مَدْخَل إلى عالم الفيروسات إنها صغيرة لدرجة أنه لا يمكن اكتشافها سوى بالمجهر الإلكتروني، ومع ذلك فمنذ آلاف السنين وهي تشن حربا لا هوادة فيها على الجنس البشري، حاصدةأرواح مئات الملايين. والآن، بدأ العلماء يستشعرون الانتصار على هذا العدوالمميت الذي يجسر الهوة بين الأحياء والأموات...
من الفيروسات المكللة(Coronaviruses)المسببة لنزلات البرد الى الفيروسات المرعبة مثل إيبولا (Ebola)والتي تسبب أذيات بشعة قبل أن تنزف ضحيتها حتى الموت، سنستعرض معا أوجه بعض الغموض التي حلّت والتي لم تحل بخصوص عدونا الخفي... في البداية... نادرا ما تبدو الأعراض خطيرة للغاية: التهاب بالحلق، صداع، حمى... لكن خلال 48 ساعة، بداواضحا أنها ليست عدوى عادية؛ يبدأ المصابون بالشعوربالضعف الشديد، ويبدءون في التقيؤ بصورة لا يمكن التحكم بها. أصيب البعض بطفح جلدي والتهاب في العينين، لقد بدأ الرعب الحقيقي... يبدأ المصابون في النزف من الفم، والأنف والعينين... حتى جلودهم تبدأ في نزّ الدم، وتنفجر الشعيرات الدموية بمجرد اللمس... الأسوأ من ذلك كان التأثير على أعضائهم الداخلية: تحلل الكبد وتحول إلى ما يشبه العصيدة، ويأتي بعد ذلك الهذيان(Delirium) وفقدانالوعي. وفي غضون أسبوع فقط من بداية الأعراض،يسقط عشرات الأفراد ويموتون في النهاية. كانت هذه هي المواقف التي شهدها عمال الإغاثةفى المقاطعة الكونغولية النائية كانوا يحاولون إنقاذ القرويين الذين ضربهم أحد أبشع الفيروسات التي عرفها العلم: حمى إيبولا النزفية. وبرغم بذلهم لأقصى جهودهم، فقد مات أغلب المصابين بمن فيهم العديد من عمال الإغاثة. لقد سقط الجميع ضحايا لشريحة مجهرية من المواد الكيميائية الحيوية التي غزت أجسادهم واختطفت خلاياهم لأغراضها هي: فيروس ..... ظهرفيروس إيبولا في عام 1976 من المجهول بطول نهر يحمل الاسم نفسه في الكونغو، وهو مجرد واحد من كثير من الطفيليات الجزيئية التي زرعت الرعب في قلوب البشر على مدار التاريخ. وفي العام 2005 ، خشي بعض الخبراء من كون العالم على وشك السقوط ضحية لوباء عالمي، أطلق عليه لاحقااسم المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة*(SARS),والذي ظهر أولا في الصين، وانتشر بسهولة وسرعة مخيفتين.وخلال الأحداث، أصاب(SARS)أقل من 9,000 شخص في جميع أنحاء العالم، تمكن 90 % منهم من البقاء على قيد الحياة. وأدى ذلك بالبعض لاعتبار وباء(SARS)مجرد قصة مرعبة. وفي الواقع، فإن السرعة التي أزيل بها التهديد تعكس التطورات التي يحققها العلم حالياضد أكثر أعداء البشرية وحشية. هجمات خفية: ، نادرا ما تخلو أنباء اليوم من ذكر للفيروسات ومع ذلك فحتى فترة قريبة كان وجودها نفسه محل جدل محتدم.. فقبل قرن من الزمن، اعتقد العلماء بأن البكترياهي (الجراثبم)التي طالما بحثوا عنها، والمسببة للأمراض.لكنه بات واضحا أنها لا تمثل كامل الإجابة. وباستخدام خلاصات من النباتات المصابة بالعدوى، وجد عالم النبات الهولندي مارتينوس بيخرينك (Beijerinck)شكل1انة لا يزال بالإمكان إحداث المرض في نباتات التبغ السليمة بعد ترشيح الخلاصات بدقة لدرجة تكفي لإزالة جميع البكتريا. في عام 1898 ، أعلن بيخرينك أنه لا يمكن وجود سوى تفسير واحد: عامل جديد مسبب للعدوى، أصغر بكثير من البكتريا، أطلق عليه باللاتينية( Contagium vivum fluidum)أي السائل الحي الُمعدي، وهو اصطلاح تم تحويره لاحقا إلى "فيروس" (من اللاتينية بمعنى سم)وبرغم ادعاءه، فلم يقتنع بوجود الفيروسات سوى قليل من العلماء لأسباب ليس أقلها أن أحدا لم يمكنه العثور على أيها. ولم يتضح السبب سوى بعد وفاة بيخرينك في العام1931 فالفيروسات أصغر من أن ترى بالمجاهر العادية. : وبحجمها الذي يصغر نمطيا عن البكتريا بمائة مرة، تمت. رؤية المجرمين أخيرا في العام 1939. نعرف الآن أن للفيروسات أحجاماً وأشكالاً عديدة،ويبلغ قطر أكبرها وهي الفيروسات الجدرية ( pox viurses)والمسببة للجدري، نحو 0.003 ملم. وداخل الغلالة الواقية المغطاة بالبروتينات لفيروس الجدرى يقع الدنا (DNA( الذي يستخدم لإجبار الخلايا المصابةبالعدوى على صنع نسخ منه. وهناك فيروسات أصغر حجماهى الفيروسات الغُدّية (Adenoviruses) وهي السبب في العديد من الأمراض التنفسية، والتي تظهر من غلالتها البروتينية نواتئ مثل قرون الاستشعار. ثم هناك الفيروسات الشبيهة بالعيدان(Rod-like)بينما يبدو فيروس الإيبولا كخيط بسيط من الجزيئات مزود بأنشوطة شريرة عند نهايته. أماأصغرها جميعا فهى الفيروسات البيكورناوية، (Picornaviruses)والتي لا يزيد قطرها عن بضع آلاف الذرات، ومع ذلك فهي تبقى قادرة على إصابتك بنزلة برد متواصلة تستمر لعدة أيام. ومن بين جميع الفيروسات التي تم تصويرها بالمجهر الإلكتروني، ليس هناك بينها من هو أكثر غرابة من العاثيات (البكتيريوفاج) (Bacteriophages)والتي سميت بهذا الاسم لأنها تتغذى على البكتريا، وهي تشبه ما نراه في أفلام الخيال العلمي من المخلوقات الغريبة)شكل 2(. وبرأسهاالمتعدد الأضلاع، وعنقها الطويل، وسيقانها النحيلة الطويلة، تلتصق بالجدران الخارجية للبكتريا وتقذف بحمضها النووي DNA إلى الخلايا باستخدام أداة تشبه المحقنة. صغيرة لكنها قوية: