أمراض الكليه والجهاز التناسلي ... الجزء الخامس

الناقل : فراولة الزملكاوية | الكاتب الأصلى : مـ الروح ـلاك | المصدر : forum.te3p.com

التشوهات الخلقية في الكلى والسبيل البولي
CONGENITAL ABNORMALITIES OF
THE KIDNEYS AND URINARY SYSTEM

تصيب التشوهات الخلقية الخاصة بالسبيل البولي (انظر الشكل 24) أكثر من 10% من الولدان، وهي وإن لم تكن مميتة فوراً لكنها قد تؤدي لتطور اختلاطات متعددة في مراحل الحياة التالية. يولد طفل واحد من أصل كل 500 تقريباً ولديه كلية وحيدة، ورغم أنها عادة ما تتوافق مع الحياة الطبيعية فإنها غالباً ما تترافق مع تشوهات أخرى. يعد داء الكلية عديدة الكيسات السبب الوراثي الأشيع للداء الكلوي الشديد، وفي المرتبة الثانية تأتي متلازمة ألبورت أما بقية الأمراض الكيسية فستدرس لاحقاً. تشمل بقية الاضطرابات الوراثية التي تؤثر على الكلية كلاً من المتلازمات الورمية والحالات الناجمة عن طفرات في الجزيئات المبادلة أو الناقلة.

الشكل 24: التشوهات الخلقية في السبيل البولي.

ينجم الإحليل التحتي (المبال التحتاني) عن قصورٍ في التحام الطيات الجنينية مما يؤدي لتوضع شاذٍ لفوهة الصماخ البولي الخارجية على السطح البطني من القضيب. قد تكون هذه الفتحة متوضعة بموقع أمامي (ليس في المكان الطبيعي وإنما تحته مباشرة) أو قضيبياً أو عند كيس الصفن أو حتى في العجان، وفي هذه الحالات الأخيرة يتندب الجسم الإسفنجي ويتليف مما يؤدي لانحناء القضيب بطنياً أو لاعوجاجه. يهدف العلاج إلى إصلاح هذا التشوه بتسليخ التليف أولاً ثم بإجراء عمل جراحي تجميلي يجعل فوهة الإحليل في موضعها الطبيعي على الحشفة، يجب إتمام هذه العملية قبل أن يصل الطفل لسن المدرسة.

أما في حالة الإحليل الفوقي (المبال الفوقاني) نجد أن فوهة الصماخ البولي الخارجية تتوضع على السطح الظهري للقضيب. تتراوح درجة هذا التشوه من تشوه قضيبي معزول إلى قصور صريح في تطور المثانة والإحليل. ينجم تشوه شديد من امتداد الغشاء المذرقي إلى جدار البطن السفلي حيث يمنع نصفي هذا الجدار من الانغلاق فوق المثانة المتطورة، نتيجة لذلك تبقى مخاطية المثانة والفتحات الحالبية مكشوفة وتشكل جزءاً تحت سري من جدار البطن (الانكشاف المثاني Exstrophy). يبقى الإحليل مفتوحاً للخارج والخصيتين غير هابطتين. تشمل التشوهات الأخرى انفصال ارتفاق العانة وهبوط المستقيم. لا يكون إصلاح هذه التشوهات ناجحاً دائماً وقد يبقى السلس البولي مشكلة كبيرة تحتاج لتحويل بولي.

تتطور القيلة الحالبية خلف فتحة حالبية ضيقة جداً (دبوسية)، ويتوسع الجزء من الحالب الواقع ضمن الجدار المثاني ويبرز إلى داخل المثانة وقد يتضخم بشكل كبير جداً.

يحدث الحالب الهاجر عند وجود تضاعف خلقي في كلية واحدة أو اثنتين (الكلية المضاعفة). من الناحية التطورية يملك الحالب فرعين رئيسين وفي حال استمرار هذا الترتيب نجد أنه يمكن للحالبين الاثنين الخاصين بالكلية المضاعفة أن ينزحا البول بشكل منفصل إلى المثانة، حيث يدخل أحدهما بشكل طبيعي إلى منطقة المثلث المثاني بينما يدخل الحالب الهاجر (من الشطر الكلوي العلوي) إلى المثانة أحياناً أو بشكل أندر إلى المهبل أو إلى الحويصل المنوي.

قد تكون الآلية الدسامية الخاصة بالحالب الهاجر الذي دخل المثانة غير فعالة مما يؤدي لتدفق البول إليه عائداً من المثانة خلال التبول (جزر مثاني-حالبي). قد يحدث هذا الجزر في حالبٍ متوضع بشكل طبيعي في حال فشل الجزء داخل الجداري منه في العمل كدسام. يؤثر ضغطُ البول القالس كانسداد متقطع والذي قد يؤدي لأذية كلوية خطيرة عند الأطفال.

يلاحظ في حالة الحالب العرطل الانسدادي الأولي توسع الحالب في كل أقسامه باستثناء الشدفة النهائية دون وجود سبب واضح ودون وجود جزر مثاني-حالبي. قد يستطب إجراء دراسات شعاعية ودراسات ديناميكية (دراسات الضغوط والجريان) لكشف أي انسدادٍ بولي محتمل، وقد يستطب تضييق الحالب وإعادة زرعه في المثانة.

الأمراض الكلوية الوعائية
RENAL VASCULAR DISEASES


ـ مقدمة:
إن التروية الدموية الكافية ضرورية للكلى للقيام بكل وظائفها. ولذلك فإنه يمكن للأمراض التي تؤثر على الأوعية الدموية الكلوية أن تسبب أيَّ مظهر سريري للداء الكلوي. من الشائع أن تسبب هذه الأمراض القصور الكلوي الحاد أو المزمن وارتفاع التوتر الشرياني الثانوي.

تضيق الشريان الكلوي
RENAL ARTERY STENOSIS

بينما من المعلوم تماماً أن أمراض الشرايين الكلوية تشكل سبباً لارتفاع التوتر الشرياني الثانوي، فإنها تشكل أيضاً وبشكل متزايد سبباً معروفاً من أسباب القصور الكلوي ولاسيما عند المسنين، وتعرف هذه الحالة باسم اعتلال الكلية الإقفاري.

A. الآلية الإمراضية:
يعد التصلب العصيدي السبب الأشيع لتضيق الشريان الكلوي ولاسيما عند المرضى المسنين، ومن المعتاد أن يترافق مع تصلب عصيدي مهم سريرياً في موضع آخر من الجسم، وترتفع نسبة تشخيصه في حال وجود أعراض وعلامات إقفارية في الطرفين السفليين. أما عند المرضى الذين تقل أعمارهم عن 50 سنة فيغلب أن يكون سبب تضيق الشريان الكلوي هو عسر التصنع الليفي العضلي، وهو عبارة عن حزمة خلقية من النسيج الليفي تحيط بالشريان ومع نمو المريض يصاب هذا الشريان بالتضيق المترقي، من الشائع أن تتظاهر هذه الحالة بارتفاع التوتر الشرياني عند مريض بعمر 15-30 سنة. في كلتا الحالتين (التضيق العصيدي، عسر التصنع الليفي العضلي) وعندما يكون التضيق مهماً من الناحية الهيموديناميكية يحدث توسع تالٍ لمنطقة التضيق.

يصنف التضيق على أنه فُتَحي Ostial (عند فوهة الشريان) أو داني أو قاصي حسب الجزء المتأثر من الشريان، وتقيم شدته حسب درجة التضيق. إن التضيق الذي يقل عن 50% لا يحدث نتائج هيموديناميكية مهمة عادة.
في حالة التضيق البسيط وحيد الجانب نجد أن الكلية على الجانب السليم تظهر تبدلاتٍ توحي بتصلب كلوي محرض بارتفاع التوتر الشرياني، بينما نجد أن البارانشيم الكلوي على الجانب المؤوف قد يكون محمياً بشكل نسبي من تأثيرات ارتفاع التوتر الشرياني، ولكن سيكون معدل الرشح الكبي الخاص بهذه الكلية منخفضاً بسبب نقص ترويتها. في حالة التصلب العصيدي نجد أن الصورة تختلط غالباً بداء الأوعية الصغيرة في الكليتين الذي قد يكون على صلة بالصمة العصيدية تحت السريرية أو بارتفاع التوتر الشرياني أو بمرض آخر.

B. الاستقصاءات:
يسبب التضيق المديد ضمور الكلية المؤوفة حيث تظهر بقد صغير على التصوير بأمواج فوق الصوت. وبما أن معظم حالات تضيق الشريان الكلوي وحيدة الجانب فإن عدم تناظر الكليتين (عدم تساوي حجمهما) يشكل علامة مفيدة موجهة للتشخيص اعتماداً على التصوير بأمواج فوق الصوت (ولكنها علامة غير حساسة ومتأخرة)، ومن العلامات الأخرى المفيدة ارتفاع التوتر الشرياني أو اضطراب الوظيفة الكلوية أو الداء الوعائي في موضع آخر من الجسم (انظر الجدول 18). قد يظهر تصوير الكلى بقبط النظير المشع أن الكلية على الجانب المؤوف يتأخر قبطها لهذا النظير وينقص معدل إطراحها له. تشخص هذه الحالة بشكل نوعي بتصوير الشريان الكلوي الظليل (انظر الشكل 25) الذي يجب إجراؤه قبل البدء بالعلاج.
الجدول 18: تضيق الشريان الكلوي.
يشك بتشخيص تضيق الشريان الكلوي في حال:
· كان ارتفاع التوتر الشرياني شديداً أو حديثَ الظهور أو صعبَ الضبط.
· كانت الكليتان غير متساويتين في القد.
· كان يوجد دليل على داء وعائي في موضع آخر من الجسم (ولاسيما الطرفين السفليين).



الشكل 25: تضيق الشريان الكلوي.
A:
تصوير شرياني ظليل بطريقة الطرح الرقمي بعد حقن مادة ظليلة ضمن الأبهر يظهر تضيق الشريان الكلوي. الأبهر البطني غير منتظم بشكل شديد وعصيدي. الشريان الكلوي الأيمن غائب تماماً، بينما الشريان الكلوي الأيسر متضيق (السهم) ولكن المادة الظليلة عبرت منطقة التضيق لتظهر صورة الكلية في بدايتها.
B: عند مريض آخر أدخلت القثطرة إلى ما بعد التضيق عند فتحة الشريان الكلوي الأيمن استعداداً لإجراء توسيع بالبالون/ تركيب قالب داعم.

C. التدبير والإنذار:
يتطور تضيق الشريان الكلوي العصيدي المنشأ إلى انسدادٍ كامل فيما لو لم يعالج مما يؤدي لانعدام الوظيفة الكلوية، وهذا ما يحدث في 15% من الحالات. وتزداد هذه النسبة كلما كان التضيق أشد. في حال كان ترقي التضيق تدريجياً نجد أنه قد تتطور أوعية رادفة تحافظ على بعضٍ من الوظيفة الكلوية. وحتى عندما ينعدم الإرواء الدموي عبر الشريان الكلوي الرئيسي تتلقى الكلية بعض التروية من الأوعية الدموية المحفظية، هذه التروية لن تدعم الأداء الوظيفي الكلوي ولكنها قد تكون كافية للحيلولة دون تعرض الكلية للاحتشاء والتخرب. لا يسبب عسر التصنع الليفي العضلي انسداداً كاملاً في العادة وإن التضيق الشرياني الناجم عنه يتوقف عند حد معين عند توقف المريض عن النمو.

تشمل الخيارات العلاجية ما يلي:
ـ العلاج الدوائي (خافضات الضغط، جرعة منخفضة من الأسبيرين، الأدوية الخافضة للشحوم إن استطبت).
ـ رأب الشريان: حيث يتم توسيعه بالبالون مع/ أو دون تركيب قالب دعم ميكانيكي.
ـ استئصال جراحي للقطعة المتضيقة وإعادة المفاغرة.

حالياً لا توجد معطيات موثقة تشير لأفضلية طريقة ما على أخرى. حالياً يلجأ للرأب الشرياني بشكل واسع مع تركيب دعامة (ستنت) لتحسين الجريان. على كل حال قد توجد مخاطر شديدة لهذه المقاربات عند المريض المصاب بالتصلب العصيدي تشمل اعتلال الكلية بوسيط التباين وانسداد الشريان الكلوي والاحتشاء الكلوي والصمة العصيدية، والتي تنجم عن المنابلة على أبهر مريضٍ جداً. إن تأثير هذه المقاربات على الوظيفة الكلوية وعلى بقيا المريض غير واضح ولازالت التجارب السريرية تدرس هذا الموضوع حالياً. نادراً ما تجرى الجراحة في الوقت الراهن. قد يكون العلاج الدوائي المحافظ مناسباً في حال وجود داء عصيدي منتشر في الأبهر وفي شرايين أخرى في الجسم.

أمراض الأوعية الدموية الصغيرة داخل الكلوية
DISEASES OF SMALL INTRARENAL VESSELS

يوجد العديد من الحالات التي تترافق مع الأذية الحادة وانسداد الأوعية الدموية الكلوية الصغيرة (الشرينات والشعيرات الدموية). عادة تترافق هذه الأذية مع تبدلات مشابهة (بدرجات متفاوتة) في مواضع أخرى من الجسم. المظهر الشائع لهذه المتلازمات هو حالة فقر الدم الانحلالي باعتلال الأوعية الدقيقة، حيث يحدث انحلال دم نتيجة لأذية تلحق بالكريات الحمر خلال مرورها عبر أوعية دموية غير طبيعية. يمكن مشاهدة الكريات الحمر المتشدفة (على شكل أشلاء) بفحص لطاخة من الدم المحيطي وهي تشكل العلامة الرئيسة على داء الأوعية الصغيرة. ذكرنا في (الجدول 19) الحالات الرئيسة التي تترافق مع تأذي وانسداد الأوعية الدموية داخل الكلوية الصغيرة.
الجدول 19: اضطرابات الأوعية الدقيقة التي تترافق مع أذية كلوية حادة.
· اعتلال الأوعية الدقيقة الخثاري (المتلازمة الانحلالية اليوريميائية، فرفرية نقص الصفيحات الخثري المنشأ) يترافق مع الإيشريشيا الكولونية المفرزة للفيروتوكسين Verotoxin. حالات أخرى (عائلية، دوائية، سرطانية).
· التخثر المنتشر داخل الأوعية.
· التهاب الأوعية الصغيرة.
· الصمة العصيدية (الصمة الكوليسترولية).
· ارتفاع التوتر الشرياني الخبيث.
· التصلب الجهازي (تصلب الجلد).

A. اعتلال الأوعية الدقيقة الخثاري:
تعد المتلازمة الانحلالية اليوريميائية (HUS) وفرفرية نقص الصفيحات الخثاري المنشأ (TTP) مثالين عن اعتلال الأوعية الدقيقة الخثاري. المظهر المشترك لهذين المرضين هو وجود أذية في الخلايا البطانية الخاصة بالدوران المجهري والتي تُتبَع لاحقاً بتورم خلوي والتصاق الصفيحات وتشكل الخثرات. قد يكون سبب كل متلازمة مختلفاً عن الأخرى كما تختلف مظاهرهما السريرية رغم وجود تراكب شديد بينهما.
في حالة المتلازمة الانحلالية اليوريميائية تميل الإصابة لأن تتوضع في الدوران المجهري الكلوي بشكل كبير مع امتدادها إلى بقية الأجهزة (بما في ذلك الدماغ) في الحالات الأكثر شدة. بينما نلاحظ في حالة نقص الصفيحات الخثاري المنشأ أن الإصابة تتوضع في أوعية الدماغ بشكل رئيسي بينما تكون الإصابة الكلوية أقل شدة وتواتراً. يتميز كلا الاضطرابين باعتلال الأوعية الدقيقة الشديد الذي يسبب انخفاضاً ملحوظاً في تعداد الصفيحات وفي تركيز الخضاب. كذلك توجد المظاهر الأخرى المميزة للانحلال الدموي داخل الأوعية مثل ارتفاع تركيز البيلروبين وخميرة نازعة الهيدروجين اللبنية (LDH) وانخفاض تركيز الهابتوغلوبين، غالباً ما تشاهد أيضاً كثرة شبكيات.

إن اعتلال الأوعية الدقيقة الخثري المترافق مع إنتان بالإيشيرشيا كولي (الإيشيرشيا الكولونية) (ولاسيما ذات النمط المصلي O157) حالة جديدة نسبياً تترافق مع الإصابة بالعوامل الممرضة المفرزة للفيروتوكسين. رغم أن هذه الجراثيم تعيش بشكل طبيعي في أمعاء المواشي وبقية الحيوانات المنزلية فإنها يمكن لها أن تسبب إسهالاً نزفياً عند الإنسان عندما تصل إليه عبر الأطعمة أو المياه الملوثة أو من شخصٍ ما مصاب بها. في نسبةٍ من الحالات يدخل الذيفان المنتج من قبل العامل الممرض إلى الدوران ويرتبط إلى مستقبلات سكرية شحمية نوعية موجودة وبشكل مكشوف وبشكل خاص على سطح الخلايا البطانية الخاصة بالأوعية الدقيقة. عند الأطفال تسبب هذه العوامل الممرضة متلازمة انحلالية يوريميائية مترافقة مع الإسهال (D + HUS)، رغم أنه في الحالات الأكثر شدة قد يصاب الدماغ وبقية أجهزة الجسم. حالياً تعد المتلازمة الانحلالية اليوريميائية المترافقة مع الإسهال السبب الأشيع للقصور الكلوي الحاد عند الأطفال في المناطق النامية. أما عند البالغين فإن هذه الحالة قد تقلد أكثر حالة نقص الصفيحات الخثاري المنشأ. على كل حال يشفى الأطفال والبالغون غالباً خلال 5-15 يوماً من بدء تطبيق الديلزة. ولا يوجد علاج نوعي يساعد في الشفاء.

إن سير بقية أسباب اعتلال الأوعية الدقيقة الخثاري أقل وضوحاً وهي غالباً ما تنكس (أحياناً بعد زرع الكلية). إن حدوثها عند عائلات معينة قد يعكس اضطراباً في آلية دفاع الخلايا البطانية ضد الأذية أو الخثار بما في ذلك عوز عامل المتممة H وعوز بروتياز فون وليبراند. قد تحدث هذه الحالة بعد الولادة استجابة لأدوية معينة (ولا سيما المعالجة الكيماوية) وبعد زرع النقي وعند المصاب بخباثة ما وأحياناً تحدث بشكل عفوي ظاهرياً. يفيد استبدال البلازما باستخدام البلازما الطازجة المجمدة في ضبط هذه الحالة في العديد من الأمثلة السابقة، وتوجد بعض الأدلة التي تشير إلى أنه يمكن في بعض الحالات تعويض العامل المصاب بالنقص (ربما بروتياز فون وليبراند).

B. التخثر المنتشر داخل الأوعية:
في هذه الحالة نجد أن أكثر المظاهر السريرية المسيطرة هي عوز عوامل التخثر الناجم عن استهلاكها التالي لتفعل التخثر في الأوعية الدموية الدقيقة بشكل غير مضبوط. يؤدي ما سبق يؤدي لأهبة المريض للنزف من الأوعية الكبيرة. قد تترافق الحالة أيضاً مع نقص الصفيحات. تشمل العوامل المحرضة الصدمة الإنتانية (حيث يفعل الذيفانُ الجرثومي الداخلي شلال التخثر بشكل مباشر) والاختلاطات التوليدية والسرطان المنتشر وبقية أسباب النزف الداخلي الكتلي أو أسباب تفعل التخثر أو أسباب نضوب عوامل التخثر. يتألف العلاج من الإجراءات التي تضمن الاستتباب الدموي بإعاضة عوامل التخثر الناقصة حسب الحاجة والتي تعالج السبب المستبطن بشكل نوعي.

C. ارتفاع التوتر الشرياني الخبيث:
يكون ارتفاع التوتر الشرياني المتسارع أو الخبيث من الشدة بحيث أنهما قد يسببان أذية حادة للشرينات الكلوية. غالباً ما تكون الحالة أعراضية حيث يصاب المريض بالصداع وضعف الرؤية وفي النهاية تتطور مظاهر القصور الكلوي (انظر الشكل 26). تترافق عادة مع مظاهر اعتلال الأوعية الدقيقة التي وصفناها سابقاً. بغياب قصة مرضية سابقة قد يكون من الصعب تمييز هؤلاء المرضى عن أولئك المصابين بالمتلازمة الانحلالية اليوريميائية المترافقة مع ارتفاع توتر شرياني ملحوظ. عادة يستجيب المرضى للعلاج الفعال الخافض للضغط رغم أن 20% منهم يصابون بقصور كلوي دائم.

الشكل 26: الخثار الشعري الكبي في ارتفاع التوتر الشرياني الخبيث. تحدث نفس التبدلات في اعتلال الأوعية الدقيقة الخثاري، تظهر الشرينات المجاورة (السهم) تثخناً صريحاً في طبقتها البطانية.

D. التهاب الأوعية الصغيرة:
سنناقش لاحقاً الداء الكلوي الناجم عن التهاب الأوعية الصغيرة.

E. التصلب الجهازي (تصلب الجلد):
إن الإصابة الكلوية علامة خطيرة في هذا الداء وهي تتظاهر بتنمي الخلايا البطانية وبتضيق لمعة الشرايين والشرينات داخل الكلوية. سريرياً تتظاهر هذه الحالة عادة بنوبة كلوية ناجمة عن صلابة الجلد "Scleroderma Renal Crisis" تتميز بارتفاع توتر شرياني شديد ومظاهر اعتلال الأوعية الدقيقة وقصور كلوي مترقٍ من النوع المترافق مع شح البول. يوجد تشنج وعائي داخل كلوي شديد، وترتفع فعالية رينين المصل بشكل ملحوظ. ولقد أدى استخدام مثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين لضبط ارتفاع التوتر الشرياني إلى تحسين البقيا لمدة سنة واحدة من 20% إلى 75%. على كل حال فإن 50% من المرضى سيحتاجون لمعالجة معيضة للكلية.

F. الداء الكلوي الصمي العصيدي (صمة الكوليستيرول):
ينجم هذا الداء عن وابلٍ من الصمات الدقيقة التي تحوي الكوليستيرول، والتي تنشأ من صفيحة عصيدية متوضعة في الشرايين الكبيرة. يحدث عند مرضى مصابين بداء عصيدي منتشر ولاسيما بعد تداخلٍ باضع ما مثل عمل جراحي أو تصوير شرياني ظليل. تشمل المظاهر السريرية كلاً من القصور الكلوي والبيلة الدموية والبيلة البروتينية وأحياناً تحدث كثرة حمضات ومظاهر التهابية قد تقلد التهاب الأوعية الصغيرة. من الشائع أن تترافق هذه الحالة مع علامات انسداد السرير الوعائي المجهري في الأطراف السفلية (إقفار الأباخس، التزرق الشبكي) ولكنها ليست متواترة دوماً (انظر الشكل 27). لا يوجد علاج نوعي لهذه الحالة.


الشكل 27: قدم مريضٍ يعاني من انصمام عصيدي شديد تالٍ لتركيب دعامة (ستنت) في أحد الشرايين الإكليلية.

الأمراض الكبية
GLOMERULAR DISEASES

مقدمة:
يمكن للأمراض الكبية أن تسبب طيفاً واسعاً ومميزاً من الاضطرابات تشمل البيلة الدموية والبيلة البروتينية والقصور الكلوي وارتفاع التوتر الشرياني.
وتبقى هذه الأمراض السبب الرئيسي للقصور الكلوي المزمن في المناطق المتطورة والنامية.
إن معظم هذه الأمراض مكتسبة وعدد قليل منها وراثي. تصنف الأشكال المكتسبة منها إلى أمراض التهابية/ منمية ولاالتهابية (أو لامناعية).


الأمراض الكبية الوراثية
INHERITED GLOMERULAR DISEASES

I. متلازمة ألبورت ALPORT'S SYNDROME:
يوجد عدد من الأمراض غير الشائعة التي قد تؤثر على الكبب عند الأطفال. ولكن تعد متلازمة ألبورت أهم شكل يصيب البالغين (انظر الجدول 20). تنجم معظم الحالات عن طفرة أو فقد صبغي في المورثة COL4A5 على الكروموزوم X، الأمر الذي يؤدي إلى تخربٍ مترقٍ يصيب الغشاء الكبي القاعدي (انظر الشكل 28)، وإن العديد من الأغشية القاعدية الأخرى التي تحوي نفس النظائر الكولاجينية Collagens Isoforms تتأثر بشكل مشابه ولاسيما في القوقعة.
الجدول 20: متلازمة ألبورت.
· تعد متلازمة ألبورت السبب الوراثي الثاني من حيث الشيوع للقصور الكلوي حيث يعد داء الكلية عديدة الكيسات السبب الأول.
· الاضطراب الرئيسي عبارة عن تنكس مترقٍ يصيب الغشاء الكبي القاعدي (انظر الشكل 28).
· تنجم عن اضطرابات تصيب النظائر النوعية للنسج من الكولاجين من النمط IV (الغشاء القاعدي).
· تترافق مع صمم حسي عصبي (للنغمات المرتفعة أولاً) ومع اضطرابات عينية.
· تترافق معظم الحالات مع طفرات تصيب المورثة COL4A5 المسؤولة عن السلسلة a5 من الكولاجين من النمط IV المتوضعة على الكروموزوم Xq22.
المرض المرتبط بالصبغي الجنسي (COL4A5) X:
· يتطور هذا المرض عند الذكور المصابين من بيلة دموية إلى قصور كلوي بمراحله النهائية في نهاية العقد الأول أو الثاني من العمر.
· أما الإناث اللواتي يحملن مورثة هذا المرض تصبن بالبيلة الدموية ولكن نادراً ما يتطور لديهن مرض كلوي مهم.
المرض المنتقل بخلة جسمية صاغرة (COL4A4، COL4A3):
· يصاب به الذكور والإناث بشكلٍ متساوٍ.
· قد يصاب الحاملون لهذه المورثة ببيلة دموية مجهرية وبداء الغشاء الكبي القاعدي الرقيق.


الشكل 28: متلازمة ألبورت.
A:
تمثيل توضيحي لتركيب الغشاء الكبي القاعدي الطبيعي.
B: يحتوي الغشاء الكبي القاعدي الطبيعي (صورة بالمجهر الإلكتروني) غالباً السلاسل النوعية للنسج ألفا3 و ألفا4 و ألفا5 العائدة للكولاجين من النمط IV.
C: في متلازمة ألبورت تتخرب هذه الشبكة ويحل محلها السلاسل ألفا1 و ألفا2 ، رغم أن الغشاء الكبي القاعدي يبدو طبيعياً من الناحية التركيبية في المراحل الباكرة من الحياة، إلا أنه مع الوقت يبدأ بالترقق ثم التثخن ثم التشقق فالتخرب.


لا يوجد علاج فعال يفيد في إبطاء معدل ترقي هذه الحالة، ولكن هؤلاء المرضى (المصابين بمتلازمة ألبورت) مرشحون بشكل جيد من أجل المعالجة المعيضة للكلية لأنهم يكونون عادة يفعان وأصحاء من نواحي الجسم الأخرى. يطور بعض هؤلاء المرضى استجابة مناعية موجهة ضد المستضدات الكولاجينية الطبيعية الموجودة في الغشاء الكبي القاعدي الخاص بالكلية المزروعة، وعند نسبة قليلة من المرضى يتطور داء ضد - الغشاء الكبي القاعدي ليخرب الطعم المثلي.

II. داء الغشاء الكبي القاعدي الرقيق THIN GBM DISEASE:
في هذا المرض يوجد نزف كبي يكشف فقط بواسطة الشرائح أو مجهرياً، دون وجود ارتفاع توتر شرياني أو بيلة بروتينية أو انخفاض في معدل الرشح الكبي. تظهر الكبب طبيعية عند فحصها بالمجهر الضوئي ولكن عند فحصها بالمجهر الإلكتروني نجد أن الغشاء الكبي القاعدي يكون رقيقاً بشكل غير طبيعي. الإنذار جيد. هذه الحالة التي تنتقل على شكل خلة جسمية قاهرة مسؤولة عن نسبة كبيرة من حالات البيلة الدموية العائلية الحميدة التي يكون إنذارها ممتازاً في العادة. بعض العائلات قد تكون حاملة لمتلازمة ألبورت المنتقلة على شكل خلة جسمية صاغرة، ولكن هذه الظاهرة لا تشكل كل الحالات.

التهاب كبيبات الكلى
GLOMERULONEPHRITIS



رغم أن مصطلح التهاب كبيبات الكلى يوحي من الناحية اللغوية بوجود حدثية التهابية على مستوى الكبب الكلوية، فإنه يستخدم ليشمل أنماطاً أخرى من الأمراض الكبية (اعتلالات كبية) التي لا تحتوي دلائل نسجية على وجود الالتهاب. قد تحدث الأذية الكبية بعد العديد من الحوادث المرضية مثل الأذية المناعية أو التشوهات الخلقية (متلازمة ألبورت) أو الشدة الاستقلابية (الداء السكري) أو توضع المواد الخارجية المنشأ (الداء النشواني) أو الأذية المباشرة على الخلايا الكبية.

يعتقد أن معظم التهابات كبيبات الكلى متواسطة مناعياً، وبالنسبة لبعض الأمراض توجد دلائل مباشرة على هذا الاعتقاد مثل وجود أضداد موجهة ضد الغشاء الكبي القاعدي في متلازمة غود باستور. يشاهد ترسب للأجسام الضدية في أنماط عديدة من التهاب كبيبات الكلى (انظر الجدول 21). في العديد من الحالات نجد أن الآليات المحتملة تتناول المناعة الخلوية التي يصعب استقصاؤها وإثباتها (إثبات الآليات). إن استجابة العديد من أنماط التهاب كبيبات الكلى للعلاج بمثبطات المناعة تشكل دليلاً غير مباشر إضافياً على الآلية المناعية التي تكمن وراء هذا المرض. في معظم الحالات يبدو أن أهداف الاستجابة المناعية هي المستضدات الكبية

رغم أن ترسب المعقدات المناعية الجوالة في الدوران كان يشك به سابقاً كآلية عامة لالتهاب كبيبات الكلى، لكن حالياً يبدو من المحتمل أن معظم الرواسب الحبيبية للغلوبولينات المناعية ضمن الكبب تنجم عن تشكل معقدات مناعية موضعية (تتشكل في مكان الإصابة) حول المستضدات الكبية أو حول مستضدات أخرى (جرثومية أو حموية) والتي تكون متوضعة في الكبب.

يعتمد تصنيف التهاب كبيبات الكلى لدرجة كبيرة على المظاهر التشريحية المرضية وقد يبدو أنه مربك لصعوبة ذلك. وسنتحدث لاحقاً عن كيفية ظهور هذه التبدلات التشريحية المرضية. لقد ذكرنا في الجدول 21، والشكل 30 الأنماط النسيجية المرضية الكبرى، والأمثلة السريرية الهامة عنها في المتن.

الشكل 29: الخلايا الكبية ومواضع تأثير المناعة والمناعة الذاتية. يظهر هذا المخطط أين يمكن أن تتوضع الأضداد والمعقدات المكونة من الأضداد والمستضدات: تحت الظهارة، بين الخلايا القدمية والغشاء الكبي القاعدي وداخل الغشاء وضمن الغشاء الكبي القاعدي وتحت البطانة وبين الخلايا البطانية والغشاء الكبي القاعدي وعند الخلايا المسراقية وضمن مطرقها (قارن مع الشكل 30).

الاستجابات للأذية الكبية:
يمكن حصر الاستجابات الكبية التي تحدث بعد تعرضها للأذية في ست حدثيات.
1. ارتشاح الكريات البيض:
إن اصطناع مواد الجذب الكيماوي أو بقية الوسائط بعد الأذية المحرضة مناعياً أو المحرضة بآليات أخرى، يؤدي إلى إظهار الخلايا البطانية لجزيئات الالتصاق والتي ترتبط معها الكريات البيض. كذلك قد تهاجر هذه الكريات باتجاه المواضع ذات التراكيز المرتفعة من مواد الجذب الكيماوي حيث تعبر الأغشية القاعدية بآلية الانسلال عبرها. قد تنضج الخلايا الوحيدة متحولة لبالعات كبيرة مفرزة قد تفاقم الأذية، على كل حال قد تلعب الخلايا الوحيدة دوراً كبيراً في إزالة الالتهاب بآلية التصفية الابتلاعية للكريات البيض التي تعرضت للموت الخلوي المبرمج. إن العلاج الشائع بالستيروئيدات والأدوية السامة للخلايا يؤثر على هذه الحدثيات.

2. تبدلات الخلايا المقيمة:
إن الضغط الهيدروليكي الواقع على الخلايا المسراقية والكريات البالعة المفرزة والصفيحات المتكدسة، يمكن لكل ذلك أن يؤدي لتحرر محرضات الانقسام الخيطي Mitogens مثل عامل النمو المشتق من الصفيحات أو عامل النمو الأساسي الأرومي الليفي. إن هذه العوامل تؤدي لتكاثر الخلايا المسراقية والبطانية وتحرض تبدلات شكلية فيها وفي الخلايا الظهارية (القدمية). مثل هذه التبدلات تؤدي لتبدل في المطرق (انظر لاحقاً). يتم الشفاء بالتخلص من الخلايا المقيمة الزائدة وذلك بآلية الموت الخلوي المبرمج واستعادة الخلايا المقيمة لنمطها الشكلي الطبيعي. حالياً لا توجد معالجات تؤثر على هذه الحدثيات بشكل مباشر، ولكن توجد معالجات توجه نحو عامل النمو المشتق من الصفيحات وبقية الوسائط الأخرى.

3. تبدلات المطرق خارج الخلوي:
يمكن للبالعات المفرزة أو للخلايا المسراقية التي تتعرض للضغط الهيدروليكي (مثلاً) أن تحرر عامل النمو المحول 1بيتا (TGF - 1beta) الذي يُفعل موضعياً. وبدوره يؤدي هذا السيتوكين المليف إلى اتخاذ الخلايا المسراقية لنمط الخلايا الأرومية الليفية العضلية التي تفرز مكونات المطرق ومثبطات ميتالوبروتيناز
(TIMPs) مما يؤدي لتراكم المطرق. تؤثر آليات مشابهة على الخلايا القدمية أو البطانية مما قد يؤدي لتثخن الغشاء الكبي القاعدي. يدرس حالياً تأثير حصر وظيفة عامل النمو المحول -بيتا في الأمراض البشرية.

4. تشكل الأهلة:
تسبب الأذية الوعائية الشعرية الكبية الشديدة الناجمة في معظم الأحيان عن الأوكسجين الارتكاسي المشتق من الكريات البيض ومن البروتينات المتأذية، تسبب تهتكاتٍ في جدران هذه الشعيرات الدموية. وإن نزفاً ضمن حيز بومان وتشكل خثرات الليفين تحرض تكاثر الخلايا الجدارية الظهارية الخاصة بمحفظة بومان. إن الخلايا الوحيدة المرتشحة قد تنضم إلى خلايا الأهلة. إن الأهلة الناتجة قد تضغط الشعيرات الدموية (انظر الشكل 30). القاعدة هي أن تتخرب الكبب وتفقد قدرتها الوظيفية ولكن قد يحدث الشفاء في بعض الظروف (مثل حالة التهاب الكلية التالي للإنتان بالعقديات) ولاسيما في حال لم تتهتك محفظة بومان. يمكن لتعديل الحدثية الالتهابية باستخدام الأدوية السامة للخلايا والستيروئيدات القشرية أن ينقذ الكبب المتأثرة في بعض الحالات المرضية مثل التهاب الأوعية الجهازية.


الشكل 30: التشريح المرضي للأمراض الكبية: (A ـ E بالمجهر الضوئي).
A. كبب طبيعية. لاحظ العرى الشعرية المفتوحة ومدى رقة جدرها.
B. التصلب البؤري الكبي الشدفي: تظهر الكبب الموجودة عند الساعة 2 فقدَ العرى الشعرية والخلايا التي حل محلها المطرق.
C. التهاب كبيبات الكلى البؤري المنخر: حل محل الكبب الموجودة عند الساعة 6 مادةٌ مطرقية زهرية فاتحة مع بعض (الغبار النووي Nuclear Dust). قد تشاهد بعض العدلات في كبب أخرى. يوجد التهاب خلالي محيط. هذا النمط من الأمراض الكبية يترافق غالباً مع التهاب الأوعية الصغيرة (انظر المتن) وقد يترقى متحولاً لالتهاب كلى ذي أهلة (انظر الشكل E).
D. اعتلال الكلية الغشائي: العرى الشعرية متثخنة (بالمقارنة مع الكبب الطبيعية) وهناك امتداد للمناطق المسراقية بترسب المطرق. على كل حال لا يوجد تكاثر خلوي شديد أو خلايا التهابية كثيرة.
E. التهاب كبيبات الكلى ذو الأهلة: يُشغل الجزء السفلي من حيز بومان بتشكل هلالي من الخلايا الكبيرة الشاحبة التي تضغط اللمة الكبية Glomerular Tuft. يشاهد ذلك عادة في الأنماط الالتهابية الشديدة من التهاب كبيبات الكلى. ترسب الأجسام الضدية في الكبب (F ـ H بالتألق المناعي المباشر).
F. ترسبات حبيبية من IgG على طول الغشاء القاعدي ضمن توزع تحت ظهاري نموذجي ومميز لحالة اعتلال الكلية الغشائي.
G. ترسبات IgA في مسراق الكبيبة يشاهد في حالة اعتلال الكلى بالـ IgA.
H. ترسبات خطية شريطية الشكل من الأضداد الموجهة ضد الغشاء الكبي القاعدي على طول هذا الغشاء تشاهد في داء غودباستور. لاحظنا أن التركيب الكبي مصانٌ جيداً في كل تلك الأمثلة.

5. التخثر ضمن الشعيرات الدموية الكبية:
قد يعكس التصاق الصفيحات على جدار الشعيرات الكبية توليد وسيط ضمن الكبب أو من الدم يسبب تفعيل الخلايا البطانية وإظهار جزيئات الالتصاق أو تراجع هذه الخلايا مما يؤدي لانكشاف الغشاء الكبي القاعدي. إن اللَّمات Tufts التي تنسد أوعيتها الشعرية الكبية تموت بآلية التنخر الإقفاري ولكن الشفاء ممكن لأنه يمكن لحل الليفين أن يعيد فتح هذه الشعيرات الدموية التي يمكن إصلاحها بآلية استحداث الأوعية الجديدة. ولقد باءت المحاولات السابقة لمنع التخثر باستخدام المميعات عند الإنسان، باءت بالفشل، ولكن يمكن تنشيط عملية استحداث الأوعية الجديدة بالمعالجة.

6. التصلب الكبي:
يؤدي تراكم الكريات البيض والتبدلات الطارئة على الخلايا المقيمة والمطرق واحتشاد الأرومات الليفية خارج الكبية، تؤدي هذه الحوادث إلى موت خلوي مبرمج مترقي وغير منظم للخلايا المقيمة يؤدي بدوره إلى تندب كبي بدون مظهر مميز. كذلك قد تنجم هذه الأذية عن تأذي الخلايا القدمية وانكماشها وتعري الغشاء الكبي القاعدي والتصاقه لاحقاً بمحفظة بومان، هذا الالتصاق يتوسع ويحدث رشح كبي مباشر إلى الحيز حول الكبي مما يؤدي لتليف محيطٍ بالكبب يؤدي لتحولها إلى ندبات عاطلة وظيفياً في نهاية الأمر.

I. التهاب الكلى ذو الأهلة (CRESCENTIC NEPHRITIS (RPGN:
ناقشنا هذه الحالة المرضية سابقاً.

II. اعتلال الكلى طفيف التبدلات والتصلب الكبي البؤري الشدفي البدئي (FSGS):
MINIMAL CHANGE NEPHROPATHY AND PRIMARY FOCAL SEGMENTAL GLOMERULOSCLEROSIS:
يمكن أن ينظر لمرضى اعتلال الكلى طفيف التبدلات والمجموعات الفرعية من مرض التصلب الكبي البؤري الشدفي البدئي، يمكن أن يُنظر لهم على أنهم يشكلون الطرفين المتقابلين لطيف من الحالات التي تسبب المتلازمة النفروزية الغامضة المنشأ. إن اعتلال الكلى طفيف التبدلات قد يحدث في أي عمر ولكنه مسؤول عن معظم حالات المتلازمة النفروزية عند الأطفال وعن ربع حالاتها عند البالغين. تستجيب البيلة البروتينية عادة لجرعة كبيرة من الستيروئيدات القشرية (1 ملغ/كغ من محضر بريدنيزولون لمدة 6 أسابيع)، ولكن قد تحدث استجابة غير كاملة أو نكس عند بعض المرضى مما يستدعي إعطاء جرعة صيانة من الستيروئيدات أو إعطاء أحد الأدوية المثبطة للمناعة (السامة للخلايا) أو أحد المحضرات الأخرى. لا يتطور اعتلال الكلى طفيف التبدلات ليؤدي لاضطراب الوظيفة الكلوية. وتكمن المشاكل الرئيسة في حدوث المتلازمة النفروزية واختلاطات العلاج.

إن التصلب الكبي البؤري الشدفي وصف نسجي (انظر الشكل 30)، وتشاهد مظاهر مشابهة عند مرضى مصابين بأنواع مختلفة من الأمراض الكلوية. يبدي المرضى المصابون بالتصلب الكبي البؤري الشدفي الأولي والذين يراجعون بمتلازمة نفروزية غامضة المنشأ (لا يوجد سبب آخر للمرض الكلوي)، يبدي هؤلاء استجابة معدومة أو ضعيفة للعلاج بالستيروئيدات القشرية وغالباً ما تتطور حالتهم إلى قصور كلوي. غالباً ما ينكس المرض بعد زرع الكلية وأحياناً تنكس البيلة البروتينية بعد الزرع فوراً. توجد حالات مختلفة تقع ضمن هذا المجال، حيث يبدي بعضها استجابة للستيروئيدات وللأدوية الأخرى التي تستخدم لعلاج الداء الكلوي طفيف التبدلات. بما أن التصلب الكبي البؤري الشدفي حدثية بؤرية موضعية فإننا قد لا نستطيع كشف الكبب المؤوفة إلا بعد أخذ عدة خزعات من الكلية وليست خزعة واحدة. الأمر الذي قد يؤدي لوضع تشخيص أولي لاعتلال الكلى الطفيف التبدلات. يغلب أن تكون الكبب قرب اللبية مصابة بالحدثية منذ المرحلة الباكرة للمرض.

نجد عند مرضى آخرين لديهم مظاهر نسجية للتصلب الكبي البؤري الشدفي نجد أن التندب الموضع يعكس شفاء أذية كبية سابقة بؤرية كتلك الناجمة عن المتلازمة الانحلالية اليوريميائية أو الصمة الكوليسترولية أو التهاب الأوعية. وعند الآخرين يبدو أنه يشكل أنماطاً خاصة من الاعتلال الكلوي كتلك التي تشاهد عند المدمنين على الهيروئين أو المصابين بالبدانة المرضية أو المصابين بالإنتان بفيروس عوز المناعة البشري. سجلت العديد من الترافقات والتلازمات بين هذا المرض وعدد ضخم من أشكال الأذيات والاضطرابات الكلوية، ولا يوجد علاج نوعي لمعظم هذه الحالات.

III. الاعتلال الكلوي الغشائي MEMBRANOUS NEPHROPATHY:
يعد السبب الأشيع لحدوث المتلازمة النفروزية عند البالغين. تترافق نسبة من حالاته مع أسباب معروفة (انظر الجدول 21 والشكل 30D و F) ولكن معظمها يكون غامض المنشأ، وإن ثلث هذه المجموعة الأخيرة يهجع عفوياً. وثلثها يبقى في حالة متلازمة نفروزية وثلثها الأخير يترقى ليؤدي لتدهور الوظيفة الكلوية. يمكن للعلاج قصير الأمد بجرعات عالية من الستيروئيدات القشرية والأدوية المؤلكلة أن يحسن المتلازمة النفروزية والإنذار على المدى الطويل. على كل حال بسبب سمية هذه الأدوية فإن معظم أطباء الكلية يحتفظون بها فقط لحالات المتلازمة النفروزية الشديدة أو لحالات تدهور الوظيفة الكلوية.

IV. اعتلال الكلية بالـ IgA وفرفرية هينوخ شونلاين:
IgA NEPHROPATHY AND HENOCH-SCHONLEIN PURPURA;
يعد اعتلال الكلية بالـ IgA النمط المعروف الأشيع من أنماط التهاب كبيبات الكلى، وهو قد يتظاهر بعدة سيناريوهات مختلفة (انظر الشكل 31) أشهرها على الإطلاق البيلة الدموية بينما تكون البيلة البروتينية متواترة وارتفاع التوتر الشرياني شائع جداً. قد توجد بيلة بروتينية شديدة ومتلازمة نفروزية، وأحياناً قد يؤدي لتدهور مترقٍ في الوظيفة الكلوية. يعد هذا المرض سبباً شائعاً للقصور الكلوي بمراحله النهائية. قد تكون العلامة الرئيسة لهذا المرض عند بعض المرضى هو نوب التفاقم الحادة المترافقة غالباً مع بيلة دموية صريحة ومع إنتانات تنفسية بسيطة. قد يكون حاداً لدرجة يقلد فيها التهاب كبيبات الكلى التالي للإنتان حيث يؤدي لاحتباس السوائل وارتفاع التوتر الشرياني وشح البول الذي يكون لونه أحمر أو غامقاً جداً. بشكل مميز نلاحظ أن فترة الكمون بين الإنتان السريري وظهور التهاب الكلى قصيرة (عدة أيام أو أقل). تزول هذه النوب عفوياً في العادة.

الشكل 31: الصور السريرية لاعتلال الكلية بالـ IgAحسب العمر عند التشخيص:
إن فرفرية هينوخ شونلاين هي الأشيع عند الأطفال ولكنها قد تحدث في أي عمر. إن البيلة الدموية العيانية نادرة عند المرضى الذين تزيد أعمارهم عن 40 سنة. تأتي أهمية الاضطرابات البولية اللاأعراضية من حقيقة أن تشخيص اعتلال الكلية بالـ IgAيعتمد على فحص البول الروتيني وعلى خزعة الكلية. إنه لمن غير الواضح فيما إذا كان المرضى الذين يتظاهرون باضطراب كلوي مزمن لديهم مرضاً يختلف عن المرض الموجود عند الذين يتظاهرون بسن أصغر ببيلة دموية عيانية.

عند الأطفال وأحياناً عند البالغين يحدث التهاب أوعية جهازي استجابة لإنتانات مشابهة يسمى فرفرية هينوخ شونلاين. إن الطفح الحبري Petechial RAsh المميز (التهاب الأوعية الجلدية) والألم البطني (التهاب الأوعية الدموية الخاصة بالجهاز الهضمي) مظهران رئيسان مسيطران على الصورة السريرية يترافقان بالتهاب كبيبات الكلى الخفيف الذي يكشف بوجود بيلة دموية. عندما يحدث هذا المرض لدى الأطفال الأكبر سناً أو البالغين نجد أن التهاب كبيبات الكلى يكون مسيطراً أكثر على الصورة السريرية. تظهر الخزعة الكلوية ترسب IgA المسراقي والعديد من المظاهر التي لا يمكن تمييزها عن الاعتلال الكلوي الحاد بالـ IgA.

أحياناً يترقى الاعتلال الكلوي بالـ IgA بسرعة وقد يؤدي لتشكل الأهلة. الاستجابة للأدوية المثبطة للمناعة ضعيفة عادة. توجه المعالجة في الحالات الأقل حدة بشكل كبير نحو ضبط التوتر الشرياني في محاولة لمنع أو إبطاء ترقي الداء الكلوي.

V. التهاب كبيبات الكلى الحاد التالي للإنتان:
ACUTE POST- INFECTIOUS GLOMERULONEPHRITIS:
يشاهد هذا الشكل من التهاب كبيبات الكلى بشكل أشيع بعد الإنتانات بالمكورات العقدية، ولكنه قد يحدث أيضاً بعد أنماط أخرى من الإنتانات. وهو أكثر تواتراً عند الأطفال منه عند البالغين، وهو حالياً مرض نادر في المناطق المتطورة من العالم. تبلغ فترة الكمون حوالي 10 أيام عادة بعد إنتان الحلق مما يشير لآلية مناعية أكثر من كونها إصابة إنتانية مباشرة. تكون فترة الكمون بعد الإنتان الجلدي أطول. وكما هي عليه الحال بالنسبة للحمى الرثوية فإن سلالات معينة فقط من المكورات العقدية تسبب هذا الاختلاط.

يحدث التهاب كلية حاد بشدات مختلفة مع احتباس شديد للصوديوم والوذمة وارتفاع التوتر الشرياني وانخفاض معدل الرشح الكبي والبيلة البروتينية والبيلة الدموية وشح البول. بشكل مميز يؤدي ما سبق إلى إعطاء البول لوناً أحمر أو دخاني. يكون التركيز المصلي لكلٍّ من C3 و C4 منخفضاً (انظر الجدول 22)، وتوجد دلائل على إنتان بالمكورات العقدية (ارتفاع تركيز ASO المصلي، إيجابية زرع مسحة من الحلق، احتمال إيجابية الاختبارات الأخرى الدالة على إنتان جلدي).
الجدول 22: أسباب التهاب كبيبات الكلى المترافق مع انخفاض تركيز المتممة المصلي.
· التهاب كبيبات الكلى التالي للإنتان.
· الإنتان الجرثومي تحت الحاد ولاسيما التهاب الشغاف.
· الذأب الحمامي الجهازي.
· غلوبولين الدم القري.
· التهاب كبيبات الكلى المسراقي الشعري (النمط II عادة).

تبدأ الوظيفة الكلوية بالتحسن عفوياً خلال 10-14 يوماً. وتدبير الحالة بتحديد السوائل والصوديوم وبإعطاء المدرات وخافضات الضغط هي إجراءات كافية. تميل الآفة الكلوية للزوال بشكل كامل عند كل الأطفال تقريباً وعند معظم البالغين رغم الشدة الواضحة للالتهاب الكبي ووجود التكاثر بالتشريح المرضي.

VI. التهاب كبيبات الكلى المترافق مع الإنتان:
GLOMERULONEPHRITIS ASSOCIATED WITH INFECTION:
قد تسبب الإنتانات الجرثومية تحت الحادة عادة (ولاسيما التهاب الشغاف الجرثومي تحت الحاد) العديد من الأنماط الباثولوجية لالتهاب كبيبات الكلى، ولكنها تترافق عادة مع ترسبات مناعية غزيرة وغالباً مع دلائل على استهلاك المتممة (انخفاض تركيز C3 المصلي، انظر الجدول 21). في البلدان المتطورة نلاحظ أن الإنتانات المكتسبة في المشافي سبب شائع حالياً لهذه المتلازمات. ومن الشائع جداً وعلى مستوى العالم وجود حالات من التهاب كبيبات الكلى المترافق مع الملاريا والتهاب الكبد B والتهاب الكبد C وداء المنشقات والليشمانيا وإنتانات مزمنة أخرى. النمط الباثولوجي المعتاد هو آفات غشائية ومسراقية شعرية Mesangiocapillary. رغم أننا قد نصادف بقية الأنماط الأخرى. حالياً يلاحظ ارتفاع نسبة حدوث التصلب الكبي البؤري الشدفي المترافق مع الإصابة بالإنتان بالـ HIV. من الصعب جداً إثبات العلاقة السببية بين المرض الكلوي والإنتان المتهم. كذلك يمكن للإنتانات الحادة والمزمنة أن تسبب داءً كلوياً خلالياً (انظر لاحقاً).