اسماء مصر المتعددة (حصريا في ابناء مصر)
اسماء مصر المتعددة
اشارت المصادر القديمة لمصر بمسميات عدة ذات دلالات مختلفة و سواء اكانت المصادر مصرية ام اجنبية الا انه يمكن القول
ان هذه المسميات في مجملها كانت باللغة المصرية و اليونانية و السامية و بالنسبة للمصادر المصرية فقد عرفت بعدة اسماء
منها ((كميت)) و التي تعني الارض السوداء اشارة للوادي بارضه الزراعية و تمييزا له عن الصحراء المحيطة به
و التي عرفها المصري القديم باسم ((دشرت)) كما اطلق ايضا علي مصر اسم ((تامري)) اي الارض المغمورة بالمياه
او الارض الطينية كما عرفت ايضا باسم ((تاوي)) اي الارضين اشارة الي مصر العليا و مصر السفلي و الذي كان متضمنا في اسماء
ملوك مصر القديمة كدلالة سياسية علي الوحدة كما اطلق عليها ايضا اسم ((ايدبوي)) بمعني الضفتين تاكيدا علي صلتها
بالنيل و الفيضان و الزراعة و اشارة الي تمركز العمران علي جانبي نهر النيل.
كما شاع اسم مصر في اللغات السامية و منها الاشورية فكان يطلق عليها ((مصري)) اي مصر و في رسائل العمارنة التي
يعود تاريخها الي النصف الاول من القرن الرابع عشر قبل الميلاد ((ماتو)) اي ارض مصر
و وردت تسمية مصر في نص من اوغاريت و من فينيقية ((مصرم)) اي مصر
و في عصر الدولة البابلية الحديثة (الكلدانية) و كذلك عند المعينيين في اليمن القديم و دعاها الاراميون ((مصريم))
كما ذكرتها اسفار العهد القديم بلفظة ((مصر)) و ((مصرايم))
اما في اللغة العربية ف ((مصر)) تعني "الحد الفاصل بين ارضين" كما تعني "البلد او احد الامصار" و تشاركها في هذين المعنيين القريبين من بعضهما اللغات السامية الاخري
و ارتبط بهما معني "المكان الحصين" فضلا عن معني "البلد المتمدين"
يقول المسعودي (اما بيصر فقد كبر سنه فاوصي ابنه الاكبر مصر بن بيصر و اجتمع اليه الناس و انضافوا الي جملتهم
و اخصبت الارض فتملك عليهم من حد رفح من ارض فلسطين من بلاد الشام.........و قيل من الموضع المعروف بالشجرة
و هو اخر ارض مصر الي بلاد اسوان من ارض الصعيد و من "ايلة" و هي تخوم الحجاز (وهي مدينة علي راس العقبة اخر الحجاز و اول الشام) الي "برقا" عرضا
و يقرر المسعودي ان سبب تسميه (مصر) بهذا الاسم يرجع ال مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام( و للحقيقة هذه اقوال مرسلة
و الله اعلم بصحتها)
و يقال كان اسمها في الدهر الاول قبل الطوفان ((جزلة)) ثم سميت مصر و قد اختلف اهل العلم في المعني الذي من اجله
سميت هذه الارض بمصر فقال قوم سميت ب((مصر))ابن مركابيل بن دوابيل بن عريبات بن ادم و هو مصر الاول
و قيل بل سميت ب مصر الثاني و هو مصرام بن بعراوش الجبار بن مصريم الاول و به سمي مصر بن حام بعد الطوفان
و قيل بل سميت بمصر الثالث و هو مصر بن بنصر بن حام بن نوح و هو اسم اعجمي لا ينصرف و قال اخرون هي اسم عربي
مشتق فاما من ذهب الي ان مصر اسم اعجمي فانه استدل بما رواه اهل العلم بالاخبار من نزول مصر بن بنصر بهذه الارض و قسمها بين اولاده فعرفت به (و لا اعلم الاسانيد التي استند اليها هؤلاء فيما ذهبوا اليه )
و قال الحافظ ابو الخطاب مجد الدين عمر بن دحية و مصر اخصب بلاد الله و سماها الله بمصر و هي هذه دون غيرها باجماع
القراء علي ترك صرفها و هي اسم لا ينصرف في معرفة لانه اسم مذكر سميت به هذه المدينة و اجتمع فيه التأنيث و التعريف
فنعاه الصرف و هي عندنا مشتقة من (مصرت الشاة) اذا اخذت من ضرعها اللبن فسميت مصر لكثرة ما فيها من الخير مما ليس
في غيرها فلا يخلو سكانها من خير يدر عليه منها كالشاة التي ينتفع بلبنها و صوفها و ولادتها
و ذكر ابو الحسن المسعودي في كتاب اخبار الزمان ان بني ادم لما تحاسدوا و بغي عليهم بنو قابيل بن ادم ركب نقراوس الجبار
ابن مصريم بن مركابيل بن دوابيل بن عرياب بن ادم عليه السلام في نيف و سبعين راكبا من بني عرياب جبابرة كلهم
يطلبون موضعا من الارض يقطنون فيه فرارا من بني ابيهم فلم يزالوا يمشون حتي وصلوا الي النيل فاطالوا المشي عليه فلما راوا البلد فيه
و حسنه اعجبهم و قالوا بلد زرع و عمارة فاقطنوا فيه و استوطنوا و بنوا فيه الابنية المحكمة و الصنائع العجيبة و بني نقراوس
و سماها باسم ابيه مصريم
و يقول الجاحظ في كتاب مدح مصر انما سميت مصر بمصر لمصير الناس اليها و اجتماعهم بها كما سمي مصير
الجوف مصيرا و مصرانا لمصير الطعام اليه قال و جمع المصر من البلدان امصار و جمع مصير الطعام مصران و ليس لمصر هذه جمع لانها واحدة متفردة ليس لها مثل او شبيه
و يشرح د/عبدالمنعم ماجد سبب تسمية هذا المكان ((مصر)) و علاقة هذا اللفظ بلفظ ((قبط)) يقول كانوا يسمونها (دشرت) و منها اخذت الاوربية (DESERT) و يقصدون بها الارض الحمراء اي الصحراء
و لكن غلبت علي هذه البلاد التسمية اليونانية (Aegyptos) و منها اخذت الكلمة الاوربية (Egypt) التي لعلها مشتقة من احد اسماء منف عاصمة مصر القديمة
و قد نقلت و لكن باختصار الي العربية بلفظ (القبط) للدلالة علي الشعب الذي يقطن مصر لا الارض و يظهر ان (مصر) لم تسم كذلك الي من العرب
او الساميين حيث تعني الارض التي علي الحدود او الحضر او الكثيرة الخيرات
بيد ان هناك من يري ان الكلمة مشتقة اصلا من اسم بحر ايجة اليوناني الذي شكل سكانه اساسا رئيسيا للهجرات اليونانية
لا سيما المرتزقة منهم ابان عهد الاسرة السادسة و العشرين و هذا الاساس التاريخي تدعمه اسطورة مؤداها ان ايجبتوس
هو اسم لابن الاله زيوس حيث هربت زوجته الثانية و ام ابنه الي مصر خوفا من بطش زوجته الاولي الا ان زيوس تبعها لمصر
و طيب خاطرها و انجب منها ايجبتوس الذي تسمت البلاد باسمه
و لعل هذه الاسطورة كانت تشير الي ان اقامة هؤلاء اليونان بمصر كانت برغبة الهية لا تجعلهم اجانب عن مصر بحال من الاحوال لتدعيم احتلالهم للبلاد
و ان كنا نري ان اسم (EGYPT) الذي رجعوا به الي "جيبتوس" الذي اطلق مؤرخو الاغريق علي مصر يرجع اصلا
الي الاسم الذي اطلقه قدماء المصريين علي بلدهم قبل عصر الاسرات و كان ((جب - بتاح)) او ((جبتاه)) اي ارض الاله بتاح
و تذكر برديات وثائق "اني" ان اله المعرفة و حامل سر الحرف و الكلمة و الاسماء اطلق علي ارض مصر اسم ""جب - بتاح" نسبة الي خالقها اي الارض المقدسة التي ستعلو برسالته كما ورد نفس الاسم في متون هليوبوليس