بتـــــاريخ : 9/11/2008 8:57:51 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1729 0


    اساطير يجب ان تمحي من التاريخ ( دعوة للتصحيح ) 1

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : ابن طيبة | المصدر : www.egyptsons.com

    كلمات مفتاحية  :

    الاخوة الاعضاء هذه دعوة مفتوحة يستطيع اي عضو من خلالها ان يطرح معلومة تاريخية تم اثبات خطاها و ذلك في تاريخنا المصري القديم و الحديث
    و سوف نبدا باول خطا تاريخي شائع (او اسطورة تاريخية ) عن حجر رشيد الذي من خلال فك رموزه ادعي الغرب ان العالم الفرنسي شامبليون هو من فك رموزه و اليكم هذه الحقيقة
    اسطورة حجر رشيد
    كلنا عنده شبه يقين بان الفرنسي شامبليون هو من قام بفك رموز حجر رشيد هذا ما تعلمناه في كتبنا التعليمية بمدارسنا المصرية فهل هذه حقيقة اليكم المفاجاة
    أن "منشور منف" – المشهور باسم حجر رشيد – بمثابة وثيقة كتبها كهنة مصر القديمة فى العهد البطلمى بمناسبة تنصيب بطليموس الخامس ملكا على مصر. فحفروا مرسوم ولايته على لوحة من البازلت الأسود فى 27 مارس عام 192 قبل الميلاد. وقد اشتملت الوثيقة على ثلاثة نصوص:
    النص الأول مكتوب بالهيروغليفية. وهو نص مبتور من ثلثيه تقريبا.
    والنص الثانى مكتوب بالديموطيقية، أى الكتابة الشعبية فى مصر القديمة وهى كتابة ظهرت قبل 650 عاما من الميلاد وكانت تستخدم للمراسلات الجارية وآخر مراحل تطورها كانت اللغة القبطية التى كتبت منذ القرن الثامن الميلادى بحروف يونانية بالإضافة الى سبع حركات صوتية غير موجودة فى اليونانية أخذت من الديموطيقية .
    أما النص الثالث فكان يحتوى على 54 سطرا مكتوبة باللغة اليونانية القديمة.
    المهم.. أنه بعد انتهاء احتفالات تنصيب الملك بطليموس الخامس فى منف اجتمع الكهنة المصريون من مختلف الاقاليم المصرية ببلدة "كانوب" شرقى الإسكندرية، وهى نفسها "ابو قير" الحالية، حيث كرموا الملك الجديد وسلموه الوثيقة التى تحدثنا عنها وهى "منشور منف" الذى اشتهر بعد ذلك باسم حجر رشيد.
    وقد اعتبر الكهنة تتويج الملك حسب طقوسهم الدينية نصرا عظيما وبالتالى كانوا يتعاملون مع بطليموس الخامس على انه فرعون جديد للبلاد وليس ملكا محتلا!!
    وعليه.. احتفظ بطليموس الخامس بهذه الوثيقة الهامة بأرشيف المملكة البطلمية بمصر. ولسبب غير معلوم تم نقل الحجر – الوثيقة الى مدينة رشيد، ربما لان المخازن الملكية كانت موجودة بها آنذاك، أو ربما سرقت بسبب ضغائن أو إحن.
    وأيا كان السبب فانها ظلت نسيا منسيا حتى اكتشفها ضابط فرنسى اسمه فرانسوا بوشار فى قلعة قديمة برشيد يوم 19 يولية 1799 إبان الحملة الفرنسية على مصر.
    أى أن الذى اكتشف الحجر إبان الحملة الفرنسية ضابط فرنسى وليس شامبليون. وهذا الضابط كان مثقفا على ما يبدو لأنه استشعر أهمية الحجر فأوصى الحملة الفرنسية برشيد ان تهتم بتوصيله الى نابليون شخصيا، الذى سلمه بدوره الى العلماء المرافقين للحملة الفرنسية.
    بعدها بأقل من عامين استسلم الجيش الفرنسى عام 1801للقوات الإنجليزية الغازية لمصر. وكانت هزيمة الفرنسيين مشينة وكانت شروط استسلامهم مذلة، والعجيب أنه كان من بينها شرطا بالغ الغرابة هو ان يسلم الفرنسيون المهزومون جميع ما بحوزتهم من آثار مصرية منهوبة الى البريطانيين المنتصرين!
    وكان حجر رشيد من بين هذه الآثار.
    وهذا يفسر وجود حجر رشيد فى المتحف البريطانى فى لندن وليس فى متحف اللوفر فى باريس رغم ان الذى عثر عليه ضابط فرنسى.
    وهذا يعنى أيضا ان كل علاقة الحجر بالحملة الفرنسية هى عثور أحد ضباطها عليه دون أن يتمكن العلماء المصاحبين لها فى فك شفرته.
    لكن بعد انتقال الحجر المحير الى المتحف البريطانى فى لندن نشب سباق من نوع آخر بين الفرنسيين والإنجليز على كشف أسراره.
    وكان السباق بين البريطانى توماس يونج والفرنسى جان فرانسوا شامبليون. وقد استطاع الاخير أن يثأر للفرنسيين وأن يعلن للعالم فك طلاسم "منشور منف" عام 1822.
    وظل هذا الاعتقاد شائعا حتى عهد قريب الى ان كشف روبن ماكى المحرر العلمى لصحيفة الاوبزيرفر البريطانية النقاب عن توصل الباحث المصرى الدكتور عكاشة الدالى بالمعهد الاركيولوجى فى جامعة لندن الى براهين قوية تفيد ان عالما عراقيا سبق شامبليون بما يقارب الالف عام فى فك رموز الهيروغليفية.
    وفى وقت قريب من ذلك توصل باحث سورى يدعى يحيى مير علم الى نفس النتيجة حيث اتفقت نتائج يحيى مير علم السورى وعكاشة الدالى المصرى على أن العالم العربى أبو بكر أحمد بن على قيس بن المختار المعروف بابن وحشية النبطى الذى يرجح العلماء ولادته فى القرن الرابع الهجرى تمكن من فك رموز الهيروغليفية قبل شامبليون بنحو ألف عام، وأنه نشر كشفه التاريخى فى كتاب تم نسخه عام 241 هجرية (861 ميلادية) بعنوان "شوق المستهام فى معرفة رموز الأقلام".
    وأن المستشرق النمساوى جوزيف همر كان أول من كشف عن "شوق المستهام" وقام بطبعه فى لندن عام 1806، مما يرجح ان شامبليون قد قرأ مخطوطه العالم العراقى ابن وحشية النبطى الذى كان خبيرا فى اللغات القديمة.
    وتفيد الدراسات ان عدد "الأقلام" (أى اللغات) التى عرفها بلغ 89 قلما من بينها اليهروغليفية. وأنه الى جانب علمه الغزير فى اللغات كان له باع طويل فى الكيمياء التى ترك فيها ما يقرب من ثلاثين مصنفا.
    وإذا كان هناك احتمال ضئيل بأن شامبليون لم يقرأ "شوق المستهام" فانه يبقى من حق العالم العراقى ابن وحشيه النبطى ان يحصل على نصيبه من المجد الذى احتكره شامبليون.
    وخلاصة ما تقدم ان هناك ثلاثة أخطاء شائعة حول "منشور منف" المعروف باسم حجر رشيد يجب تصحيحها:
    الخطأ الأول: أن "مكتشف" الحجر هو شامبليون، فذلك ليس صحيحا لأن الذى عثر عليه لم يكن شامبليون بل كان ضابطا فى الحملة الفرنسية أسمه فرانسوا بوشار وان ذلك كان فى 19 يولية 1799.
    الخطأ الثانى : أن شامبليون كانت له علاقة بالحملة الفرنسية، فهذا خلط واضح لان الحملة الفرنسية على مصر بدأت عام 1798 وانتهت عام 1801، فى حين أن شامبليون ولد عام 1790 أى انه كان طفلا صغيرا لا يتجاوز عمره ثمانية أعوام عندما جاءت الحملة الفرنسية الى مصر. وبالتالى فانه ليس له علاقة بتلك الحملة، كما ان حله لرموز حجر رشيد تم فى لندن كما قلنا عام 1822 اى بعد الحملة الفرنسية على مصر بواحد وعشرين عاما.
    الخطأ الثالث: أن شامبليون مع ذلك لم يكن أول من استطاع فك شفرة" منشور منف" بل سبقه الى ذلك بألف عام إبن الكوفة "إبن وحشيه النبطى" الذى يبدو من الأبحاث الحديثة انه كان أول من حل رموز اللغة الهيروغليفية التى تحدث بها المصريون وكتبوها اكثر من ثلاثة آلاف سنة متصلة قبل انقراضها فى القرن الرابع الميلادى اثر فرمان الإمبراطور البيزنطى تيودوسيوس الكبير بمنع ممارسة الطقوس الدينية التى كانت سائدة فى مصر القديمة، وبالتالى لم يعد أحد يتجاسر على كتابة لغة هذه الطقوس على الحجر. وهكذا ماتت لغتنا المصرية القديمة، وهكذا أحياها - فى لغة الأبحاث - ابن وحشية النبطى قبل شامبليون بألف عام.
    لمزيد من الاساطير التاريخية التي يعتبرها معظمنا حقائق تاريخية ثابتة راجع
    موضوع فاليوم ننجيك ببدنك لاستاذنا سيد ابراهيم في قاعة المناقشات
    موضوع اللغة الهيروغليفية دعوة للتعلم و اتشرف ان اكون انا كاتبه
    منتظر مشاركات الاخوة الاعضاء عن اساطير تاريخية اخري في تاريخنا القديم و المعاصر و لتكن دعوة لتصحيح التاريخ

    اسطورة لعنة الفراعنة

    دراسة مستفيضة للدكتور نبيل فاروق حول موضوع (لعنة الفراعنة)

    1 - أوَّل الغيث..


    * امتدت الصحراء المصرية على مدى البصر، أمام عينى عالم الآثار البريطانى (هوارد كارتى)، وهو يجفف ذلك العرق الغزير، الذى انهمر على جبهته ووجهه، وهو يقف تحت أشعة الشمس الحارقة، فى تلك البقعة التى قادته إليها أبحاثه ودراساته، للبحث عن مقبرة أحد ملوك الفراعنة القدامى..
    كان هذا فى العقد الثانى من القرن العشرين، عندما بلغت حمى البحث عن الآثار ذروتها، وخاصة بعد الكشوف الأثرية المدهشة، التى قام بها الألمانى (هنريش شليمان)، عندما عثر على بقايا (طروادة)، فى عام 1871م، فى منطقة (هيسارليك)، شمال غرب (تركيا)، فى نفس الموقع الذى حدَّده (هوميردس)، فى ملحمته الشهيرة (الإلياذة)، وسير (آرثر إيفانز)، الذى كشف قصر التيه فى (كريت)، عام 1900م، ليثبت أن أسطورة المينوتوروس لم تكن مجرَّد خيال محض..
    وكان (هوارد كارتر) يحلم بانضمام اسمه يوماً إلى قائمة هؤلاء الأثريين العباقرة، الذين حفروا أسماءهم فى تاريخ الكشوف، بحروف من ذهب، مما جعله يحتمل الحرارة، والرمال الساخنة، والعرق الذى يلهب عينيه، طوال عدة أشهر طويلة، زاره خلالها ممول حملته اللورد (كارنرفون) مرة واحدة، تركه بعدها للعذاب، وعاد هو إلى قصره البريطانى العريق، ليتباهى بتمويل أكبر حملة للبحث عن الآثار المصرية..
    حتى جاء شهر فبراير 1923م..
    فى ذلك التوقيت، عثر (هوارد كارتر) على ما كان يبحث عنه طوال الوقت..
    مقبرة الملك الصغير (توت عنخ آمون)..
    لم يكن (كارتر) أثرياً بسيطاً أو مغموراً، إذ كان يحيا فى (مصر)، منذ عام 1890م؛ للتنقيب عن الآثار، ورسم المناطق الأثرية المعروفة..
    ولم يكن هذا أيضاً أوَّل كشوفه؛ إذ كانت له عدة حفائر فى وادى الملوك، موَّلها بعض المغامرين الأمريكيين، وأهلته لإصدار كتابه الشهير (خمس سنوات للكشوف الأثرية فى طيبة)..
    وعلى الرغم من هذا، فقد انبهر (كارتر)..
    انبهر بما عثر عليه، وبالكنوز التى رآها فى مقبرة (توت غنخ آمون)، وببريق الذهب الذى يلتمع فى كل مكان، حتى أنه أبرق إلى اللورد (كارنرفون)؛ ليحضر على الفور، فى حين انشغل هو برسم كل ما يراه داخل المقبرة..
    حتى تلك العبارة، التى جذبت انتباهه واهتمامه طويلاً..
    عبارة هيروغليفية غير تقليدية، وجدها محفورة على أحد أبواب المقبرة، تقول : "سيطوى الموت بجناحيه، كل من يقلق الملك"..
    أيامها اهتم (كارتر) بالعبارة، وترجمها، وسجلها..
    إلا أنه لم يشعر بالخوف منها أبداً..
    وبسرعة، انتشر الخبر، وقفزت شهرة (هوارد كارتر) إلى الذروة، فى عالم الباحثين عن الآثار..
    وقفز معه بالتالى اسم اللورد (كارنرفون)..
    ومع وصول اللورد المغامر، الذى اشتهر باهتماماته المتعددة والمثيرة، راح الصحفيون يتدفقون على المكان كالنمل.
    ومع عدسات كاميراتهم، ظهرت صور الجدران، والتوابيت، والتماثيل.. والذهب..
    الذى الذى زغلل عيون الجميع، حتى الحكومة المصرية نفسها، التى فوجئت، أو بدا وكأنها فوجئت، بأن القانون يمنح المكتشف دوماً ما يعثر عليه من آثار، مهما بلغت قيمتها..
    وفى حالة (كارتر)، كانت (مصر) ستفقد كنوزاً لا حصر لها، وتحفاً أثرية تتجاوز كل ما عرفه العقل، لو تم تطبيق القانون..
    لذا، فقد رفضت الحكومة المصرية تطبيق القانون، ورفضت منح (كارتر) أو (كارنرفون) ولو حلية واحدة، مما تم العثور عليه فى المقبرة.. بل لقد أحاطتها بحراسة قوية، واعتبرتها أرضاً مصرية، لها عليها كل السطوة والسيادة..
    وبالطبع، لم يستسلم (كارتر) لهذا، وقام بتهريب بضع قطع من آثار مقبرة (توت غنخ آمون) إلى (لندن)، ولكن كل الآثار الثقيلة بقيت..
    ومعها تلك العبارة الرهيبة..
    "سيطوى الموت بجناحيه كل من يقلق الملك"..
    وكان من الممكن أن تبقى العبارة إلى الأبد، مجرد جملة، سجلها كاهن مصرى قديم، من باب المجاملة، أو حتى القناعة الشخصية، على أحد جدران مقبرة أصغر ملوك الفراعنة..
    لولا ما حدث بعد هذا بقليل..
    فبعد شهرين من هذه الضجة تقريباً، وقبل أن يفقد اللورد (كارنرفون) زهوة انتصاره، أو يبتلع مرارة حرمانه من كل هذا الذهب، جرح الرجل ذقنه جرحاً صغيراً أثناء الحلاقة..
    وبسرعة لم يستوعبها أحد، أصيب اللورد البريطانى بحمى غامضة رهيبة، رفعت درجة حرارته إلى حد الهذيان، ودفعته إلى الصراخ والعويل طوال الوقت، وهو يصرخ بأنه فى قلب الجحيم، وبأن ملوك الفراعنة يحيطون به، بعد أن جاءوا للانتقام منه، لأنه فتح مقبرة أصغرهم، ودنسها بتواجده البشرى غير الطاهر..
    ولفترة قصيرة جداً، واصل اللورد هذيانه وصراخه، ثم لم يلبث أن أسلم الروح، فى الخامس من أبريل، عام 1923م..
    ومع موت اللورد، فى ريعان قوته، استعاد بعض الصحفيين تلك العبارة، المنقوشة على مقبرة الفرعون الصغير، وانطلقوا ينشرون مقالاتهم عنها وحولها، ويربطون بينها وبين موت (كارنرفون)..
    وهنا فقط، ظهر ذلك المصطلح الشهير، الذى لم يفارق أسماعنا وأذهاننا، وعقولنا بعدها قط..
    مصطلح (لعنة الفراعنة)..
    وكما يحدث دوماً، فى كل مرة تنشأ فيها بدعة جديدة، انتشر المصطلح بسرعة مدهشة، وراح الكل يرددونه، ويناقشونه، ويفحصونه، ويمحصونه..
    وكما يحدث أيضاً، انقسم المتابعون، بين مؤيد ومعارض للفكرة..
    المؤيدون أكَّدوا أن الفراعنة عاشوا عالماً عجيباً غريباً، ترك لنا الكثير من الغوامض والأسرار، التى لم يمكننا كشفها بعد، فليس من المستبعد إذن أن يخلفوا وراءهم لعنة ما، تصيب كل من يدنس قبورهم، حتى ولو كان هذا بحجة تحقيق كشوف أثرية جديدة..
    والمعارضون أصروا على أنه لا توجد ركيزة علمية واحدة، يمكن أن تؤيد الفكرة، وأنه من السخافة أن يتردَّد أمر كهذا، لمجرَّد أن ممول حملة (هوارد كارتر) قد لقى مصرعه بحمى غير معروفة..
    وبين هؤلاء وهؤلاء، وقف (هوارد كارتر) نفسه، يعلن فى كل المجتمعات، وكل المحافل العلمية، أنه لم ولن يؤمن أبداً بما يسمونه لعنة الفراعنة؛ لأنه مستكشف قديم، واجه الأمر عشرات المرات، دون أن يصيبه مكروه واحد..
    والمدهش أن هذا لم يقنع أحداً، خاصة وأن حالات الوفيات، والموت بأسباب غير معروفة، راحت تنتشر على نحو ملفت للأنظار، بين كل من كانت له علاقة مباشرة، أو غير مباشرة، بكشف مقبرة (توت غنخ آمون)..
    وعندما هل عام 1929م، كان عدد من وافتهم المنية منهم، لأسباب غير واضحة، اثنين وعشرين رجلاً..
    وفى العام نفسه، وفى جلسة خاصة، أعلنت زوجة (كارنرفون) أنها أيضاً لا تؤمن بلعنة الفراعنة، ولا تصدق أن الموتى يمكنهم قتل الأحياء، بأية وسيلة كانت..
    وكان من الممكن أن ينهى تصريحها هذا القضية ويحسمها، لولا تطوّر مفاجئ، لم يكن فى الحسبان أبداً..
    فقبل أن يكتمل الأسبوع، أصيبت زوجة كارنرفون) بالحمى الغامضة نفسها، التى أصيب بها زوجها؛ وراحت تهذى وتصرخ ليومين تقريباً، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة على فراشها، تاركة خلفها أكبر موجة من الرعب، عرفها التاريخ الحديث، حتى تلك الفترة..
    رعب لعنة الفراعنة..
    ولفترة طويلة، لم يعد هناك حديث للصحافة ووسائل الإعلام، سوى عن الفراعنة.. ولعنة الفراعنة..
    وظهرت فى الأسواق كتب، ودراسات، وروايات، وحتى أفلام سينمائية صامتة، تدور كلها حول لعنة الفراعنة..
    ومن بين تلك الكتب، ظهر كتاب يحمل للمهتمين بالأمر مفاجأة مثيرة للغاية..
    مفاجأة تقول : إن لعنة الفراعنة لم تبدأ مع فتح مقبرة (توت غنخ آمون)، بل كانت هناك قبل هذا بقرن من الزمان على الأقل..
    ولقد ارتبطت فعلياً باثنين من مشاهير العلم..
    أو ربما أشهرهم..
    على الإطلاق.

    2 - لعنة المشاهير..
    * ذات صباح دافئ، من شتاء عام 1799م، وبمصادفة رتبها القدر حتماً، وأثناء الحملة الفرنسية على (مصر)، عثر جندى فرنسى على حجر فى مدينة (رشيد) المصرية، يعتبره علماء الآثار، فى يومنا هذا، أعظم كشوف القرن على الإطلاق..
    فذلك الحجر، الذى أطلقوا عليه اسم (حجر رشيد)، والذى هو من مادة البازلت، كان يحوى كتابات بثلاث لغات.. اليونانية القديمة، والقبطية أو الديموطيقية، والهيروغليفية..
    وتعود الأهمية الأثرية البالغة لهذا الحجر، إلى أنه حتى كشفه، كانت الهيروغليفية، بالنسبة للعالم كله، مجرد نقوش منظمة، يسعى العلماء لاستنتاج أو استنباط ما تعنيه، دون أن يتمكنوا من حل رموزها، أو تحديد منطوقها، بأى حال من الأحوال.. وعندما تم كشف (حجر رشيد)، وجد الأثريون أن الكتابة اليونانية، هى ترجمة أمينة ودقيقة للكتابة الديموطيقية، الموجودة على وجه آخر منه..
    وكان هذا يعنى، من باب المنطق، أن الكتابة الهيروغليفية، هى أيضاً ترجمة أمينة ودقيقة للنص نفسه..
    وعلى الرغم من أن وسائل الاتصال كانت ضعيفة للغاية، فى ذلك الزمن، مقارنة لما أصبحت عليه، بعد قرن واحد من الزمان، وليس فى عصرنا الحالى بالطبع، والذى حدث فيه تطور مدهش، فى نظم ووسائل الاتصال، فى الفترة بين مقدمة المقال، وهذه السطور، فقد طار الخبر إلى (أوروبا) كلها، فانتعش علماءها، والتهب حماسهم، والتهبت عقولهم، وهم يجدون أمامهم فرصة نادرة، لكشف أسرار وغوامض اللغة الهيروغليفية، مع كل ما قد يحمله هذا من كشف لتاريخ (مصر) القديمة، وفراعنتها، وعلومها، وأسرارها الخفية، التى لم يصل العلم الحديث، إلى بعضها، حتى لحظتنا هذه..
    ولأن (نابليون بونابرت)، الذى كانت حملته تحتل (مصر)، فى ذلك الحين، كان مغرماً بالعلم والعلوم، ويرغب دوماً فى أن يرتبط عصره بالكشوف العظيمة، فى كل المجالات، فقد سارع بنقل الحجر إلى (باريس)، حتى تتم دراسته، على أيدى الخبراء هناك..
    وبكل شغف ولهفة الدنيا، أقبل العلماء على فحص الحجر، وتدوين ما عليه من كتابات ونقوش، ثم راحوا يدرسون، ويفحصون، ويمحصون، و…
    وييأسون أيضاً..
    فالأمر لم يكن أبداً بالسهولة، التى أوحى بها الأمر منذ البداية..
    فلا أحد منهم كان يعمل من أين يبدأ الترجمة!!.. أمن اليمين، أم اليسار، أم من أعلى، أو أسفل..
    ولسنوات وسنوات، وعلى الرغم من كل ما بذله العلماء من جهد، فقد فشلت كل محاولاتهم لترجمة اللغة الهيروغليفية، وكشف أسرارها..
    حتى جاء (شامبليون)..
    كان (جان فرانسوا شامبليون) من العلماء الشبان، الذين عشقوا الحضارة الفرعونية، منذ نعومة أظافرهم، والذين جذبهم بشدة (حجر رشيد)، وكل ما يمكن أن يمنحه من كشوف هائلة، لذا فقد اتخذ قراراً جريئاً، بأن يتفرغ تماماً لمهمة فحصه، وترجمته، وكشف أسرار اللغة الهيروغليفية، التى ستساعد العالم كله على الإطلال من نافذة هائلة، على حضارة تعد الأعظم، بين كل الحضارات، التى شهدها العالم القديم..
    ولقد بدأ (شامبليون) مهمته، وهو فى الحادية والعشرين من عمره، وتفرغ لها تماماً، وراح يوصل الليل بالنهار، بحثاً عن طرف خيط، يمكن أن يقوده إلى حل اللغز..
    ثم، وعلى خلاف الآخرين، لاحظ (شامبليون) أن عدد أسماء الملوك، فى النصين اليونانى والديموطيقى، يتطابق تماماً مع عدد الخراطيش، فى النص الهيروغليفى، لذا فقد استنتج من هذا أن الخراطيش تحوى داخلها أسماء الملوك..
    ومن هنا، انطلق (شامبليون)..
    وبحسبة بسيطة، حدَّد أسماء الملوك، فى النص الهيروغليفى، وترجمها، وسجل حروفها، وانطلق منها إلى باقى النص..
    وبعد إحدى عشر عاماً، وفى عام 1916م، توصل (شامبليون) إلى أعظم كشوف الزمان، فى علم الآثار والتاريخ القديم، وحل رموز اللغة الهيروغليفية..
    وفتح أنظار العالم كله على الفراعنة..
    وعلى دنيا الفراعنة..
    وفى ليلة وضحاها، أصبح (شامبليون) أعظم علماء عصره، وهو بعد فى الثانية والثلاثين من عمره، وأحاطت به الشهرة من كل جانب، وتحوَّل إلى أشهر خبير فى لغة الفراعنة، و…
    وفجأة، تفجَّرت فى وجهه اللعنة..
    فعلى حين غرة، ودون أسباب واضحة، أصيب (شامبليون) بشلل رباعى، وحمى غامضة، وراح يهذى ويرتجف، ثم لم يلبث أن قضى نحبه، تاركاً خلفه من يروى هلاوسه الأخيرة..
    وبالمصادفة، كانت كلها عن الفراعنة.. وانتقام الفراعنة..
    كان هذا عام 1932م، كما يروى لنا ذلك الكتاب، الذى تحدَّث عن تاريخ لعنة الفراعنة، السابق لاكتشاف مقبرة (توت غنخ آمون).
    ولا يكتفى الكتاب بربط أشهر عالم آثار بتلك اللعنة الوهمية، وإنما يسبح معنا إلى ما هو أبعد من هذا..
    إلى (تيودور بلهارز)، أستاذ علم التشريح المرضى، ومكتشف أشهر مرض يصيب المصريين، منذ أيام الفراعنة..
    البلهارزيا..
    ويقول الكتاب أن (تيودور بلهارز) قد قضى شطراً طويلاً، فى حياته القصيرة، يطارد تلك الدودة القاتلة، التى تخترق أجساد المصريين، وتستقر فى أكبادهم، وتدمرهم تدميراً بطيئاً منتظماً، وتسلبهم نشاطهم وحيويتهم..
    ثم حياتهم فيما بعد..
    وبعد تلك السنوات، خطرت فى ذهن (بلهارز) فكرة عجيبة..
    ترى متى بدأت (البلهارزيا) فى حربها مع المصريين؟!..
    وفى سبيل إجابة السؤال، لجأ (بلهارز) إلى أمر لم يخطر ببال سواه قط، إذ انتقل بأبحاثه من الموتى المصابين بالمرض، إلى مومياوات الفراعنة القدامى، وبالذات تلك الخاصة بالعمال والمزارعين، الذين تدفعهم ظروف عملهم للخوض فى مياه النيل طوال الوقت..
    أيامها، لم يكن للآثار قيمتها الحالية، ولم تكن هناك تشريعات قوية، لحمايتها والحفاظ عليها، لذا كان من الممكن أن يبتاع (بلهارز) بعض المومياوات، التى يتم العثور عليها فى الجنوب، أثناء أعمال الحفر والبناء، وأن يجرى عليها تجاربه..
    وكان هذا يعنى بالطبع نبش قبور القدامى، واستخراج مومياواتهم، بل وتشريحها والتمثيل بها أيضاً..
    ولقد نجحت تجارب (تيودور بلهارز) إلى حد كبير، إذ أثبت بالفعل أن المصريين القدامى أصابتهم (البلهارزيا)، منذ آلاف السنين، بل وعثر على بعض الديدان المحنطة داخلهم بالفعل..
    ولكن فجأة، وقبل أن يسجل (بلهارز) تجاربه رسمياً وعلمياً، أصابته حمى مجهولة..
    حمى لا تشبه التيفوئيد، أو أية حمى معروفة أخرى..
    ومع الحمى، التى لم يتم تشخيصها أو علاجها بالطبع، راح (بلهارز) يهذى، ويصرخ ويهذى وتراوده هلاوس عجيبة، حول المومياوات، التى قام بتشريحها، والتى بدت له وكأنها قد عادت إلى الحياة، لتنتقم من ذلك الذى أقلق راحتها، ومثَّل بها، و…
    ومات (تيودور بلهارز)، عام 1862م، وهو بعد فى السابعة والثلاثين من عمره، بتلك الحمى المجهولة، التى لم يتم تشخيص أعراضها، حتى يومنا هذا..
    وفى هذه المرحلة، لا يحاول الكتاب وضع تفسيرات علمية أو منطقية، لما أصاب (شامبليون) أو (بلهارز)، ربما لأنه شغف بمحاولة تأكيد فكرة لعنة الفراعنة، بأكثر مما اهتم بتفسيرها..
    ولكن هذا كان دأب الجميع، فى تلك المرحلة الزمنية، خاصة وأن الفكرة نفسها بدت جذابة ومثيرة، خاصة وهى ترتبط بعالم الأسرار والأساطير، وحمى السحر والتنجيم والغموض..
    ودون أية دلائل علمية أو تاريخية، أعقبت ذلك الكتاب عدة كتب أخرى، تنسب موت عشرات المشاهير إلى لعنة الفراعنة، التى صارت صرعة النصف الأول من القرن العشرين..
    حتى (يوليوس قيصر) نفسه، ادعوا أن لعنة الفراعنة قد طاردته، وأصابت عقله بحمى جنونية، دفعته إلى تلك الأفعال الديكتاتورية، التى انتهت بمقتله واغتياله، على يد مجموعة من المقربين له، وعلى رأسهم ربيبه (بروتس)..
    وأصيب الناس بالضجر والملل، من هذه الكتب السخيفة، وقرَّروا تجاهلها فجأة، فانخفضت مبيعاتها إلى حد كبير، وبدا وكأن لعبة لعنة الفراعنة هذه قد بلغت نهايتها، و..
    وفجأة، ظهر كتاب جديد فى الأسواق..
    كتاب قلب كل الموازين، رأساً على عقب..
    وبمنتهى العنف.
    3- تايتانيك..* فى صيف 1985م، وبعد أشهر من البحث، استقل البروفيسير (روبرت بولارد)، المتخصِّص فى تصوير الأعماق، الغوَّاصة العلمية (ألفن)، والمجهزة للغوص حتى مسافة 13 ألف قدم، تحت سطح المحيط، لاستكمال مشروع البحث عن حطام سفينة، غرقت منذ ثلاثة وسبعين عاماً تقريباً..
    كانت الغوَّاصة (ألفن) مزوَّدة بإنسان آلى صغير، يكمن فى تجويف خاص فى مقدمتها، ويمكن إطلاقه بوساطة قائدها، إلى مسافات تعجز الغوَّاصة عن بلوغها، فى أعمق الأعماق..
    وعبر كاميرا صغيرة، فى مقدمة الآلى (أرجو)، راح البروفيسير (بولارد) يتلقى عشرات الصور، لأعماق المحيط الأطلنطى، فيفحصها ويراجعها بمنتهى الدقة، دون أن يعثر فيها على أدنى أثر لما يبحث عنه..
    ثم فجأة، بدأ (أرجو) يرسل مجموعة من الصور الإيجابية..
    صور لم تكن واضحة فى البداية، إلا أنها لم يلبث أن اتضحت رويداً رويداً، وأصبحت جلية نقية، على نحو انتفض به قلب (بولارد) بين ضلوعه، وتفجَّر معه الحماس فى قلوب كل رجل من رجال بعثته الصغيرة..
    هذا لأن (أرجو) قد عثر أخيراً على السفينة موضع البحث..
    والأهم، أنها لم تكن سفينة عادية..
    بل كانت أشهر سفينة غارقة، فى التاريخ الحديث كله..
    كانت (تايتانيك)..
    و(تايتانيك) هذه كانت سفينة عظيمة هائلة، تعتبر طفرة تاريخية فى تاريخ صناعة وبناء السفن، إذ أنها أضخم سفينة ركاب شهدها العالم، حتى تاريخها، إذ بلغ وزنها 52310 طناً، وبلغ طولها 882 قدماً، وعرضها 94 قدماً فى المتوسط، كما أن ارتفاعها كان يبلغ ارتفاع مبنى من أحد عشر طابقاً..
    حتى اسمها، كان يعنى المارد..
    ولم تكتف (تايتانيك) بالضخامة، وإنما أضافت إليها الفخامة المفرطة أيضاً، والتى لم تعرفها سفينة ركاب من قبل، وبالذات فى درجتها الأولى، ذات حجرات النوم الهولندية، وقاعات الطعام الكبيرة، والصالونات الفاخرة، والشرفات الضخمة…
    وعندما تم الإعلان عن تدشين (تايتانيك)، تسابق كبار الأثرياء والتجار لحجز أماكنهم عليها؛ للفوز بأولى رحلاتها، التى ستعبر خلالها المحيط، حتى تصل إلى الشاطئ الأمريكى.
    وفى العاشر من أبريل 1912م، ترقب العالم بمنتهى اللهفة، رحلة (تايتانيك) الأولى عبر المحيط، وأحيطت تلك الرحلة بدعاية هائلة، حتى لقد اصطف آلاف الناس، على رصيف ميناء (كوينستون) فى (إنجلترا)، بين مودعين ومشاهدين، لمراقبة السفينة العملاقة، والانبهار بها، ومشاهدة انطلاقتها الأولى، وعلى متنها صفوة الأثرياء ورجال المجتمع، وفى قاعها مئات من مسافرى الدرجتين، الثانية والثالثة..
    وانطلقت (تايتانيك)..
    انطلقت تمخر عباب المحيط، فى زهو وخيلاء، وصاحبها يُعلن، فى تعال مغرور، أن سفينة من القوة والضخامة، حتى أن القدر نفسه، لا يمكنه أن يغرقها..
    ويا لها من عبارة جاحدة، متجنية، مغرورة، حمقاء..
    ففى الرابع عشر من أبريل، وبعد أربعة أيام فحسب من بدء رحلتها، وبخطأ ملاحى صغير، ارتطمت العملاقة (تايتانيك) بجبل جليدى ضخم، لم يدر أحد، حتى هذه اللحظة، كيف لم يره قبطانها ومهندسوها وبحارتها..
    وعلى الرغم من أن السفينة الماردة، كانت مصممة بحيث يمكن عزل أى قسم يصاب منها، عن باقى أجزاءها، إلا أن المياه قد غمرتها بسرعة مدهشة، لم تسمح باتخاذ أية إجراءات وقائية..
    وابتسم القدر فى سخرية، عندما بدأت (تايتانيك) تواجه ما تصوَّر صانعوها أنه مستحيل!!..
    الغرق..
    وطوال اثنتى عشرة ساعة كاملة، وكم هائل من الرعب، واضطراب ما له من حدود، راحت (تايتانيك) تغرق.. وتغرق.. وتغرق..
    وفى يوم 15 أبريل 1912م، اختفت (تايتانيك) تماماً، فى قاع المحيط الأطلنطى..
    وكان يمكن ألا نربط بين غرقها ولعنة الفراعنة، بأى حال من الأحوال، لولا ما نشره أحد الناجين منها فيما بعد، مع روايته كشاهد على عملية غرق أشهر سفينة فى التاريخ..
    ففى شهادته، أشار الرجل بشكل عابر، إلى أن مخزن بضائع السفينة كان يضم تابوتاً لكاهنة فرعونية، ارتبط وجوده بأحداث مخيفة رهيبة، قبل أن يغرق مع كل ما غرق ومن غرق مع (تايتانيك)..
    فمنذ تم وضع التابوت فى مخزن البضائع، فى قاع (تايتانيك)، كان عمال المخزن يرون ويسمعون ما أصابهم بالرعب، وجعلهم يطالبون بإعفائهم من العمل، أو نقلهم إلى وظيفة أخرى، حتى ولو تم تخفيض رواتبهم، أو مضاعفة جهدهم..
    فما أن يحل الليل، كانوا يسمعون تأوهات الكاهنة، ويرون شبحها، و…
    والواقع أننى شخصياً لا أصدق حرفاً واحداً من كل هذا، بل وأشعر معه بالكثير من الخيال والتدليس، خاصة وأنه ليس من السهل أن تتواجد امرأة فى عالم الكهنة، فى (مصر) الفرعونية..
    ثم أن أحداً لم يعثر على ذلك التابوت المزعوم قط، بعد العثور على حطام (تايتانيك)، وكل ما كان على سطحها تقريباً..
    إلا أن القصة تجدى صدى كبير، لدى كل المتابعين لأسطورة لعنة الفراعنة، وكل من يسعى لإثبات صحتها أو عدمها، حتى أنك ستجدها فى عشرات الكتب والمراجع، الخاصة بهذا الأمر..
    وعندما تم سؤال البروفيسير (روبرت بولارد) عن قصة تابوت الكاهنة هذه، جاءت إجابته غامضة للغاية، إذ أنه لم يؤكد وجوده، كما لم يؤكد فى الوقت ذاته العثور على عشرات الأشياء الأخرى، ولكنه لم ينف فكرة تواجده تماماً، وإنما أشار إلى أن عشرات السنين، التى قضتها (تايتانيك)، فى قاع المحيط الأطلنطى، كانت كافية تماماً لتحلل وفساد واختفاء عشرات الأشياء، من سطحها، وقاعها، ومخزن بضائعها بالطبع..
    وجواب البروفيسير (بولارد) منطقى تماماً، فالتابوت كان مصنوعاً من الخشب، وليس من الحجر، والمومياء ستتلف حتماً، وسط المياه المالحة، وربما تلتهما الأسماك أيضاً..
    أو أن هناك تفسير آخر..
    ففور الإعلان عن العثور على حطام السفينة العملاقة، تسابق مئات من هواة التحف والأثريات، لحجز وشراء أى شئ، تم العثور عليه داخلها..
    وهناك شائعة قوية، تقول: إن أحد كبار الأثرياء الأمريكيين قد ابتاع التابوت سراً، وبداخله مومياء الكاهنة بالطبع، خشية أن يطالب به متحف (نيويورك) رسمياً، نظراً لأنه كان مشحوناً لحسابه، بالفعل، عندما غرقت (تايتانيك)..
    ولكنها تبقى مجرد شائعة..
    تماماً ككل ما يرتبط بتلك اللعنة الوهمية المزعومة..
    فمن المدهش أنه، وعلى الرغم من انتشار المصطلح، ومن آلاف القصص والروايات، وأفلام السينما، والكتب التى دارت حوله، إلا أنه لا توجد قصة دقيقة واحدة، أو حتى رسالة علمية منطقية، حاولت البحث عن الأمر..
    كل ما حدث هو عملية رصد دقيقة لحالات الوفيات، بين معظم من عملوا فى مجال البحث عن الآثار الفرعونية..
    والفرعونية بالتحديد..
    فالعجيب أن أحداً لم يتحدث عن أية لعنة، تصيب الباحثين عن الآثار الرومانية، أو اليونانية، أو الآشورية، أو حتى حضارات الأنكا، فى (أمريكا) الجنوبية.. فقد ارتبطت اللعنة بالآثار الفرعونية..
    وبالذين سعوا خلف الآثار الفرعونية..
    الرحالة الشهير (بلزونى) مثلاً، جاب العالم، بحثاً عن الآثار، فى مختلف البلدان، وحقق انتصارات مدهشة ومثيرة، دون أن يصيبه مكروه..
    ثم جاء إلى (مصر)، وبدأ ينبش قبور الفراعنة، ونقل قاعدة تمثال (آمون) من (الأقصر)، وانتشل مسلة من قاع النيل، وأجرى أبحاثاً طويلة عن هرم (خوفو)، بحثاً عن مدخله، واقتحم المقابر، والمعابد، واستخرج الجثث، والمومياوات، والعظام..
    ثم فجأة، أصابه ذلك المرض الغامض، الذى أصاب معظم علماء الآثار، فسيطرت عليه حمى لاهبة، وأصابه الهذيان، وطاردته الهلاوس، حتى لقى حتفه، فى مساء الثالث من ديسمبر، عام 1823م، وهو بعد فى الخامسة والأربعين من عمره..
    نفس الحمى..
    ونفس النهاية..
    ولأن حالات الموت متشابهة دوماً، فى كل من أصابته لعنة الفراعنة المزعومة، فقد جذب هذا انتباه واهتمام البروفيسير الألمانى (فيليب فاندنبرج)، والذى خرج إلينا بتفسير جديد للعنة الفراعنة..
    تفسير علمى..
    ولأوَّل مرة.
    4 - وتحدث العلم..* عبر السنوات الطويلة، التى تردَّد خلالها مصطلح (لعنة الفراعنة)، كانت معظم الكتب والدراسات، الخاصة بها، تقتصر على تسجيل ورصد الحالات، التى ارتبطت بالتنقيب عن آثار فرعونية، والتى لاقت مصيراً غامضاً، وعانت من حمى غامضة مجهولة، تنتهى عادة بالوفاة..
    ثم جاء كتاب البروفيسير الألمانى (فيليب فاندبنرج)..
    وكتاب (فاندبنرج) يعد موسوعة علمية متكاملة، عن (لعنة الفراعنة)، ومحاولة شديدة الجرأة؛ للبحث عن تفسير علمى لها، من خلال مختلف اتجاهات العلم، بدءاً من الكيمياء، ووصولاً إلى الإشعاعات النووية..
    ولقد اهتم (فاندبنرج) كثيراً بتسجيل معظم الحالات، التى أصابتها (لعنة الفراعنة)، من وجهة نظره، ثم توقف طويلاً عند تلك الحمى، التى أصيبت بها معظم الحالات، والتى أدت إلى الهذيان والهلوسة، ثم الموت فيما بعد..
    ومن هنا، وضع العالم الألمانى نظريته..
    ونظرية (فاندبنرج) تربط لعنة الفراعنة بثلاثة احتمالات علمية، تبدو فى جانب منها منطقية ومعقولة، إلى حد كبير..
    الاحتمال الأوَّل هو أن تحوى مقابر الفراعنة، وملوكهم على وجه الخصوص، غازات سامة، أو عقاقير وأتربة بطيئة المفعول، من ابتكار الكهنة، الذين أخفوا دوماً علومهم عن العامة، وإن تركوا لنا دلائلها، من خلال سر التحنيط، الذى حار فيه علماء الكيمياء، حتى يومنا هذا..
    ومن وجهة نظر العالم الألمانى، أن الكهنة قد ابتكروا نوعاً من السموم شديدة البطء، أشبه بعقاقير الهلوسة، ومزجوها بأتربة المقابر الخاصة بالملوك، كوسيلة لعقاب كل من تسول له نفسه نبشها أو سرقتها..
    وربما كانت تلك العقاقير أكثر تأثيراً فى الماضى، وأسرع مفعولاً، إلا أن خواصها قد تغيرت تماماً، عبر آلاف السنين من التخزين، ولكنها، وفى كل الأحوال، تترك أثرها فى دماء كل من يقتحم المقابر الفرعونية، ويستنشق ترابها، ثم يبدأ تأثيرها بعد عدة سنوات، على شكل حمى، وهذيان، وهلوسة..
    والاحتمال قد يبدو منطقياً للوهلة الأولى، إلا أن قليل من التفكير فيه، يجعلنا ندرك عقمه تماماً، إذ أن العلم قد قطع شوطاً ضخماً، فى السنوات العشر الأخيرة، وأصبح من السهل تحليل أتربة المقابر، ومعرفة كل ما تحويه، بل إنه هناك مراكز متخصصة لأبحاث التربة، يمكنها تحديد مكونات أية عينة من الأتربة بمنتهى الدقة..
    وبمنتهى السرعة أيضاً..
    والكشوف الأثرية ما زالت مستمرة، ولم تتوقَّف حتى الآن، ولو أن احتمال السموم بطيئة المفعول هذا وارد، لتوصل إليه العلم الحديث فوراً..
    ولكن (فاندبنرج) نشر كتابه فى سبعينات القرن العشرين، وقبل أن يبلغ العلم هذا الحد، أو تظهر أجهزة وبرامج الكمبيوتر، التى قلبت كل الموازين، رأساً على عقب..
    ولكن دعونا لا نتوقف طويلاً عن الاحتمال الأوَّل، ولننتقل منه إلى الاحتمال الثانى، والأقرب إلى المنطق..
    الفيروسات..
    فالبروفيسير الألمانى يفترض أنه كان هناك فيروس قديم، كامن فى أتربة مقابر ملوك الفراعنة..
    فيروس ساد فى القرن القديمة، أو استخدمه الكهنة أيضاً، فى فترة ما، أو أنهم قد ورثوه من حضارة سابقة!!..
    وذلك الفيروس ينتقل إلى أجساد من يقتحم المقابر، ويسرى فى دمه وأنسجته، ليقضى فيها فترة حضانته، التى تبلغ سنوات وسنوات، وترتبط بالقابلية الشخصية للإصابة، وبقوة مناعة الجسم، التى تختلف من شخص إلى آخر.. وعندما يبدأ ذلك الفيروس المفترض نشاطه، يصاب الإنسان بالحمى، التى تهاجم المخ على الأرجح، مسببة الهذيان والهلوسة..
    والاحتمال هذه المرة منطقى وعلمى تماماً، ويمكننا هضمه واستيعابه، إلى حد كبير، وخاصة بعد ظهور فيروس (الإيدز)، الذى يكمن فى الأجساد لسنوات طويلة بالفعل، قبل أن تبدأ أعراضه فى الظهور..
    ثم أن فكرة الفيروس هذه تتناسب مع الحمى المخية، والهذيان، والهلوسة، والوفاة أيضاً..
    وكذلك تتفق مع عجز الأطباء عن تشخيص المرض، فى عصر لم تكن الأبحاث الطبية قد تطوَّرت إلى الحد الكافى، لكشف مثل هذه الكائنات الدقيقة، واستيعاب طبيعتها وأعراضها..
    ولكن تعود بنا الخيوط إلى السؤال الأوَّل..
    لماذا لم يعد ذلك الفيروس يظهر، فى الكشوف العلمية والأثرية الحديثة؟! هذا السؤال نتركه للبروفيسير الألمانى، ونتركه لعقولنا، تدرسه، وتناقشه، وتحلله..
    ثم تتوصل إلى نتائجه..
    أما نحن، فسننتقل إلى الاحتمال الثالث، فى نظرية (فاندبنرج)..
    والاحتمال الثالث مدهش، ومثير للحيرة، ولست أدرى حتى كيف وضعه العالم الجليل، ولكن يبدو أن إيمانه بالفراعنة كان يتجاوز كل الحدود..
    فذلك الاحتمال، هو أن ترتبط (لعنة الفراعنة) بنشاط إشعاعى ذرى، ظل مختزناً داخل مقابر الملوك لآلاف السنين، لينطلق فى وجه كل من ينبشها..
    وربما يتفق الاحتمال مع بعد التأثير، ومع أعراض الحمى والهلوسة والهذيان، والموت فى نهاية المطاف، كما يتفق أيضاً مع عجز الأطباء القدامى عن تشخيص الحالات، وحيرتهم فى مواجهتها، إلا أنها تضعنا أمام احتمال جديد، يبدو أكثر خيالاً من كل ما سبقه..
    احتمال أن الفراعنة كانت لديهم معرفة دقيقة بالنشاطات الإشعاعية.. وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق..
    حتى لو افترضنا أنهم قد توصلوا إلى تراب اليورانيوم مثلاً، وأن الكهنة قد أدركوا أنه يختلف عن التراب العادى، وأن له تأثيرات فتاكة على كل من يلمسه أو يستنشقه، فسنتساءل بدورها، كيف أمكنهم اتقاء تأثيره عليهم، دون أن تكون عندهم أبحاث، ودراسات، ووسائل مقاومة؟!..
    ولو افترضنا أن هذا قد حدث بالمصادفة، ودون وعى منهم، وأن بعض المواد، الداخلة فى مساحيق التحنيط، كانت مواد مشعة فتاكة، فأين ذهبت هذه المواد، ولماذا غاب تأثيرها، واختفت من المقابر، على الرغم من أنها قد بقيت لآلاف السنين؟!..
    ثم لماذا تواجدت فى الكشوف القديمة، ولم تتواجد فى الكشوف الحديثة؟! كل هذا ينبغى أن يقودنا إلى نتيجة واحدة لا غير، مع جزيل احترامنا للبروفيسير (فيليب فاندبنرج)، وشهرته، وعلمه الغزير..
    يقودنا إلى أنه لا وجود لما يسمى بـ(لعنة الفراعنة)!..
    ربما كانت هناك حوادث عديدة، ترتبط بكل من نقب عن الآثار، فى أزمته انخفضت فيها درجة الوعى الصحى، إلا أن هذا لا يعنى وجود لعنة أسطورية، صالحة لخيال الكتاب والسينمائيين، ولكنها غير قادرة على إقناع أى صاحب عقلية علمية أو منطقية..
    وهنا، ينبغى أن أضم صوتى لكل الأصوات، التى ترفض، وبشدة، فكرة (لعنة الفراعنة) هذه، والتى تستنكر حتى ترديد المصطلح، أو حتى مناقشة احتمالات صحته..
    وأهم ما ينبغى معرفته، فى هذا الشأن، هو أن أكثر من هاجم الفكرة، وحارب لإثبات زيفها وحمقها، هو الشخص الذى ارتبط اسمه بمنشئها، منذ أول مرة ظهر فيها المصطلح..
    (هوارد كارتر) شخصياً..
    فمع شغف الناس بالحديث عن الأمر وترديده، كتب (كارتر) عدد كبير من المقالات، وألقى مئات المحاضرات، واشترك فى عشرات الندوات، ليهاجم الفكرة، ويؤكد أنها مجموعة من المصادفات السخيفة، بدليل أنه أول من دخل مقبرة (توت غنخ آمون)، أو أول من رصد ما بداخلها، لو شئنا الدقة، ولم تصبه أية أعراض، يمكن أن ترتبط بالمصطلح..
    لا ألم، أو حمى، أو هذيان، أو هلوسة..
    ولقد عاش (كارتر) حتى عام 1939م، فى صحة جيدة، ودون أن يعانى سوى من الأعراض الطبيعية للتقدم فى العمر، حتى مات ميتة هادئة فى فراشه، وهو يواصل إنكاره واستنكاره لفكرة (لعنة الفراعنة)..
    ولكن العجيب والمدهش أن أحداً لم يستمع إليه..
    هذا لأن الفكرة، بما تحويه من أسطورية وغيبيات، قد استهوت الناس، فى كل أنحاء العالم، وأصبحت مادة تجارية رابحة، ووسيلة لترويج مئات الكتب، والروايات، والدراسات، وأفلام السينما..
    وهكذا أغلقنا جميعاً باب العقل والمنطق، وغرقنا حتى النخاع فى هلاوس وخزعبلات وخرافات، وروايات لا أصل أو أساس لها..
    أو ربما نفعل هذا كجزء من لعنة، تلازمنا جميعاً بلا هوادة..
    لعنة الفراعنة.

    لعنة الفراعنة أم لعنة الرادون؟

    اقدم لكم الان تكملة لحديثنا السابق عن لعنة الفراعنة و هو بحث مقدم من
    مروى عاطف طالبة ماجستير - كلية العلوم - جامعة القاهرة - قسم الفيزياء الحيوية

    "سيذبح الموت بجناحيه كل من يحاول أن يبدد أمن وسلام مرقد الفراعين".. هذه هي العبارة التي وجدت منقوشة على مقبرة توت عنخ آمون والتي تلا اكتشافها سلسلة من الحوادث الغريبة التي بدأت بموت كثير من العمال القائمين بالبحث في المقبرة وهو ما حير العلماء والناس، وجعل الكثير يعتقد فيما سمي بـ"لعنة الفراعنة".

    ولكن دائمًا ما يبحث العلماء عن تفسير علمي ومنطقي لكل الظواهر الغريبة، ولقد فسر بعض العلماء لعنة الفراعنة بأنها تحدث نتيجة لتعرض الأشخاص الذين يفتحون المقابر الفرعونية لجرعة مكثفة من غاز الرادون (Radon (Rn وهو أحد الغازات المشعة. فكيف تنبعث تلك الغازات المشعة؟ وما هي المواد المشعة الطبيعية؟ وما هي الأخطار التي تنتج عن تسربها؟.. دعنا عزيزي القارئ نبدأ من البداية ونتعرف على طبيعة هذه المواد.

    لماذا تكون بعض المواد مشعة؟

    تحتوي نواة أي عنصر على عدد من جسيمات مشحونة بشحنة موجبة تسمى بالبروتونات (أ) وعدد من الجسيمات متعادلة الشحنة تسمى بالنيوترونات (N). ومجموع عدد البروتونات يسمى بالعدد الذري (Z)، بينما يسمى مجموع عدد البروتونات وعدد النيترونات بالعدد الكتلي (A) ويرمز للعنصر (X) مثلا بـ (X AZ). ولكي يكون العنصر مستقراً ينبغي أن يكون الفرق بين عدد البروتونات والنيترونات صغيرا نسبيًا. وبما أن نواة العناصر الثقيلة تحتوي على عدد كبير من هذه الجسيمات (البروتونات والنيوترونات)، ويكون الفرق فيها بين عدد البروتونات والنيوترونات كبيرا جدًا؛ وهو ما يؤدي إلى عدم استقرار النواة، تلجأ النواة إلى أن تفقد بعض هذه الجسيمات في صورة إشعاع لكي تخفض من ثقلها؛ وبالتالي تتحول إلى عنصر آخر مشع، وهو بدوره يفقد هذه الجسيمات في صورة إشعاع.. وهكذا حتى تصل النواة إلى حالة الاستقرار.

    الرادون.. من أين يأتي؟

    الرادون (Radon (Rn هو عنصر غازي مشع موجود في الطبيعة. وهو غاز عديم اللون، شديد السمية، وإذا تكثف فإنه يتحول إلى سائل شفاف، ثم إلى مادة صلبة معتمة ومتلألئة. والرادون هو أحد نواتج تحلل عنصر اليوارنيوم المشع الذي يوجد أيضًا في الأرض بصورة طبيعية، ولذلك يشبهه العلماء بالوالد بينما يطلقون على نواتج تحلله التي من بينها الراديوم والرادون بالأبناء.

    يوجد ثلاثة نظائر مشعة لليورانيوم في التربة والصخور، تتفق جميعها في العدد الذري، ولكنها تختلف في العدد الكتلي وهي:

    1- اليورانيوم U2345 ونسبة وجوده 0.71%.

    2- واليورانيوم u238 ونسبة وجوده 99.1%.

    3- وأخيرًا اليورانيوم u234 وتكون نسبة وجوده صغيرة جدًا.

    بينما يوجد للرادون نظيران مشعان هما:

    1- الرادون RN220.

    2- والرادون RN222.

    ولقد وجد أن كل العناصر ذات النشاط الإشعاعي تتحلل بمعدل زمني معين، ويطلق على الفترة الزمنية التي تلزم لكي يتحلل أثناءها نصف الكمية من عنصر مشع معين اسم "فترة عمر النصف".

    وتبلغ فترة عمر النصف لليورانيوم 4.4 بلايين سنة ـ عمر الأرض تقريبًا ـ بينما تبلغ فترة عمر النصف للرادون RN220 وR222 بـ 318 يوم، وبذلك تكون نسبة وجود الرادون RN222 في الطبيعة أكثر من RN220.

    لعنة الرادون.. كيف؟


    هوارد كارتر ورفاقه خارج مقبرة توت عنخ آمون لدى اكتشافها عام 1922

    وبالرغم من أن غاز الرادون غاز خامل كيمائيًا وغير مشحون بشحنة كهربائية فإنه ذو نشاط إشعاعي؛ أي أنه يتحلل تلقائيًا منتجًا ذرات الغبار من عناصر مشعة أخرى، وتكون هذه العناصر مشحونة بشحنة كهربية، ويمكنها أن تلتصق بذرات الغبار الموجودة في الجو، وعندما يتنفسها الإنسان فإنها تلتصق بجدار الرئتين، وتقوم بدورها بالتحلل إلى عناصر أخرى، وأثناء هذا التحلل تشع نوعا من الإشعاع يطلق عليه أشعة ألفا (نواة ذرة الهيليوم 2He4) وهي نوع من الأشعة المؤيّنة أي التي تسبب تأين الخلايا الحية؛ وهو ما يؤدي إلى إتلافها نتيجة تدمير الحامض النووي لهذه الخلايا ـ DNA -، ويكون الخطوة الأولى التي تؤدي إلى سرطان الرئة.

    ولكن لحسن الحظ فإن مثل هذا النوع من الأشعة ـ أشعة ألفا ـ عبارة عن جسيمات ثقيلة نسبيًا، وبالتالي تستطيع أن تعبر مسافات قصيرة في جسم الإنسان، أي أنها لا تستطيع أن تصل إلى خلايا الأعضاء الأخرى لتدميرها؛ وبالتالي يكون سرطان الرئة هو الخطر المهم والمعروف حتى الآن الذي يصاحب غاز الرادون. وتشير التقديرات إلى أنه يتسبب في وفاة ما بين 7 آلاف إلى 30 ألفا في الولايات المتحدة نتيجة الإصابة بسرطان الرئة.

    وتعتمد خطورة غاز الرادون على كمية ونسبة تركيزه في الهواء المحيط بالإنسان، وأيضًا على الفترة الزمنية التي يتعرض لها الإنسان لمثل هذا الإشعاع، وحيث إن هذا الغاز من نواتج تحلل اليورانيوم؛ لذا فهو موجود في التربة والصخور، بالذات الصخور الجرانيتية والفوسفاتية، وتكون نسبة تركيزه عالية جدًا في الأماكن الصخرية أو الحجرية المغلقة، مثل أقبية المنازل والمناجم وما شابه ذلك مثل قبور الفراعنة المبنية في وسط الأحجار والصخور، وهذا بالفعل ما وجد عند قياس نسبة تركيز هذا الغاز في هذه الأماكن.

    وبالتالي يؤدي مكوث الإنسان فترة زمنية طويلة بها إلى استنشاقه كمية كبيرة من هذا الغاز الذي يتلف الرئتين، ويسبب الموت بعد ذلك.

    عزيزي القارئ، هذا مجرد تفسير لما أُطلق عليها "لعنة الفراعنة".. وفوق كل ذي علم عليم. فترى هل بلغ العلم بهؤلاء الفراعنة ما جعلهم يعرفون ذلك، ويبنون مقابرهم بهذه الطريقة في هذه الأماكن؟ أم أن بناءهم المقابر بتلك الطريقة كان صدفة؟ أم أنه السحر كما فسره البعض؟ وأخيرا أهي لعنة الفراعنة أم لعنة الرادون؟

    الرصد الفرعوني
    لغز حرائق سوهاج وقنا

    منقول بتصرف عن موقع جريدة الوفد

    مازال الجهل يعشش في أرجاء مصر المحروسة، رغم دخولنا القرن 21..
    ومازال الناس يؤمنون بالخرافات والسحر ويرفضون قبول الأسباب العلمية للظواهر التي تحدث من حولنا.. مثلما حدث في
    حرائق قري سوهاج وقنا التي ملأت التفسيرات الغيبية الأرجاء حول أسباب هذه الحرائق رغم أن المنطق يؤكد عدم وجود غموض..
    وأحدث متهم في قضية الحرائق، انضم الي قائمة طويلة من المتهمين في الشائعات.. هو الرصد الفرعوني!!
    الرصد الفرعوني هو جان يتم الاتيان به عن طريق السحر ليشرب من دم طير أو حيوان ويتشكل بعد ذلك
    علي صورته.. ويعيش الرصد أو هذا الجني ما بين ألف الي 3 آلاف عام.. هذا التفسير ليس وارداً في أي بحوث
    علمية أو دينية، ولكنه معتقد شائع في أوساط البسطاء الذين يعيشون في آلاف القري والنجوع، خاصة في صعيد مصر.
    ويعتقد أهالي المناطق التي شهدت الحرائق أن الرصد
    الفرعوني هو سبب الحرائق.. أما الأثرين وعلماء المصريات فينفون تماماً وجود ما يسمي بالرصد أو حتي لعنة الفراعنة.
    وترددت شائعات قوية حول اشتعال النيران في
    منزل واحد في نفس المكان 9 مرات بدون سبب واضح، مما أدي الي تعزيز فكرة الرصد الفرعوني وتحميله مسئولية الحرائق.
    الباحث المصري عبد المنعم عبد العظيم قال: إن ما يروي من أسرار المقابر الملكية وقصص الخوارق
    وحلول لعنة الفراعنة علي منتهكي حرمة المقابر، برغم أنها مجرد خزعبلات، إلا أنها جعلت مصر القديمة دولة السحر لكن ذلك لا يمنع
    أيضاً من أن كتب المصريات حوت الكثير من النصوص التي تؤكد أن السحر في مصر القديمة قد استخدم لحماية المخلوقات البشرية
    وفي بعض الأحيان لحماية الالهة وفي أغلب الأحوال كانت استعمالاته دفاعية فحسب. ويقول نص فرعوني قديم »أعطي الرب
    البشر السحر كسلاح ضد الشدائد وعاديات الدهر«. وقد استعمل المصريون القدماء الطلاسم للأغراض الدفاعية وكانت علي هيئة
    تمائم لحماية الجسم من الأذي ويفسر ذلك ذيوع استخدام »الرقي« في الطب فلكل مرض أعراضه الطبيعية وعلاجه المناسب.
    كما استخدم السحر لتهدئة مخاوف النفس وخلاصة القول ـ والكلام ل
    عبد المنعم العظيم ـ أن السحر لعب دوراً هاماً في الحياة اليومية في مصر القديمة وكان دفاعياً بصفة عامة وعدائياً في حالات نادرة.
    ويشير الأثري علي الأصقر مدير عام آثار القرنة إلي استخدام الجان في مصر الفرعونية، كما أشار الي وجود كتل
    حجرية وضعت في مواضع مرتفعة وتزن عشرات الأطنان في وقت لم يكن معروفاً فيه المعدات الميكانيكية أو الكهربية أو الرافعات.
    ولابد من أنهم استخدموا الجن لرفع تلك الكتل الحجرية الي المواضع المرتفعة الموجودة
    عليها الآن، واستبعد بالطبع وجود ما يسمي بالرصد وراء حرائق سوهاج وقنا مطالباً العلماء بوضع تفسير علمي ومنطقي للظاهرة.
    ولكن أحد علماء الروحانيات، والذي طلب عدم ذكر اسمه
    ، قال انه في حال حدوث الحرائق في مناطق آهلة بالسكان فإن حدوثها مرتبط بثلاثة أسباب الأول أن جنياً تعرض لأذي مثل أن ألقي
    عليه حجر أو ماء غير طاهر أو أن أحداً بتلك القري حاول تحضير الجان ولم يفلح في ذلك أو أن جنياً يعشق احدي بنات تلك القري!!
    لكن عامة الناس يختلفون مع رأي العلماء والأثريين في تحليلهم لظاهرة الحرائق في البلينا بسوهاج وأبوتشت بقنا، مؤكدين أن التفسير الوحيد
    لحدوث تلك الظاهرة هو قيام البعض بالسطو علي كنز فرعوني »مرصود« ـ أي عليه حارس مسحور ـ وأن هذا الحارس ـ والذي يطلق
    عليه الرصد ـ كان غائباً عن كنزه ثم عاد واكتشف السطو فراح يطارد السارقين بهذه الطريقة، وأن هجوم الطيور النارية لن يتوقف
    الا باعادة المسروقات لمكانها بالكنز الفرعوني، مؤكدين أن هذه الطيور يمكن أن تذهب الي القاهرة أو أسوان وراء المسروقات!!
    وتنتشر الحكايات في الصعيد حول كنوز الفراعنة التي يحرسها الجان..
    ـ ويحكي حسان عمر عن العجل الضخم الذي
    يحرس كنزاً خلف تمثالي ممنون الشهيرين غرب الأقصر والذي يظهر في الليالي المقمرة والذي حاول الكثيرون قتله أملاً في الفوز بالكنز
    طوال العقود الماضية دون جدوي! وهناك أيضاً الحكاية الشهيرة لمقبرة الملك أمنحتب الأول التي تؤكد بعض البرديات الفرعونية
    وجودها علي بعد أمتار من الشرفة الثالثة بمعبد الملكة حتشبسوت وللعام الخامس علي التوالي، وكلما توصلت البعثة البولندية
    التي تبحث عن المقبرة الي مدخل المقبرة ورؤية شواهد للسلم المؤدي اليها، يختفي كل ذلك ويصبح مجرد كتل صخرية.
    التفسير المنتشر في أوساط العامة للواقعة هو وجود حارس عليها يحميها ويخفيها عن الأنظار.
    ـ وهناك الأسرة التي يعرف حكايتها كل أهالي الأقصر
    والذين تشتعل النيران بمسكنهم بشكل دائم كما قتلت ابنتهم بذات المنزل الذي هجروه بسبب اعتقادهم بمطاردة الرصد لهم بعد غياب
    احدي التماثيل من كنز أسفل المنزل.. وما أن ذهبوا للسكن في محافظة أسوان حتي فوجئوا بأن النيران تشتعل في سكنهم الجديد!!
    وهناك أيضاً طريق في حاجر الضبعية غرب الاقصر
    يفاجئ الناس ـ وهو أمر نادر ـ بأن يتحول الي زراعات بطيخ ما تلبث أن تصبح مجرد أحجار ويعرف هنا أن من يحصل علي ب
    طيخة سيجدها في منزله بطيخة من ذهب والبطيخ يظهر في غياب الرصد ويصبح حجارة في حضوره!!
    ـ وقد عرفت المقابر
    الفرعونية ما يسمي بنصوص اللعنة حيث يوجد في بعض المقابر نص يقول.. كل من يقترب من مقبرتي بسوء فسوف تلدغه العقارب
    والثعابين وسيلتهمه الحيوان »عاميت« وهو حيوان غريب خرافي الشكل مكون من رأس تمساح وجسد فرس نهر وأرجل أسد.
    ـ الطريف هو ما يؤكده سكان في منطقة القرنة الأثرية الشهيرة غرب الأقصر بأنه لو جري متابعة بعض سكان المناطق المنكوبة بالحرائق لجري التوصل لمحتويات الكنز الفرعوني الذي يطارد حارسه المسحور ـ الرصد ـ سكان تلك القري.
    ذلكم هو ما أثير من جدل حول حرائق البلينا وأبوتشت والطيور النارية هناك. وربما تكشف الأيام عن الحقيقة.
    أما العلماء فلهم رأي آخر.. خاصة علماء الجيولوجيا والفلك بعد انتشار شائعة بأن سبب الحرائق هو سقوط نيازك وشهب من السماء.

    يقول الدكتور يحيي القزاز أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان كثر الحديث عن أن أسباب الحرائق
    المستمرة في قري سوهاج ناتجة عن سقوط نيازك من السماء، واذا افترضنا صحة هذا الرأي فالمطلوب الآن هو التأكد من صحته، فاذا كانت
    تلك الأجسام المشتعلة من النيازك فينبغي أن يكون هناك بقايا لتلك النيازك، والنيزك عبارة عن صخر برد بعد أن كان كتلة نارية ملتهبة
    لأن النيزك هو عبارة عن انفصال جزء ملتهب من النجم في الفضاء وبمرور الوقت يصبح قطعة صخرية في حجم البرتقالة.. ويضيف
    كل ما يشاع عن أن هناك نيازك تسقط من السماء غير صحيح، لأنه لم يثبت حتي الآن سقوط نيزك وسبب حريقاً، والدليل علي ذلك النيزك
    الذي سقط في نيوزيلندا وكان صغير الحجم وعند سقوطه اخترق سطح منزل دون أن يسبب أي حرائق وهذا من الناحية العلمية، ومن
    ناحية أخري فتلك المنازل ليست في غابات كثيفة، ولسنا علي خط الاستواء لكي ترتفع درجات الحرارة بالقدر الذي يسمح بالاشتعال
    حتي إذا ارتفعت درجات الحرارة فلابد من وجود عامل مساعد يساعد علي اشعال النيران. لكن للوقوف علي الحقيقة
    في هذا الأمر ومعرفة الأسباب وراء اشتعال
    الحرائق لابد من دراسة حالة المنازل في الوقت الراهن، ومعرفة التاريخ الاجتماعي والأمني للعائلات التي تعرضت للحرائق في ظروفها
    الحالية والماضية وبذلك تتضح لنا الحقيقة بدلا من الاشاعات وكثرة الأقاويل عن الظواهر الكونية التي لا علاقة لها بما يحدث الآن.
    استبعاد العامل الفلكي
    ويستبعد الدكتور مسلم أحمد شلتوت أستاذ علوم الشمس والفضاء بمعهد البحوث
    الفلكية أن تكون أسباب تلك الحرائق فلكية، فهي ليست ناتجة عن سقوط نيازك أو شهب من السماء كما يزعم البعض كما ليست ناتجة عن
    الظروف الجوية وارتفاع درجات الحرارة في مثل هذا الوقت فمنذ سنوات كانت درجات الحرارة ترتفع وتصل الي أكثر من 45 درجة
    ولم يحدث وقتها أي حرائق، ولن يكون تراكم البوص فوق المنازل عاملاً أيضاً، لكن لابد من رؤية الواقعة للحكم عليها بوضوح.
    الدكتور عصام الحناوي أستاذ الجيولوجيا بالمركز القومي للبحوث يقول
    إن اشتعال الحرائق لا يمكن أن يكون ناتجاً عن سقوط نيازك من الفضاء فإذا سقطت تلك النيازك فلابد أن يكون هناك دليل علي سقوطها،
    بحيث تكون هناك بقايا تظهر في شكل أحجار فهي عند وقوعها علي سطح الأرض لن تتبخر، بل ستظل في شكل احجار صغيرة الحجم


    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()