بتـــــاريخ : 9/6/2008 7:20:28 PM
الفــــــــئة
  • التربيــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1219 0


    الأمانة في الاختبارات

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : فضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين | المصدر : www.almurabbi.com

    كلمات مفتاحية  :
    اخلاق الأمانة الاختبارات

     

    الحمد لله أحمده وأشكره، وأتوب إليه سبحانه واستغفره، قضى بالحق وأمر بالعدل وهو السميع البصير، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي قام بعبادة ربه ونصح أمته وبلغ البلاغ المبين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

     


    أيها المسلمون
    فقد قال الله سبحانه وتعالى ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً )
    وقال جل ذكره: ( إنّا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ).
    سبحان الله! ما أظلم الإنسان وما أجهله! تُعرض الأمانة على السموات والأرض فيمتنعن عن حملها ثم يحملها الإنسان!
    نعم، إن الإنسان هو الذي تحمّلها بما وهبه الله من عقلٍ وما أعطاه من إرادةٍ وتصرّف. ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ).

     


     

     


    أيها المسلمون
    إنَّ الأمانة مسئولية عظيمة وعبء ثقيل على غير من خففه الله عليه.
     إنَّ الأمانة التزام الإنسان بحق الله وعبادته على الوجه الذي شرعه مخلصاً له الدين.
     إنَّ الأمانة كذلك: التزام الإنسان بالقيام بحقوق الناس من غير تقصير، كما يجب أن يقوموا بحقوقه من غير تقصير.
     ونحن بنو الإنسان قد تحملنا الأمانة، وحملناها على عواتقنا، والتزمنا بمسئوليتها، وسنُسألُ عنها يوم القيامة، فيا ليت شعري ما هو الجواب إذا سُئلنا في ذلك اليوم العظيم؟!
    اللهم؛ إنا نسألك تثبيتاً وصواباً.

     


     

     

     

     


     

     

    أيها المسلمون
    تأملوا رحمكم الله هذا الكلام العظيم من عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من محبة أي إنسان ويبغض اليهود أشد من بغض القرود والخنازير، حبٌ بالغ للنبي صلى الله عليه وسلم وبغضٌ شديد لليهود، يصرح بذلك رضي الله عنه لليهود ثم يقول: لا يحملني بغضي لكم وحبي إياه أن لا أعدل عليكم. رضي الله عنك يا عبد الله بن رواحة، ورضي الله عن جميع الصحابة، ورضي الله عن جميع التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
    إن العدل أيها الإخوة لا يجوز أن يضيع بين عاطفة الحب وعاصفة البغض، يقول الله سبحانه وتعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله. إن الله خبير بما تعملون ). يقول تعالى: لا يحملنكم بغض قوم وعداوتهم على ألا تعدلوا، اعدلوا ولو كنتم تبغضونهم وتعادونهم، هو أقرب للتقوى.
    ويقول سبحانه وتعالى: ( وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ) ويقول تعالى: ( وأمّا القاسطون فكانوا لجهنم حطباً ). القاسطون هم الجائرون وهم حطبُ جهنم، والمقسطون هم العادلون وهم أحباب الله. وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: ( إنّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم وما وُلُّوا ) رواه مسلم (1827). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أهل الجنة ثلاث: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى، ومسلم عفيف متعفف ذو عيال). رواه مسلم (2865).
    فاتقوا الله عباد الله، وكونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين.
    وأنتم أيها الشباب الطلبة؛ لا تنزلوا بأنفسكم إلى الحضيض، لا تنالوا تلك الشهادات بالغشّ والخيانة، اربأوا بأنفسكم عن مثل هذه الأخلاق، ولا تصلوا إلى درجات لا تبلغوها على وجه الحقيقة.
    إنّ الأمر خطير، إنَّ الإنسان لو اعتمد على شهادة مزيّفة وصار له راتب من أجل هذه الشهادة فإنه على خطر، إنه يُخشى أن يكون أكلُه هذا المال أكلاً للمال الباطل.
    فاتق الله أيها الشاب؛ ولا تحرم نفسك أن تكون من المصلحين والذين يريدون بعلومهم وجه الله والدار الآخرة.
    اللهم وفقنا جميعاً لأداء الأمانة والحكم بالعدل والاستقامة، اللهم ثبتنا جميعاً على الهدى وجنبنا أسباب الهلاك والردى، إنك جواد كريم برّ رحيم.
    اللهم صل وسلّم على عبدك ورسولك محمد خاتم النبيين وإمام المتقين
    وعلى آله وصحبه أجمعين


     

    أيها المسلمون
    إنَّ الله أمرنا أن نؤدي الأمانات إلى أهلها، وأمرنا إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل، هذان الأمران لا تقوم الأمانة إلا بهما: أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل.
     وإننا الآن على أبواب اختبار الطلبة من ذكور وإناث، وإن الاختبارات أمانة وحكم.
     فهي أمانة حين وضع الأسئلة، وأمانة حين المراقبة، وهي حكم حين التصحيح.
    أمانة حين وضع الأسئلة يجب على واضع الأسئلة مراعاتها، بحيث تكون على مستوى الطلبة، المستوى الذي يبيّن مدى تحصيل الطالب في عام دراسته. بحيث لا تكون سهلة لا تكشف عن تحصيل، ولا صعبة تؤدي إلى التعجيز.
    الاختبارات أمانة حين المراقبة، فعلى المراقب أن يراعي تلك الأمانة التي ائتمنته عليها إدارة المدرسة ومن ورائها وزارة أو رئاسة وفوق ذلك دولة، بل ائتمنه عليها المجتمع، فعلى المراقب أن يكون مستعيناً بالله يقظاً في رقابته مستعملاً حواسه السمعية والبصرية والفكرية، يسمع وينظر ويستنتج من الملامح والإشارات، وعلى المراقب أن يكون قوياً لا تأخذه في الله لومة لائم. يمنع أيّ طالب من الغش، لأن تمكين الطالب من الغشّ تمكين في أمر محرم قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (من غش فليس مني) رواه مسلم (102)
    وإنَّ تمكين الطالب من الغش ظلمٌُ لزملائه الحريصين على العلم، المجدين في طلبه، الذين يرون من العيب أن ينالوا درجة النجاح بالطرق الملتوية.
    إنَّ المراقب إذا مكَّن واحداً من أولئك المهملين الفاشلين في دراستهم، إذا مكنهم من الغشّ فأخذوا درجة نجاح يتقدمون بها على الحريصين الجادين كان ذلك ظلماً لهؤلاء الجادين، وكان ظلماً للطالب الغاشّ وهو في الحقيقة مغشوش، حيث انخدع بدرجة نجاح وهمية،لم يحصل بها على ثقافة ولا علم، ليس له من الثقافة والعلم سوى هذه البطاقة التي يحمل بها شهادة مزيفة لا حقيقية، وإذا بحثت معه في أدنى مسألة مما تنبئ عنه هذه البطاقة لم تحصل منه على علم.
    إنّ تمكين الطالب من الغش خيانة لإدارة المدرسة، وخيانة للوزارة والرئاسة التي من ورائها، وخيانة للدولة، وخيانة للمجتمع كله.
    وإنَّ تمكين الطالب من الغش أو تلقينه الجواب بتصريح أو تلميح ظلم للمجتمع، وهضم لحقه، حيث تكون ثقافة المجتمع ثقافة مهلهلة يظهر فشلها عند دخول ميادين السباق، ويبقى مجتمعنا دائماً في تأخر وفي حاجة إلى الغير، لأن كل من نجح عن طريق الغش لا يمكن إذا رجع الأمر إلى اختباره أن يدخل مجال التعليم والتثقيف لعلمه أنّه فاشل فيه.
    إنَّ تمكين الطّالب من الغشّ كما يكون خيانة وظلماً من الناحية العلميّة والتقديريّة كذلك يكون خيانة وظلماً من الناحية التربوية، لأن الطالب بممارسته للغشّ يكون مستسيغاً له، هيناً في نفسه، فيتربى عليه ويربي عليه أجيال المستقبل، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
     إنّ على المراقب أن لا يراعي شريفاً لشرفه، ولا قريباً لقرابته، ولا غنياً لماله.
    إنّ عليه أن يراقب الله سبحانه وتعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. عليه أن يؤدي الأمانة كما تحملها، لأنه مسئول عنها يوم القيامة.
    ولربما قال مراقب: إذا أديتُ واجب المراقبة إلى جنب من يضيّع ذلك فقد أرى بعض المضايقات! فجوابنا عليه أن نقول: اتق الله تعالى فيما وُلّيتَ، واقرأ قوله سبحانه وتعالى: ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ) وقوله: ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ) وقوله: ( فاصبر إنّ العاقبة للمتقين ).


     

     

    أيها المسلمون
    إنّ الاختبارات حكم حين التصحيح، فإن المعلم الذي يُقدّر درجات أجوبةِ الطلبة، ويقدّر درجات سلوكهم هو حاكم بينهم، لأن أجوبتهم بين يديه بمنزلة حجج الخصوم بين يدي القاضي، فإذا أعطى طالباً درجات أكثر مما يستحق فمعناه أنه حكم له بالفضل على غيره مع قصوره، وهذا جورٌ في الحكم.
    وإذا كان لا يرضى أن يقدّم على ولده من هو دونه، فكيف يرضى لنفسه أن يقدم على أولاد الناس من هم دونهم؟!.
    إنَّ من الأساتذة من لا يتقي الله سبحانه وتعالى في تقدير درجات الطلبة، فيعطي أحدهم ما لا يستحق من الدرجات، إمّا لأنّه ابن صديقه أو ابن قريبه أو ابن شخصٍ ذي شرف ومال أو رئاسة، ويمنع بعض الطلبة ما يستحقُّه من درجات لعداوة شخصية بينه وبين الطالب، أو بينه وبين أبيه، أو لغير ذلك من الأغراض السيئة، وهذا كله خلاف العدل الذي أمر به الله ورسوله، فإقامة العدل واجبة بكل حال على من تحب ومن لا تحب، فمن استحق شيئاً وجب إعطاؤه إياه، ومن لا يستحق وجب حرمانه منه.
    أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى اليهود في خيبر ليخرص عليهم الثمار والزرع ويضمنهم ما للمسلمين منها، فأراد اليهود أن يعطوه رشوة فقال رضي الله عنه منكراً عليهم: تطعموني السُّحت؟! والله قد جئتكم من عند أحب الناس إليّ ( يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي لكم وحبي أياه أن لا أعدل عليكم، فقالت اليهود: بهذا قامت السماوات والأرض.

     

     

     

    كلمات مفتاحية  :
    اخلاق الأمانة الاختبارات

    تعليقات الزوار ()