتناق الكاثوليكية ، وعلى من لديه معلومات بهذا الخصوص ، أن يتقدم ويدلي بها أمام الشرطة وهنا أيضا ، لم تثمر الخطوة ، ولم يتقدم احد بأية معلومات . انتقل بودريغ إلى مرحلة أكثر تقدماُ. عاد إلى الإعلان في الكنائس ، ولكن مع تهديد كنسي بالحرم ، هذه المرة لكل من لديه معلومات ولا يدلي بها . هنا أيضا لم يتقدم أحد .
    أخيرا ولما نفدت لديه كل الوسائل ، أمر بودريغ بأن يجرى لمارك انطون جنازة كاثوليكي . وهذا يعني أن القتيل لم ينتحر وان في الأمر جريمة . وقد رافق هذه الجنازة دعاية ومديح لا مثيل لهما في تاريخ السلطة . اربعون كاهناً رفعوا النعش على الأكف وأوصلوه إلى الكنيسة .
    وهناك ، رفعت لافتة بارزة كتب عليها بخط عريض :
    " الردة عن الهرطقة . إمضاء : مارك انطون كالاس "
    ولم تتخلف أية من السلطات الرسمية في المدينة عن حضور المأتم . هكذا ، صدر الحكم في قضية كالاس قبل محاكمته

    في العاشر من شهر تشرين الثاني – نوفمبر ، طلب المدعي العام الملكي ( ريكيه دي بونريبو ) الإعدام حرقاً حتى الموت لكل من الأب والأم والأخ . كما طلب السجن المؤبد لفرنسوا لافايس . والسجن خمس سنوات للخادمة جانيت .
    وفي الثامن عشر من الشهر نفسه ، أصدرت المحكمة حكماً منسجماً مع مطالب المدعي العام . وبعد سماع أقوال دفاعية حثيثة ، عدل الحكم بحيث أصبح يقضي بالإعدام بالمقصلة للأب وبالمؤبد للأم والأخ . أما الضيف والخادمة فقد برئا.

    لكن هذا الحكم لا سيما الشق العائد للإعدام منه ، لن يصبح نهائياً ما لم يقترن بتصديق البرلمان . وقد رأى البرلمان أن يصار إلى تعريض الأب للتعذيب ، عله يعترف وعندها يصدق الحكم .
    وهكذا ، في العاشر من شهر آذار – مارس ، سبق بودريغ المحكوم جان كالاس إلى غرفة التعذيب. وقد جاء ليحصل بالإكراه على ما عجز عن الحصول عليه بالوسائل الأخرى مع تنوعها. وقبل أن يتولى إلى الجلادين ، سأله بوديغ لأخر مرة سؤاله المعهود :

    -هل صحيح انك عشت في ظل الدين الجديد ، الذي تدعي انه المتطور ، وانك نشأت أولادك عليه ؟
    -اجل
    -هل صحيح انك أنبئت ، صباح 13 تشرين الأول – أكتوبر عام 1791 ، إن ابنك مارك انطون ينوي تغيير دينه .
    -كلا . لم ينبئني احد بذلك .
    ويكمل بودريغ وكأنه لم يسمع الجواب :
    -هل صحيح انك صممت ، منذ تلك اللحظة ، على خنقه بالاشتراك مع زوجتك وابنك الآخر وخادمتك وضيفك السيد لافايس ؟
    وعلى الرغم من إن جان كالاس كان واثقاً من مصيره وان الحكم عليه يعتبر صادراً مسبقاً فقد أجاب بحزم وشجاعة نادرين :
    -لم يكن ثمة أي تصميم من هذا النوع .

    تجاه هذا الإصرار ، امر بودريغ الجلادين بالبدء . ويقضي هذا بشد الذراعين باتجاهين متعاكسين . وكان الشد يزداد كلما وجد المحقق أن الجواب ليس الجواب المرغوب أو انه غير كاف . ويستأنف بودريغ الأسئلة :

    -هل قمت بتنفيذ جريمتك وحدك أم بالتنسيق مع الآخرين ؟
    -لا أنا نفذت ولا الآخرون .
    -أذكرك يا كالاس أن الحقيقة تخفف عنك الكثير من عذابك .
    -أكرر أن ليس هناك جريمة وكلنا أبرياء .

    واشتد العذاب واستمر التعذيب وكالاس لا يتزحزح عن موقفه . ولما كانت مراحل التعذيب قد استنفدت بكاملها دون نتيجة ، فقد أمر بودريغ بحل وثاق المتهم . وهذا ما تفرضه القوانين في هذه المرحلة .

    وسيق كالاس إلى ساحة الكنيسة ، حيث المقصلة ، وسط جمهور غفير من الكاثوليك فقط . وكان طوال الطريق يتلقى الشتائم من الواقفين وممن هم في النوافذ دون أن يفقد هدوءه أو يحني رأسه . وأخيرا وصل إلى المنصة ، وقرئ على مسمعه نص الحكم ، فلم يتهيب ولم يرهبه منظر المقصلة ، واستمر في نفيه الجريمة . هنا تقدم الجلاد منه ، وبضربات من عصا حديدية كسر أطرافه أربعه . ثم ربطه بقوة ليختنق طوال ساعتين اثنتين .هذا إذا لم يمت ميتة طبيعية خلال هذه المدة .
    أخر ما قاله كالاس ، وهو يحتضر ، كان أمام الأب ( بورغ ) الذي جاء ليستمع للاعتراف الأخير قال :
    -لقد قلت الحقيقة . هل تعتقد بأن من الممكن أن يقدم أب على قتل ابنه ؟ سأموت بريئاً . ولست آسفا على حياة ستليها سعادة أبدية . كم ارثي لحال زوجتي وابني وخادمتي . وكم ارثي خاصة لحال المسكين السيد لافايس ، الذي قاده سوء طالعه لهذا المأزق .

    مرت الساعتان دون أن يموت المسكين . هنا تقدم بودريغ وطرح عليه السؤال نفسه ، فلم يجب ، عندها ، تقدم الجلاد وأجهز عليه ورمى بجثته في النار وسط هرج جمهور جاء ينفص حقده عليه.
    مات جان كلاس بعد أن أنقذ بشجاعته الآخرين . ذلك انه لو انصاع لأهوال التعذيب واعترف بجريمة لم يقترفها ، لكان كل المتهمين ولكانت اللعنة حلت بهم .

    لكن قصة جان جالاس لم تنته فصولها بعد ً ، لقد كان بين الجمهور الذي شهد التعذيب والإعدام تاجر مرسيلي يدعى (اوديبير) هذا الرجل هاله ما رأى وتيقن من أن في الأمر- بالإضافة إلى خطأ عدلي - جريمة شائنة حركها تعصب ذميم . كان على اوديبير هذا أن يسافر إلى جنيف لأشغال خاصة ، لكنه قبل أن يصل إليها ، عرج على صديق له يسكن بلده فرناي ، بالقرب من الحدود السويسرية هذا الصديق هو ( فولتير ) .
    استمع فولتير إلى اوديبير . وطرح أسئلة وأثار استفسارات ، بعد ذلك كتب إلى أصدقاء له سيتعلمهم الخبر . أخيرا أرسل بطلب الابن الأصغر لجان كالاس ، والذي كان خارج ( تولوز ) عند وقوع الحادث لأخيه . وبعد أن أنهى استقصاءاته كلها ، خرج هذا الفيلسوف المتحرر بنتيجة راسخة وهي أن الأمر يتجاوز كل الحدود ويصل إلى الفضيحة .
    والقي فولتير بكامل ثقله في المعركة . جمع حوله من كبار رجال القانون وتولوا جميعاً مراجعة ملف الدعوى ابتداء من إلقاء القبض على عائلة كالاس حتى أخر لحظة من حياة رب العائلة . وقد وجدوا مخالفات وتجاوزات لا تفسير لها . اللهم إلا الإصرار على الإدانة ، ولو جاءت هذه الإدانة زوراً وبهتاناً . تساءلوا : لماذا أوقف الخمسة دون أمر بالتوقيف حسب الأصول ؟ لماذا لم ينظم المحضر الأول في اليوم نفسه ، بل أرجى إلى اليوم التالي ؟ لماذا أخيرا أمر بودريغ بإقامة مأتم كاثوليكي لمارك انطوان قبل أن تبت المحكمة بالدين الذي مات عليه ؟

    وإذا كان ظاهر الحال أن فولتير يخوض معركة قضائية قانونية ليحق الحق ويدين المرتكبين فان الواقع هو انه يرمي إلى ابعد من ذلك . لقد أراد أن يجعل من قضية كالاس رمزاً . كتب إلى كل من له اتصال بهم في أوروبا من ملوك وأمراء ووجهاء وعلماء . كتب إليهم يستصرخ ضمائرهم ويحثهم على إسماع أصواتهم حتى لا تتكرر مأساة ذلك البروتستنتي ويتلطخ جبين العدالة في فرنسا .
    وسمعت كلمة فولتير . ففي التاسع من شهر آذار – مارس من عام 1765 ، أي بعد ثلاث سنوات بالتمام والكمال من إرسال جان كالاس إلى المقصلة ، صدر الحكم من مجلس الملك برد اعتبار المسكين وبتبرئة جميع المحكومين الآخرين .

    وأكثر من ذلك ، فقد رأى الملك التعويض على السيدة كالاس عما لاقاه زوجها وابنها الثاني من تعذيب ، وعما لقيته هي من قهر وحرمان ، فأمر بمنحها تعويضاً مالياً بلغ ثلاثين ألفا من أمواله الخاصة .

    جرى كل هذا وقضاة البرلمان في تولوز مصرون على موقفهم من إدانة كالاس . لقد اعتبروا إن مجلس الملك لا يملك الصلاحية للنظر في قضية كهذه. لكن التناقض وذالك الظلم لم يكونا سوى مقدمة تمهيدية للقيام من الأفق. بعد خمس وعشرين سنة على هذه القضية ، انفجرت الثورة الفرنسة وانفجرت معها أحقاد متراكمة خلفتها ممارسات ظالمة من أعداء العدالة والحق هم صانعو الثورة الحقيقيون .

    بيار لافال
    رجل الدولة

    ( بيار لافال ) كان رجل دولة. كان قبل الحرب العالمية الثانية يُعتبر بحق رجل دولة. كان ذلك قبل أن يلتصق اسمه باسم تلك المرحلة السوداء في تاريخ فرنسا. وربما نسي البعض أن بيار لافال كان في مرحلة أولى اشتراكياً وانضم إلى الاشتراكية الدولية، وحضر مؤتمراتها. لكن لافال مثله مثل الكثير من زئبقيي أهل السياسة تحول من اليسار إلى اليمين، هكذا من دون تفسير ولا تسويغ. إنها الظروف، وضرورات المعارك الانتخابية. وفي عام 1931، تألق الرجل عندما اختارته مجلة (تايم) (رجل العام)، هكذا مرة واحدة. حيّت فيه نموذجاً جديداً لرجل الدولة. وكان لافال آنذاك معارضاً لألمانيا، وكان يسعى لإقامة حلف ضد ألمانيا. ومشى لافال في تظاهرة أو تظاهرتين في شبابه ضد ألمانيا. لم يتسن لبيار لافال العمل على إصدار قرار خاص من مجلس الأمن. لم يكن ذاك الزمن يسمح بذلك. لو أن بيار لافال عاش في زمن غير زمانه. من يدري، فقد كان ليحظى باهتمام أمين عام الأمم المتحدة نفسه وتأييده.
    وعندما ترك رئاسة الوزارة في منتصف الثلاثينيات انصرف لافال إلى العمل الخاص. وكان لافال سابقاً لعصره: إذ إنه بني إمبراطورية إعلامية (صحف وراديو) في ذلك الزمن. كان يريد أن يكون له ضلع في كل وسائل الإعلام، كم وعى أهميتها.

    كان لافال يريد لزعيم فرنسا أن يكون قويا. لهذا عمل في داخل الجمعية الوطنية لإعطاء صلاحيات شبه مطلقة
    للماريشال بيتان. وكان لافال يؤمن بدور خاص لفرنسا.
    إن فرنسا للافال، كانت أكثر من وطن ، كانت (رسالة)

    محاكمة لافال (حكومة الماريشال بيتان )

    في الرابع من شهر تشرين الأول – أكتوبر من عام 1945 ، بدأت محاكمة بيار لافال ، رئيس وزراء فرنسا في حكومة الماريشال بيتان . لافال الذي يرى فيه معظم الناس المسئول الأول عن معاناة الشعب الفرنسي في الفترة ما بين عامي 1940 – 1944 وهي الفترة التي كانت فيها فرنسا محتلة من قبل ألمانيا النازية .
    ولهذه الغاية ، تشكلت محكمة عليا ، نظرت في البدء في قضية الماريشال بيتان رئيس الدولة الفرنسية السابق ما بين تموز – يوليو وآب – أغسطس سنة 1945 . وها هي اليوم تنظر في قضية لافال ، وبعد ذلك ، في قضايا جميع الوزراء والنافذين في حكومة فيشي .
    وهيئة المحلفين في هذه المحاكمة كانت قد تألفت من ستة وثلاثين محلفاً ، نصفهم من عناصر المقاومة والنصف الآخر من أعضاء مجلس النواب المنتخب في ظل الجمهورية الثالثة .
    غير أن هذا العدد عاد واختصر إلى أربعة وعشرين : اثنا عشر منهم من البرلمانيين والاثنا عشر الآخرون من غير البرلمانيين . هذا التوزيع أثار انتقادات لاذعة من قبل الفرنسيين، ذلك أن الانتخابات النيابية لم تكن قد جرت بعد عندما تقرر ذلك . وهي لم تجر إلا بعد ثلاثة أسابيع من بدء المحاكمة . يضاف إلى ذلك أن الجمهورية الثالثة كانت غير قائمة فعلاً . فقد سبق وأولت هذه الجمهورية كافة صلاحياتها الدستورية إلى الماريشال بيتان . أما الجمهورية الرابعة ، فإنها لم تبدأ قانوناً إلا بعد انتخابات العاشر من تشرين الثاني – نوفمبر والثامن من كانون الأول – ديسمبر من سنة 1945 .
    كل هذا يعني أن ما تقرر بالنسبة لتشكيل هيئة المحلفين ، إنما تقرر في الفراغ الدستوري ، وبالتالي ، يعتريه عيب جوهري . وقد أثار محامو بيتان هذه النقطة أثناء محاكمته . لكن المحكمة ردت الاعتراض واعتبرت نفسها صالحة للنظر في القضية . وهذا ما تم بالفعل . لذلك لم يعد من المفيد العودة إلى هذه النقطة في محاكمة لافال .
    بدأت المحاكمة بعد أن احتل كل من الرئيس والأعضاء وهيئة المحلفين أماكنهم . أما المتهم ، فقد كان في القفص شاحباً ، مما يوحي بأنه كان مريضاً . مقاعد الدفاع وحدها كانت شاغرة . لماذا ؟ هذا السؤال طرحه الحضور كل على نفسه . وسرعان ما أتى الجواب عندما قرأ الرئيس كتاباً من محامي الدفاع الثلاثة يقولون فيه إن " التحقيقات التي سبق وطلبناها لم تؤمن ، على الرغم من الوعد بتأمينها . ونحن نخشى أن تؤدي السرعة في إجراء المحاكمة ، والتي أملتها ضغوطات سياسية ، لا اعتبارات قضائية إلى التضحية بالعدالة . يتضح هذا من قول رئيس المحكمة انه سينتهي من المحاكمة بأكملها قبل الانتخابات ، ولو اضطره ذلك إلى وصل الوقت صباحاً وظهر ومساء ".
    ولو علمنا إن الانتخابات عينت في 21 تشرين الأول – أكتوبر ، وان المحامي الذي كتب الرسالة باسمه واسم زميلة هو من قدام المقاومة ، ولا يكن بالتالي أي تعاطف مع المتهم ، وقد عينته المحكمة نفسها ، لاتضح الثقل الذي أرخت به الرسالة على المحكمة ، والإحراج الذي سببه لها .

    والواقع أن التحقيقات بمعظمها اختزلت ، إن لم نقل نسفت . فبعد أن كان قاضي التحقيق يزمع إجراء خمس وعشرين جلسة ، انزل العدد إلى سبع ، ودون أي تعليل . هذا بالإضافة إلى ثغرات أخرى في ملف الدفاع نفسه . وثغرات التحقيق والدفاع هذه حصلت بالطريقة عينها في ملف محاكمة بيتان التي تمت .
    غير أن مكابرة رئيس المحكمة أدت إلى اعتبار رسالة محامي الدفاع نوعاً من الابتزاز وها هو يصرخ من على القوس منفعلاً :
    قلت واكرر إنني لن أؤخذ بالمناورات . ولن اسمح بالعودة إلى هذه النقطة !
    وتلاه المدعي العام الذي استنكر هو الآخر رسالة الدفاع ، لا سيما ما جاء فيها من أن المحكمة تتأثر بضغوطات سياسية .
    لكن لافال ينتفض في قفصه ليصرخ في وجهه :
    -لكن الواقع هو أن هذا صحيح . وأنت نفسك كنت في حكومتي ! واليوم تسوق ضدي تهماً من أنواع مختلفة ، لا يحق لكم ذلك ، بإمكانكم فقط قتلي . أما ما عدا ذلك فلا .
    ويعود المدعي العام لينتفض في وجه المتهم ملصقاً به مسؤولية ما حل بفرنسا من احتلال ومعاناة طوال خمس سنوات . وأما عن اختصار التحقيقات ، فقد رد الملاحظة معتبراً إنها تفتقر لأي دليل.

    لكن لافال أجاب مدافعاً :
    -إذا كنت أقف متهماً في هذا القفص ، فلأني حاولت تجنيب بلادي ويلات الحرب . صحيح إنني قابلت هتلر وموسوليني وستالين والبابا ، لكن الصحيح أيضا إنني فعلت ذلك من اجل فرنسا. وقد كنت مستعداً لمقابلة الشيطان والتحدث معه من اجل هذه الغاية .

    وساد في القاعة صمت عميق . صمت قطعة المتهم عندما أكمل قائلاً :

    -غلطتي الكبرى هي أنني وثقت بالماريشال بيتان . هذا الرجل لم يكن رجل الظرف . وإذا كنتم تعتقدون إنكم باتهامي تدافعون عن فرنسا ، فاني أقول لكم إنكم بالاستماع إلي تعرفون كم خدمت بلدي . أما عن التحقيقات ، فاني اطلب تمديد مهلتها ثمانية أيام للتوسع فيها .

    ولم تقبل المحكمة الطلب . فينتقض لافال ثانية ويقول :

    -غريب هذا الأمر فعلا ! اعتقد أن مثل هذا الطلب هام ، حتى ولو جاء في قضية سرقة واحد من المخازن الكبرى .

    ويلتفت إلى المدعي العام ليقول في وجهه :
    -قرأت قرار الاتهام الذي نظمته بحقي. انه عبارة عن مقال رديء في صحيفة . فالاتهامات التي تلصقها بي رهيبة . الهدنة ؟ ألا ترى انه كان لا بد منها وإنها كانت مطلب 99% من الفرنسيين ؟
    ويضيف بعد تنهد :
    -عندما يحارب العسكريون عندنا ، فإنما يحاربون بشكل سيء جداً . أما عندما يتدخلون في السياسة ، فان تدخلهم يكون أسوأ بكثير .

    وحتى يعرف الجميع إن المقصود بهذه الملاحظة هو الجنرال ديغول ، فقد أضاف :
    استميح الجنرال ، الذي هو الآن في السلطة ، عذراً لكنني اعتبر ، وهو في هذا الموقع ، انه مدني ليس إلا .
    وتجري ملاسنة حادة بين المدعي العام والمتهم ، يصرخ في نهايتها هذا الأخير في وجه خصمه قائلاً :
    -لن تتمكنوا من السيطرة على أفكاري وعلى مشاعري . يمكنكم الحكم علي فوراً بالإعدام . احكموا علي فهذا سيكون أكثر وضوحاً .

    وهنا ، ينفعل الرئيس ويأمر الشرطة بإخراج المتهم . فيرد هذا قائلاً :
    لا لزوم لذلك . سأخرج وحدي .

    ويخرج فيصفق له احد الوزراء في حكومة (فيشي )
    وعندما عاد الهدوء إلى القاعة ، أعلن الرئيس انه يرفع الجلسة لتعقد في اليوم التالي ، ولو دون وجود المتهم .

    وخرج الحضور وفي أذهانهم أن شيئا ما غير طبيعي يحدث في هذه المحاكمة وان لافال كان على صواب عندما أشار إليه بوضوح .
    في اليوم التالي ، بدأت الأمور مختلفة بعض الشيء . فقد أعلن الرئيس أن المحلفين رجوه بالإجماع أن يسمح للمتهم بالعودة إلى القاعة شرط أن لا يعاود سلوكه بالأمس ، تحت طائلة طرده نهائياً منها . أما محامو الدفاع ، فقد قطعوا امتناعهم عن الحضور واتوا جميعاً ليحتلوا مقاعدهم . جديد آخر ، وهو أن الاستماع إلى رئيس الجمهورية السابق ، البير لوبرون ، قد أرجئ إلى وقت آخر سيعلن فيما بعد .

    بدأ محامي الدفاع الجلسة بتوضيح أسباب عدم حضوره بالأمس ، هو وزملاؤه ، قائلاً إن مستندات التحقيق لم تودع إياهم كلها . ولهذا استوجب " إعلان ذلك للملاً ، حتى يأخذ الرأي العام علماً به وبالتالي ، بالحد من حقوق الدفاع المقدسة " .

    ثم انتقل إلى انتقاد سوء معاملة موكله طوال فترة التوقيت . فالزنزانة التي وضع فيها لا مثيل لها في السجن لأي موقوف من الموقوفين السياسيين . هذه الملاحظة لم ترق للرئيس مما تسبب في تعكير الجو ، لولا أن تدخل نقيب المحامين ورطب الأجواء بعض الشيء. لكن الأعصاب كانت أصبحت من التوتر بحيث تنذر بما قد لا تحمد عقباه.

    وأنهى محامي الدفاع ملاحظاته بطلب إعادة القضية برمتها إلى قاضي التحقيق لاستكمال الملف وسد الثغرات فيه . ويذكر أن المتهم طلب نفسه في جلسة الأمس . وقد قال المحامي في هذا الصدد :

    -لماذا لا تكون قضية بيار لافال كبيرة قدر كبره ؟ لماذا نحرمه من ابسط مبادئ العدالة ونمنع عليه ضمانات تعتبر من المسلمات التي لا نقاش حولها ؟ اليس في هذا مناسبة لإلقاء الضوء على سنوات أربع من تاريخنا الدراماتيكي ؟

    وتلاه زميله ، محامي الدفاع الثاني ( جاك بارادوك ) ليؤكد الطلب ، مبرراً إياه بصعوبة استدعاء السياسيين الذين يزمع دعوتهم للشهادة ، في خضم المعركة الانتخابية التي تخوضها البلاد . وأنهى المحامي طلبه بهذا التساؤل ، والذي طرحه بنبرة الاتهام المبطن:

    -ما هي الأوامر التي وجهت إليك ، سيدي الرئيس ، لتتغاضى عن مثل هذه النواقص ؟ ويستشيط الرئيس غضباً وإحراجا ويرد على المحامي قائلاً :
    -أمنعك من أن تكلمني بهذه اللهجة . وعليك أن تعلم إنني لا أتلقى أمرا من احد. وهذا نهجي منذ خمس وأربعين سنه ، أي منذ بدأت أتولى منصب القضاء .

    وهنا يتدخل المتهم ليطلب من المحكمة أن تستكمل إجراءات التحقيق وسط صخب اضطر الرئيس لرفع الجلسة بحجة التداول من الدفاع .

    استمر رفع الجلسة ثلاثة أرباع الساعة خرجت هيئة المحكمة في أثرها ليعلن الرئيس أن طلب الدفاع مردود وان ملف التحقيقات لن يعاد إلى قاضي التحقيق .
    وصرخ لافال من قفصه :
    -هذا معيب . أنها فضيحة . إنكم لا تحاكمون هنا شخصاً بقدر ما تحاكمون سياسة .
    ويرد عليه المدعي العام :
    - صحيح . نحن نحاكم سياسة . لكنها سياسة صنعها وجسدها هذا الشخص .
    فيردف لافال قائلاً :
    -طالما إنكم ترفضون طلب استكمال نواقص التحقيق ، فاني اطلب إدراج الطلب ومناقشته في الجريدة الرسمية . لعل في هذا تعويضاً عن الإجحاف وطعن العدالة .
    -لقد استعاد لافال ذاته . انه يتحدث ، كما كان بالامس كرئيس للوزراء لا كمتهم . يتحدث وهو جالس بملء راحته على كرسيه في قفص الاتهام . وقد يكون هذا السلوك من دواعي الامتعاض الذي بدا واضحاً على وجوه أعضاء المحكمة وهيئة المحلفين .
    ويكمل الرئيس استجوابه وسط هذا الجو المشحون .
    -الم تكن تمارس سيطرتك وتأثيرك على الرئيس بيتان بما كان يتخذه من قرارات ؟
    -أبدا .... كان يكفي أن ابدي له رأياً ليعمل بعكسه .
    -لكنك كنت في فترة من الفترات وزير دولة ومرشحاً لخلافة بيتان .
    -وزير دولة ! وأي يد لي في هذا المنصب ؟
    لم يكن التقليل من دور لافال أمام الماريشال بيتان بالأمر الجديد . لقد حاول إيهام الجميع بهذا منذ الجلسة الأولى ، ساعة لمح إلى الخلافات المستمرة بينه وبين رئيسه .
    ويسترسل قائلاً :
    -لم يكن موضوع خلافة بيتان بالأمر المهم بالنسبة لي ، وإذا كنت قد فكرت به في يوم من الأيام ، فذلك حتى لا أترك الساحة ، بعد رحيل الماريشال ، لأي عسكري مثله ، كنت مقتنعاً بأن رجلاً مدنياً يتسلم السلطة خير من أي عسكري . وهذا تفكير مبدئي لا يدخل الأشخاص في تكوينه. وهو ينطلق من مصلحة البلد العليا .
    ثم يكمل مدفوعاً بالحماسة ، التي شحنته بها عبارته عن البلد ومصلحته العليا ، وكأنه على منصة يلقي خطاباً سياسياً خطيراً :
    -وأذكركم ، انفعلت عندما رأيت مرة تلك العبارة " نحن ، فليب بيتان" يتوج بها توقعيه . قلت يومئذ في نفسي إن التاريخ يعيد البلد إلى الوراء ، إلى عهد الملكية . وهذا ما أغاظني في العمق .
    -وهل أبديت احتجاجاً على هذا ؟
    -وهل ينفع احتجاج مع الماريشال ؟
    -لكنك مع ذلك ، قبلت منصباً رفيعاً في حكومته .
    -لا منصب رفيعاً معه ، لأنه يملك كل الصلاحيات . كان دون سواه ، كل شيء . ولازلت اذكر ما قلته له ذات يوم من انه يحكم كما لم يحكم أي ملك من ملوك فرنسا ، أبان عهود الملكية المتمادية . لم يجبني . لكنه ، في اليوم التالي ، وأثناء اجتماعي به ، قال لي : " هل تشك بأن صلاحياتي تفوق بكثير ما كان لويس الرابع عشر بملك " ؟ .
    -ومع ذلك احتفظت بمنصبك في حكومته !
    -احتفظت به كما احتفظ به الجميع ، كل في الموقع الذي هو فيه .

    وانتهت جلسة اليوم ، في هذا الجو .

    في اليوم التالي ، في السادس من تشرين الأول – أكتوبر ، بدأ المتهم الجلسة بطلب الكلام . أثار قضية (غيار بوراجاس ) الذي حكم بالإعدام غيابياً لاشتراكه في عملية بيع صحيفة مارسيلية إلى الألمان والتجسس لحسابهم .وكان اسم لا فال قد تلوث بها ، لكنه لم يحاكم ، كما لم يمثل أمام المحكمة لوجوده آنئذ في اسبانيا ، لقد أراد المتهم من إثارته لهذه القضية أن يربك المحكمة عن طريق إعادتها إلى قوانين أصدرتها حكومة فيشي بضغط نازي . وهذه القوانين هي التي طبقتها المحكمة في القضية المذكورة ، لكن المدعي العام رفض هذه العودة إلى الوراء قائلاً للمتهم :

    -لكن هذه القوانين اقترنت بتوقيعك عندما كنت في الحكم .
    -وأنت طبقتها .
    -أبدا .
    وتدخل الرئيس لحسم الجدال وإعادة بعض الهدوء إلى القاعة ، وسأل المتهم :
    -بالأمس سألتك كيف بقيت في منصبك في حكومة فيشي وسط هذا الجو المشحون بالضغوطات النازية وبفرض أراده المحتل . والجواب لا شك هو أن الألمان هم الذين وضعوك في هذا الموقع وأرادوا لك الدور .
    -لا ، سيدي الرئيس .
    -بلى – علماً بأني لا أود أن اتخذ صفة الاتهام . لكني القي ضوءاً ربما يكون في ذلك بعض الفائدة .
    هنا ، بدأت همهمة في القاعة . صحيح إن معظم الحضور لا يتعاطف مع لافال ، لكن تنصيب الرئيس نفسه في مركز الاتهام لم يرق لهم . فهذا مخالف لأبسط قواعد أصول المحاكمة وطعن للعدالة في الصميم .
    وينتهزها لافال ليهاجم . وتدب الفوضى في القاعة . ووسط هذه الفوضى ينطلق المتهم كالنمر في وجه الرئيس والأعضاء :
    -أمام ما خلقته بمخالفتك للأصول وكذلك ما يحويه ملف التحقيق من ثغرات وانحرافات ، أرى نفسي أمام صعوبات لست مسئولا عنها .....
    -ولست مسئولا كذلك عن أفعالك طوال أربع سنوات من العمالة اليس كذلك ؟
    -طالما إن المحكمة تطرح السؤال وتعقيبه بالجواب ، فأني أرى أن نتوقف عند هذا الحد ، حفاظاً على حرمة العدالة وجلالها .
    ويتدخل احد المحلفين للدفاع عن موقف الرئيس فتختلط الأصوات وتدب الفوضى . ويحاول صوت الرئيس أن ينفذ ليسال المتهم :
    -الكلمة الآن للمحكمة . هل يرغب المتهم بالإجابة عن أسئلتها ؟
    -لا .
    - أحذرك من مغبة هذا الموقف . مرة ثانية ، هل تجيب عن الأسئلة .
    -كلا ، طالما أن الطريقة في طرح الأسئلة هي إياها ، وطالما إن الأسئلة تطرح . بروح عدائية.
    -حسناً . رفعت الجلسة .
    قال الرئيس هذا وهو يغلي حنقا وحرجاً .
    ويعود الهرج والمرج على أشده . حتى أن بعض المحلفين توصل إلى رفع الأيدي في وجه المتهم والى إغراقه بالسباب والشتائم :
    -محرض ...!
    -سوف تلقاها ، رصاصاتك الاثني عشرة !
    -بل حبل المشنقة !
    -سنسمعك تعوي بعد خمسة عشر يوماً !
    وعندما قال له محلف آخر بلهجة مليئة بالحقد :
    -لم تتغير !
    أجابه :
    -ولن أتغير .
    ظلت الجلسة مرفوعة بعض الوقت . وعندما عادت والتأمت ، بدأها المتهم بقوله :
    -أن الطريقة التي تعاملني بها محكمتكم تطعن العدالة في الصميم . وحتى لا أكون شريكاً في هذه الجريمة تساق ضد العدالة ، فاني أعلن امتناعي عن الكلام .
    ويرد عليه الرئيس بقولة :
    -يعني ذلك انك لا زلت ترفض الإجابة ، اليس كذلك ؟
    أجل .
    ويهز الرئيس كتفة مبدياً بوضوح عجزه في الأمر . وبعد ذلك يأمر بمباشر المحكمة أن يدخل الشاهد الأول .
    لكن مهزلة جديدة تبدأ وسط الفوضى والضجيج . لم يكن منتظراً أن يستدعى الشهود في هذه الجلسة . ذلك إن استجواب المتهم كان سيستغرق جلسات ، مما لم يتم معه استدعاء أي شاهد هذا اليوم .

    أمام الواقع المخزي ، أعلن الرئيس تعليق الجلسة ، أسرع في إرسال الأمر المباشر ليفتش في طول باريس وعرضها عن واحد من شهود الادعاء الأربعة ، رئيس الجمهورية السابق ( البير لوبرون ) ، السفير (ليون نويل )، الجنرال وأمين سر مجلس الشيوخ السابق( دي لا بومراي ).
    في هذه الأثناء ، أرسل رئيس المحكمة أيضا احد موظفيه إلى المتهم ليقنعه بالعدول عن موقفة والتجاوب مع المحكمة برده على أسئلتها . لكن موقف لافال كان صلباً :
    -لا تراجع . كل ما يجري هو من صنع المحكمة . فليحكموا علي ، إنما لن يحاكموني .
    وعادت المحكمة إلى الانعقاد وسط إحراج لها كبير . فلا المتهم ولا محاموه الثلاثة ، الذين تضامنوا معه ، حاضرين في مقاعدهم . مخرج صغير أتيح بشق النفس : لقد حضر ، أو أحضر، شاهد واحد من الأربعة ، وهو الرئيس السابق للجمهورية ، (البير لوبرون ) وقف هذا الشاهد ليعلن انه ليس لديه ما يقوله وما يمكن أن يكون مفيداً . اكتفى بسرد بعض الوقائع عن تسلم الافال الحكومة وعن الهدنة . وكلها لا تؤثر في صلب سير المحاكمة أو في القضية من قريب أو بعيد .
    كان من المتوقع أن يستمر المناقشات ما يقرب من ثلاثة أسابيع . لكن السؤال هو كيف لهذا الوقت أن يملأ وملف التحقيق شبه فارغ ؟ ناهيك عن إصرار المتهم على عدم المثول أمام المحكمة !
    وهكذا كانت جلسة الثامن من الشهر تتخبط في جو باهت من الفراغ في الشكل وفي الأساس . فمقاعد المتهم ومحامية فارغة . أما المناقشات ، فكانت تافهة لدرجة إنها لم تثير اهتمام احد . حتى الشهود الادعاء ، ومنهم الجنرال دوايين وأمين السر العام لمجلس الشيوخ وعضو اتحاد العمال ، فكثيراً ما كانوا يغرقون الآخرين من تفاصيل مملة وسخيفة . واللحظة الوحيدة ، طوال هذه الجلسة والتي وجد فيها الحاضرون أنفسهم مشدودين بعض الشيء إلى أمر على قدر من الأهمية ، هي تلك التي قال فيها عضو الاتحاد هذا كيف إن الافال كان يستعجل فيها حكام المقاطعات على إلقاء القبض على العمال المعارضين لسياسته وزجهم في السجون . وقد بلغ عددهم خمسين ألفا ذهبوا ولم يرجعوا .
    وجاء دور شهود الدفاع : ( ادوار هيريو ، بول بونكور ، البيرسارو ، بول رينو ، ليون بلوم) والجنرالات( دونين وبريدو ودي بيناي) .
    والغريب أن أحدا من هؤلاء لم يكن حاضراً . جميعهم ، وهم من السياسيين ، كانوا منهمكين في معاركهم الانتخابية بعيداً عن باريس .
    وبغية كسر الجليد الذي تراكم منذ بداية هذه الجلسة ، فقد أمر المدعي العام كاتب المحكمة بقراءة الشهادة الخطية المقدمة من السيد( غازيل ) وهو دبلوماسي فرنسي سابق عمل في اسبانيا . ولشد ما كانت الدهشة مروعة للمحكمة بكافة عناصرها عندما لوحظ أن هذه الشهادة لا تمت للقضية بصلة وأنها ضمت سهواً إلى الملف !
    وحتى يستوعب الاستهجان الذي بدا واضحاً على الوجوه ، صرخ الرئيس بوجه الكاتب قائلاً له :
    -ما هذا الذي تتلوه ؟!
    وبذلك أضيفت مهزلة جديدة إلى المهازل المتراكمة في تلك المحاكمة ، التي تنظر في الواقع ، بأربع سنوات من حياة فرنسا ، أربع سنوات ، ربما كانت الأخطر في تاريخ هذا البلد الطويل .
    بعد ذلك ، وللتخلص من الورطة ، أمر الرئيس برفع الجلسة لتعقد بعد قليل وفي بداية الجلسة التالية ، رأت المحكمة أن تقرأ الصفحات الخمس عشرة ، التي يتألف منها ملف التحقيقات . لكنها، وقد وجدت أن القراءة ستستغرق وقتاً قليل ، طرحت فكرة قراءة مقتطفات فقط . ولم تحتاج إلى عناء لإقناع هيئة المحلفين بالفكرة فموافقتها جاءت فورية ، وهذا دليل آخر ، يضاف إلى الأدلة السابقة ، على استهتار وسطحية ، قلما لوحظ مثلهما في محاكمة أخرى .
    هذا الجو استمر في جلسة التاسع من الشهر ، وبعمق اكبر . كان على المحكمة أن تستمع في هذه الجلسة إلى شهادة (ليون نويل ) سفير فرنسا الذي سبق وأدلى بشهادة في قضية الماريشال بيتان . تقدم هذا الشاهد إلى المنصة . وعندما طلب منه الرئيس حلف اليمين ، رفض قائلاً انه سبق أن حلفها قبل شهادته المدونة في ملف التحقيق ، وانه لا يرى مسوغاً لحلفها طالما أن المتهم ومحاميه متغيبون ، وبالتالي ، لا يسعهم مناقشتها والدفاع فيها .
    وغادر الشاهد القاعة ملقناً المحكمة درساً في أصول المحاكمات ، وكذا في الحفاظ على حد ادني من الاعتبار للعدالة وحرمتها .وسط الضيق والحرج اللذين سببهما هذا التصرف للمحكمة بكامل هيئتها ، وقف المدعي العام يلقي مرافعته . كان بارداً ، بل ومتعباً . وبكلمة مختصرة ، كان غير موفق .
    ومما زاد الطين بله ، انه لم يتورع عن القول أن هذه المحاكمة ينقصها الوضوح في الرؤية والصفاء في المعطيات . قالها وكأنه غير مسئول ، مع سائر المسئولين ، عن هذا الواقع . وأضاف متسائلاً :
    -كيف لا تكون هذه المحاكمة كذلك ، والمتهم أصر منذ الجلسة الأولى على عدم المشاركة ؟
    ويضاف اختصار إلى اختصار . فقد كانت مرافعة المدعي العام قصيرة ولم تعقبها مرافعات الدفاع أو ملاحظات المتهم . وهكذا ، في الساعة الرابعة والدقيقة العاشرة ، بدأت خلوة المداولة ولم تستمر أكثر من ساعة واحدة . ساعة واحدة في قضية على هذا القدر من الأهمية والتشعب .

    وصدر الحكم المنتظر . الإعدام بسبب " محاولة قلب نظام الحكم الجمهوري والتعامل مع العدو والخيانة العظمى " وأعقب هذا الحكم ملحق بمصادرة ممتلكات لافال بكاملها لصالح الأمة .
    وعندما ابلغ المحكوم الحكم ، استمع إليه بهدوء ثم قال :
    -مؤسف لأنهم لم يتركوا لي مزيداً من الوقت لأكتب صفحات أخرى من تاريخ فرنسا . وأضاف:
    -ليس في نيتي التقدم بطلب التماس للعفو .
    كانت الضجة التي أحدثها هذا الحكم كبيرة في فرنسا . لم يكن الاحتجاج عليه لأنه انزل عقوبة بمن تعاون مع العدو النازي ، لكن الثغرات التي لم تستكمل في التحقيقات وتحيز المحكمة طوال المحاكمة هي التي ألقت بظلال كثيفة على القضية وأحاطتها بأكثر من علامة استفهام .
    وهرع محامو لافال إلى محاولة ، بل محاولات إنقاذ موكلهم . في العاشر من الشهر ، طلبوا مقابلة رئيس الحكومة ، الجنرال ( ديغول ) وفي الحادي عشر منه ، توجهوا إلى شخصيات عدة يمكن أن تكون مفيدة في هذا الإطار . منها رئيس الحكومة السابق ، بول رينو ، الذي قبل أن ينشر في جريدته ، النظام ، مقالاً ينتقد إجراءات المحاكمة دون جوهرها .
    أما ( ليون) صرح بأنه لا يعتقد أن لافال كان طيباً بقدر ما يعتقد انه كان مسالماً أكثر من اللازم . واستغرب كيف أن فوتت فرصة عدم التوسع في المحاكمة .
    ذلك إنها ، في نظره ، مشوقة ومفيدة في آن معاً .
    في اليوم التالي ، أي في الثاني عشر ، وعند الساعة السابعة مساءً ، استقبل الجنرال ديغول المحامين الثلاثة في مكتبه . كانت المقابلة بروتوكولية . وبعدما شرح احد المحامين وجهة نظره وطلب إعادة المحاكمة ، سألهم الجنرال عماً إذا كان لديهم ما يضيفونه ، ووقف منهيا المقابلة ومودعاً إياهم بلباقة كلية .
    وكان الجنرال في ظهيرة اليوم نفسه ، قد صرح لصحفيين انكليز جاؤوا يسألونه عن القضية انه لن تكون هناك " محاكمة ثانية للافال " .
    خرج المحامون من مكتب الجنرال . وفي الغرفة الملاصقة ، حيث مكتب مدير قضايا العفو ، رأوا مدير مكتب الرئيس ( غاستون بالوسكي) يدخل عند الرئيس وفي يده نسخة من مجموعة القوانين . وها هو يخرج بعد لحظات ليعلن للمحامين الثلاثة أن الرئيس سيطلب استشارة من حارس الأختام الموجود حالياً في مدينة رين لإدارة حملته الانتخابية .
    وعلى هذا ، فانه سيرسل إليه غداً رسالة محمولة بالطائرة مع احد موظفي وزراه العدل لهذه الغاية .
    أسرع المحامون إلى الكاتب ( فرنسوا موريال ) لينشر في جريدة ( الفيغارو ) مقالاً آخر يضيفه إلى مقالاته التي باشر بنشرها منذ أيام ، وفيها ينتقد سياسية التصفيات التي تتبعها المحاكم للتخلص من خصوم غير مرغوب فيهم . وقد أراد المحامون بهذه الخطوة دفع الحكومة والمحكمة العليا لتقرير إعادة المحاكمة ، خوفاً من التلوث في الاتهام بنحر العدالة .
    لم يكتب مورياك المقال . لكنه كتب ، بعد شيء من النقاش ، رسالة إلى حارس الأختام حملتها الطائرة ، التي حملت رسالة ديغول .
    يوم الثالث عشر ، لم يرشح أي خبر من رئاسة الحكومة . اليوم التالي ، كان يوم أحد . ويوم الأحد لا تنفذ أحكام إعدام . مساء ذلك اليوم الطويل ، رن جرس التليفون في مكتب احد المحامين، الأستاذ البيرنو ، ليعلن المتحدث عبر الخط :
    -سيدي ، أنا مكلف من الرئاسة بإبلاغك ان بيار لافال سيعدم غداً صباحاً . اللقاء أمام قصر العدل ، حيث ستكون بانتظارك سيارة تنقلك إلى مكان التنفيذ .
    -وهكذا حسم الموضوع ، ولن تكون هناك إعادة للمحاكمة . وما أن انتهت تلك المخابرة الهاتفية حتى توجه المحامون إلى السجن حيث يقبع موكلهم في إحدى زنزاناته .
    دخلوا إليه بعد إذن خاص ، وبعد أن أشير إليهم بعدم إبلاغه موعد تنفيذ الحكم . وقد وجدوا لافال آخر ، لم يعد ذلك الرجل القوي والمتغطرس ، لقد حل محله إنسان آخر ، إنسان يتمسك بالحياة ويريد أن يستمر فيها . وها هو يتوجه إلى محاميه يطلب أن يتصلوا بشخصيات ، سماها لهم ، ممكن أن يكونوا مفيدين في أطار طلب العفو أو إعادة المحاكمة . ولم يكتف بذلك ، بل أشار إليهم أن يمسكوا أقلاما وورقاً ليملي عليهم رسائل بهذا الشأن . كان عصبياً ومتشنجاً وهو يردد :
    أرفض أن أموت . أرفض .
    انه يرفض أن يموت ، ولكن اليس بعد فوات الأوان ؟ وارتبك المحامون . أطاعوه في كتابة الرسائل ولم يكتشفوا له السر الرهيب .
    كانت الساعة تدق الثامنة صباحاً ، يوم الرابع عشر من شهر تشرين الأول – أكتوبر من عام 1945 ، عندما بدأ المكلفون بالتنفيذ ، من رسميين وسواهم ، بالصعود إلى السيارات التي ستقلهم إلى السجن . وصلوا ودخلوا زنزانة لافال . أما سائر الزنزانات ، فقد أغلقت شبابيكها الصغيرة المطلة على الممر حتى لا يرى المحكومين الآخرون ترتيبات تنفيذ حكم بإعدام محكوم زميل لهم.
    فتح الحارس المكلف زنزانة لافال الذي كان نائماً . لحق به المدعي العام وربت على كتفه ليوقظه . نهض المسكين ، فقال له المدعي العام :
    -بيار لافال ، حان الوقت ، تهيأ للموت بشجاعة .
    لم يجب لافال . ولم يتحرك . تقدم أحد محاميه وهزه قليلاً قائلاً له :
    -أرجوك يا سيدي . من أجلك ، من أجل محاميك ، من أجل التاريخ ، تشجع .
    واستمر لافال في جموده بعض الوقت . أخيراً ، التفت ببطء وأفلت زجاجة صغيرة فارغة كان يمسكها بيده . لقد تجرع السم . ويتقدم الطبيب الشرعي بسرعة ليتفحص الزجاجة ويقول :
    -انه السيانور
    وتسترعي انتباه الحضور قصاصة ورق كتب عليها :
    -ارفض أن أموت برصاصات فرنسية . لا أريد أن يشترك جنود فرنسيون في قتل القانون . لقد اخترت موتي بسم الرومان . هذا السم ، سبق وخبأته في طيات ثيابي .
    وأسرع طبيبي السجن إلى إسعاف لافال المحتضر ، بعد أن رفض الطبيب الشرعي هذه المهمة متذرعاً بموقف إنساني . أسرع إلى الحقن اللازمة وغسيل المعدة . وقد دام هذا الإسعاف قرابة ساعتين .
    وحوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً ، وكان لافال قد تماثل إلى الشفاء ، أذاعت وزارة العدل بياناً فيه من البلية ما يضحك : قال البيان :
    " لم تعد حياة بيار لافال في خطر " وهذا يعني إن الإعدام سيتم .
    وبعد لحظات ، كان لافال قد لبس ثيابه ووضع باقته البيضاء ووشاحه ذا اللونين . كما كان قد مشط شعره ووضع قبعته على رأسه . أرادوا أن يجلسوه على كرسي لينقلوه إلى حيث الإعدام فرفض قائلاً :
    -رئيس وزراء فرنسا يموت واقفاً . سأستجمع قواي لأصمد هذه اللحظة التي بقيت في حياتي .
    وبسبب الحالة الصحية التي وصل إليها فقد رأى أولو الأمر أن ينفذ الحكم في فناء السجن ، لا في قلعة شاتيون ، كما كان مقررا .
    والتفت إلى القضاة الذين حكموا عليه وقال لهم :
    -لقد أردتم حضور هذا المشهد . ابقوا إذا حتى النهاية .
    وعندما طلب أن يسمح له بإعطاء الأمر ، للجنود المكلفين بإطلاق النار ، رفض طلبه لأنه " مخالف للقانون " .
    عندما ، التفت إلى هؤلاء وقال لهم :
    -أنا أسامحكم . فأنتم غير مسئولين . صوبوا نحو القلب . تحيا فرنسا
    وقبل أن ينهي مرة ثانية عبارة " تحيا فرنسا " كان كل شيء قد انتهى . مات بيار لافال وكانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة والدقيقة الثانية والثلاثين ظهراً .

    كلمات مفتاحية  :
    تاريخ أشهر محاكمات قضايا

    تعليقات الزوار ()