بتـــــاريخ : 9/27/2012 3:06:05 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1186 0


    حقيقة الانسان

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : rafeeh | المصدر : ar.shvoong.com

    كلمات مفتاحية  :

    عندما نستعرض الفكر الإنساني الذي تناول تعريف الإنسان عبر تاريخ البشرية الطويل نصادف التعريفات المختلفة المتقاطعة في بعض الجوانب والمتضاربة في بعضها الآخر، والمتباينة أحيانا، ومن المعلوم أن كل تعريف للإنسان هي مسألة خلافية دائمة دوام الحياة لتعدد المعتقدات والثقافات واختلافها، ومن التعريفات التي نجزم باعتبار عقيدتنا الإسلامية أنها الحقيقة تعريف القرآن للإنسان.

    نعمة القرآن:

    وقبل أن نتناول حقيقة الإنسان من خلال القرآن نذكر أولا أن هذا القرآن يقدم نفسه على أنه من نعم الله تعالى التي لا يحصيها عد، ولا يعدلها حمد مصداقا لقوله تعالى }وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها{ ويترتب عن تعذر الإحصاء تعذر الشكر، وهو دليل على عظمة النعمة، والقرآن الكريم تنطبق عليه مواصفات هذه النعمة لقوله تعالى: }قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا{ وقوله أيضا: }ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله{ فكلمات لا تنفد أمام نفاد مداد بكمية ماء الأبحر السبعة هي نعمة لا يحصيها العد ولا يشكرها الحمد.

    وكتاب الله يبين كيف حاز الإنسان نعمة القرآن في قوله تعالى: }الرحمان علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان{ فلفظة "علّم" المرتبطة بالقرآن تدل على أنه علم، إذ لا يعلّم إلا العلم، كما أن لفظة "بيان" تدل أيضا على أنه علم لأن غاية العلم البيان، ويتعلق الأمر ببيان أمر الوجود والحياة في كل الآفاق. ولما كان القرآن علما فقد تعلم منه الإنسان ما لم يعلم مصداقا لقوله تعالى: }الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم{. ومما تعلمه الإنسان حقيقته، إذ بمعرفة حقيقته يمكنه أن يخوض غمار الحياة خوضا صحيحا ويستمتع بكل النعم التي مصدرها نعمة القرآن لأنه لولاه لما عرف الإنسان طريقه إلى الاستفادة من نعم الحياة وما بعدها.

    الحقيقة المادية لوجود الإنسان:

    أما الحقيقة المادية لوجود الإنسان من خلال القرآن فهي في غاية البساطة والمهانة لقوله تعالى: }ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم{ وقوله تعالى: }وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين{ فالطبيعة المادية لهذا الإنسان عبارة عن طين أسود منتن الرائحة بداية ثم عبارة عن ماء حقير بعد ذلك ، وهذا يعني أنه لا مسوغ للبحث عن شرف الإنسان من خلال وجوده المادي بل لا بد من البحث عن شرفه المعنوي المرتبط بالنفخة الإلهية في المادة المهينة مما يؤكد عظمة الخالق سبحانه وتعالى، إذ لو عرضت هذه المادة المهينة على غيره ليخلق منها ما خلق الله تبارك وتعالى لما صنع شيئا، بل الإنسان يتقزز من أصله المادي فيكمم أنفه حتى لا يشم رائحته المنتنة، ويطهر يده من قذارة الحمأ والماء المهين فكيف يصنع منهما ما صنع الله تعالى وهو يأنف مجرد النظر إليهما ؟


    ومقارنة طبيعة الإنسان بطبيعة الجان في القرآن لم تأت اعتباطا وإنما للتمييز بين طبيعة مادة مظلمة تدرك بحاسة البصر، وأخرى مشعة فوق إدراك حاسة البصر، وبيان ذلك أن الإنسان يؤنس من الإيناس بمعنى يبصر ويرى، خلاف الجان الذي يجن بمعنى يستتر ويختفي، ولهذا يسمى الإنسان إذا كان في بطن أمه مستترا جنينا، ويسمى قلبه المستتر في قفصه الصدري جنانا.

    وكل ما يستتر ويختفي هو جنة ـ بكسر الجيم ـ لهذا نجد في القرآن الكريم: }وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا{ أي نسبوا له الملائكة بنات، وقد سميت الملائكة جنة لا بقصد طبيعة خلقها بل بقصد طبيعة استتارها وهي صفة الجان أيضا. ونظرا لطبيعة الإنسان المادية المظلمة فقد التصق بالأرض ضرورة بينما انطلقت المخلوقات النارية المشعة في الفضاء ضرورة أيضا. هذه هي الحقيقة الأولى للإنسان في القرآن، وهي حقيقة "المخلوقية"، وهي حقيقة مخالفة لحقائق الكثير من الثقافات والمعتقدات التي تزعم أن الإنسان آلهة أو نصف آلهة، متنكرة للمخلوقية مدعية للألوهية، وإن أقرت بالمخلوقية جعلته حيوانا... إلى غير ذلك من الظنون التي تفرضها الاعتقادات والثقافات.

    الإنسان بين مرتبتين:

    وإذا كان القرآن قد حسم القول في طبيعة الإنسان المادية في قليل من آياته، فإنه قد خصص له العديد من الآيات لتحديد طبيعته المعنوية المتأرجحة بين درجة أحسن تقويم، ودرك أسفل سافلين.

    وخلاف مرتبة أحسن تقويم يقوم درك أسفل سافلين على أسس لا علاقة لها بالقرآن، وعلى رأس هذه الأسس أساس الأهواء التي هي نفخ شيطان رجيم أصله إشعاع من مارج من نار يخترق مادة الحمأ والماء المهين المظلمة في جسم الإنسان ليصل إلى نفس طبيعتها روحية مشعة فيؤثر فيها بركوب حاجيات الجسم الغريزية ويصير تأثيره عبارة عن وساوس كما جاء في الذكر الحكيم: }ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه{، وهي وساوس مردها الشيطان كما في قوله تعالى: }من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس{ .



    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()