العبث بمواد الغذاء الآدمي يعتبر جريمة انسانية كبري لا يجوز ان تقف البشرية أمامها صامتة لا تتحرك ولا تقدم عملا يمنع ذلك العبث الذي سيأتي علي العالم كله ويأكل الاخضر واليابس، فان الغذاء هو اساس الحياة ، والطعام ليس غذاء فقط ، وانما هو غذاء ودواء ، فهو الذي يحفظ حياة البشر ، ويبقيها ولولا الغذاء لهلكت الأبدان بالآمراض ، ولما استطاع الناس أن يقوموا بأعمالهم أو ان يفكروا تفكيرا صحيحا ، فبدون الطعام لا يأمن الانسان علي عقله ، ولايطمئن علي فكره. فمن لا يملك طعامه لا يملك عقله ولاتصرف في فكره وأنما يكون تابعا ذليلا لمن يعطيه الطعام ، او يتفضل عليه بالقليل منه.
والذين يريدون ان يستعبدوا البشريه بالطعام والسيطره علي موارده قوم متقردون في الاجرام لم تشهد البشرية مثيلا لاجرامهم من قبل ، لانهم بتلك الجريمة لايريدون ان يستعمروا ارض العالم وحدها ، ولكنهم يريدون أن يستعمروا البلاد والعباد ويقيموا أنفسهم آلهة من دون الله ، واذا كان الله هو مالك الكون وهو الذي خلق لعباده جميعا ما يسير أرزاقهم فيه ويسد جوعهم ويشبع حاجاتهم ، فان هؤلاء المجرمين يريدون أن يسحبوا هذا الدور الالهي لأنفسهم ، حتي يظهروا أمام الدنيا كلها بمظهر المنعم المتفضل الذي يعطي من يشائء ويحرم من يشاء ، وقد قالها مجرمون كبار من قبل كالنمرود وغيره عندما أرادوا أن يعطوا لأنفسهم ما أختص به ربهم ، فقال النمرود أنا احيي وأميت وقال قارون انما اوتيته علي علم عندي فخسف الله به وبداره الارض ، وبهت الذي كفر بنعمة الله واراد ان يستعبد الناس من دون الله ، ان الله سبحانه - قد خلق لعباده ما يكفل سعادتهم ومعاشهم وقد أوجد في هذا الكون ما يقوم به الكفاية علي المعاش ولهذا كان العبث به أفسادا في الارض ولعله هو الفساد المقصود بقوله تعالي "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس" او هو منه لان الفساد يعني من ضمن ما يعني افساد البيئة وحدها ولكنه يعني من ضمن ما يعني الفساد المنظومه الكونية واخراجها عن ناموسها الالهي الي ما يؤدي الي اهلاك الحرث والنسل ، وهذا هو الفساد الذي أوجب الله منعه
منقول من مقالة د. عبدالله النجار