انسحب من سرير زوجته متسللا بعد منتصف الليل، وجلس في الصالون أمام كاميرا جهازه اللاب توب، لم يكن هناك ضوء سوى ضوء شاشة الجهاز، وبدأ كعادته بالبحث عن المواقع الإباحية وتحديدا مواقع الدردشة المسمى ب"الشات"، التي كان يحرص على الحصول من خلالها على ما تمكن من البريد الالكتروني الخاص الفتيات أو النساء لكي يصل إلى ممارسة الجنس عبر الانترنت، كان مجنونا بهذه العلاقات، وجنونه هذا جعله يبتعد بعالمه الخاص عن زوجته وأولاده، فقد أصبح لا يشعر بشيء حميم تجاه زوجته، أو أي عاطفة تجاه فلذات كبده، وما يهمه في أخر كل مساء أن يواعد بعض النساء لكي يمارس ما يحلو له من أفعال شائنة عبر كاميرا الجهاز.
هجرته زوجته منذ مدة بعيدة، لأنها ضبطته في إحدى المرات، وهو يقوم بأفعال فاضحة عبر كاميرا جهازه الذي كان يخشى أن يقترب منه أي أحد في البيت، وأصبحت حياة الزوجة والأولاد عبارة عن صورة لا تتحرك، عائلة جميلة الشكل مهدمة العلاقات الداخلية، ابتعدت الزوجة بأولادها عن زوجها بشكل نفسي، ولكنها قررت أن تبقى معه تحت سقف واحد، لان المجتمع لا يرحم المطلقة.
بدأت بالدردشة معه في إحدى غرف الانترنت، ووصل الأمر بعدها إلى خلع بعض الملابس، وفي أخر المطاف مارست الجنس عبر كاميرا جهازها الذي اشتراه لها زوجها لكي لا تشعر بالملل أثناء غيابه، هي أم وزوجها يغيب عنها لأيام بسبب عمله، كان متنفسها الشكوى لذلك الرجل، حتى أوصلها بحفظه للصور التي كانت ترسلها له وتصويرها وهي عارية إلى مكان اللاعودة.
كل من توفى زوجها تصبح أرملة، هذا ما اعتدنا على قوله في المجتمعات، ولكن قد يتوفى الزوج نفسيا ومعنويا في حياة الزوجة، بسبب إدمانه للانترنت، واقامة العلاقات الحميميه عبر كاميرا جاهز الكمبيوتر، وبالتالي تصبح الزوجة تلقائيا من "أرامل الانترنت".
قد يبدو أن طرح موضوع "أرامل الانترنت" غريبا، والحديث عن مثل هذه القصص في المجتمع الفلسطيني أمرا غير مقبول، ولكن من أبدي هذا الأمر كظاهرة، هو بعض الأحاديث التي أصبحت تتردد هنا وهناك، من قبل الزوجات المتأذيات من هذا الفعل، أو الرجال المتفاخرين بتلك العلاقات التي يعتبرونها سهله، ومتنوعة، ولا يترتب عليها أي التزامات، فلا حمل ولا مهر ولا زوجه ثانية أو رابعة.
ويسعى بعض الرجال إلى إقامة مثل هذه العلاقات للهروب من الحياة اليومية بهدف التسلية والترويح عن النفس، وهذه العلاقات لا تقتصر فقط على الرجال العزاب بل أصبحت متنفسا للمتزوجين من الرجال، حيث بوابتهم للهروب من الروتين اليومي، والابتعاد عن كل المشاكل ألبيتيه، أو الرتابة التي تؤدي إلى الملل في العلاقة الزوجية.
وهناك بعض الأبحاث التي أكدت على أن الرجال الذين يمارسون العلاقات الحميمة عبر الانترنت قبل الزواج، تبقى في ذاكرتهم تلك العلاقات، ولا يستطيعون التعايش مع حياة جنسية طبيعية مع زوجاتهم، لأنهم اعتادوا على ذلك عبر كاميرا جهازهم، الأمر الذي يخلق خلل نفسي لدى الزوج لأنه يصبح لا يشعر بزوجته، ويميل لممارسة العلاقات الحميمة عبر الانترنت غالبا.
وفي حال قام احد الطرفين الرجل أو المرأة بإقامة العلاقات الحميمة عبر الانترنت، فان تلك العلاقات تنعكس بشكل سلبي على الأسرة، التي تصبح متفككة داخلية، ويدفع الأبناء فيها نتيجة نزوات احد ولديها عبر الانترنت، كما تصبح العلاقة الزوجية علاقة عدائية مقتصرة على الاتهامات والشتائم وقد تصل إلى ضرب الزوجة، أو قيام الزوج أو الزوجة بضرب أبنائهم كوسيلة للتفريغ النفسي.
وفي أخر المطاف يجب أن يكون هناك توازن في استخدام الانترنت، وعدم الانجراف بشكل شهواني وغريزي في استخدام الانترنت، لان الأسرة هي المجتمع في حياة الفرد، لذلك يجب أن نحافظ على مجتمعنا الصغير من زوابع الانترنت التي قد تضع العائلة فوق بركان قد يتفجر في أي لحظة، ويحيل تلك الأسرة إلى رماد ومجرد ذكرى، يكون سيدها موقع دردشة إباحي أو علاقات حميمة شيطانية.