استخدام أدوية علاج الفطريات من دون العودة إلى الطبيب المختص أمر يشكل خطورة بالغة على صحة المريض، وقد انتشرت هذه العادة أخيرا بشكل لافت للنظر خاصة من جانب مرضى التينيا الذين يتعاطون الأدوية عن طريق الفم من الصيدلية مباشرة ومن دون استشارة طبيب. وقد أثبتت التجارب والأبحاث أن استخدام هذه الأدوية بشكل عشوائي يمكن أن يعرض المريض لمخاطر وأعراض جانبية شديدة تدمر الكبد. ويؤكد الدكتور هاني الناظر رئيس المركز القومي للبحوث بمصر أن بعض المضادات التي تؤخذ لعلاج الفطريات تتفاعل مع بعض المضادات الحيوية التي لا يعرفها الشخص العادي مما تضاعف الخطورة عليه. وعن سبب إثارة هذه المشكلة يقول د. هاني الناظر إن حالات عديدة بدأت تتردد على عيادات الأمراض الجلدية والتناسلية والباطنية بالمركز وكلهم لمرضى يتناولون هذه الأدوية من دون وعي وبشكل سيئ جدا، وبإجراء التحاليل الطبية اللازمة لهؤلاء للتأكد من وظائف الكبد، تبين أن بعض هؤلاء المرضى تأثرت وظائف الكبد لديهم. وكانت الحالة الأخيرة لشاب عمره 18 عاما أظهرت التحاليل التي أجريت له تدهورا كبيرا في وظائف الكبد لديه نتيجة تناوله الأدوية المضادة للفطريات عن طريق الفم من تلقاء نفسه ومن دون الرجوع إلى الطبيب.. مع العلم أن هذه الأدوية لها جرعات محددة، ووصفها يخضع لقواعد حسب سن المريض ووزنه وأيضا بحسب حجم الإصابة بالتينيا ونوعها. وحول الإصابة بالفطريات الجلدية يوضح أن التينيا من أكثر الأمراض الجلدية انتشارا خاصة في مصر والمنطقة العربية نظرا للطبيعة الحارة والرطوبة وتزداد هذه الحالات في فصل الصيف، كما تلعب العادات والتقاليد إلى جانب ظروف المناخ دورا مهما في زيادة نسبة الإصابة فتصيب جلد الإنسان مجموعة مختلفة من الفطريات تسبب أشكالا عديدة لمرض التينيا.. فهناك تينيا الرأس التي تسمى بالقراع ويوجد منها نوعان “الإفرنجي والبلدي” ويصيب هذا المرض الأطفال قبل سن البلوغ وقلما يصيب الرجل، كما ينتقل هذا المرض إلى الإنسان في كثير من الحالات عن طريق الحيوانات مثل القطط والكلاب. أما التينيا الملونة فتعد من أكثر أنواع الأمراض الفطرية المسببة للآلام النفسية، وتتزايد حدة الإصابة بها خلال شهور الصيف خاصة مع تزايد نسبة الرطوبة في الجو والعرق وارتفاع درجة الحرارة، حيث تعد تلك العوامل شيئا أساسيا في نمو الفطريات المسببة للمرض. كما تبين من الدراسة العلمية تزايد نسبة الإصابة بين من اعتادوا على ارتداء ملابس من خيوط صناعية والتي تساعد على زيادة العرق والحرارة، ومن أنواع التينيا المنتشرة والتي تعد صعبة العلاج تلك التي تصيب الأظافر وهي تصيب النساء أكثر من الرجال، وتعد ربات المنازل أكثر في نسبة الإصابة من بين المرضى حيث تساعد كثرة استخدام الماء والصابون في تهتك الجلد حول الأظافر مما يوفر جوا ملائما لنمو الفطريات والوصول إلى الأظافر وإصابتها، ويظهر المرض في شكل تلون بالأظافر وفي الحالات الشديدة يحمر الجلد ويتورم حول الأظافر وتسبب آلاما شديدة للمريض. ورغم صعوبة تأثير الأدوية في فطريات الأظافر إلا أنه باستخدام بعض الأدوية عن طريق الفم مع الأدوية الموضعية أمكن رفع نسبة العلاج والشفاء بشكل ملحوظ.. ومن المظاهر الأخيرة للتينيا كما يقول د. هاني الناظر والتي تنتشر بشكل ملحوظ تينيا ما بين الفخذين، حيث تؤدي العادات المنتشرة بين الناس إلى زيادتها، ومن هذا العادات الاستحمام لمدة طويلة جدا في مياه البحر أو حمامات السباحة حيث يتسبب المايوه في تسلخ الجلد بمنطقة ما بين الفخذين مما يعمل على الإصابة بالفطريات، ومشيرا إلى أنه كثيرا ما تصاب هذه المناطق بالالتهابات البكتيرية أو الصدفية، والتي كثيرا ما تعالج بشكل خاطئ بمضادات الفطريات مما تسبب مشكلات كبرى للمريض. وتنتشر تينيا الأصابع والقدمين خاصة بين الرياضيين وتسبب التهابات شديدة وأحيانا شقا بالجلد وحكة شديدة.. ولذلك يجب سرعة علاج المريض في الوقت المناسب، حيث إن هذه الإصابات غالبا ما تتم بفعل مجموعة من الفطريات والخمائر المعروفة باسم الكانديدا. كما يمكن ظهور الفطريات في شكل تينيا حلقية لها حرف ملتهب ولون أحمر وفي هذه الحالات ينتقل المرض من شخص إلى آخر ومن الحيوان إلى الإنسان، كما يمكن أن تصيب الفطريات مساحات كبيرة من الجلد وتصاحبها حكة وتكون سريعة الانتشار.. وعن أساليب وطرق العلاج يقول: هناك عدة أساليب لعلاج هذه الأمراض حيث يتم علاج الإصابة المحددة موضوعيا، أما الإصابات الكبيرة فتحتاج إلى العلاج المكمل بالفم إلى جانب العلاجات الموضعية وهنا يجب أن تراعى حالة وصحة الكبد، وقد بدأ من قبل العلاج بالتركيبات الموضعية الأقل فاعلية ثم ظهرت مركبات أشد فاعلية وأقل تكلفة، وظهر مركب دوائي يعطى عن طريق الفم ويعتبر من أقوى العلاجات المختلفة لتينيا القدمين والفخذين والقراع إلا أنه غير فعال في علاج التينيا الملونة، كما أن استعماله لفترات طويلة يؤدي إلى آثار جانبية تؤذي الكبد.. كذلك فهو يتفاعل مع أشعة الشمس أحيانا ويسبب تسمما ضوئيا أو حساسية ضوئية. وخلال السنوات القليلة الماضية بدأ يظهر تطور هائل في علاج الفطريات، وتسابقت المراكز البحثية العالمية في إنتاج أمراض تؤخذ بالفم بعضها يمكن استعماله بجرعة واحدة أو يؤخذ لفترات أطول تختلف بحسب نوع الإصابة إلا أنه قد لوحظ انتشار استخدام هذه الأدوية من دون ضوابط وكانت نتيجتها ظهور بعض الآثار الجانبية والخلل في وظائف الكبد لدى متعاطيها.. حيث تزداد الخطورة مع الاستخدام الخاطئ لهذه الأدوية ويصفها الناس لبعضهم حيث لا يجد المريض صعوبة في الحصول عليها من الصيدلية من دون تذكرة طبية. ولذلك يوصي د. الناظر بوضع هذه الأدوية على قائمة الأدوية المحظور تداولها من دون تذكرة معتمدة. وفي النهاية يشير إلى أن الشركات العالمية بدأت بإنتاج أجيال جديدة من الأدوية تؤخذ عن طريق الفم ذات تأثيرات جانبية أقل، وفاعلية أكثر وتفيد في حالات التينيا الملونة وفطريات الأظافر التي تحتاج إلى مدد علاج طويلة، ولكن أيضا يجب عدم تداولها من دون تذكرة طبية لخطورتها على الصحة العامة، كما يجب أن يخضع المريض المعالج لهذه العقاقير لفحص الكبد قبل بدء العلاج لمعرفة حالته وخلال العلاج وبعده لتفادي أي خطورة في وقتها.