بتـــــاريخ : 2/6/2012 10:55:09 AM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 923 0


    الاتجار بالبشر .. الإسلام سد منابعه والغرب سوقه الرائجة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : علي محمود | المصدر : www.wafa.com.sa

    كلمات مفتاحية  :

    يعد الاتجار بالبشر ثالث أكبر تجارة  محرمة - بعد المخدرات والسلاح   - من حيث الربح في العالم ، حيث تبلغ قيمة التجارة السنوية للمتاجرين بالأشخاص حوالي  32 مليار دولار ، ويصل عدد الضحايا الذين يتم التعرف عليهم في جميع أنحاء العالم 49105 ضحية...
    يعد الاتجار بالبشر ثالث أكبر تجارة  محرمة - بعد المخدرات والسلاح   - من حيث الربح في العالم ، حيث تبلغ قيمة التجارة السنوية للمتاجرين بالأشخاص حوالي  32 مليار دولار ، ويصل عدد الضحايا الذين يتم التعرف عليهم في جميع أنحاء العالم 49105 ضحية، إضافة إلى أن 3 ملايين إنسان في العالم سنوياً يتعرضون للاتجار بهم، بينهم مليون ومئتا ألف طفل.
    الأرقام المفزعة لهذه التجارة المحرمة  التي ينتشر ضحاياها فيما يقارب من 127 دولة مختلفة وينتهي بهم المطاف للاستغلال البشع في 137 دولة .. أرقام كثيرة ، غير أن اللافت فيها أن أغلبية من يتم الاتجار بهم ، أو يستخدمون كسلعة في هذه التجارة  هم من النساء أو الأطفال ، فالأرقام تقول أيضا أن هناك ما يربو على 12 مليوناً من البالغين والأطفال يرغمون على العمل القسري والعمل بالسخرة، والبغاء القسري في جميع أنحاء العالم؛ وتشكل النساء والفتيات 56 في المئة منهم.
    الاتجار بالبشر في الغرب
    اللافت أيضا أن أكثر بلدان العالم تشدقا بحقوق المرأة هي أيضا الدول الأكثر اتجارا بالبشر وتحديدا النساء ، فهناك مثلا ما بين 45 و50 ألفاً من الضحايا ينقلون إلى الولايات المتحدة الأميركية سنوياً ، حيث يتم استخدام النساء في أميركا وإسرائيل وعدد كبير من الدول الأوروبية وجنوب أفريقيا في أعمال البغاء ، وفي مايو 2002، ورد في تقرير إخباري بثته محطة "فوكس نيوز" التلفزيونية أن القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية قامت بتوفير "دوريات مجانية" لحماية مواخير الدعارة التي تستغل النساء اللائي تم جلبهن للاتجار بهن في الدعارة الجنسية. ودفع بث هذا التقرير التلفزيوني في الولايات المتحدة أربعة عشر عضواً في الكونجرس الأمريكي للكتابة إلى المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية يحضونه على إجراء تحقيق في ما يبدو أنه مشاركة رسمية في أعمال اتجار بالبشر أو تقديم دعم لها. ومع أن المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية قد توصل إلى عدم وجود دعم واضح وعلني لممارسي الاتجار بالبشر في كوريا الجنوبية، إلاّ أنه وجد بالفعل أن هناك علاقة "حميمة للغاية" بين القوات الأمريكية الموجودة هناك وتجارة الجنس.
    تقارير هيومان رايتس ووتش
    وفي تقرير لها عن ضحايا الاتجار بالبشر في عام 2010 تقول منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية: إن مئات الآلاف ومعظمهم من النساء في الولايات المتحدة ، يقضون  شهوراً– وربما سنوات – رهن الاحتجاز  على خلفية خروقات لقوانين الهجرة المدنية. ومع انعدام الحق في الاستعانة بمحامٍ من تعيين الدولة، فنحو 60 في المائة من المهاجرين المحتجزين يذهبون إلى جلسات المحكمة دون محامٍ، وتبينت هيومن رايتس ووتش أن في حالة المهاجرين ذوي الإعاقات الذهنية، فإن غياب المحامي قد يعني عدم قدرتهم على الدفاع عن حقوقهم، وبعضهم يتم احتجازهم دون مبرر لمدة سنوات.
    ويؤكد التقرير أن دولة  جنوب أفريقيا أكدت أنها ستكف عن تجميد ترحيل المهاجرين القادمين من زيمبابوي في عام 2010  ، مما أثار المخاوف من أن عمليات الترحيل الجماعية قد تؤدي إلى انتهاك حقوق ملتمسي اللجوء، كما حققت هيومن رايتس ووتش في الاتجار بصبية صغار أجبروا على التسول في السنغال، وأعمال اتجار بالبشر أسفرت عن أعمال دعارة جبرية في ساحل العاج.
    في مقابل هذه الحقائق لعل من الأهمية بمكان أن نتعرف على وجهة النظر الاجتماعية ووجهة نظر الشريعة الإسلامية في هذه الجريمة النكراء " الاتجار بالبشر " واستغلال النساء فيها ، التي مازالت رائجة غربا وشرقا رغم تعدد قوانين مكافحتها في معظم بلاد العالم... 
    المساواة جوهر الشريعة الإسلامية
    من مزايا الشريعة الإسلامية أنها لا تعالج الخلل أو تضع حكما وعقابا للخطأ فقط ، وإنما هي تعمل على سد منافذ الأخطاء، وتغلق بأحكامها الأبواب المؤدية إليها، فالناس تحت مظلة الشريعة الإسلامية  يتمتعون بكامل الحرية ، دون تمييز بينهم بسبب جنس أو لون أو عرق ،  فقد أبطل الإسلام استعباد الإنسان لأخيه الإنسان الذي كان سائدا في الجاهلية ، وجعل الناس سواسية لا فضل لأحد فيهم على آخر إلا بالتقوى، قال تعالى في سورة الحجرات  يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ،  وقال عز من قائل في سورة النساء   يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء ، وفي كل هذه الآيات تقرير لوحدة الأصل، مما يقتضي عدم التمايز بالجنس أو الطبقة، أو النسب.
    المعنى نفسه أكده  رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع ، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع: "أيها الناس إن أموالكم ودماءكم  حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، ... إلى أن يصل إلى قوله "أيها الناس كلكم لآدم وآدم من تراب" ، كل هذه الآيات الكريمات والأحاديث النبوية الشريفة تفضي إلى نتيجة وهدف واحد هو أنه لا تمييز في الإسلام إلا بالتقوى والعمل الصالح.
    ويمكننا القول إن الشريعة الإسلامية الحكيمة عملت على تجفيف منابع ومصادر الرق ، بأن وسعت في مصادر ومصارف العتق ، فجعلتها من الكفارات لكثير من الخطايا ككفارة اليمين كما في قوله تعالى في سورة  المائدة لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ، وأيضا ككفارة القتل الخطأ كما في قوله تعالى في سورة  النساء وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ،  وأيضا ككفارة الظهار كما في قوله تعالى في سورة المجادلة وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.
    الاتجار بالبشر من الكبائر
    وفي ظل الحرية والمساواة ومنع الرق والعبودية، فإن جريمة الاتجار بالبشر من الكبائر المنهي عنها في الإسلام لأنها تتضمن القهر والرق والعنصرية ، أما استغلال أجساد النساء والمتاجرة بها كما يحدث الآن في الدول الغربية التي تتشدق بحرية وكرامة المرأة والحفاظ عليها ، فقد سدت الشريعة الإسلامية كل المنافذ المؤدية إليه ، وذلك حين ألزمت المرأة بالعفة والاحتشام في الملبس ، كما في قوله تعالى في سورة الأحزاب يا  أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ، كما أمرت الشريعة الإسلامية المؤمنين والمؤمنات بغض البصر حتى لا ينظر أحدهما إلى ما حرم الله ، وحفظ الفرج ، وذلك في قوله تعالى في سورة  النور قل  لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ  ، وَقُل للمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
    ثم تصل الشريعة الغراء إلى الخطوة الأخيرة في سد منافذ الاتجار بأعراض النساء وذلك حين تقرر عقوبة شديدة رادعة لكل من يرتكب جريمة الزنا، برجم المحصنين من الزناة كما جاء في الحديث الشريف:  " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة " أو بجلد غير المحصنين منهم مائة جلدة مع علانية العقوبة مصداقا لقوله تعالى في سورة النور : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ، ولم تكتف الشريعة الغراء بذلك بل نهت المتاجرين  بأجساد النساء الذين يكرهونهن على فعل الحرام ، كما في قوله تعالى في سورة النور وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
    وإذا أضفنا إلى هذه التشريعات السامية التي تحفظ للإنسان كرامته ، وتصون عليه عرضه وتكرم المرأة أيما تكريم ، وتنهى عن استغلالها كسلعة رخيصة في سوق النخاسة العصري ، إذا أضفنا إلى ذلك مجموعة القيم والأوامر التي تحض على إعانة العامل وعدم تكليفه ما لا يطيق والالتزام بمنحه أجره فور أدائه لعمله " أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه ، يتبين لنا تماما كيف نجحت أحكام الشريعة الإسلامية في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، بينما ما زالت الدول العصرية عاجزة عن تشريعات مماثلة لمكافحتها ، بل الأدهى والأمر ورغم الشعارات الرنانة والعبارات البراقة ، فالغرب يعد أبرز وأكبر أسواق الاتجار بالبشر ، وخصوصا في ذلك الجانب المتعلق بالنساء وهن يشكلن أغلبية ضحايا هذه الجريمة النكراء .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()