السؤال بارك الله في جهودكم: أريد الذهاب للعمرة مع زوجي وأطفالي، ووالدي متوفى منذ سنين طويلة وأريد أن أعتمر عنه، لكن مشكلتي أنني من مدينة بعيدة ولا يستطيع زوجي زيارة مكة بشكل دائم، وأكون حريصة فيها على العمرة عن نفسي، لأنني لا أعرف هل سأرجع مرة أخرى أم لا؟ فهل يحق لي أن أجعل عمرة أطفالي غير البالغين لأبي، وأنوي حين إحرامهم ذلك؟ وذلك برضا زوجي ومعرفته، وهل أستطيع فعل عمرة عن نفسي ثم الإحرام بعد أيام من ميقات أهل مكة وأداء عمرة ثانية عن أبي؟ وهل إذا اعتمرت عن أبي في رمضان يصله أجر عمرة في رمضان؟. الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد اختلف العلماء في جواز نيابة الصبي عن غيره في حج أو عمرة، فأجاز ذلك الحنفية في الفرض والنفل إذا كان الصبي أهلا للعبادة، جاء في الموسوعة الفقهية: واكتفى الحنفية بأهلية المأمور لصحة الحج، بأن يكون مسلما عاقلا، فأجازوا أن يكون المأمور لم يحج عن نفسه حجة الإسلام. وهو المسمى صرورة: وأجازوا حج العبد والمراهق عن غيرهم، وتصح هذه الحجة البدلية وتبرأ ذمة الأصيل مع الكراهة التنزيهية بالنسبة للآمر، والكراهة التحريمية بالنسبة للمأمور إن كان تحقق وجوب الحج عليه. انتهى. والذي يفهم من إطلاق الحنابلة منع الصبي من الحج عن غيره ـ فرضا أو نفلا ـ وكذا الاعتمار عنه، لكونه لم يحج عن نفسه حجة الإسلام. قال البهوتي في كشاف القناع: ولا يصح أن ينوب في نسك من لم يكن أسقطه عن نفسه كالصبي والعبد. اهـ وأما الشافعية: فقد جوزوا نيابة الصبي في نسك التطوع دون الفرض، لأنه أهل للتطوع، قال الرملي في النهاية: وتجوز النيابة في نسك التطوع، كما في النيابة عن الميت إذا أوصى به ولو كان النائب فيه صبيا مميزا أو عبدا بخلاف الفرض، لأنهما من أهل التطوع بالنسك لأنفسهما. انتهى. وقال المالكية بجواز نيابة الصغير، لكنهم يشترطون لجواز النيابة إيصاء المحجوج عنه، جاء في مواهب الجليل: ومن حج ثم أوصى أن يحج عنه، فلا بأس أن يحج عنه عبد أو صبي إلا أن يمنع من ذلك. انتهى. زاد الشيخ زروق في شرح الإرشاد: لأنه مشتغل، فغاية شرطه التمييز والإسلام. انتهى. وبه يتبين لك حكم إنابة أحد أبنائك في الاعتمار عن أبيك. وأما خروجك إلى التنعيم بعد فراغك من عمرتك للاعتمار عن أبيك: فجائز لا حرج فيه، وانظري الفتوى رقم: 128574، وما أحيل عليه فيها، وإذا اعتمرت عن أبيك في رمضان، فإنه يبلغه ثواب عمرة في رمضان وينتفع به ـ إن شاء الله. والله أعلم.