لم يكن يتوقع إيهاب شيعة أن محاولة دفاعه عن الفتاة التى قام أفراد الشرطة العسكرية بجرها وتعريتها فى صورة شهيرة أذاعتها وكالة الأنباء، سيكون سببا فى إصابته بطلق نارى، وتكاتف هراوات الأمن المركزى والشرطة العسكرية على جسده حتى نقل إلى قصر العينى فى حالة خطيرة.
إيهاب اعتاد النزول إلى الميدان ومشاركة المعتصمين أمام مجلس الوزراء، وروى: «نزلت الساعة 12 ظهرا، ومعى صديقة من أيام الثورة اسمها عزة وبعد وصولنا بدقائق إلى حديقة عمر مكرم وأثناء سيرنا رأينا الضرب وتراشق الحجارة إلا أننا توقفنا فورا بعد مشاهدة افراد الشرطة العسكرية أثناء جر الفتاة وتعريتها وحاولت نقلها إلى أقرب مستشفى بعد أن أصيبت بجروح فى كل جسمها».
إيهاب حمل الفتاة وسط صياح من المتظاهرين المحيطين به «غطوها» إلا أنه فضل الفرار بها من طلقات الشرطة العسكرية ووقتها شعر بصدمة شديدة فى ساقه أفقدته القدرة على المشى وسقط على الأرض ولم يرَ سوى مشاهد ضرب صديقته عزة التى كانت بجواره إلا أنه فقد القدرة على إنقاذها.
إيهاب استكمل حديثه لـ«الشروق» «عزة كانت غير راضية على الأحداث الأخيرة بعد أن فقدت مئات الأسر أبناءها فى ثورة يناير، وقررت الاستمرار فى الاعتصام حتى إصلاح حال البلد.
عزة ترقد فى الدور السابع فى غيبوبة بعد إصابة أفقدتها الذاكرة والقدرة على الشعور بمن حولها أو التعرف على أقرب الناس إليها.
إيهاب أبدى استغرابه من تعامل الشرطة العسكرية معه، مؤكدا أن ضابط الشرطة العسكرية كان يطالب الجنود بعدم الضرب، وفى نفس الوقت يراهم وهم يرشقون الناس بالحجارة.
وفى قسم 5 الذى يرقد فيه إيهاب، وجد الطفل نبيل حمدى السيد الذى لم يتجاوز الـ15 عاما مصابا بطلق نارى فى البطن أثناء وجوده فى شارع محمد محمود خلف مجلس الوزراء، نبيل لم يستطع التحدث سوى بكلمات بها الصراخ «عايز امشى من هنا.. هما بيعملوا فينا كل ده ليه؟
والدة نبيل أكدت أن ابنها طالب فى الصف الثانى الإعدادى ونزل فى ثورة يناير مع أخواته وشارك فى معظم الأحداث الماضية، ومساء يوم الجمعة قرر النزول إلى مجلس الوزراء رغم اعتراض أهله، وبعد أقل من نصف ساعة اتصل بها أحد العاملين فى المستشفى وابلغها أن ابنها محتجز فى قصر العينى بسبب طلق نارى.
أما كريم بيومى فهو مجرد شخص قاده القدر إلى الوجود فى شارع قصر العينى بالصدفة، كريم كان مدعوا لفرح أخت صديقه فى أحد مراكب التحرير وأثناء مروره فى الشارع وقبل أن يحتفل مع أصدقائه، لم يشعر سوى بجسم غريب مدفوع فى بطنه.
والد كريم أكد أن ابنه أصيب بطلق نارى فى الصدر والبطن وقطع فى الكبد والمعدة وفقا لما أكده التقرير الطبى الصادر عن المستشفى أمس الاول، وأشار إلى عدم حضور أى فرد من الشرطة أو النيابة لسماع اقواله ابنه، متسائلا: «فى ذمة مين اللى حصل لابنى؟».
كريم طالب فى الثانوى الفنى ويعمل بجوار دراسته لمساعدة والده، لذلك تعتبره الأسرة رغم صغر سنه الأب الثانى لهم، فهو الولد الوحيد لأبيه مع شقيقاته الأربع، وهو ما زاد خوف الأسرة عليه ورفضهم خروجه من المنزل طوال الأحداث الماضية.
وعلى السرير المجاور يرقد هلال مصطفى عامل، الذى قال إنه اعتاد النزول يوم الجمعة بالتحديد وفى هذه المرة لم يسمع أن هناك مليونية، إلا أنه قرر النزول، وأثناء تواجه فى حديقة المجمع رأى المتظاهرين يفروا من شارع قصر العينى فجرى معهم إلا أن ضباطا بالشرطة العسكرية أصابه بطلق نارى فى الساق.
هلال لم يتحدث سوى بابتسامة ودعاء صغير «ربنا يصلح حال البلد».
من جانبها أعلنت وزارة الصحة والسكان أن إجمالى حالات الوفاة فى أحداث مجلس الوزراء بلغ 10 حالات، بينما ارتفع عدد الإصابات إلى 418 حالة، خرج منهم 337 بعد تلقى العلاج، مشيرة إلى علاج 128 آخرين فى موقع الاشتباكات، حسب خالد الخطيب مساعد وزير الصحة للطوارئ والرعاية الحرجة.