لدن هجرته زحزحته عن الصبر |
سواء عليه الموت أو لوعة الهجر |
إليك عن الصب الذي برحت به |
صروف هوى لو كن في الماء لم يجر |
وقائلة، والدمع يصبغ خدها، |
رويدك يابن الست عشرة كم تسري |
فقلت: أحق الناس بالعزم والسرى |
طلاب المعالي صاحب الست والعشر |
مقام الفتى في الحي حيا مسلماً |
معافى مقام ذلة بالفتى يزري |
متى يمسك الهجز الزمان، وتمتطى |
مطايا الهوى والليل تنس شبا العسر |
ومهما تنم في ظل بيتك عاجراً |
تصبك خطوب الدهر من حيث لا تدري |
وما الحزم إلا العزم في كل موطن |
وما المال إلا معدن الجود والوفر |
وما المرء إلا قلبه ولسانه |
فإن قصرا عنه فلا خير في المر |
سأخبط وجه الدهر والليل، أو أرى |
تمزق ثوب الليل في وضح الفجر |
وأوثر عنسي في المهامه والفلا |
على قرب عرسي في السواجير أو أثري |
تحملني الأيام ما لا أطيقه |
وتحملني منها على مركب وعر |
أأن كان قومي قوموا بفعالهم |
شديد اعوجاج الدهر في سالف العصر |
وجاروا على الأموال بالجود جورهم |
على معشر الأعداء بالقتل والأسر |
أيقتص مني آخر الدهر ظالما |
جزائر أجدادي على أول الدهر؟ |
بنو بحتر قومي، ومن يك بحتر |
أباه يكن في منتهى المجد والفخر |
أنا البحتري ابن البحاترة الألى |
هم غمروا الأيام بالنائل الغمر |
وهم أقطعوا كل العفاة بجودهم |
وبأسهم مال الأعادي على قسر |
وما نحن إلا كالقضاء فإننا |
ضربنا جميع الناس بالخير والشر |
تضيق ذروع المجد عن رحب فضلنا |
إذا اتسعت في فضلنا الإنس بالذكر |
لقد علمت قحطان أنا سراتها |
وأشرافها السادات في البدو والحضر |
وأنا ليوث حين تشتجر القنا |
غيوث إذا ضن السحائب بالقطر |
وإنا لمشاءون تحت سيوفنا |
إلى الموت، معروفون بالبأس والنصر |
فندرك بالإقدام بغيتنا التي |
نطالبها لا بالمكيدة والمكر |
أبدنا جموع الروم حين تنازعت |
فوارسنا الهيجاء في وقعة الجسر |
غدت بيضنا مثل اللجين ابيضاضها |
وراحت من التضراب كالذهب التبر |
وخلو لنا عن منبج وذواتها |
مخافة صد البيض والأسل السمر |
سمونا لهم في عصبة بحترية |
يكرون ليسوا يعرفون سوى الكر |
قليلين إلا أن حسن بلائهم |
كثير إذا قل الحفاظ لدى الفر |
أشداء ما شدوا، كأن قلوبهم |
وآراءهم في الحرب ينحتن من صخر |
إذا وتروا خلوا جفون سيوفهم |
خلاء، ولا يغضون جفنا على وتر |
وأفلت منا عامر كبش عامر |
كحبة بر من دقاق رحى البر |
فقأنا، وقد أصغى إلى الكر، عينه |
وفر فردته الرماح إلى عقر |
ويوم القرينين انتصرنا ولم نخف |
بكل طويل الباع منفسح الصدر |
كأنهم تحت السيوف غرائب |
من البدن سيقت يوم عيد إلى نحر |
كأنهم إذ أسلموا بنت شيخهم |
سحاب تجلى عن سنا قمر بدر |
فلولا عفاف البحتري ومنه |
عليهم، لما آبت بعوف ولا فهر |
ومر طريداً للقنا السمر بعدما |
نكحناه بالخطية السمر في الدبر |
وأسلم مولاه، وخلف بينه، |
ونجاه خنذيذ كخافية النسر |
هناك يقول، وهو يعذل نفسه |
ويشكو تمادي الحرب في محكم الشعر |
لحا الله قيساً حين ولت حماتها |
عن الاشعث المقتول والكاعب البكر |
ولم تك مني نبوة غير هذه: |
فراري وتركي صاحبي وراء ظهري |
وفي يوم صفين اقتسمنا ذرى العلا |
وقد جعل الخطي يعثر بالكسر |
لنا حسب لو كان للشمس لم تغب |
وللبدر ما استولى المحاق على البدر |
فأبخلنا بالمال ند لحاتم |
وأجبننا في الروع أشجع من عمرو |