بات نصف مصر السفلى.. أو الجنوبى.. أقصد الصعيد، بات ليالى طويلة فى حرارة 50 درجة.. أطفأت البيوت أنوارها.. وتوقفت الثلاجات وأجهزة التكييف عن العمل.. وتوقفت غرف العمليات فى المستشفيات.. توقفت الحياة!
ماذا حدث؟ هل هو انفجار ذرى مثلا؟ هل هو غزو فضائى؟ أم السبب بسيط ومتكرر هو سرقة أبراج الضغط العالى التى تنقل التيارات من محركات توليد الكهرباء؟!
لقد أصبحت سرقة أبراج الكهرباء من الأحداث العاديّة التى نسمع ونقرأ عنها كل يوم.. والغريب أن السرقات تتم فى وضح النهار.. وفى عز الظهر، وهذا ما لم يحدث فى شيكاغو بلد الجريمة العالمى.. لهذا سنقرأ فى الصحف قريبا خبرا عن سرقة برج القاهرة.. وأن الشرطة وصلت متأخرة فلم تقبض على لص واحد! الموضة الحديثة الآن والتى لم نكن نسمع عنها فى السابق هى استهداف اللصوص سرقة أبراج كهرباء الألمنيوم بغرض تفكيكها وبيع ألواحها النحاسية وخلافه.. كذلك مئات الأمتار من الكابلات التى تمد المناطق بنعمة الكهرباء التى أصبحت لا غنى عنها اليوم فى المدن والقرى أو حتى فى أحواش الترب والمقابر، والحصول على مقابل هذه السرقة خصوصا مع ارتفاع أسعار المعادن فى العالم كله فى الفترة السابقة. سواء بقيمها الحقيقية أو بجنيهات قليلة لا يهم. المهم أن السرقة قد تمت.. والصفقة انتهت.. والبرج راح وأظلمت الدنيا وبقت كحل!
شوارع بأكملها أظلمت.. أحياء باتت تعانى من انقطاع الكهرباء وما يترتب عليه من توقف جميع الأجهزة الكهربائية ثلاجات وتليفزيونات وأجهزة تكييف.. والدنيا حر نار.. طبعا وكل سنة وحضراتكم بخير.
الغريب جدا.. والعجيب أن الحرامية تروح البرج من إياهم تنمّر عليه وتبدأ فى تسلقه.. وتطلّع عدة الشغل وتبدأ فى الفك والتقطيع من مسامير وصواميل ولحامات.. عملية شاقة وطويلة الله يكون فى عون الحرامية بتتعب برضه ماحدش بياكلها بالساهل، وتنزّل اللى فكته وتجمعه وتنقله على عربيات نقل وتروح بيه لمنطقة تانية -منطقة منورة طبعا- وكل الوقت دا! والبوليس فين؟! ماجاش ليه؟! ماحدش يعرف؟!
مع أن مع أول مسمار أو منشار الدنيا بتظلم وتبقى كحل، يعنى الناس كلها عرفت إن فيه حاجة غريبة بتحصل، ومن أول ثانية ومع ذلك يطلعوا ويفكوا وينزلوا ويحملوا وينقلوا ويسيبوا البرج زى العفريت فى الضلمة.. وبرضه البوليس ماجاش!
هو البوليس بيشتغل بالكهرباء.. وأول ما تقطع.. يقطعوا هم كمان؟!
كل يوم فى الجرايد الرسمية وغير الرسمية نقرأ ونسمع عن تكرار سرقة أبراج الكهرباء! عملية متكررة وروتينية وتتم بصورة منتظمة ومع ذلك نعلم بها بعد أن تتم وتحدث ويبقى البرج وحيدا فى الظلام! أليس لدى النجدة عندنا فكر أو خطط لتأمين هذه الأبراج الحزينة المغلوبة على أمرها؟! هل عجزوا عن التصدى لهذه الجريمة التى تتم يوميا ومنع حدوثها لعدم تكرارها وتجنب إظلام الأحياء ونحن فى القرن الحادى والعشرين؟
أم هى خطة مُحكَمة من حكومة الدكتور قنديل بالاتفاق مع وزير الكهرباء الجديد.. لتقنين استهلاك الكهرباء والترشيد فى استخدام الطاقة بالاتفاق مع بعض اللصوص المعتمَدين لدى الوزارة لإتمام هذه العملية.. بعد فشل فكرة الملابس القطنية؟!
تحذير إلى شرطة فرنسا.. وخصوصا مدينة باريس: اصحوا وفتحوا عينكم.. فالدور قادم على برج إيفل.. وقد أعذر من أنذر!