بتـــــاريخ : 9/11/2008 9:01:37 AM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1549 0


    الزواج العرفي ... بين الصمت الرسمي و الهمس الشعبي

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : سفيان علي آدم | المصدر : www.meshkat.net

    كلمات مفتاحية  :
    رجل امراة الزواج العرفي

    كان زميلي في الجامعة , طبعا في البداية كنت أحس أنه أفضل انسان في العالم ، طيب وحنون وخفيف الدم , مثل الكثيرات من صديقاتي وجدت نفسي أسير في القطيع كالبهيمة التي لا عقل لها و تزوجنا على ورقة تباع على الرصيف أمام الجامعة يسمونها ( عقد ) الزواج العرفي ولقيت نفسي بين يوم وليلة زوجة لشاب تافه إكتشفت تفاهته من أول دقائق جمعتنا سوية لوحدنا إكتشفت كالحيوان لا يهمه إلا متعته فقط وبعدها يدوس على بالحذاء.

    بدأ الندم من تلك اللحظة وسألت نفسي لماذا فعلت هذا ؟ وفعلا كرهته كما لم أكره أي إنسان في حياتي ولكن للأسف هذا تم بعد ما أفقدني عذريتي. بعدها جلست في البيت لمدة شهر كل يوم أبكي وامتنعت عن ذهاب الجامعة ولما قابلته طلبت منه أن نتطلق ولكن (الحقير) رفض بشكل مهين جدا وطلب أن يقابلني وحدنا مرة أخرى ويأخد حقوقه الزوجية بأسلوبه الدنيء فرفضت إلى الأبد.

    مرت سنتان ونحن على هذا الحال زواج على ورقة واحدة كانت معه وعرفت بعد ذلك انه تزوج زميلة لي زواجا عرفيا أيضا . و للأسف لم يعلم بزواجنا سوى أنا وهو واثنين من الشهود لم أعرف من أين أتى بهم وأحسست بفظاعة ما فعلته عندما تقدم لي شاب على خلق وفي مركز مرموق ولا ترفضه أي فتاة , و رحب أهلي به جدا ولأول مرة في حياتي شعرت أنني وجدت فتى أحلامي في الشكل والمضمون وفي قمة فرحتي أبلغت أهلي بموافقتي والظاهر أن فرحتي الكبيرة أنستني أني ( متزوجة ) , طبعا الإنسان (الحقير) رفض أكثر أن يطلقني عندما علم أن أحدا تقدم لي , و كانت النتيجة أني إضطررت أن أضع حججا واتعامل بشكل سيء مع فتى أحلامي إلى أن ملّ مني و تركني .

    الآن , موضوع زواجي مضى عليه ثلاثة أعوام , تخرجت و عملت في بنك محترم و يريد الكثيرون التقدم لي و لكن ليس باليد حيلة , فهل سأظل إلى الأبد على هذه الحالة ؟ أفيدوني ما هو الحل لو عرفتم ، هل أتزوج وأصبح (زانية) وأتعرض لتهديد من يسمى ب(زوجي) ليدمر حياتي الجديدة أم أبقى على هذا الحال إلى أن يضيع شبابي وجمالي أم أقتله وأستريح وأريح العالم من شره ؟"

    ليست هذه الكلمات جزءا من مشهد سينمائي أو فصلا في رواية , و إنما قصة حقيقية وقعت أحداثها في إحدى الجامعات , أبطالها طلاب نشئوا في مجتمع يفترض أن يكون إسلاميا , كلماتها شاهدة على ما وصل إليه الحال في المؤسسات التعليمية , و تدق ناقوس الخطر للوباء القديم الحديث المسمى ب ( الزواج العرفي ) الذي و إن كان الحديث عنه ما زال همسا , إلا أن الهمس بدأ يرتفع بين الطلبة أنفسهم , و بين وسائل الإعلام .

    فهل هذه الظاهرة حقيقية أم أن وسائل الإعلام ضخمتها لأغراض خاصة ؟ و إذا كانت حقيقية فما هو حجمها , و لماذا يتهرب الجميع من الحديث عنها ؟ و ما هي سبل علاجها إن وجدت ؟

     

     
    ,, طلبة الجامعات فلم يعد سرا لديهم أن الزواج العرفي بات ظاهرة في الجامعات لدرجة أن بعض الطلاب يدافع عنه جهارا نهارا بإعتبار أنه لا بديل عنه في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة ,,
     

    بين التعتيم الرسمي و البوح الطلابي

    حاولنا الإتصال ببعض الجهات الرسمية للتعليق على هذا الموضوع , أو إعطائنا أي إحصائية قريبة من الدقة حتى نستطيع أن نعتمد عليها في تشخيص هذه الظاهرة إلا أن الجميع رفض بحجة الدواعي الأمنية , إلا أن مسئولة في داخلية (سعاد طمبل) للبنات علقت بأنهم لديهم إحصائيات عن هذه الظاهرة لكنهم يرفضون البوح بها لأنها مصنفة ضمن المحظورات الأمنية !!..

    أما طلبة الجامعات فلم يعد سرا لديهم أن الزواج العرفي بات ظاهرة في الجامعات لدرجة أن بعض الطلاب يدافع عنه جهارا نهارا بإعتبار أنه لا بديل عنه في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة , و و ......!!!!

    لكن دراسة أعدتها وزارة الإرشاد و الأوقاف قبل 3 أعوام عن هذا الموضوع أشارت إلى أن الزواج العرفي ما زال ظاهرة معزولة في الوسط الطلابي , و أن67% من الطلبة الذين تم سؤالهم عن هذا الموضوع اشاروا إلى أنهم سمعوا عنه و لم يعرفوا حالات بعينها , كما أشارت الدراسة إلى أن معظم الذين أستطلعت آراؤهم أدانوا هذه الظاهرة .

    و خلصت إلى أن هذه الظاهرة لا يمكن نفي وجودها بالكلية و لكنهها محصورة في نطاق ضيق و أنه ظاهرة في طور التكوين و أنه من ثم يمكن محاصرتها و القضاء عليها إذا ما عدنا للالتزام بهدى شرعنا و مقاصده عوداً حميداً .

    و تقول دراسة لاستاذة جامعية في علم الاجتماع هي د.هاجر علي بخيت أن تدني سن الدخول للجامعات جعل كماً ضخماً من المراهقين و المراهقات يجابهون بصدمة الاختلاط و كثيرٌ من هؤلاء من مجتمعات محافظة . ومن هنا فالاختلاط هو البيئة المفرخة لعديد من الظواهر السالبة و منها هذا الزواج العرفي.

     

     

     

    ماذا يقول الطلاب ؟!..

     
    ,, ظاهرة الزواج العرفي ظاهرة وافدة على المجتمع السوداني , إنتقلت إليه عبر وسائل الإعلام الهدامة كالفضائيات و ما تبثه من مسلسلات و أفلام , و للأسف وجدت هذه الظاهرة الوافدة قبولا ,,
     

     

    الطلبة الذين إستطلعنا آراءهم حول هذا الموضوع أجمعوا على رفضه لكنهم عللوا إنتشاره بأسباب مختلفة بين من يلقي باللائمة على الحكومة التي تسمح بالإختلاط في الجامعات , و بين يضع اللوم على وسائل الإعلام , و من يرى أن الواقع المعيشي الصعب الذي يمر به الشعب السوداني هو وراء هذه الظاهرة ...

     

     

     

    وسائل الإعلام و الدور الهدام..

    محمد حبيب الله / كلية الآداب جامعة الخرطوم

    ظاهرة الزواج العرفي ظاهرة وافدة على المجتمع السوداني , إنتقلت إليه عبر وسائل الإعلام الهدامة كالفضائيات و ما تبثه من مسلسلات و أفلام , و للأسف وجدت هذه الظاهرة الوافدة قبولا لدى عدد ليس بالهين من طلاب و طالبات الجامعات .

    و حول الأسباب يقول : أرى أن هذا الأمر يرجع بالأساس إلى غياب الوازع الديني و التربية الإيمانية لدى الطلاب , كما أن العلوم التي تدرس بالجامعات لا تعمل في الغالب على غرس قيم الإستقامة و معاني التدين , و كذلك الجامعات المختلطة و غياب الرقابة الأسرية .

    كما أن هذه الظاهرة غير مرتبطة بالفقر , فالكثير ممن وقعوا فيها هم من الأغنياء .

    أما عن العلاج فإنه يتوقف على الدولة و أجهزتها و ذلك بأن تعمل على الفصل بين الجنسين في الجامعات و إنهاء الإختلاط الذي ظل ينخر في جسد القيم و الأخلاق الحميدة .

     
    ,, بعض الذين درسوا خارج السودان قد ساهموا في إنتشار هذه الظاهرة, و على الأسر تربية أبنائها تربية صالحة ,,
     

     

    العوائق المادية..

    الزبير عثمان بادي / كلية الآداب جامعة الخرطوم

    الزواج العرفي موجود في الوسط الجامعي لكنه يمارس بخفية , و السبب فيه هو صعوبة تكاليف الزواج و القيود التي يضعها المجتمع من طلبات كثيرة و إلتزامات أسرية قاسية , مما يدفع ببعض الطلاب إلى هذا السلوك المشين في حالة إنعدام الإستقامة و التربية الدينية الفاضلة .

    كما أن بعض الذين درسوا خارج السودان قد ساهموا في إنتشار هذه الظاهرة .

    و على الأسر تربية أبنائها تربية صالحة و إلزام البنات بالزي الشرعي بالحجة و الإقناع . و ينبغي المسارعة إلى إنقاذ شريحة الشباب لتؤدي دورها في المجتمع و ذلك بإيجاد البرامج النافعة التي تستوعب طاقاتهم حتى لا ينصرفوا إلى ما هو مخالف للدين و الأخلاق .

     

    القيم الغربية الوافدة و محاولة (شرعنتها ) !!

     
    ,, الذين وقعوا في هذا الأمر فالكثير منهم يرون أنه حرام , و لكنهم تمادوا بسبب الغفلة و ضعف الوازع الديني و بحجة أنه أخف من الزنا ,,
     

    أيمن الطيب / كلية القانون

    هذه المشكلة ترجع للتأثر بالحضارة و القيم الوافدة من الغرب , و بما أن الحضارة الغربية قائمة على التفسخ و الإنحلال فإن تطبيقها يستحيل في مجتمعاتنا المسلمة فيلجأ البعض إلى الزواج العرفي لإيجاد ما يعتبره ( شرعية ) لممارساته .

    و عن الذين وقعوا في هذا الأمر فالكثير منهم يرون أنه حرام , و لكنهم تمادوا بسبب الغفلة و ضعف الوازع الديني و بحجة أنه أخف من الزنا .

    أما الحل فيكمن في تيسير أمور الزواج – على الطلاب خصوصا – و أن تقوم إدارات الجامعات بإقامة حملات للزواج الجماعي .

     

    الشباب و التهرب من المسئولية..

    إنتصار محمد / دراسات عليا

    الزواج العرفي موجود و منتشر في الجامعات و أسبابه تقع على الشباب , حيث تجد عندهم الرغبة في التهرب من المسئولية و تحمل الأعباء مع رغبتهم في إشباع غرائزهم و نزواتهم .

    أما البنات فهن في الغالب يقعن ضحية الوعود الكاذبة و المعسولة بإسم الحب و الوعد بالزواج . و الشباب بعضهم لا يركن إلى الحياة المستقرة الهادئة لأن ذلك يستتبع مسئولية و أبناء و أسرة , و هو لا يريد المسئولية إنما يريد إشباع رغباته و شهواته فقط دون مقابل .

    و تكون النتيجة لذلك أن تفقد الفتاة أعز ما لديها , و قد لا تعالج أسرتها الأمور بصورة طيبة , و تكون العاقبة وخيمة .و لعل إنتشار بعض أصحاب الشهادات الغربية و السيارات الفارهة و الشقق المفروشة له دور في إنتشار الزواج العرفي .

     

    الإختلاط و الفقر..

    منى محمد عثمان / كلية الإقتصاد

    هناك دراسات و إحصاءات تثبت أن الزواج العرفي موجود و منشر في الجامعات بصورة كبيرة .

     
    ,, بعض الطالبات يواجهن ظروفا إقتصادية حرجة مع حوجتهن للمصروفات الدراسية و تكاليف الكسوة و المعيشة , فيجعل كل ذلك الفتاة ضعيفة أمام الإغراءات ,,
     

    و أحد أهم أسباب إنتشاره هو الإختلاط , كذلك الدافع الإقتصادي , فبعض الطالبات يواجهن ظروفا إقتصادية حرجة مع حوجتهن للمصروفات الدراسية و تكاليف الكسوة و المعيشة , فيجعل كل ذلك الفتاة ضعيفة أمام الإغراءات .

    و في الغالب يكون الذين يصطادون الفتيات لهذا المستنقع ليسوا طلابا , و إنما أصحاب أموال و موظفين تتوفر لديهم الإمكانيات .

    و على الدولة أن توفر للطالبات ما يحتجنه بقدر الإمكان خصوصا في ضرورات المعيشة حتى لا يلجأن إلى سلوك مسلك آخر , كما ينبغي الإهتمام بمن وقعوا في هذه الخطيئة و إشعارهم بالإهتمام و محاولة إيجاد حلول لمشكلتهم هذه , و لا بأس من تزويجهم زواجا شرعيا حتى لا يصبحوا عوامل هدم في المجتمع .

     

    إنعدام القيود و الرغبة بالتباهي ..

    يقول كمال الدين أحمد يوسف خريج علم النفس :

    الزواج العرفي ليس ظاهرة طلابية فقط إنما هو ظاهرة مجتمعية تشمل قطاعا واسعا من المجتمع , إذاً فهو موجود في كل شرائح المجتمع , لكنه يظهر في الوسط الطلابي لأنه أكثر وسط يتواجد فيه الذكور و الإناث في نطاق واحد دون قيود , و قيود الطلاب ليست كقيود الخدمة المدنية التي تضع للموظفين ضوابط و مسئوليات , فالطلاب غالبا يلتقون في أوقات مفتوحة خاصة في الكليات التي لا يكون فيها ضغط أكاديمي عال .

    لذا , يؤدي لقاء الطلاب و الطالبات في وسط واحد و مفتوح إلى تولد الرغبة في الآخر , لكن هذه الرغبة لا تجد طريقها إلى التحقيق نسبة لظروف الواقع المعقدة , فيلجأ الطلاب إلى خيارات منها إقامة علاقات عاطفية أو الزواج عرفيا .

    و هناك بعض البنات لديهن الرغبة في البذخ و الإسراف في الحياة , فتقبل بمن يوفر لها هذا البذخ و لو بطريقة غير شرعية .

     

     

     

    رأي الشرع

    : يقول الشيخ د . عبد الحي يوسف

    الزواج لا يصح إلا بولي لقول النبي صلى الله عليه وسلم {لا نكاح إلا بولي} أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم، قال السيوطي رحمه الله: حمله الجمهور على نفي الصحة. وقوله {أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل} أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم كما قال الحافظ رحمه الله في فتح الباري. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه {لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها} أخرجه ابن ماجه والدارقطني والبيهقي. قال الحافظ رحمه الله: رجاله ثقات.

    وقد خاطب الله الأولياء بأمر النكاح فقال ((ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا)) وقال ((فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن)) وقال ((وأنكحوا الأيامى منكم)) ولو أن كل امرأة اشتهت رجلاً تزوجته بغير إذن وليها أفضى ذلك إلى فساد عظيم؛ لأن ولي المرأة ـ غالباً ـ أعرف بحالها وأبصر بمصلحتها، وإذا كان الولي بخلاف ذلك أي يتعمد عضل وليته أو يعطل أو يضرها في أمر زواجها نزعت الولاية منه وجعلت لمن يليه أو للسلطان.

     

    ختاما ..

    ها نحن هنا نسلط الأضواء على هذه المشكلة التي بدأت تستشري في مجتمعنا المسلم و بدأ يتعاظم خطرها , فما هو واجب الدولة عبر وزاراتها و مؤسساتها ؟ و ما هو واجب العلماء و أهل الرأي ؟ و ما هو الدور الذي يقع على عواتق وسائل الإعلام المختلفة في التحذير من هذه الظاهرة و محاولة علاجها ؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات كبيرة , فمن يجيب عنها ؟!!.

    كلمات مفتاحية  :
    رجل امراة الزواج العرفي

    تعليقات الزوار ()