“لا تزال دون المستوى المطلوب”، هي العبارة الطبية التي يُمكن أن تُلخص نوعية الأبحاث والدراسات التي تُجرى في مناطق شتى من العالم لمحاولة التعرف على الفوائد الصحية للكركم Turmeric، أحد المكونات الرئيسية لخلطة مسحوق الكاري Curry powder. وبالرغم من كل النتائج الملفتة للنظر، والواعدة، في نتائج دراسة الباحثين لمُستخلصات المواد الكيميائية المتوفرة في الكركم، وذلك على مجموعة من الأمراض، إلا أنها لا تزال تجارب علمية تُجرى في المختبرات على خلايا مريضة لحيوانات التجارب. وبالرغم من التقارب النسبي، إلا أن تطابق الـتأثير ليس بالضرورة حتمي في ما بين تناول الحيوانات لمُنتج غذائي ما، وتناول البشر لنفس المُنتج المادة الكيميائية الأبرز في جذور الكركم هي مادة “كركمين” Curcumin، وهي مادة ملونة صابغة، مسئولة عن لون الكركم المميز فيما بين الأصفر والبرتقالي، ومسؤولة أيضاً عن تلك النكهة المميزة لعبق أصناف أطباق المطبخ الهندي. وتتناول الدراسات والتجارب العلمية أربعة جوانب رئيسية لتأثيرات تناول الكركم، وهي: - عمليات الالتهابات وتداعياتها كمرض السكري والتهابات المفاصل وغيرها. - تنشيط قوة القلب وخفض الكولسترول الخفيف الضار. - نشوء الأمراض السرطانية ونموها وانتشارها. - الإصابات بمرض ألزهايمر العصبي. طب حديث وموروثات شعبية ولأن دراسات الكركم تمت في الغالب على حيوانات التجارب، فإن من الصعوبة بمكان استخلاص نتائج طبية تتبنى النُصح بتناوله كوسائل علاجية لتلك الحالات المرضية التي تم تقييم تأثير الكركم عليها. بيد أن وفرة النتائج الإيجابية في تلك الدراسات العلمية لاستخدام الكركم تُشير بوضوح أن ثمة شيئاً صحياً مفيداً وراء “أكمة” إضافة أحدنا الكركم للأطعمة. والفائدة من مراجعة وعرض تلك الدراسات العلمية، نقل مشاهد من “فيلم الأكشن”، ذا الحركة السريعة، للجهود العلمية في مضمار البحث العلمي عن الفوائد الصحية المُحتملة للكركم. وصحيح أن أحداً لا يتحدث عن "قوى علاجية خارقة" يُتوقع أن يمتلكها الكركم، وتُفيد بتلك الدرجة، متناوليه في الكاري وغيره، إلا أن المأمول أن يتم إجراء دراسات طبية تطبيقية لمعرفة تأثيرات تناول الإنسان للكركم، سواءً كان الشخص سليماً من الأمراض أو مُصاباً بأحد أنواعها. وأحد جوانب أهمية معرفة تأثيرات الكركم بشكل علمي واضح، أن ثمة كثيرٌ من الحديث عن فوائد تناوله لدى موروثات طب شعوب الهند والصين ومناطق شتى من آسيا. وهي العبارة التي يذكرها بعض من الباحثين في مقدمتهم لعرض دراساتهم عن الكركم. وبالرغم من أن الحديث عن البهارات والنباتات والأعشاب ذا طبيعة تُغري، و"تفتح شهية"، بعض الكتّاب الطبيين لركوب “مركب صعب”، بُغية دغدغة مشاعر البعض، عبر المجازفة في ذكر فوائد لا حقيقة لها، ما سيُؤدي بالتالي إلى توصيل معلومات غير سليمة من الناحية الطبية للناس. والأمانة العلمية تقتضي ذكر ما هو ثابت علمياً عند التحدث باسم الطب. أما في حال مجرد عرض فوائدها الصحية مما قالته موروثات خبرات الطب للشعوب المختلفة في العالم، فإن هذا العرض يُفيد في جانب مهم وهو أن استخداماتها، في تلك الجوانب الصحية أو المرضية، من المُرجح أن لا يتسبب بمضاعفات أو تأثيرات سلبية واضحة وراجحة. وهذه النقطة مهمة، لأننا لا نستطيع أن نفصل بين الطب الغربي الحديث المُمارس في المستشفيات، وبين خبرات وموروثات أنواع الطب العالمي الأخرى. إذْ أن أبسط الأدوية وأبسط العمليات الجراحية وأبسط المفاهيم الطبية عن الأمراض وأعراضها وعلاجها، إنما هي مُستمدة في جوانب كثيرة جداً من تلك الخبرات المتوارثة. ومن الصعب إنكار هذه الخبرات بدعوى تبنينا فقط ما هو ثابت في طبّنا الحالي، لأننا نعلم أن الطب الحديث لم يفرغ بعد من فحص جدوى، أو عدم جدوى، كل تلك الموروثات. ولكننا، مع هذا كله، يجب أن نظل باقين ومُحافظين على الأصل، بأن نتبنى عدم النُصح العلاجي لحالات الإصابة بأمراض محددة، ولمرضى بعينهم، إلا بما هو ثابت بشكل واضح، وليس بالضرورة يقيني. أما في جانب البحث عن تناول ما يُفيد الصحة وأعضاء الجسم، وبالعموم، فإن الأمر أرحب وأيسر من اشتراطات التشدد، وخاصة عند عرض منتجات غذائية يتناولها البشر، من قرون عديدة، وتغلب على سمات وجبات أطعمتهم. الكركم والسكري والالتهابات وما قاله الباحثون الأميركيون، من مركز مرض السكري بالمركز الطبي لجامعة كولومبيا، في 20 يونيو الماضي بسان فرانسيسكو، ضمن فعاليات المؤتمر السنوي لمجاميع طب الغدد الصماء، مفاده أن للكركم خصائص مضادة للالتهابات ومضادة للأكسدة. وأن هذه الخصائص يُمكنها أن تُخفف من حالة "مُقاومة مفعول الأنسولين"، وبالتالي الوقاية من الإصابة بمرض السكري. وتوصلوا إلى هذه الملاحظة العلمية بعد دراستهم تأثير الكركم على حدة عمليات الالتهابات في الأجسام السمينة لحيوانات تجارب المختبرات من نوع الفئران. وقال الباحثون في فذلكة عرض نتائج دراستهم، أن الكركم له تاريخ طويل في الاستخدام كمادة مُخففة للالتهابات ولتسهيل التئام الجروح. وهو ما أثار لديهم الرغبة في معرفة تأثيره على نشوء الإصابة بمرض السكري. وذلك باعتبار ما هو معلوم من أن "عملية الالتهاب" أحد الآليات المهمة في نشوء أمراض عدة، كالسكري مثلاً. وأشار الباحثون إلى أن من غير المعلوم تسبب تناول الكركم بأي تأثيرات سلبية على الجسم البشري، وبإمكان المرء أن يتناول إلى حد 12 غراما يومياً منه. وبالجملة، لاحظ الباحثون بالمقارنة لتناول فئران بدينة لكميات متفاوتة من الكركم، أن الفئران التي تناولته أقل عُرضة للإصابة بالسكري، وأدنى من ناحية مستوى عمليات الالتهابات في الأنسجة الشحمية وفي الكبد. وأن سبب قلة الإصابات بالسكري ناجمة عن تأثيرات الكركم في خفض نشاط عمليات الالتهابات. وبالرغم من هذه النتيجة المُشجعة، قال الباحثون بأنه من المُبكر جداً إخبار الناس بأن زيادة تناول البدينين للكركم سيكون له نفس التأثير الإيجابي، المُلاحظ على حيوانات التجارب. وتذكر المراجع العلمية أن المواد ذات القدرة على مقاومة الالتهابات في الكركم تشمل كل من الزيوت الطيّارة volatile oil ، ومادة الصبغة الصفراء أو ما تُسمى علمياً بـ “كركمين”. ومما يُميز هذه المادة الصفراء أنها لا تتسبب بتفاعلات سُمّية في الجسم، وكانت الدراسات على الحيوانات التجارب قد أفادت بأن مادة "كركمين" تُخفف من حدة الالتهابات التقرحية للقولون ulcerative colitis وحالات مرض "كرون" Crohn في الأمعاء. وذلك عبر ظهور تتبع علامات الالتهابات في أنسجة الأمعاء بالفحص الميكروسكوبي، كما أفادت أخرى أن تناول مرضى الروماتويد لالتهاب المفاصل rheumatoid arthritis لمادة "كركمين" يُخفف من تورم المفاصل الملتهبة ومن تيبس الحركة فيها خلال فترة الصباح. الكركم والقلب الكركم والقلب .. علاقة حائرة في كيفية إثبات الجدوى! وهناك جانبان تدور الدراسات العلمية حولهما في موضوع الكركم والقلب، الجانب الأول يتعلق بتأثير مادة "كركمين" على قوة عضلة القلب، والثاني يتناول تأثير الكركم على كولسترول الدم. ومن أحدث الدراسات العلمية حول القلب والكركم، ما طرحه الباحثون الكنديون من مركز بيتر مينك التابع للمستشفى العام بتورينتو ضمن عدد فبراير الماضي من مجلة “كلينيكل انفزتجيشن” (البحث الإكلينيكي). وفي دراستهم، التي تمت على حيوانات تجارب من الفئران المُصابة بتضخم عضلة القلب، وجد الباحثون أن الكركم أعاد لعضلة القلب حجمها الطبيعي وقوتها الطبيعية وقلل من تكون الأنسجة الليفية للندبات في عضلة القلب. ومعلوم أن فشل القلب، ومحاولات الجسم للتكيف معه، تتم على مراحل. وفي ضعف القلب، تتكون أنسجة ليفية ضعيفة داخل الأنسجة العضلية القوية، ويبدأ القلب بالتضخم. ومعالجة الحالة تتطلب وسيلة تُخفف من تكون تلك الأنسجة الليفية، وتُعيد للعضلة حجمها وقوتها الطبيعية، وثمة قليل من الأدوية التي تُسهم في هذه الأمور. وما يقوله الباحثون الكنديون أن للكركم هذا المفعول العلاجي، على الأقل فيما ثبت على حيوانات التجارب حتى اليوم. واعتمد الباحثون في دواعي إجراء الدراسة، المدعومة من المؤسسة الكندية للأبحاث الصحية، على تلك المعلومات المتوارثة في الطب الهندي والطب الصيني القديمين. وفيهما أن وضع الكركم على الجروح يُقلل من تكوين ندبات scar formation عليها بعد التئامها. ولأن الدراسة اقتصرت في إثبات هذه الجدوى للكركم على القلوب المتضخمة للحيوانات، قال الباحثون بأنهم لا ينصحون الناس المرضى بفشل القلب بتناول الكركم بشكل روتيني لعلاج حالة ضعف القلب لديهم، حتى تُثبت الدراسات على الإنسان جدوى ذلك، أي كما ثبتت على حيوانات التجارب. والجانب الأخر لتأثيرات الكركم على الشرايين هو ما يطول فعله العمل على منع أكسدة الكولسترول وترسيخ ترسبه على جدران الشرايين. ومعلوم أن أكسدة الكولسترول أحد الخطوات المرضية المؤثرة على حصول تصلب الشرايين، وبالتالي ترسيب الكولسترول في جدرانها، وهو ما يظهر في النهاية على شكل تضيقات لمجرى الدم من خلالها. وهناك باحثون تحدثوا عن تأثير الكركم على خفض نسبة مركب “هوموسستين” homocysteine في الدم. ومما لا يزال يُنظر إليه بجدية لدى باحثي طب القلب، أن لارتفاع نسبة مادة "هوموسستين" في الدم تأثير سلبي على الشرايين القلبية، وذلك بتحفيز نشوء ترسبات الكولسترول داخل جدرانها. وتُعزى فائدة الكركم في هذا الجانب على محتواه من فيتامين بي-6. ولم يقتصر الأمر على تلك الفوائد غير المباشرة، بل ثمة دراسة أُجريت في الهند تقول بأن تناول الكركم خافض للكولسترول الخفيف الضار، ورافع للكولسترول الثقيل الحميد. وعزا الباحثون الهنود تلك الفائدة للكركم بتنشيطه نوعيات معينة من مُستقبلات الكولسترول الخفيف receptors LDL في الكبد، وبالتالي خفض إنتاج الكبد للكولسترول. ومعلوم أن 80% من الكولسترول في الجسم لا يأتي من الطعام الذي نتناوله، بل يأتي من إنتاج الكبد لهذه المادة الشمعية الدهنية. ولكنها تظل في منظور التقييم الطبي، دراسة صغيرة وقصيرة الأمد، ولذا لا يبدو أنها مما يُعتمد عليه في استخلاص نتائج طبية واضحة.
الكركم ومرض ألزهايمر وضمن عدد 16 يوليو من العام الماضي لمجلة أحداث الأكاديمية القومية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences ، عرض الباحثون من مؤسسة أبحاث الجزيئات الحيوية البشرية بسان دييغو ومن كلة ديفيد غيفن للطب بسان فرانسيسكو نتائج بحوثهم حول تأثير مادة باي- سيدميثوكسي-كركمين bisdemethoxycurcumin ، الموجودة في الكركم، على تنشيط عمل جهاز مناعة الجسم في تنظيف الدماغ من مادة أمايلويد- بيتا amyloid beta. وكما هو معلوم ففي مرض ألزهايمر العصبي Alzheimer"s disease ، تتراكم مادة أمايلويد البروتينية في مناطق الدماغ. وتُشير بعض المصادر الطبية، أن في الهند تذكر الإحصائيات قلة الإصابات بمرض ألزهايمر. ويعزون ذلك إلى تأثير إكثارهم من تناول الكاري. ووجد الباحثون في دراستهم أن لهذه المادة الموجودة في الكركم تأثير برفع نشاط خلايا مناعة الجسم في تخليص الجسم من تراكم تلك المادة البروتينية. وبلغ التفاؤل بالباحثين درجة توقع أن يكون في المستقبل "دواء" لتطهير الجسم من تلك المادة البروتينية، المتسببة بمرض ألزهايمر بدلاً من “لقاح” vaccine أمايلويد- بيتا. وعلى حد قولهم، ذكر الباحثون أنهم تلقوا بالفعل دعماً مادياً من رابطة مرض ألزهايمر Alzheimer"s Disease Association لاستكمال البحث في هذا الجانب العلاجي. والواقع أن هذه الدراسة الأميركية الأخيرة ليست الوحيدة، بل ثمة دراستان لباحثين من إيطاليا نُشرت في المجلة الإيطالية للكيمياء الحيوية Italian Journal of Biochemistry في عدد ديسمبر 2003. ودراسة أخرى لباحثين من إيطاليا والولايات المتحدة تم عرضها في واشنطن العاصمة خلال مؤتمر عام 2004 للمجمع الأميركي للفسيولوجي American Physiological Society. وكلاهما عرضتا نتائج إيجابية لتأثير مادة “كركمين” الصفراء على بعض آليات مرض ألزهايمر في جانبي المناعة وعمليات الأكسدة. وفي جانب التأثير الإيجابي للكركم على مادة أمايلويد - بيتا بالذات، نُشرت دراستان أخريان للباحثين من كاليفورنيا. ونُشرت دراسات باحثي جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس في عدد ديسمبر من عام 2004 لمجلة الكيمياء البيولوجية Journal of Biological Chemistry ، وعدد إبريل 2006 لمجلة كيمياء الغذاء والزراعة Journal of Agricultural and Food Chemistry. ومعلوم أن مرض ألزهايمر ينتج عن تراكم قطع بروتينية، تُدعى أمايلويد، في الخلايا الدماغية. ووجود هذه المواد البروتينية يتسبب في تحفيز عمليات إجهاد الأكسدة oxidative stress والالتهابات inflammation، كما يتسبب في تكويت لويحات plaques فيما بين الخلايا العصبية، ما يُعيق عملها والتواصل فيما بينها. ومن الطبيعي في الجسم تكوين هذه النوعية من البروتينات ووصولها إلى الدماغ، إلا أن لخلايا مناعة الجسم قدرة على تفتيتها والتخلص منها. وفي مرض ألزهايمر تضطرب هذه الآلية للتخلص من بروتينات أمالويد، وبالتالي تتراكم في الدماغ. وكانت دراسات على حيوانات التجارب قد لاحظت تأثيراً إيجابياً للكرم في إبطاء تسارع مرض التصلب المتعدد multiple sclerosis ، وهو أحد الأمراض العصبية. وأحد التعليلات التي يذكرها الباحثون هو تأثير الكركم على خفض نشاط جهاز مناعة الجسم في إنتاج مادة أنترليوكين-2 IL-2 العاملة على تحطيم مادة مايلين myelin المُغلفة للأعصاب. ومعلوم أن مرض التصلب المتعدد تنشأ مناطق عصبية مجردة من هذه الأغلفة لمادة مايلين، ما يُؤدي إلى ضعف عملها. الكركم وأمراض السرطان ضمن فعاليات مؤتمر تطبيقات علاج السرطان، الذي عقدته الرابطة الأميركية لأبحاث السرطان في 5 نوفمبر من عام 2007، قال الباحثون اليابانيون لطالما تمت ملاحظة مادة "كركمين"، المُكون الأصفر للون ونكهة جذور الكركم، كعامل ذي قدرات واعدة في محاربة الأورام السرطانية. وما قام به باحثو جامعة توهوكيو في اليابان هو اختبار فاعلية مركبين كيمائيين مُستخلصين من مادة “كركمين”. وتبين للباحثين بالتجارب الحية على نماذج من الإصابات السرطانية لدى الفئران، أنهما أكثر عنفاً في القضاء على الخلايا السرطانية. وما دفع الباحثين لاختبار تلك المركبات الكيمائية المستمدة من مادة "كركمين" هو تدني الوجود الحيوي “low bioavailability” لمادة "كركمين" الطبيعية بعد ابتلاعها، ومرورها بالمعدة والأمعاء الدقيقة، ووصولها إلى القولون. وبعد اختبار 90 نوعاً من المركبات الكيميائية "الكركمية"، تبين أن مُركب GO-Y030 ومُركب GO-Y031 أكثر فاعلية من مادة "الكركمين" الطبيعية. وتحديداً كانت فاعليتهما في كبت نمو الخلايا السرطانية في سرطان القولون أكبر بمقدار 30 ضعف، مقارنة بالكركم الطبيعي حال تناوله بالفم. وكان قد سبق للباحثين اليابانيين، في عام 2006، نشر نتائج دراستهم لاكتشاف تركيب و مدى أمان تناول هاذين المُركبين. ويأمل الباحثون، وفق ما صرحوا به، أن يستكملوا دراستهم حول كيفية توفير هاذين المُركبين كوسيلة من وسائل الوقاية أو المعالجة الكيميائية للسرطان. ومنْ يقرأ كلامهم في دراستهم يستشف مدى الثقة التي يُولونها للخطوات البحثية التي توصلوا إلى نتائج منها حول الكركم. وكان الباحثون من جامعة تكساس قد نشروا في عدد 15 أغسطس من عام 2005 لمجلة السرطان CANCER ، الصادرة عن مجمع السرطان الأميركي American Cancer Society ، نتائج اختباراتهم الإيجابية لاستخدام مادة “كركمين” في وقف نمو الخلايا السرطانية وتحفيز انتحارها. واستخدموا سرطان ميلانوما melanoma الجلد. وكانت المنتجات المُحتوية على كل من مادة “كركمين” ومادة “فينيثايل أزوثيوسيانات” phenethyl isothiocyanate (PEITC) محل دراسة للباحثين في ستيت يونيفرسيتي بنيوجيرسي. وشمل البحث في تأثير تناول الكاري، المُحتوي على الكركم وخاصة مادة “الكركمين” فيه، وتشكيلة من الخضار المحتوية على مادة”فينيثايل أزوثيوسيانات”، تشمل كل من القرنبيط cauliflower ، والبروكلي broccoli ، واللفت turnips ، والملفوف cabbage ، ومجموعة أخرى من الخضار. وبالنتيجة، ووفق ما تم نشره في عدد 15 يناير من مجلة أبحاث السرطان journal Cancer Research ، أعلن الباحثون اكتشافهم فاعلية تناول المادتين الكيميائيتين الطبيعيتين في مكافحة تطور نمو خلايا سرطان البروستاتة. وأمّل الباحثون آنذاك أن يستكملوا تجاربهم على حيوانات المختبرات، بتطبيق ذلك على مرضى سرطان البروستاتة لمعرفة مدى تأثيرهما عليه. وكانت دراسة للباحثين من جامعة تكساس، تم نشرها في عدد سبتمبر عام 2005 لمجلة بايوكيميكل فارماكولوجي Biochemical Pharmacology ، قد قارنت تأثير الكركم بتأثير عقار “تاكسول” Taxol في محاولات وقف انتشار سرطان الثدي بعد إجراء عملية استئصال الثدي، وتبين أن الكركم كان أقوى من “تاكسول”. وهناك أكثر من عشر دراسات أخرى، بحسب ما توفر لي من استقصاء في البحث، تتحدث عن مقارنات لفاعلية وتأثيرات الكركم على أنواع أخرى من السرطان، لا مجال للاستطراد في إعطاء نبذة عن كل منها. الكركم .. تاريخ طويل من الاستخدامات الطبية وفق ما تُشير إليه نشرات المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة، فإن قائمة الاستخدامات التقليدية أو ذات النظريات العلمية الداعمة، تشمل كثيراً مما لم تتم تجربته على البشر، ما يجعل من الفاعلية عنصراً غير ثابت في الغالب. والموطن الأصلي للكركم هو المناطق الواقعة فيما بين اندونيسيا وجنوبي الهند. وينتمي إلى فصيلة الزنجبيليات، واستخداماته تنوعت فيما بين الإضافات إلى الأطعمة كأحد البهارات، وبين الاستخدامات الطبية والتجميلية كأحد العلاجات الطبيعية. وتاريخ حصاد الإنسان لسيقان جذور rhizomes الكركم يتجاوز أكثر من 5000 عام، ويتم غلي الجذور بعد حصادها، ثم تجفيفها، وتُطحن بعد ذلك لتُعطي مسحوقا بلون مزيج البرتقالي والأصفر. وبالتحليل لكمية ملعقتي شاي من مطحون الكركم، والتي تزن حوالي 4 غرامات ونصف، نجد أنها تحتوي على 16 كالورى (سعر حراري)، وتُمد الجسم بحاجته اليومية من المنغنيز بنسبة 18%، ومن الحديد بنسبة 11%، ومن فيتامين بي-6 والألياف والبوتاسيوم بنسبة تُقارب 4%. وعليه فإن القيمة الغذائية للكركم محدودة، إذا ما نظرنا إلى محتواه من البروتينات أو الكربوهيدرات أو الدهون أو غيرها من العناصر الغذائية. ولذا فإن الفائدة الصحية لإضافة الكركم إلى الأطعمة لها علاقة بتوفر مواد كيميائية ذات تراكيب فريدة وغير متكررة في البهارات الأخرى أو بقية المنتجات الغذائية، وتحديداً مادة “كركمين” الصفراء التي تُشكل نسبة 3% من مكونات الكركم. نواع متعدد من البهارات والكركم في خلطة الكاري مسحوق الكاري عبارة عن مزيج مسحوق لعدد من أنواع البهار، ولا تُوجد تركيبة واحدة لخلطة الكاري، بل ثمة عدة تركيبات وخلطات، كلها يُمكن إطلاق لفظ كاري عليها. ويُقال أن أصل كلمة كاري مستمدة من تعبير لغة مناطق في الهند عن “تتبيلة من الصلصة” أو “الصوص” من أي نوع كانت، ولذا يُقال بأن ثمة مئات من الخلطات التي تُسمى “مسحوق كاري”. ولكن يُقال بأن الإنجليز، إبان عصر المستعمرات في الهند وغيرها، أحبوا تشكيلة معينة من البهارات الهندية المُستخدمة في إعداد أنواع متميزة من أطباق الطعام في “أكل المطبخ الهندي”. ومع انتشار المطاعم الهندية في العالم، ونشوء جاليات من شبه القارة الهندية في كل مكان من العالم تقريباً، انتشرت وصفة “كاري” كإضافة من البهارات لتطييب طعم المأكولات المطبوخة بأشكال ووسائل مختلفة. ومع ذلك التنويع الواسع في تشكيلة مكونات مسحوق الكاري، إلا أن غالبية ما هو متوفر في الأسواق العالمية من مسحوق الكاري يشمل مزيجا لكل من الكركم turmeric والكزبرة coriander والكمون cumin والحلبة fenugreek. ثم تتنوع الإضافات بحسب الأذواق ونوعية الأطباق المُراد طهيها، لتشمل إما الزنجبيل ginger أو الثوم garlic أو القرفة cinnamon أو القرنفل (المسمار) clove أو بذور الخردل mustard seed أو بذور الشمر fennel seed أو جوزة الطيب nutmeg أو الهيل الأخضر العادي cardamom green أو أو الهيل الهندي الأسود black cardamom أو الفلفل الأحمر red pepper أو الفلفل الأسود black pepper. ولذا فإن ثمة كاري أصفر وكاري أحمر وكاري بني، باختلاف اللون الغالب لمكوناته