السؤال سيدي الشيخ أنا حججت مرتين ولي مال، ولكن غير قادر صحياً على الحج مرة أخرى فما هو الأفضل هل أعطيها لابني الذي حج مرة واحدة منذ سنتين وهو قادر مادياً على الحج مرات عديدة ليحج عني أم أعطيها لأحد أقاربي غير القادر مادياً على الحج ليحج؟ وشكراً. الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإذا كان الأخ السائل لا يستطيع الحج بسبب مرض مزمن لا يرجى برؤه عادة جاز له أن ينيب من يحج عنه إذا كان النائب قد حج عن نفسه، أولا، وضابط العذر الذي تصح معه النيابة هو العجز الدائم إلى الموت، وذلك كالشيخ الفاني والزمن والمريض الذي لا يرجى برؤه هذا على مذهب الشافعية والحنابلة، وعند الأحناف تجوز النيابة في حج التطوع بعذر وبغير عذر، وينبغي أن يتخير الشخص الذي يعلم أنه أدرى بمناسك الحج وما يفسده، وما يجوز فيه وما لا يجوز، سواء كان ولده أو غيره، قال في المهذب في الفقه الشافعي: وفي حج التطوع قولان: (أحدهما): لا يجوز، لأنه غير مضطر إلى الاستنابة فيه، فلم تجز الاستنابة فيه كالصحيح (والثاني): أنه يجوز، وهو الصحيح، لأن كل عبادة جازت النيابة في فرضها جازت النيابة في نفلها كالصدقة. انتهى. وفي الموسوعة الفقهية ما نصه: أما بالنسبة لحج التطوع فعند الحنفية تجوز فيه الاستنابة بعذر وبدون عذر، وعند الحنابلة إن كان لعذر جاز، وإن كان لغير عذر ففيه روايتان: إحداهما يجوز؛ لأنها حجة لا تلزمه بنفسه، فجاز أن يستنيب فيها كالمغصوب. والرواية الثانية لا يجوز، لأنه قادر على الحج بنفسه، فلم يجز أن يستنيب فيه كالفرض، وللشافعية قولان فيما إذا كان بعذر: أحدهما لا يجوز،لأنه غير مضطر إلى الاستنابة فيه، فلم تجز الاستنابة فيه كالصحيح، والثاني يجوز، وهو الصحيح، لأن كل عبادة جازت النيابة في فرضها جازت النيابة في نفلها. انتهى. أما إذا كان لا يستطيع الحج عن نفسه بسبب مرض عادي يرجى برؤه فلا تجوز إنابته غيره في حج التطوع عند الشافعية، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: أما حج التطوع فلا تجوز الاستنابة فيه عن حي ليس بمعضوب، ولا خلاف بين جمهور الأصحاب في عدم جوازه. انتهى. أما المالكية فلا تجوز عندهم النيابة في الحج عن الحي مطلقاً سواء كان المستنيب مريضاً أو صحيحاً كان الحج فرضاً أو نفلاً، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: والمعتمد منع النيابة عن الحي مطلقاً أي سواء كان صحيحاً، أو مريضاً، كانت النيابة في الفرض أو في النفل. ولا فرق بين أن تكون النيابة بأجرة أو تطوعاً. انتهى بتصرف يسير. ولم نقف في كلام أهل العلم على مفاضلة بين دفع المال لمن يحج حج الفريضة عن نفسه، ومن يحج حج نافلة عن صاحب المال، لكن يمكن أن يقال إذا تبين أن الإنابة في حج التطوع محل خلاف بين الفقهاء؛ فمنهم من يرى جوازها وصحتها مطلقاً، ومنهم من يرى جوازها وصحتها بعذر، ومنهم من يرى عدم جوازها وصحتها مطلقاً، فإن الظاهر أن الأفضل في حق الأخ السائل هو دفع النفقة إلى الشخص الذي لم يحج من قبل ليحج عن نفسه لأن جواز ذلك محل اتفاق بين أهل العلم. والله أعلم.