بدأت القصة، كما نشرتها "الشرق الأوسط" في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حين راودت زوجين، يقيمان في بلدة تريبتش جنوب شرق جمهورية التشيك، بعض الشكوك بشأن الرضيعة التي ولدت بشعر أشقر بينما شعرهما أسود. وتسببت شكوك رواد حانة يترددان عليها في اثارة أعصابهما. وبدأ البحث، الذي لم يستغرق وقتا طويلا، عن الحقيقة. وبفحص الحمض النووي للرجل وزوجته ظهر أن الرضيعة ليست ابنتهما. وسكت "النمّامون" والمشككون في نسب الرضيعة.
وكان ان بدأ البحث وإعادة الاتصال بالمستشفى ومحاولة معرفة مصير طفلتهما، ليتضح انها قد استبدلت بطفلة أخرى عن طريق الخطأ، وأنها تعيش في رعاية أسرة "غيرماك"، التي كان لا بد ان تقوم بدورها بإجراء تحليل، اثبت بدوره ان الطفلتين قد تم استبدالهما من دون قصد او عمد، غير اهمال اعتذر عنه مدير المستشفى الذي يقع بمدينة تريبتش، مؤكدا ان المحاسبة ستطال كل من تثبت مسؤوليته.
ونهار أمس، ضمن برنامج قدمته شبكة تلفزيون "آر.تي.إل" الألمانية، والتي كانت كاميراتها هي الشاهد الوحيد، الذي سمحت له الأسرتان بنقل اول لقاء تم بينهما في مكان غير معلن اتفقا عليه، عايش كل من شاهد ذلك البرنامج، لحظات من اصعب المواقف الانسانية النادرة الحدوث. وكان الحال: الصمت يطبق حابسا زفرات وتأوهات كل من الاسرتين. مد الطرفان أيديهم بالتحية من دون كلمات، فيما كانت كل سيدة تتشبث بحمل الصغيرة التي كانت ابنته وهي تضمها بكلتا يديها، بينما نظراتها تتابع ابنتها الحقيقية التي تحملها السيدة الأخرى. وكان الرجلان يحاولان الانشغال بإعطاء زجاجة الحليب لابنته التي لم يعرف غيرها، بينما عينا كل منهما تتفقد الابنة الحقيقية.
واستمر الحال لفترة كأن الزمن قد توقف عندها. وكان لا بد ان يتدثر بعدها الرجلان بما يبديه الرجال عادة من شدة وتماسك عند المواقف الصعبة، فابتعدا وهما يغالبان دموعهما ليتحدثا عن التفاصيل، وكيفية استعادة الصغيرتين. وأبديا سرورهما لظهور الحقيقة "رغم ما في ذلك من ألم وعذاب". وشددا على ضرورة ان تتكرر اللقاءات لتقف كل اسرة على التفاصيل الدقيقة لما جرى لابنتها طيلة الشهور العشرة الماضية: متى حبت الطفلة؟ وماذا تأكل؟ وما الأمراض التي اصابتها؟ وأي أنغام تفضل قبل ان تنام؟ وما أعراض تسنينها؟ وأهم من ذلك كيف ستحتفل الأسرتان بعيد ميلاد الصغيرتين بعد اقل من شهرين؟
|