هادي فقيهي
قالت: أتحبني؟
قلت: السؤال عن حبك كالسؤال عن الروح.. الحب من أمر
قلبي !
قالت: لا تتحاشى الإجابة.. أتحبني؟
قلت: أحب أن أحبك.
قالت وضجر يملأ عينيها: يوووه !
قلت: أحبك !
قالت: لمَ تحبني ؟
قلت: أعظم الحقائق في الوجود..لا تحتاج إلى تعليل.
قالت: يعني؟
قلت: لو اكتشفت سبب حبي لك.. هل سيتغير شيء بيننا ؟
قالت: امممم.. أجب سؤالي أولاً ؟
قلت: أحبك كي أتجلّى فأبلغك.
ارتسمت على شفتيها ابتسامة ذابت سريعاً في استعجالها
الكلام وقالت: كم تحبني ؟
قلت: أنا جرمٌ صغير في كون هواك.. اعذريني لا أعلم كم
حجم المجرة.
على غير عادٍة اكتفت بالجواب ثم قالت: كيف أحببتني؟
قلت: أخفق لساني في أن يصف ما حدث أول لقاء، فتحدث
قلبي !
قالت: وماذا قال؟ قلت: قاموس القلب به كلمة واحدة فقط.
قالت: وهي.. ؟
قلت أحبك !
قالت: ولكن القلب يكره ؟
قلت: كلا ! الكره شعور مصدره كل الجوارح حين تتفق على
شخص يجب أن لا يلامس القلب.
قالت: والقلب يغارُ أيضا
قلت: الغيرة فعل الفطرة. شيء أسرع من خفقات القلب،
هوس لا يستأذن أفئدتنا حين يصرعنا لحظة جنون.
قالت: لن تقول لي أن القلب لا يشتاق !!
قلت: وهل الشوق إلا بعض الحب !
سادت لحظة صمت مضت خلالها تقلب بقايا طلاء المناكير
في أظافرها .. ثم قالت: متى أحببتني؟
قلت: حبك كان ميلادي.. !
قالت: متى؟
قلت: يوم عرفت الحياة !
قالت: وقبل أن تحبني..
كيف كانت الحياة؟
قلت: صياغة سؤالك.. خاطئة !
قالت: لم ؟ قلت: لم يكن قبلك قبلٌ ولا عمر ولا حياة
ابتسمت وقالت: مراوغ !
قلت: كعينيك لحظة غزل
ابتسمت وقالت: هل أنا جميلة؟
قلت: لا !
انفجرت عيناها ذهولاً.. تداركت الموقف قائلاً: ما أراه فيك
ليس له وصفٌ سوى الدهشة.. كلما نصفه بالجمال فثمة ما
هو أجمل منه !
ابتسمت ومالت شفتاها ثم قالت: هل تقصد بأني أجمل
النساء ؟
قلت: لا تجوز المقارنة بين جنسين مختلفين
قالت: يعني ؟
قلت: هنّ النساء.. وأنت لحظات السحر في ليالي البدر
الشاتية.
قالت: لا تراوغ.. هل أنا أجمل النساء؟
قلت: هناك واحدة هي منك أجمل.
اتسعت عيناها.. أفردت أصابعها المشبكة وقالت بصوت
متهكم: ومن تكون تلك المصون ؟
قلت: أنت حين تضحكين !
تنهدت وقالت: وماذا عن الأخريات ؟
قلت: ولهي بك يجعلني مشغولاً عما سواك.. وغيرتك لا
تمنحني فرصة لأن أدرك أن امرأة أخرى تعيش في هذا
الكون.
قالت: يبدو أن غيرتي تزعجك !
قلت: بل تسعدني.
قالت: كيف ؟
قلت: تمنحني اعترافاً بأنك لي. ولكن تجعلني أتعجب !!
قالت: ممّ ؟
قلت: كيف تغارين وفي كل النساء نقصٌ لم يكتمل إلا لكِ ؟
قالت: وما هو ذاك النقص؟
قلت: ليس لهنّ فيّ نصيب.
اتسعت عيناها وقالت: تباً لك !
انفجرت ضاحكاً وعادت تلملم محضر أسئلتها وقالت: أتغار
عليّ ؟
قلت: ليس كثيراً.. ولكن في عشائنا الليلة الفائتة جعلت
النادل يجلب لك شوكة وسكيناً بلاستيكية.
قالت: وما علاقة هذا بالغيرة.
قلت: لا أحتمل أن يضع أحدهم في فمه ملعقة بللها ريقك !
دفنت وجهها في المخدة وقالت: إذا تعلمت كيف تجيب سؤالاً
بدون فلسفة سأكمل حديثي معك !
قلت: وهل يمكنني الاستعانة بصديق؟
قالت: افعل..
دفعت المخدة عن وجهها.. داعبت أصابعي شفتيها وقلت
اسألي هاتين هما تعرفان متى وكيف وأين وكل الأجوبة.
فجأة لم تستفسر عن سبب منطقي لقبلة عميقة وما حدث
بعدها !