مطلقه مع مرتبة الشرف
لأننا دوما نقيس الأمور بمقاييس هي ابعد ما تكون عن الشرع ولأننا ننسي أو نتناسى إننا نحن أنفسنا معرضون لحدوث أشياء قد تكون ابعد مما نتخيله ونصدر إحكاما مطلقه ونحن خارج دائرة الضغط أو خارج نطاق أي مشكله فأننا جميعا – إلا من رحم ربي - نصاب بداء الجهالة ونصير فاقدين للبصيرة رغم حدة نظرنا ... وقسوة نظراتنا...
كانت تلك مقدمه بسيطة للولوج إلي ما أردت التحدث عنه وهو موضوع يكاد يمسنا جميعا من قريب أو بعيد وأكاد اجزم انه لا توجد عائله في عالمنا العربي إلا ولديها مطلقه..
بادئ ذي بدء فنحن أمام معضلة علي الأقل في نظر الكثيرين فمع ارتفاع نسبة الشباب الذي لا يستطيع الزواج ومع الزيادة النسبية التي أثبتتها الإحصائيات في عدد الإناث عن الذكور فكيف للمطلقة بفرصه ثانيه وهي نسبيا ( ولو في نظر البعض ) اقل حظا وهنا أتوقف قليلا...
فلما تلك النظرة القاصرة ببساطة قد يقول قائل ولما أتقدم لإنسانه فشلت في الاستمرار في حياتها وماذا يضمن لي إلا تفشل أيضا معي
وقد يقول أخر الم تسمع قول الرسول صلي الله علي وسلم في الحديث المشهور لجابر رضي الله (عنه إلا بكر تلاعبها وتلاعبك ) الحديث ..
وأخر قد يسوقه الشيطان للتفكير من النيل من تلك المسكينة بلا زواج أليست مطلقه ؟
وأنا أتعجب من كل هؤلاء ومن كل من ينظر تلك النظرة القاصرة والمدمرة لبنية المجتمع المسلم كما أرادها الشارع الحكيم بنيه متماسكة قويه تقوم علي أسس متينة من العلاقة بين الرجل والمرأة فشرع بحكمة بالغة الطلاق بل وافرد له سورة في القران الكريم ..
وبين حكم الطلاق وكيفيته بتفصيل فطلاق مرتان ثم إمساك بمعروف أو تسريح بماذا بإحسان وفسر كيفيه الحقوق والواجبات علي كلا الزوجين عند الطلاق لما كل هذا الاهتمام بالطلاق ؟
لم يكلف الكثيرين منا نفسه لمحاولة فهم الحكمة أو سبب التأكيد علي التفاصيل من الشارع الحكيم ..
بنية أي مجتمع تقوم علي لبنة الاسره ككيان يجب أن يكون قويا والعلاقة بين إفراده صحية وناجحه لذا إذا أصاب تلك العلاقة الوهن لأي سبب فمن الضروري المسارعة إلي علاجها وقد يكون العلاج بدء من محاولة الصلح وهو خير ولو لزم الأمر حكما من أهله وحكما من أهلها ... ومن ثم قد يكون الفراق بطلقة أولي والابتعاد قليلا فيه بعض الحل والراحه ومراجعة النفس للطرفين .. ومن ثم يأتي الفراق البائن إذا تعذر التوفيق
وغالبا ما يكون سبب الطلاق الرجل وليس المرأة فهو يريد أشياء قد لا يجدها لدي زوجته ولان هو من بيده التغير فهو يسارع ( دون مراعاة للشرع والتدرج الذي شرعه ) إلي الطلاق وخاصة الطلاق البدعي الذي يفارق فيه زوجته فورا وبالثلاثة كما يدعي ..
وأقول إن المرأه غالبا لا حيله لها ولا يد لها في الطلاق لان المرأة بطبعها ومهما بلغت درجة السوء فيها ترنو إلي الاستقرار والعيش في كنف زوج حاني .. والقوامة التي منحها الله للرجال هي سببا في منح الرجل حق الطلاق فهو قيم يقوم بواجبات زوجته وليس عليه أن يظلمها أو يطلقها بلا سبب حني وان ادعي انه لا يحبها فعسي أن تحبوا شيء وهو شر لكم وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم ..
فنحن هنا أمام كيان مظلوم أولا من الرجل ... وثانيا من نظرة المجتمع القاصرة تجاه هذا الكيان الحساس والمرهف والذي لا يستطيع الكثير منا التعامل معه بإحسان ... وقد يقول قائل وإذا كانت هي السبب في الطلاق ... نعم سيدي حتى في هذه فهي أي المرأة تكون منصفه فهي إن لم تجد بنفسها القدرة علي الاستمرار مع هذا الرجل ووافقت علي أن تكون مطلقه حينها من المفروض أن نحترمها لأنها كانت صادقه مع نفسها وغامرت بتحمل تبعات كونها مطلقه في مجتمع قاصر الفكر ينظر إليها نظره دونيه أو نظرة ريبه ...برغم إنها احترمت ذاتها لكونها غير قادرة علي الاستمرار ... أو لكونها أجبرت علي الطلاق دون ذنب لها ... لمجرد هوى بنفس من تزوجت ..
وبدل أن نقف احتراما لها ونعترف بحكمة العلي القدير في تشريع الطلاق وانه ليس سبه علي الجبين أو انتقاص من حق المرأة بقدر ما هو صيانة لبنية الاسره وتوجيه لإصلاح البنية التي تكون قد أصابها خلل خاصة وهي تعتمد علي مشاعر قد لا نستطيع التحكم فيها ... فإننا بدلا من هذا نهيل التراب عليها بنظراتنا وتعليقاتنا ورفضنا لوجودها قريبا منا ... نبتعد قدر الإمكان ... أو ننظر نظرة ريبه عن بعد ..... وفي أحسن الأحوال فإننا ننظر نظرة شفقه تمزق مشاعرها وتهينها بلا سبب إلا إننا لا نفهم ولا نتعلم ....