r.jpg
استطاعت إدارة أوباما أن تخفي موقفها الحقيقي من الثورة السورية على مدى عشرة شهور فظهرت في رداء المؤيد لتطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة، وساعدها في ذلك استمرار النظام الأسدي في شتمها واتهامه الثورة بالعمالة للصهيونية والإمبريالية الأمريكية.
لكن صاحب الفضل الأكبر على واشنطن هو ديكتاتور روسيا فلاديمير بوتين الذي تطوع-لأسبابه الخاصة- للقيام بدور محامي الشيطان، فقد حملت موسكو عبء المدافع الشرس عن الجزار، بالرغم من أنها لم تكن لتستطيع ذلك لو كانت واشنطن صادقة في حرصها الظاهري على نصرة الثورة السورية السلمية!!
غير أن واشنطن "أتحفتنا"مؤخراً بدليل هو الأشد تجلية لحقيقة الموقف الأمريكي المراهن على استمرار النظام الأسدي مع تفكيك عرى الوحدة الوطنية بين شرائح المجتمع السوري وتوهين ما تبقى من تماسك وقوة لدى الجيش السوري بتكليفه مهمة ذبح الشعب وتدمير سمعته المتآكلة أصلاً بسبب الممارسات الطائفية والفساد المالي والإداري.
ذلك أن الاستخبارات في أي بلد تكون في خدمة مصالح بلادها أو نظامها السياسي فكيف تتبرع الاستخبارات المركزية الأمريكية( CIA) بإصدار تقارير علنية لا تخدم سوى أكاذيب النظام السوري، في حين تزعم حكومة أمريكا أنها تسعى إلى تنحية بشار الأسد عن الحكم في دمشق؟هذا بالطبع إذا سلمنا جدلاً بأن ادعاءات السي آي إيه عن قيام تنظيم القاعدة بتفجيرات أجهزة أمنية تابعة للنظام الأسدي في دمشق وحلب!! فكيف والأدلة تدحض هذه الأراجيف لأن القاعدة لا تتنصل من عمل تقوم به وإنما تفاخر به، وتبث تسجيلات مسبقة لتوديع من ينفذون عملياتها "الانتحارية"..
وهل سمح نظام الأسد لرجالات التحقيق الأمريكيين بالدخول إلى سوريا وإجراء تحقيقات مستقلة جعلتهم يتبنون تهريجه المفضوح؟
وها هو راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ( NATO ) يضطر إلى البوح بالحقيقة التي جرى التلاعب لحجبها طويلاً، إذ أكد بصفاقة أن الحلف لن يتدخل عسكرياً في سوريا بالرغم من فظاعة المجازر التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه. والأشد صراحة أو وقاحة أن الرجل قطع تعهداً بعدم تدخل الناتو حتى لو صدر تفويض دولي بهذه المهمة عن الأمم المتحدة!!فهل تريدون صراحة أشد فظاظة ؟
والمثير للعجب أن التخذيل الغربي الصفيق تزامن مع استفحال " الإقدام" الصفوي الذي لا يقل عنه صفاقة، وبخاصة تحريك سفن حربية إيرانية إلى السواحل السورية تحت بصر الغرب وسمعه!!بعد شهور من تصرفات روسية مماثلة لم تكن معهودة من الروس حتى في فترة الحرب الباردة ايام الاتحاد السوفياتي البائد.
لقد انكشف المستور وانفضح المخفي وسقطت التقية الأمريكية لأن مسار الأحداث وضعها في موقع لا مكان فيه لأي لون بين الأبيض والأسود.
الدول العربية وبخاصة دول مجلس التعاون ومعها تونس وليبيا تدرك الخفايا وتريد نصرة القضية السورية لما فيها من حق صراح ولما تعنيه لأمنهم هم واستقرارهم ومستقبلهم، لكن هذه البلدان لا تستطيع دخول مواجهة علنية مع واشنطن ولا سيما في ظل الموقف العالمي المتراوح بين التخاذل اللا مبالي والتواطؤ الصريح أو الخفي مع ذبح السوريين جماعياً.
من هنا كانت حنكة العرب في مجلس الأمن ثم سعيهم لكشف خبايا موقف موسكو وبكين، وهي أمور اضطرت الغرب بعامة والولايات المتحدة الأمريكية بخاصة إلى الجهر بموقفها الفعلي وهو الانحياز إلى النظام السوري، ما دام الصهاينة يسعون إلى حمايته وإبقائه فوق رقاب السوريين لأنه قام بتوفير حماية للاحتلال الصهيوني لم يستطع الجيش اليهودي توفيرها بنفسه في الجبهات الأخرى حتى تلك التي ارتبطت باتفاقات سلام مع العدو.