حَبيبٌ سرَى في خِفيَةٍ، وعَلى ذُعْرٍ، |
يَجُوبُ الدّجَى حتّى التَقَينا على قَدْرِ |
تَشَكّكتُ فيهِ مِنْ سُرُورٍ، وَخِلْتُهُ |
خَيالاً أتَى في النّوْمِ من طَيْفِهِ يَسرِي |
وأفرَطْتُ مِنْ وَجْدٍ بهِ، فدَرَى بِنا |
على سَاعَةِ اللهجرانِ مَن لم يَكُنْ يدرِي |
وَمَا الحُبُّ ما وَرّيتَ عَنهُ تَسَتُّراً، |
وَلَكِنّهُ ما مِلْتَ فيهِ إلى الَجهْرِ |
أتىَ مستَجيراً بي مِنَ البَينِ تائِباً |
إليّ منَ الصّدّ الذي كانَ في الهَجرِ |
فَلَمْ يَستَطعْ قَلبي امتِنَاعاً منَ الهَوَى، |
وَلَمْ تَستَطِعْ نَفْسِي سَبِيلاً إلى الصّبْرِ |
سَقَانِي بكأسَيْهِ وَعَيْنَيْهِ قَادِراً |
بألحَاظِهِ، دونَ المُدَامِ، على سُكرِي |
وأقْسَمَ لي ألا يَخُونَ مَوَدّتي، |
وإنْ أسرَفَ الوَاشِي، وَكَثّرَ ذو الغُمرِ |
وَلَم أنْسَناهُ، عِندَ التّلاقي، وَضَمَّنَا |
سَوَالِفَ نَحْرٍ، مِنْ مَشُوقٍ، إلى نحرِ |
وَتَكْرَارَنَا ذاكَ العِنَاقَ، إذا انْقَضَتْ |
لَنَا عَبْرَةٌ عادَتْ لَنَا عَبْرَةٌ تَجرِي |
أحاديثُ شَكوَى مِنْ مُحبَّينِ لا تَني |
تُعِلُّ فُؤاداً بالصّبابَةِ، أو تُبرِي |
تَعَجّبْتُ مِنْ فِرْعَوْنَ إذْ ظَنّ أنّهُ |
إلَهٌ، لأنّ النِّيلَ مِنْ تَحْتِهِ يَجْرِي |
وَلَوْ شاهَدَ الدّنْيا وَجامِعَ مُلْكِهَا |
لَقَلّ لَدَيْهِ ما يُكَثَّرُ مِنْ مِصْرِ |
وَلَوْ بَصُرَتْ عَيْنَاهُ بالزّوّ لازْدَرَى |
حَقِيرَ الذي نَالَتْ يَداهُ مِنَ الأمْرِ |
إذاً لَرَأى قَصْراً على ظَهْرِ لُجّةٍ، |
يَرُوحُ وَيَغدُو فَوْقَ أمواجِها يَجرِي |
تُصَادُ الوُحُوشُ في حِفَافِي طَرِيقِهِ، |
وَتُسْتَنزَلُ الطّيرُ العَوَالي عَلى قَسْرِ |
وَلَمْ أرَ كالمُعْتَزّ، إذْ رَاحَ مُوفياً |
عَلَيْهِ بوَجْهٍ لاحَ في الرّوْنَقِ النّضْرِ |
مَلِيّاً، بِأنْ يَجْلُو الظّلامَ بغُرّةٍ، |
تَخَاضَعُ إكْباراً لهَا غُرّةُ الفَجْرِ |
إذا اهتَزّ غب الأرْيَحِيّةِ والنّدَى، |
وأسْفَرَ في ضَوْءِ الطّلاَقَةِ والبِشْرِ |
وَقَابَلَهُ بَدْرُ السّمَاءِ بوجهِهِ، |
فَبَدْرٌ عَلى بَدْرٍ، وَبَحرٌ على بَحرِ |
رأيتُ بَهَاءَ المُلْكِ مُجْتَمِعاً لَهُ، |
وَديبَاجَةَ الدّنْيَا، وَمَكْرُمَةَ الدّهرِ |
وَخِرْقٌ مَتَى امتَدّتْ يَداهُ بِنَائِلٍ، |
فَمَا النَّيلُ منهُ بالزّهِيدِ، وَلا النّزْرِ |
مَوَاهِبُ مَكّنّ الفَقِيرَ مِنَ الغِنَى |
مِرَاراً، وأعدَينَ المُقِلّ على المُثْرِي |
بَقيتَ، أميرَ المُؤمِنينَ، فإنّما |
بَقاؤكَ يُسْرُ النّاسِ شَرّدَ بالعُسْرِ |
سأُجْهِدُ في شُكْرٍ لنُعْمَاكَ، إنّني |
أرَى الكُفْرَ للنَّعماءِ ضَرْباً من الكُفْرِ |