زينب الرفاعى وسط عائلتها بمنزلها
سجّل التاريخ فى مارس 1956، أول احتفال بالأم في تاريخها الحديث فيما عُرف بيوم لاختيار من تُلقب بـ "الأم المثالية"، ووصف كثيرون هذا الاحتفال آنذاك بأنه نقطة تحول فى محيط الحياة الاجتماعية، وهى الفكرة التى لاقت حفاوة شديدة من قبل المصريين اعترافا بقيمة الأم وتقديرا لها فى يوم خاص بها.
.
كان المعيار الذى يتم على أساسه اختيار الأم المثالية لأول مرة فى هذا العام، أن تكون امرأة أحسنت خدمة بيتها وزوجها وأبنائها دون اعتبار آخر، وتجعل منهم مواطنين صالحين يفيدون بلادهم بخلقهم ومبادئهم وشخصياتهم، ولا يقتصر الأمر على أن تكون من تلد وحسب، وألا يقل عمر أبناء الأم المثالية عن 15 سنة، حسبما دونت الكاتبة الكبيرة الأستاذة أمينة السعيد في عمودها بعدد مجلة "المصور" الذي احتفل بالأم عام 1956. .
وعندما كانت وزارة التربية والتعليم، هي المنوطة باختيار الأم المثالية في هذا الوقت قبل أن تقع هذه المهمة على وزارة الشئون الاجتماعية، وجدوا أن كل الشروط تنطبق على سيدة بسيطة تدعى زينب حسن الرفاعى بعد أن قدم لها فى هذه المسابقة ابنها الأكبر عبد المحسن، التى كانت تقطن بمدينة المنصورة مع زوجها الشيخ إبراهيم الكردواى، وهو من أقدم المدرسين بوزارة المعارف، وأبنائها 3 أولاد و9 بنات. وعلى الرغم من أنها كانت ربة منزل لا تقرأ ولا تكتب، فإن ذلك لم يعوق دون إنجازها رسالتها على أكمل وجه، ولم يقلل أيضا من إصرارها على أن يتعلم كافة أبنائها، وبالفعل وفى عام 56 كان 2 من أولادها الثلاثة قد بدأ حياتهم العملية بعد استكمال دراستهم وعملا بالتدريس، كما تخرج 7 من بناتها التسع من مدرسة المعلمات وعملن بالتدريس أيضا. .
كانت زينب الرفاعى (أم عبده كما كان يطلقون عليها)، لا تكف عن ترسيخ قيمة العمل فى بناتها بشكل خاص، وشجعتهم بالفعل على ذلك حتى لو اضطرهن ذلك لنقل إقامتهن إلى محافظة أخرى سعيا وراء العمل واحتراما لقيمته.
كانت قيمة جائزة "الأم المثالية" عام 56، عبارة عن 500 جنيه وشهادة تقدير، واحتفالية في نادى المعلمين بالدقهلية تلتها احتفالية كبرى وتكريم رسمي من قبل وزارة التربية والتعليم، ثم احتفت مجلة "المصور" بها بعمل تقرير مفصل عنها من داخل منزلها وسط أبنائها وأحفادها الذي كان عددهم في ذلك الوقت 28 حفيدا. .
بنات زينب الرفاعى يتذكرن لها، كيف كانت مثال أيضا للزوجة المثالية، حيث إنها لم تجعل زوجها الشيخ الأزهرى يشعر يوما بأن هناك عجزا ما فى مصروف البيت، أو تعيره همًا، واستمرت فى تحمل المسئولية برغم سوء ظروفها الصحية، وكانت تعقد اجتماعا عائليا أسبوعيا يعرض خلاله كل فرد بالأسرة مطالبه وتناقشها معهم وتقسمها كالتالى: الضرورى العاجل، غير العاجل، جزء يمكن تجزئته، جزء غير ضرورى، وتبدأ التنفيذ وفقا لبنود الميزانية. كم نفتقر هذه الأيام لنموذج جميل مثل ما نسجته زينب الرفاعى وعائلتها. .