• تعريف المشكلة: وجود بعض المعاصي البارزة من بعض طلاب حلقات التحفيظ.
• الهدف من هذه الدراسة:
1. الإسهام في فتح آفاق تربوية وعملية للتعامل مع هذه الشريحة بما يناسب، وليس وضع حل لكل معصية على حده.
2. معالجة أصحاب المعاصي الظاهرة كحلق اللحية والإسبال... الخ، والحد منها في مثل هذه الأوساط.
• مقدمات مهمة:
- يجب أن لا ننسى الجهود المشرقة لحلقات التحفيظ – بعد الله – في حفظ ناشئة وشباب الجيل من الانحراف عن الطريق المستقيم وهي أكثر من أن تحصر، ولا ينكرها إلا من في قلبه دخن.
- الاهتمام ببناء المربي وتأهيله بشكل كافي ليستطيع القيام بأدواره بشكل جيد، فما كان يحتاجه المربي بالأمس من مهارات وخبرات لم يعد كافياً لعصر اليوم فهو يحتاج لقدرة جيدة على الإقناع والحوار، ومعرفة بالدليل والخلاف ونحو ذلك.
- مهم أن لا ينزرع في إحساس الطلاب أو المعالِج من خلال تعاملنا مع المشكلة مفاهيم وسلوكيات خاطئة منها:
1- التركيز على بعض المعاصي وتضخيمها كالإسبال وحلق اللحية ونحوها. مع أننا قد نتساهل فيما هو أعظم منها كالصلاة والغيبة وغيرها ( تتأخر البرامج أحياناً لوقت قد يقطع فيه بأن نسبة كبيرة من الطلاب لن تستيقظ لصلاة الفجر !! ).
2- البراء الزائد عن قدر المعصية، فالعاصي يوالى على قدر ما فيه من خير ويعادى على قدر ما فيه من شر، فلا بد من جعل المعصية في حجمها الطبيعي، وأن نفرق بين أنواع المعاصي من حيث المؤاخذة والمناصحة والهجر.
3- إحساس طلاب الحلقة – غير المجاهرين ببعض المعاصي ــ بالاصطفاء أو الكمال الزائد عن الحد.
4- العجز في حياتنا المستقبلية عن التعامل مع كل من ظهر عليه معصية والنفور منه ولو كان من أتقى الناس.
5- فقد ثقة الطالب بنفسه وشعورنا وشعوره بحاجته الدائمة إلى مزيد من الحماية .
- عدم إغفال عمر الطالب وأثر المراهقة عليه خصوصاً في عصر يعج بالمعاصي والمنكرات.
- هل المعصية قديمة أم طارئة ؟
- معرفة محيط المتربي يعين المربي على تحديد السبب بشكل جيد.
- حرص هؤلاء – أصحاب المعاصي – على الانضمام لهذه الحلقات يدل على خيرٍ فيهم وفي المجتمع.
- الاعتماد على الله تعالى وحده، ثم بذل الأسباب ومن ثم: " ليس عليك هداهم... ".
• هل المشكلة جديرة بالمناقشة ؟ ولماذا ؟
- نعم، لعدة أمور منها:
1. أنها معصية لله تعالى.
2. أنها ظاهرة وفيها مجاهرة، ويخشى انطباق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " كل أمتي معافى إلا المجاهرون.. ".
3. أنها تؤدي إلى آثار سيئة على الفرد والمحيط ولو على المدى البعيد كالاستهانة بحرمات الله.
4. خشية محق أو قلة البركة أو الخير والرحمة في هذه الأوساط بسبب التكاسل عن القيام بأمر الله تجاه هؤلاء.
5. أنه يخشى انتقال العدوى للآخرين في تلك الأوساط.
6. التنبؤ بتطور هذه المعاصي وتنوعها في المستقبل إذا لم تعالج بما يناسب.
7. أن الأصل في مثل هذه البيئات أن تكون أحرص الناس على تمثل الخير ظاهراً وباطناً.
8. أن أمثال هذه البيئات تحت المجهر اقتداءً ونقداً.
• أسباب المشكلة:
هناك أطراف قد تكون سبباً في حدوث مثل هذه المعاصي منها:
- الطالب نفسه.
- البيئة ( البيت، المدرسة، الحي، الأقارب.. ).
- المنهج المتبع في الحلقات إن وجد.
ومن خلال النظر إلى هذه الأطراف يمكن ذكر بعض الأسباب التي قد تشترك فيها جميعاً، وقد تنفرد بعضها ببعض الأسباب ومن ذلك:
1. ضعف الإيمان وقلة الخوف من الله.
2. التساهل في الصغائر فهي تقود للكبائر.
3. أن يكون التزام الشخص عن عاطفة وليس عن اقتناع.
4. ضعف شخصية الطالب والشعور بالنقص.
5. ورود الشبه على قلبه من خلال المحيط والواقع.
6. استمراء هذه المعاصي من قبل بيئة الطالب.
7. الضغط من قبل الواقع الذي يعيشه الطالب على فعل هذه المنكرات.
8. الاستهزاء والسخرية بالطالب من قبل مجتمعه في البيت والمدرسة والحي.
9. مصاحبة السيئين خارج هذه الحلقات مما يؤثر على سلوكه وأخلاقه.
10. غياب أو ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المحيط القريب.
11. قلة المعين من الأخيار مع قوة الداعي.
12. ضعف صلة الطالب بالله تعالى، من خلال ضعف الاهتمام بالبرامج الإيمانية، غياب القدوة الحية... الخ.
13. عدم الاهتمام بالتربية الوقائية، وإيجاد حصانة داخلية عن مثل هذه التغيرات، ومن ذلك العزوف عن طرح بعض المعاصي البارزة في المجتمع على سبيل الوقاية كحكم سماع الأغاني، وشرب الدخان، وحلق الحية، وإسبال الثياب، والزنا واللواط، ورفقاء السوء...الخ.
• العلاج:
إذا حدد المربي الأسباب الجوهرية فسيسهل عليه الحل بإذن الله وقبل ذكر بعض طرق العلاج هناك أربع وقفات: -أن يبني المربي الحل على قاعدة المصلحة والمفسدة، فيفرق بين صاحب الضرر المتعدي والضرر القاصر. فالأول قد يصرح له ويحذر وينصح ثم يبعد عن المحيط، لكن من المهم بعد عدة محاولات لنصح الطالب وتوجيهه، أن نعقد اتفاقاً معه أننا متى ما شعرنا أن ضرره تعدى لغيره أننا قد نضطر إلى إبعاده عن المجموعة ولا يعني ذلك إهماله. أما الآخر فيتخذ معه أكثر من وسيلة وإن لم ننجح فالأولى بقاؤه مع تحصين المحيط، ما لم يستفحل الأمر وتستشري العدوى مع توقع أن الظاهرة حينئذ لن تكون بسبب الشخص فقط !. -على المربي مباشرة المشكلة في أولها، وعدم تركها حتى تستفحل، ولا يعني هذا الاستعجال في الحل واتخاذ إجراءات قد تكون غير مناسبة للشخص، وإنما اختيار الوقت والمكان والأسلوب المناسب. -تحديد السبب بشكل جيد، يؤدي إلى تحديد العلاج المناسب للشخص. -على المربي أن يتخذ أفضل وأنسب الطرق وليس أيسرها، إذا ما أراد الثمرة أن تؤتي أكلها.
• ومن الطرق المناسبة في حل هذه المشكلة ما يلي:
1. إعطاء الجانب الإيماني حقه من العناية، فما ظهرت مثل هذه المشاكل إلا بسبب قلة العناية – سواء من الطالب أو الحلقة أو البيئة على وجه العموم – بهذا الجانب من الرقائق والموعظة بالتي هي أحسن خصوصاً في مثل هذا الزمن.
2. تقوية تعظيم أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في نفس الطالب.
3. الاهتمام بنشر الدليل الصحيح وتأصيل الممارسات المعتادة شرعاً.
4. تعويد الطلاب جميعاً على الدعوة إلى الله ونصح الناس وحثهم على الخير فهذه تعين الطالب على الالتزام بما يأمر به وتبعده عن الوقوع في مثل هذه المعاصي.
5. بيان خطر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع.
6. القرب الحسي والمعنوي من صاحب المعصية وقطع الحواجز وعدم تنفيره لأجل التغلب عليها.
7. غرس الشعور بشرف الانتماء لطريق الخير والصلاح في نفس الطالب.
8. التربية الوقائية باستشراف المستقبل والتنبؤ به من قبل المربي.
9. بث المفاهيم المهمة بين الطلاب: كالعزة، والجدية في الاستقامة، والصدق مع الله، والخوف منه... الخ.
10. إشباع الحاجات النفسية لدى المتربي أو تهذيبها: كحب التقدير، والاحترام... الخ حتى لا يبحث عنها عن طريق هذه المعاصي.
11. استخدام أساليب الإقناع المؤثرة في الطالب سواء العاطفية أو العقلية.
12. عدم الاقتصار والتركيز على معالجة المقصر في المعصية الظاهرة فقط، بل يستمر في تحفيزه لفعل الخيرات وعمل الصالحات والمشاركة في البرامج النافعة مع نصحه وتوجيهه فتتكامل العملية علاجاً وبناءً في آن واحد.
13. تفعيل دور الطلاب في الحلقات تجاه هذه المعاصي البارزة بالنصيحة ونحوها، وعدم قصرها على المشرفين.
14. إشعار المتربي عند نصحه بحب الخير له والانطلاق منه، وأنه ليس المقصود انتقاصه أو إحراجه.
15. تفعيل دور البيئة إذا كانت جيدة أو المقربين من الطالب في حل المشكلة.
16. الاستفادة من قاعدة التغيير وهي: أن التغيير في التفكير أو الشعور أو السلوك سيؤدي إلى التغيير فيها جميعاً.
17. تفعيل دور الطالب نحو علاج مشكلته من حيث لا يشعر، كطرح مشكلة مقاربة لها وطلب حلها منه.
18. التأكيد على بعض المفاهيم والسنن كقوله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}... الخ.
19. الدعاء وصدق الالتجاء إلى الله تعالى.
20. إبعاد الطالب عن المحيط إن كان من المصلحة إبعاده كأن يكون له تأثير سلبي وليس هناك استجابة ؛ لكن من المهم أن يكون التسريح بإحسان وحكمة ويكون إلى خيار آخر جيد بقدر المستطاع.
• وختاماً:
جيد أن تحفزنا هذه المشكلة وأجناسها إلى إيجاد بيئات ومحاضن تربوية مختلفة ومتعددة تهتم بالمستقيم وتحرص على محب الخير المقصر وتسعى إلى إصلاح وجذب المبتعد.
أسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدي ضال المسلمين ويثبت مطيعهم، وأن يبارك في أعمالنا وأعمارنا وأن يجعلنا مباركين أينما كنا.
كما لا يفوتني أن أشكر كل من أفادني برأي أو اقتراح أو مشورة وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الدكتور / عبد الرحمن بن صالح المحمود. وفضيلة الشيخ / محمد بن عبد الله الدويش.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين