بتـــــاريخ : 1/21/2012 10:48:34 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1360 0


    عاجل : القبض على الوطن ..! / الفياض

    الناقل : فراولة الزملكاوية | العمر :37 | الكاتب الأصلى : الفياض | المصدر : www.alsakher.com

    كلمات مفتاحية  :
    شعر عربي القبض الوطن


    أن تقبض على الوطن كاملا ، يعني أن تريح صندوق الرسائل الوارد لهاتفي النقال من عناء استقبال:
    - (قبض على صديقك سعيد)
    - (العم صالح المسجون من 24 عاما يسقبل اليوم ولده الأكبر في الزنزانة المجاورة)
    - (القبض على 16 آخرين في عملية أمس الأول ، والتحقيقيات لا زالت جايرة/جارية)









    .
    .
    رحمة الله عليه ذاك الزمن الجميل
    الرؤوم الرؤوف الرحيم
    الذي لم يكن ليتجاسر علينا بإعلان القبض عن أكثرمن:
    مطلوبين ، ثلاثة ، (أحد عشر) مطلوبا ، 172 مطلوبا ، كأكثر حد ممكن الإعلان عنه !
    رحمة الله عليه ذلك الزمن ، ورحمة الله علينا نحن المتوفون أحياء منذ زمن بعيد ممعن في البعد والجمال !
    اليوم وحسب مصدر مصطول ، أعلن القبض نهائيا وأخيرا على الوطن كاملا ..
    .
    .
    انتهى عهد التجزئة ، وبدأ العمل بالجملة
    الموت بالجملة
    السجن بالجملة
    النفي بالجملة
    إن تقبض على الوطن كاملا بالجملة ، يعني أن تريح شاشات الأخبار العاجلة
    أن تريح المذيعات (قاطعات الرزق)
    أن تريح مطابع الصحف من تزويد الصفحات الأولى بصور المقبوض عليهم والضالين !
    أن تقبض على الوطن كاملا ، يعني أن تريح صندوق الرسائل الوارد لهاتفي النقال من عناء استقبال:
    - (قبض على صديقك سعيد)
    - (العم صالح المسجون من 24 عاما يسقبل اليوم ولده الأكبر في الزنزانة المجاورة)
    - (القبض على 16 آخرين في عملية أمس الأول ، والتحقيقيات لا زالت جايرة/جارية)
    - (عاجل: القبض على أربعة مواطنين)
    - (أبو أحمد وآل سعيد يحتفلون بعقد قران ابنتهم الرابعة في السجن ، ممنوع اصطحاب أطفال الوطن)
    - (مواطن وزوجته وأبنائهم الستة ، يعترفون بالإنتماء لتنظيم الفوضى ، ووزارة الداخلية تهيب بالبقية الإحتذاء بهؤلاء المواطنين الصالحين)
    - (عاجل: تبقى من الوطن حاليا ثلث المواطنين)
    - (إحصائية مغرضة تقضي بنسبة 70%من المواطنين في المنافي والزنازن)
    ...
    .
    اليوم .. وفي حالة من الفوضى والضجيج والبهجة الخلاقة ، وال ..(مادري) ، واتتني الرسائل الآتية:
    - (نبارك لك الحصول على حريتك أخيرا ، ..أخوك الكبير من سجن وسط المدينة)
    - (أنا في زنزانة 34 ، علبة أبيض ، وولاعتين لو سمحت)
    - (سارعوا بحجز الزنزانات المطلة على الوطن ، ..)
    - (زازنتين عائلية ، تكييف ، ودورتين مياه ، واجهة وطنية)
    - (لا تنسى المجلات اللي كلمتك عليها ، رجاء)
    - (عزيزي السجين: لقد صدرت فاتورتك الحالية بمبلغ: 432 ريال ، سارع بالتسديد قبل دخول السجن ، مع تحيات شركة اتصالات الوطن السابق)
    - (نرحب بكم في وطنكم الثاني ، أينما كنتم ، نحن في خدمتك عزيزي السجين ، مع تحيات شركة سجن موبايل)
    - (سارعوا قبل نفاد الكمية: زنازن انفرادية مع اشتراك مجاني في القناة الرسمية الأولى)
    - (مجلس الشورى يعلن [انحلاله] ..)
    .
    الآن .. آن لجوالي أن يستريح ، كما أظن ، وأنا ، وبقية المواطنين
    ورغم أن مجلس الأمن استنكر ، و(مون) الأحمق ندد بالعملية ، إلا أن هناك دولا وجهاتٍ أشادت بالعملية واعتبرتها أسبقية في مجالها ..
    الرئيس المصري تمشيا مع الخطوة الجريئة ، يضع اليوم حجر الأساس لمشروع الألف سجن بلدي ، ومجلس الشعب يصوت على القبض على الشعب كاملا بأغلبية ، والإخوان متحمسون للمشروع ، ..!
    ..
    الجزيرة أغلقت استديوهاتها في (الدوخة) ، والرباط
    واكتفت برسالة على شاشتها الرئيسة: (عاجل: القبض على الوطن أخيرا) !
    العربية ، ميسون عزام تقدم برنامج ماذا بقي في الوطن؟
    وجيزيل خوري تقدم: من داخل زنزاناتكم
    ..
    ونيرفانا إدريس تقدم برنامج: السجن سجنك !
    ..
    أنا الآن .. أبحث عن موقف لسيارتي أمام السجن الكبير
    أبي ينتظرني بالداخل ، أمي كذلك ..
    المواقف مزدحمة ، كل المواطنين يملكون سيارات
    وهويات
    واليوم يملكون زنزانات ، ماذا تبقى من الدنيا لم ننله !
    أحمل مسرحية (من الحضيض) لمكسيم ، وأركض لاهثا
    لألحق بزنزانتي الجميلة ، قبل أن تقفل أبواب السجن ، وأظل وحيدا في الوطن ..!
    مأساة أن تبقى وحيدا في الوطن ..
    وحيدا ، بدون أية مخبرين ، ولا وشاة ، ولا مطلوبين ، ولا رجال أمن ، ولا رجال خوف
    ولا أصدقاء يعدمون ، فتكتشف فضيلة البكاء على الراحلين !
    ولا أشقاء يسجنون ، فتتقن فن الشوق ومكابدة عناء الحب !
    وينفون ، لتكتشف كيف تكون روعة الرسائل الطوال القادمة من بعيد !
    ويشنقون ، فتعرف معنى الـ(علو في الحياة وفي الممات) !
    ..
    نعمة السجون ، نعمة حقيقة ..
    لا يقدرها إلا أولئك الرائعون ، الفاهمون ، المدركون لأي وطنٍ حقٍ ينتمون
    (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) !
    .
    ..
    الفرح يعم كل شيء ، ويكتسحه ..
    المواطنون ، أو المسجونون كما أصبحوا ، يرفعون أكف الضراعة إلى المولى الجليل بأن يديم الأمن والأمان على زنزانتهم
    ويمد قضبانهم بالقوة وطولة العمر
    ومقاومة الصدأ والإرهاب
    ويرزقهم (السعة في القبور) !



    سجين رقم:20074598/السجن الجنوبي


    قلم / الفياض - منتديات الساخر

    كلمات مفتاحية  :
    شعر عربي القبض الوطن

    تعليقات الزوار ()