أمراض الكليه والجهاز التناسلي .... الجزء الرابع
الناقل :
فراولة الزملكاوية
| الكاتب الأصلى :
مـ الروح ـلاك
| المصدر :
forum.te3p.com
القصور الكلوي الحاد المترسخ
ESTABLISHED ACUTE RENAL FAILURE
قد يتطور هذا القصور بعد تعرض الكلى لنقص إرواء شديد أو مديد (قصور كلوي حاد قبل كلوي). في هذه الحالات يشاهد عادة النموذج النسجي الخاص بالتنخر الأنبوبي الحاد. وبشكل بديل قد يراجع المرضى أحياناً بقصور كلوي حاد مستمر ناجم عن مرض كلوي داخلي أو عن التهاب كبيبات الكلى سريع الترقي أو عن انسداد السبيل البولي (انظر الشكل 14).
الشكل 14 (اضغط على الشكل للتكبير):
أسباب القصور الكلوي الحاد.
A. التنخر الأنبوبي الحاد (ATN):
قد ينجم التنخر الأنبوبي الكلوي الحاد عن الإقفار أو عن السمية الكلوية المحرضة بسموم كيماوية أو جرثومية. في الممارسة الحالة ناجمة غالباً عن عدة أسباب مجتمعة مع بعضها البعض.
إمراضية التنخر الأنبوبي الحاد:
يتلو التنخر الأنبوبي الإقفاري عادة فترةً من الصدمة حيث ينخفض خلالها بشكل ملحوظ معدل الجريان الدموي الكلوي. تشير القياسات المجراة خلال طور شح البول من التنخر الأنبوبي الحاد إلى أنه حتى بعد إصلاح الحجم الدوراني يبقى معدل الجريان الدموي الكلوي بقيمة 20% تقريباً من المستوى الطبيعي. تنجم هذه الظاهرة عن تورم الخلايا البطانية الخاصة بالكبب وبالأوعية الشعرية حول النبيبية، وعن وذمة الخلال. كذلك يتعرض الجريان الدموي للمزيد من الانخفاض تحت تأثير مقبضات الأوعية مثل الثرومبوكسان والفازوبريسين والنورأدرينالين والأنجيوتنسين II، والتي تعاكس جزئياً بتحرر البروستاغلاندينات داخل الكلوية الموسعة للأوعية. ولذلك في التنخر الأنبوبي الحاد الإقفاري يوجد نقص في الأوكسجين المحمول إلى الخلايا الأنبوبية الشديدة الفعالية من الناحية الاستقلابية ولاسيما في الجزء الثخين الصاعد من عروة هانلة. إن حاجتهم الشديدة من الأوكسجين ناجمة عن عود امتصاص الصوديوم الفعال. وحتى في حالة الصحة نجد أن التوازن الخاص باللب الكلوي بالنسبة للوارد من الأوكسجين والمطلوب منه، أن هذا التوازن حرج ودقيق.
تسبب الأذية الإقفارية فوق أكسدة لشحوم الغشاء الخلوي وجريان الكالسيوم للداخل وتورم الخلايا، ويتأذى عمل الأجسام الميتوكوندرية (المتقدرات) مما يؤدي لانحلال غلوكوز لاهوائي وحدوث حماض داخل خلوي، وفي النهاية إلى تخرب الأجسام الحالة وإلى تغير تركيب البروتينات والدنا (DNA) وموت الخلايا الأنبوبية. يزول الالتصاق بين الخلايا الأنبوبية والغشاء القاعدي مما يؤدي لتساقط الخلايا ضمن لمعة الأنابيب، والتي قد تساهم في الانسداد الأنبوبي. يحدث تخرب موضعي في الغشاء القاعدي الأنبوبي مما يؤدي لتسرب المحتويات الأنبوبية إلى النسيج الخلالي وبالتالي إحداث وذمة خلالية.
في التنخر الأنبوبي الحاد الناجم عن السموم الكلوية تحدث نفس المضاعفات السابقة ولكنها هنا تتحرض بالسمية المباشرة التي يبديها العامل المسبب على الخلايا الأنبوبية. تشمل آليات الأذية الخلوية إنتاج الأوكسجين الارتكاسي وفوق أكسدة لشحوم الغشاء الخلوي وارتباط السموم أو الأدوية مع البروتينات داخل الخلوية المستهدفة مما يؤثر سلباً على آلية التنفس الخلوي ويؤدي أيضاً لتثبيط تركيب البروتين الخلوي. تشمل الأمثلة على هذه السموم الأمينوغليكوزيدات مثل الجنتامايسين وسيس بلاتين (دواء سام للخلايا) وأمفوتريسين B (مضاد للفطور).
لحسن الحظ يمكن للخلايا الأنبوبية أن تعيد تصنيع وتشكيل الغشاء القاعدي. فإذا دعم المريض خلال فترة إعادة التصنيع فإن الكلى تستعيد قدرتها الوظيفية الطبيعية. غالباً يوجد طور إدراري حيث يزداد الصادر البولي بسرعة ويبقى مرتفعاً لعدة أيام قبل أن يعود للمجال الطبيعي. تنجم هذه الظاهرة جزئياً عن فقد مدروج التركيز اللبي الذي يسمح في الحالة الطبيعية بتكثيف البول في القناة الجامعة، والذي يعتمد على استمرار نقل المواد الراشحة إلى الجزء الصاعد من عروة هانلة وعلى النقل الأنبوبي الفعال. كلا الآليتين تتدهوران خلال التنخر الأنبوبي الحاد. يزول مدروج التركيز اللبي بشكل تدريجي ولا يعود لحالته الطبيعية إلا بعد استعادة الرشح الكبي والوظيفة الأنبوبية. لا يظهر الطور الإدراري عند كل المرضى وإنما يحدث ذلك اعتماداً على شدة الأذية الكلوية وسرعة الشفاء.
B. التهاب كبيبات الكلى سريع الترقي:
هذه الحالة عبارة عن التهاب كلى التهابي شديد يسبب ضياع القدرة الوظيفية الكلوية على مدى أيام إلى أسابيع. تظهر خزعة الكلية تشكل الأهلة. ولذلك تسمى هذه الحالة أيضاً بالتهاب الكلى ذو الأهلة. يشاهد في سياق العديد من الأمراض (انظر الجدول 14) قد يسبب بعضها (مثل التهاب الأوعية أو الذأب الحمامي الجهازي) ظهور أعراض وعلامات في أجهزة أخرى بينما لا يؤدي بعضها الآخر (مثل داء الضد الموجه للغشاء الكبي القاعدي) لذلك. حيث توجد هذه الأعراض فمن المهم جداً تمييز هذه الأمراض عن الخمج تحت الحاد (مثل التهاب الشغاف).
قد يؤدي التشخيص الباكر لهذه الحالة لإنقاذ الوظيفة الكلوية من التدهور ويمنع تطور العقابيل الأخرى الخطيرة التي قد تنجم عن المرض المستبطن (انظر الجدول 14). أحياناً يمكن البدء بالعلاج قبل تأكيد التشخيص في حال كانت نتائج الاختبارات المؤكدة ستظهر لاحقاً بعد وقت قصير.
الجدول 14: التهاب كبيبات الكلى سريع الترقي (التهاب الكلى ذو الأهلة).
التشخيص:
·
تدهور سريع في الوظيفة الكلوية على مدى أيام إلى أسابيع.
·
البول يحوي الدم والبروتين.
·
كليتان طبيعيتان أو كبيرتان وغير مسدودتين (بالتصوير بأمواج فوق الصوت).
·
احتمال وجود دلائل على مرض جهازي أو مرض يصيب أجهزة أخرى (ولكن ذلك ليس دائماً).
تحديد السبب:
·
الاختبارات الدموية: الأضداد السيتوبلاسمية المضادة للعدلات (ANCA)
، الأضداد الموجهة للنوى
(ANA)
، أضداد الغشاء الكبي القاعدي، غلوبولينات المتممة المناعية.
·
خزعة كلوية.
الأسباب الشائعة:
·
التهاب الأوعية الجهازي (التهاب كبيبات الكلى المنخر البؤري).
·
الذأب الحمامي الجهازي.
·
داء غودباستور (anti-GBM)
.
·
الطور الهجومي من بقية أشكال التهاب الكلى الالتهابي (مثل اعتلال الكلى بالـ IgA
، التهاب كبيبات الكلى التالي للخمج (التالي للخمج بالعقديات).
التدبير:
·
العلاج بمثبطات المناعة مثل سيكلوفوسفاميد وبريدنيزولون لمعظم الحالات.
·
العلاج الداعم مثل الديلزة عندما تستطب.
C. الأسباب الأخرى للقصور الكلوي الحاد المترسخ:
قد ينجم القصور الكلوي الحاد المترسخ عن حالات تؤثر على الشرايين والشرينات داخل الكلوية مثل التهاب الأوعية وارتفاع التوتر الشرياني المتسارع والتخثر المنتشر داخل الأوعية. يمكن لالتهاب الكلى الخلالي الأرجي الحاد الذي ينجم غالباً عن الأدوية أن يسبب القصور الكلوي الحاد.
قد ينجم القصور الكلوي الحاد عن الانسداد عند أية نقطة ضمن السبيل البولي. في حال وجود كليتين فعالتين وظيفياً نجد أن الانسداد الحالبي لا يسبب اليوريميا إلا إن كان ثنائي الجانب. يشك بالتشخيص عند وجود قصة ألم بالخاصرة أو بيلة دموية أو قولنج كلوي أو صعوبة في التبول. غالباً ما تكون بداية المرض صامتة سريرياً، ويكشف الانسداد فقط بواسطة التصوير. ولذلك يجب إجراء تصوير بأمواج فوق الصوت للكليتين والحالبين عند كل مريض مصاب بقصور كلوي غير مفسر.
D. المظاهر السريرية:
تعكس هذه المظاهر المرض المسبب مثل الرض أو إنتان الدم أو المرض الجهازي مع مظاهر ناجمة عن القصور الكلوي الحاد. عادة يكون المرضى مصابين بشح البول (حجم البول أقل من 500 مل/اليوم). إن الزرام Anuria (غياب تام للبول) نادر وهو يشير عادة لانسداد حاد في السبيل البولي أو في الدوران الكلوي. عند حوالي 20% من المرضى يكون حجم البول طبيعياً أو مزداداً، ولكن يترافق ذلك مع انخفاض معدل الرشح الكبي وانخفاض عود الامتصاص الأنبوبي (قصور كلوي حاد دون شح بول). تكون الوظيفة الكلوية الإطراحية غير كافية رغم أن الصادر البولي جيد، ويرتفع التركيز المصلي لكلٍّ من البولة والكرياتينين. في القصور الكلوي الحاد يرتبط معدل ارتفاع تركيز البولة والكرياتينين المصلي بمعدل التدرك (التحطم النسجي). نجد في حالة القصور الكلوي الحاد المترافق مع الأخماج الشديدة أو مع الجراحة الكبرى أو الرض، نجد أن الارتفاع اليومي في تركيز البولة المصلي يزيد غالباً عن 5 ميلي مول/ليتر.
تحدث اضطرابات في توازن الماء والشوارد والتوازن الحمضي القلوي. إن فرط البوتاس شائع ولاسيما بوجود تخرب نسجي شديد أو انحلال دموي أو حماض استقلابي. قد يصاب البعض بنقص الصوديوم التمددي في حال أعطوا كميات غير مناسبة من الديكستروز الوريدي أو استمروا بشرب الماء الحر رغم شح البول الموجود لديهم. يتطور حماض استقلابي ما لم يمنع ذلك حدوث ضياع لشوارد الهيدروجين بواسطة الإقياء أو برشف المحتويات المعدية. من الشائع وجود نقص كلس نتيجة نقص إنتاج الكلى لمركب 1-25 داي هيدروكسي كولي كالسيفيرول.
في البداية يشعر المريض أنه على ما يرام ولكن ما لم يوضع على المعالجة بالديلزة فإن المظاهر السريرية الناجمة عن احتباس الفضلات الاستقلابية ستظهر لاحقاً. في البداية يصاب بالقهم والغثيان والإقياء، لاحقاً يصاب بالوسن والخمول والتخليط والنفضات العضلية والفواق ونوب الاختلاج والسبات. يزداد المعدل التنفسي نتيجة الحماض أو وذمة الرئة أو الإنتان التنفسي. قد تنجم وذمة الرئة (انظر الشكل 17) عن إعطاء كميات مفرطة من السوائل وبسبب زيادة النفوذية الوعائية الرئوية. فقر الدم شائع وهو ينجم عن ضياع الدم أو عن انحلاله أو عن نقص إنتاجه. يوجد لدى المريض أهبة للنزف بسبب اضطراب وظيفة الصفيحات واضطراب عمل شلال التخثر. قد يحدث نزف هضمي في مرحلة متأخرة من المرض غالباً، رغم أن هذه المشكلة أصبحت أقل شيوعاً حالياً بسبب تطبيق العلاج الفعال بالديلزة واستخدام الأدوية التي تنقص معدل إنتاج الحمض المعدي. قد يختلط القصور الكلوي الحاد بأخماج شديدة بسبب تثبط آليات المناعة الخلطية والخلوية.
الشكل 17:
وذمة الرئة في القصور الكلوي الحاد.
لا يمكن تمييز هذا المظهر عن ذاك الناجم عن قصور البطين الأيسر ولكن قد القلب طبيعي عادة، ويكون التوتر الشرياني مرتفعاً في العادة.
E. التدبير:
1. التدبير الإسعافي:
يجب علاج فرط بوتاس الدم (تركيز بوتاسيوم البلازما يزيد عن 6 ميلي مول/ليتر) لمنع تطور لانظميات قلبية مهددة للحياة. ولقد فصلنا الحديث عن ذلك في فصل الأمراض القلبية.
في حال كان الحجم الدموي الدوراني منخفضاً يجب تصحيحه بنقل السوائل المناسبة، وهذا قد يتطلب مراقبة الضغط الوريدي المركزي أو الضغط الإسفيني الرئوي. يحتاج مرضى وذمة الرئة للديلزة عادة لإطراح الصوديوم والماء.
2. تحديد سبب القصور الكلوي الحاد والعلاج النوعي للسبب المستبطن:
قد يكون السبب واضحاً أو يمكن كشفه باستقصاءات أولية بسيطة (فمثلاً يمكن كشف الانسداد بالتصوير بأمواج فوق الصوت)، فإذا لم يكن الأمر كذلك فإننا نحتاج لإجراء العديد من الاستقصاءات بما فيها خزعة الكلية. في العديد من الحالات تتشارك عدة عوامل في إحداث سوء الوظيفة الكلوية.
لا يوجد علاج نوعي للتنخر الأنبوبي الحاد. قد تحتاج بعض أسباب القصور الكلوي الحاد الأخرى لعلاج نوعي. يجب إزالة الانسداد بشكل إلحاحي. يفيد إعطاء الستيروئيدات القشرية وكابتات المناعة في علاج القصور الكلوي الحاد الناجم عن التهاب الأوعية الجهازي وبعض الأشكال الأخرى لالتهاب كبيبات الكلية سريع الترقي (انظر الجدول 14). كذلك قد تستطب الستيروئيدات القشرية لعلاج التهاب الكلى الأنبوبي الخلالي الحاد. إن ضبط التوتر الشرياني أمر ضروري جداً في سياق علاج القصور الكلوي الحاد الناجم عن ارتفاع التوتر الشرياني المتسارع. قد يُستطب تسريب البلازما ومبادلتها عند المصابين باعتلالات الأوعية الدقيقة.
في حال وجد توسع حويضي أو حالبي يجب إجراء فغر كلوي عبر الجلد لإزالة الانضغاط عن السبيل البولي، ويمكن عادة تجنب اللجوء للديلزة. يمكن لحقن الصبغة عبر أنبوب الفغر الكلوي أن يظهر موضع الانسداد. وبعد إزالة الانسداد وعودة القيم المخبرية الدموية للمجال الطبيعي يحدد سببه ويعالج إن كان ذلك ممكناً. أحياناً يكون الانسداد ناجماً عن خباثة حوضية مثل كارسينوما عنق الرحم أو الرحم أو الكولون، والتي تكون متقدمة لمرحلة تجعل التداخل غير مجدٍ وبالتالي غير منصوح به.
3. التدبير العام للقصور الكلوي الحاد المترسخ:
يهدف العلاج في هذه الحالة إلى ضبط توازن السوائل والشوارد والحفاظ على حالة التغذية بالشكل المناسب وضبط الاضطرابات الكيماوية الحيوية وحماية المريض من الخمج. يجب استخدام الأدوية بحذر شديد. قد يستطب اللجوء للمعالجة المعيضة للكلية.
توازن السوائل والشوارد: بعد الإنعاش الأولي بالسوائل. يجب أن يعطى المريض منها حجماً يساوي حجم الصادر البولي مضافاً له 500 مل للإعاضة عن الضياعات غير المحسوسة. التي تكون أكبر عند المريض المحموم أو في المناطق المدارية. بما أن الصوديوم والبوتاسيوم يتم احتباسهما لذلك يجب تحديد الوارد منهما. إذا حدث ضياع إضافي مثل حالة الإسهال فقد يستطب إعطاء كميات إضافية من السوائل والشوارد. يجب وزن المريض يومياً، حيث تشير التبدلات الكبيرة في الوزن أو حدوث الوذمة أو ظهور علامات نضوب السوائل، كل ذلك يشير لضرورة إعادة تقييم الوارد من السوائل.
الوارد من الطاقة والبروتين: يجب تحديد الوارد من البروتين إلى 40 غرام يومياً عند المرضى الذين يغلب ألا يحتاجوا للديلزة. يجب بذل الجهد لتثبيط تدرك البروتينات الداخلية بإعطاء المزيد من الطاقة حيثما أمكن على شكل دسم وكاربوهيدرات. قد يحتاج المرضى الموضوعون على الديلزة لكمية أكبر من البروتين (70 غ بروتين يومياً، 10-12 غرام نيتروجين). قد تكون التغذية عبر الأنبوب الأنفي المعدي مفيدة في بعض الحالات. قد يستطب وضع المريض على نظام التغذية الوريدية في حال كان مصاباً بالإقياء أو الإسهال أو في حال كانت أمعاؤه غير سليمة أو عندما يستطب إعطاء طاقة ونيتروجيناً كافيين لمريضٍ مصاب بحالة فرط التدرك.
F. الشفاء من القصور الكلوي الحاد:
يستدل عليه عادة بالعودة التدريجية للصادر البولي وبالتالي حدوث تحسن مطرد في القيم المخبرية باتجاه المجال الطبيعي. يصاب بعض المرضى ولاسيما مرضى التنخر الأنبوبي الحاد أو بعد إزالة الانسداد البولي المزمن بما يعرف باسم الطور الإدراري، عندها يجب إعطاؤهم كمية كافية من السوائل لتعويض الصادر البولي بالشكل المناسب، وفي بعض الحالات قد يستطب تعويض كلور الصوديوم وبيكاربونات الصوديوم وكلور البوتاسيوم والكالسيوم والفوسفات والمغنيزيوم نتيجة ضياع هذه الشوارد مع الصادر البولي. بعد أيام قليلة يعود حجم البول للمجال الطبيعي حالما تستعيد الكليتان قدرتهما على التكثيف وعلى إعادة الامتصاص الأنبوبي.
G. الإنذار:
في القصور الكلوي الحاد غير المختلط كذاك الناجم عن النزف البسيط أو الأدوية تكون نسبة المواتة منخفضة حتى عندما يستطب اللجوء للمعالجة المعيضة للكلية. تبلغ نسبة المواتة 50-70% عند المصابين بالقصور الكلوي الحاد المترافق مع خمج خطير أو مع قصور الأعضاء المتعددة. يتحدد الإنذار عادة اعتماداً على شدة الاضطراب المستبطن وبقية الاختلاطات أكثر من اعتماده على القصور الكلوي نفسه.
قضايا عند المسنين:
القصور الكلوي الحاد
:
·
ينخفض عدد الكليونات بدءً من عمر 30 سنة. ينخفض معدل تصفية الكرياتينين بمعدل 10 مل/ دقيقة كل عقد بعد عمر 50 سنة.
·
مع التقدم بالعمر تنقص الكلتة العضلية وبالتالي تقل كمية الكرياتينين المُنتَجة يومياً. ولذلك قد يكون تركيز كرياتينين المصل مؤشراً مضللاً على حالة الوظيفة الكلوية عند المرضى المسنين سيئي التغذية ذوي الكتلة العضلية القليلة.
·
كذلك تخضع الأنابيب الكلوية لتبدلات مرافقة للعمر تؤدي لفقد قدرة الكلى على تكثيف البول وعلى تحميضه وعلى إطراح السموم.
·
يتناول المسنون أكثر من غيرهم الأدوية التي قد تساهم في تدهور الوظيفة الكلوية مثل المدرات ومثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية.
·
بسبب الاعتبارات السابقة نجد أن المسنين معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالقصور الكلوي الحاد، ويعد كلٌّ من الإنتان والداء الوعائي الكلوي والانسداد الموثي ونقص الحجم واضطراب الوظيفة الكلوية الشديد عوامل شائعة مساهمة في إحداث هذا القصور الكلوي.
·
إن أشهر وأهم سبب للمرض الكلوي عند المسنين هو السبب الوعائي، حيث تكون الكليتان معرضتين بنسبة كبيرة لنوب انخفاض الضغط.
·
ترتفع نسبة المواتة الناجمة عن القصور الكلوي الحاد عند المسنين، والسبب الرئيسي لذلك هو وجود حالات مرضية أخرى مرافقة.
القصور الكلوي المزمن
CHRONIC RENAL FAILURE
يعرف القصور الكلوي المزمن بأنه تدهور لاعكوس في الوظيفة الكلوية يتطور كلاسيكياً على مدى سنوات. في البداية يتظاهر فقط كاضطراب كيماوي حيوي. لاحقاً يسبب فقدُ الوظائف الإطراحية والاستقلابية والغدية الصماوية للكلى تطور الأعراض والعلامات السريرية الخاصة بالقصور الكلوي والتي تنسب لما يعرف باسم حالة اليوريميا. وعندما يكون الموت محتملاً دون المعالجة المعيضة للكلية تسمى الحالة بالقصور الكلوي بمراحله النهائية (ESRF).
إن العقابيل الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن القصور الكلوي المزمن شديدة. في المملكة المتحدة ينضم 85-95 مريضاً جديداً من أصل كل مليون من السكان البالغين سنوياً، ينضمون إلى قائمة المرضى الذين يحتاجون للعلاج بالديلزة طويلة المدى (انظر الشكل 18). ولقد قدم توافرُ الديلزة وزرع الكلى تحسناً كبيراً في إنذار هؤلاء المرضى. إن القصور الكلوي المزمن يحدث بنسبة أعلى بكثير في المناطق الأخرى بسبب الاختلافات في نسبة حدوث الأمراض الناحية والعرقية وبسبب اختلاف مستوى الممارسة الطبية.
الشكل 18:
وحدة الديلزة الدموية.
6 من أصل 19 محطة تحوي مزيجاً من كراسي وأسرة الديلزة في وحدة الديلزة الدموية الخارجية. كل محطة تعالج ثلاثة مرضى يومياً أي ستة مرضى بشكل كلي (يخضع المريض للديلزة 3 مرات أسبوعياً).
A. الأسباب:
قد ينجم القصور الكلوي المزمن عن أية حالة تخرب التركيب والوظيفة الطبيعيين للكلى. يمكن وضع تشخيص افتراضي للشكل المزمن من التهاب كبيبات الكلية عند وجود بيلة بروتينية وبيلة دموية وارتفاع توتر شرياني مع غياب أي سبب آخر للقصور الكلوي، ولكن لا يمكن دائماً وضع التشخيص الدقيق. غالباً ما تكون الكليتان لدى المريض صغيرتين وفي هذه الحالة لا ينصح عادة بإجراء خزعة كلية بسبب صعوبة وضع تشخيص نسجي بناءً على فحص خزعةٍ من كلية متأذية بشدة وبسبب حقيقة أنّه لا يمكن للعلاج أن يحسن الوظيفة الكلوية بشكل ملحوظ.
B. الإمراضيات:
تساهم اضطرابات توازن الماء والشوارد والحالة الحامضية - القلوية في إحداث الصورة السريرية عند مرضى القصور الكلوي المزمن. ولكن الآلية الإمراضية الدقيقة لمتلازمة اليوريميا السريرية غير معروفة. إن العديد من المواد الموجودة في البلازما بتراكيز غير طبيعية يتوقع لها أن تكون سموم يوريميائية، ولربما تنجم اليوريميا عن تراكم العديد من نواتج الاستقلاب الوسيطة.
C. المظاهر السريرية:
قد يكشف القصور الكلوي بوجود ارتفاع في تركيز البولة والكرياتينين المصلي خلال فحص مخبري روتيني، يترافق القصور الكلوي غالباً مع ارتفاع التوتر الشرياني أو البيلة البروتينية أو فقر الدم. عندما يتطور تدهورُ الوظيفة الكلوية بشكل بطيء نجد أن المريض قد يبقى لا أعراضياً إلى أن ينخفض معدل الرشح الكبي إلى 20 مل/ دقيقة أو أقل. إن البوال الليلي الناجم عن نقص قدرة الكلى على تكثيف البول وعلى زيادة حمل الكليون من الحمل التناضحي غالباً ما يكون عرضاً باكراً. لاحقاً ونتيجةً للتأثير الواسع الطيف الذي يحدثه القصور الكلوي قد تظهر الأعراض والعلامات المرتبطة غالباً بكل جهاز من أجهزة الجسم (انظر الشكل 19). قد يراجع المرضى أحياناً بشكاوى لا يظهر بوضوح أنها من منشأ كلوي مثل التعب أو ضيق النفس.
الشكل 19 (اضغط على الشكل للتكبير):
العلامات الفيزيائية في القصور الكلوي المزمن.
(* مظاهر المعالجة المعيضة للكلى).
في القصور الكلوي بمراحله النهائية (تصفية الكرياتينين أقل من 5 مل/دقيقة) يبدو المريض عليلاً ومصاباً بفقر الدم. وليس من الضروري أن يكون حابساً للسوائل بل قد تظهر عليه علامات نضوب الحجم والصوديوم. قد يكون التنفس لديه عميقاً بشكل غير طبيعي بسبب إصابته بالحماض الاستقلابي (تنفس كوسماول) والقهم والغثيان. لاحقاً يصاب بالفواق والحكة والإقياء والنفضات العضلية ونوب الاختلاج والوسن والسبات.
1. فقر الدم:
إن فقر الدم شائع، وترتبط شدته عادة بشدة القصور الكلوي، وهو يساهم في إحداث العديد من الأعراض اللانوعية الناجمة عن هذا المرض. ينجم عن عدة آليات إمراضية هي:
ـ
النقص النسبي في إنتاج الإريثروبيوتين.
ـ
نقص إنتاج الكريات الحمر بسبب التأثيرات السمية التي تبديها اليوريميا على طلائع الكريات الموجودة في نقي العظم.
ـ
انخفاض معدل حياة الكريات الحمر.
ـ
زيادة الضياع الدموي نتيجة الهشاشة الوعائية الشعرية وضعف وظيفة الصفيحات.
ـ
نقص الوارد من الحديد وبقية المواد المساهمة في تصنيع الدم وسوء امتصاصها.
عادة ما يكون تركيز الإريثروبيوتين المصلي طبيعياً ولكنه غير متناسب مع شدة فقر الدم (انخفاض نسبي). نلاحظ عند مرضى الكلى عديدة الكيسات أن فقر الدم غالباً ما يكون أقل شدة أو غائباً أحياناً، وبالمقابل نجد عند بعض المصابين بالأمراض الخلالية أن فقر الدم يكون شديداً جداً بشكل غير متناسب مع درجة القصور الكلوي، ربما تنجم هذه الظاهرة عن تأثيرات هذه الأمراض على الأرومات الليفية الخلالية التي تفرز الإريثروبيوتين.
2. الحثل العظمي كلوي المنشأ:
يتألف هذا الداء العظمي الاستقلابي الذي يرافق القصور الكلوي المزمن من مزيجٍ من تلين العظام والتهاب العظم المليف (الداء العظمي الناجم عن فرط نشاط جارات الدرق) وتخلخل العظام وتصلبها (انظر الشكل 20). ينجم تلين العظام عن انخفاض فعالية خميرة 1- الفا- هيدروكسيلاز الكلوية وبالتالي فشل تحويل كولي كالسيفيرول إلى مستقلبه الفعال 25,1- ثنائي هيدروكسي كولي كالسيفيرول. وإن عوز هذا الأخير يؤدي إلى ضعف امتصاص الكالسيوم ونقص كالسيوم الدم ونقص تكلس المادة العظمانية Osteoid. ينجم التهاب العظم المليف عن فرط نشاط جارات الدرق الثانوي. تتحرض الغدد جارات الدرق بانخفاض كلس المصل وبارتفاع تركيز الفوسفات. عند بعض المرضى يتطور فرط نشاط جارات درق ثالثي أو مستقل مترافق مع فرط كلس الدم. يحدث تخلخل العظم عند العديد من المرضى بسبب سوء التغذية (احتمال غير مثبت). يشاهد تصلب العظم بشكل رئيسي في المنطقة العجزية وعند قاعدة الجمجمة وفي الفقرات، إن سبب هذا الارتكاس غير الطبيعي غير معروف.
الشكل 20:
الآلية الإمراضية للحثل العظمي الكلوي.
3. اعتلال العضلات:
ينجم الاعتلال العضلي المعمم عن مزيج من سوء التغذية وفرط نشاط جارات الدرق وعوز الفيتامين D واضطرابات استقلاب الشوارد. إن المعص العضلي شائع، وقد يستفيد المرضى من علاجهم بمحضر كينين سلفات. قد تكون متلازمة الأقدام المتململة (حيث تكون قدما المريض متهيجتين خلال الليل) مصدر إزعاج شديد للمريض، وهي تتحسن غالباً بالعلاج بمحضر كلونازيبام.
4. اعتلال الأعصاب:
ينجم هذا الاعتلال عن زوال النخاعين من الألياف المغمدة مع ملاحظة أن الألياف الأطول تتأثر بمرحلة أبكر من غيرها. قد يسبب اعتلال الأعصاب الحسية المذل. قد يتظاهر اعتلال الأعصاب الحركية بهبوط القدم. قد يسبب اعتلال الأعصاب الذاتية اليوريميائي تأخر الإفراغ المعدي والإسهال وهبوط الضغط الانتصابي. تظهر الأعراض السريرية الناجمة عن اعتلالات الأعصاب في مرحلة متأخرة من القصور الكلوي المزمن ولكنها قد تتحسن أو حتى تزول بعد البدء بالديلزة.
5. الوظيفة الغدية الصماوية:
قد يوجد العديد من الاضطرابات الهرمونية ومن أهمها فرط برولاكتين الدم وفرط نشاط الغدد جارات الدرق. عند النساء من الشائع حدوث انقطاع الطمث. ويشاهد عند كلا الجنسين الكرع ونقص الوظيفة الجنسية الناجم في جزءٍ منه عن فرط برولاكتين الدم وثر الحليب، أحياناً قد يفيد استخدام محضر بروموكريبتين.
يتطاول العمر النصفي للأنسولين عند مريض القصور الكلوي المزمن بسبب انخفاض معدل استقلابه ضمن الأنابيب الكلوية، ولذلك قد تنخفض حاجة المريض السكري المصاب بالقصور الكلوي بمراحله النهائية، قد تنخفض حاجته من الأنسولين. على كل حال يوجد أيضاً خلل في عمل الأنسولين على مستوى ما بعد المستقبل مما يؤدي لمقاومة نسبية تجاه تأثيراته، يتحسن هذا الاضطراب الأخير بالعلاج بالديلزة. إن التغيرات في استقلاب الكاربوهيدرات تعتمد على نوعية العوامل المسيطرة.
6. الاضطرابات القلبية الوعائية:
يتطور ارتفاع التوتر الشرياني عند حوالي 80% من مرضى القصور الكلوي المزمن، ينجم جزئياً عن احتباس الصوديوم. كذلك تميل الكلى المصابة بمرض مزمن إلى إفراز الرينين بشكل مفرط الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع التراكيز المصلية لكلٍّ من الرينين والأنجيوتنسين II والألدوستيرون. تتفاقم هذه الحدثية المرضية في حال وجود نقص إرواء كلوي ناجم عن مرض وعائي كلوي. يجب ضبط ارتفاع التوتر الشرياني لأنه يسبب المزيد من تدهور القصور الكلوي ومفاقمة الأذية الوعائية والكبية، التصلب العصيدي شائع وهو قد يتفاقم بارتفاع التوتر الشرياني، قد يحدث تكلس وعائي وقد يكون شديداً لدرجة يحدث فيها إقفاراً محيطياً. التهاب التامور شائع عند مرضى القصور الكلوي بمراحله النهائية غير المعالجين أو المعالجين بشكل غير كافٍ وهو قد يؤدي لتطور سطام تاموري ومن ثم التهاب تامور عاصر.
7. الحماض:
يترافق انخفاض الفعالية الوظيفية الكلوية مع تطور الحماض الاستقلابي الذي يكون غالباً لا أعراضياً. يؤدي الحماض المستمر إلى درء البروتونات في العظم محل الكالسيوم مما يؤدي لتفاقم الداء العظمي الاستقلابي. قد يفاقم الحماض بدوره تدهور الوظيفة الكلوية ويزيد معدل التدرك النسجي. يجب الحفاظ على تركيز بيكاربونات المصل فوق قيمة 18 ميلي مول/ ليتر بإعطاء محضر بيكاربونات الصوديوم الذي تتحدد جرعته المناسبة حسب التجربة السريرية حيث نبدأ بجرعة 1غ كل 8 ساعات ونزيدها حسب الحاجة. قد تؤدي زيادة الوارد من الصوديوم لارتفاع التوتر الشرياني أو الوذمة، ولذلك يعد محضر كربونات الكالسيوم (حتى 3 غ يومياً) بديلاً مناسباً عن بيكربونات الصوديوم بالإضافة إلى أنه يستخدم لربط الفوسفات الوارد مع الطعام.
8. الخمج:
تضعف المناعة الخلطية والخلوية وتزداد أهبة المريض للإصابة بالخمج. تعد الأخماج السبب الثاني (من حيث الشيوع) للموت عند مرضى الديلزة بعد الأمراض القلبية الوعائية.
9. النزف:
تزداد أهبة المريض للإصابة بالنزف، وتتظاهر هذه الأهبة عند مرضى القصور الكلوي المتقدم بالتكدم الجلدي والنزوف من الأغشية المخاطية. تضطرب وظيفة الصفيحات ويتطاول زمن النزف. تصلح الديلزة الكافية بشكل جزئي هذا الاضطراب.
10. الاضطرابات الهضمية:
من الشائع أن يصاب المريض بالقهم المتبوع بالغثيان والإقياء (ولاسيما عند الصباح). تزداد نسبة إصابة المريض اليوريميائي بالقرحة الهضمية.
D. التدبير:
يرتكز تدبير القصور الكلوي المزمن على المبادئ التالية:
ـ
يجب تحديد سبب المرض الكلوي المستبطن الذي أحدث القصور المزمن.
ـ
يجب بذل الجهود لمنع تفاقم تدهور الوظيفة الكلوية.
ـ
يجب البحث عن العوامل العكوسة (وعلاجها) التي تفاقم تدهور الوظيفة الكلوية (انظر الجدول 16).
ـ
يجب بذل الجهد لتخفيف التأثيرات الجانبية الضارة الناجمة عن القصور الكلوي.
ـ
يجب اللجوء للمعالجة المعيضة للكلية (الديلزة أوالزرع) في الوقت المناسب.
يجب في البداية تحديد سبب المرض الكلوي المستبطن إن كان ذلك ممكناً اعتماداً على القصة المرضية والفحص السريري والاستقصاءات المخبرية الكيماوية والمناعية والشعاعية والنسجية. يجب تقييم شدة القصور الكلوي وكشف الاختلاطات الناجمة عنه. في بعض الحالات قد يكون السبب قابلاً للعلاج النوعي (مثل بعض أشكال التهاب كبيبات الكلى الذي يستجيب للعلاج بكابتات المناعة). يجب البحث عن العوامل العكوسة وتصحيحها لأن ذلك يحسن الوظيفة الكلوية (انظر الجدول 16).
الجدول 16: العوامل العكوسة في القصور الكلوي المزمن.
·
ارتفاع التوتر الشرياني.
·
نقص معدل الإرواء الكلوي:
- تضيق الشريان الكلوي.
- انخفاض الضغط المحرض دوائياً.
- نضوب الماء والصوديوم.
- تدهور الوظيفة القلبية.
·
انسداد السبيل البولي.
·
إنتان السبيل البولي.
·
وجود إنتانات ما في مناطق أخرى من الجسم (تزيد التدرك وإنتاج البولة).
·
الأدوية السامة للكلى.
يوجد العديد من الإجراءات التي تطبق عند مريض القصور الكلوي اللاعكوس لإنقاص شدة الأعراض وربما لإبطاء التطور نحو القصور الكلوي بمراحله النهائية.
1. تأخير ترقي القصور الكلوي المزمن:
في النهاية سيكون القصور الكلوي المزمن مرضاً قاتلاً ما لم تطبق المعالجة المعيضة للكلية (الديلزة أو زرع الكلية). عندما يزيد تركيز كرياتينين المصل عن 300 ميكرومول/ليتر نلاحظ عادة حدوث ترقي في تدهور الوظيفة الكلوية بغض النظر عن سبب القصور المزمن. إن معدل تدهور الوظيفة الكلوية مختلف بين مريض وآخر بشكل كبير ولكنه ثابت نسبياً عند كل مريض على حدة. يسمح تركيز كرياتينين البلازما المقلوب مقابل الزمن، يسمح هذا المخطط للطبيب بأن يتوقع متى سيحتاج المريض للديلزة وبأن يكشف أي تدهور غير متوقع في القصور الكلوي (انظر الشكل 21). قد يعكس التبدلُ الطارئ على انحدار الخط البياني التبدل الطارئ على الخطة العلاجية مثل ضبط التوتر الشرياني وبقية التدابير الأخرى.
الشكل 21:
مخطط تركيز كرياتينين المصل المقلوب مقابل الزمن (على مدى 6 سنوات) عند مريض مصاب بقصور كلوي مترقي ناجم عن اعتلال الكلية الغشائي.
يمكن بقياس تراكيز كرياتينين المصل بشكل متكرر توقع زمن حدوث الداء الكلوي بمراحله النهائية. عند نقطة التحول (السهم) لاحظنا أن انحدار الخط البياني قد انخفض بشكل دراماتيكي وهذا ناجم عن علاج المريض بشوطٍ من كلورامبيوسيل وبريدنيزولون لمدة 6 أشهر.
2. ضبط التوتر الشرياني:
قد يؤخر ضبط التوتر الشرياني تدهور معدل الرشح الكبي في العديد من الأمراض الكلوية ولاسيما الأمراض الكبية. ولقد ثبتت هذه الحقيقة بالنسبة لاعتلال الكلية السكري المنشأ، ولربما تكون صحيحة بالنسبة لبقية الأمراض أيضاً ولاسيما تلك التي تترافق مع بيلة بروتينية شديدة. إلى الآن لم نحدد عتبة ما لهذا التأثير بل إن أي انخفاض في التوتر الشرياني سيكون مفيداً. اقترحت العديد من قيم التوتر الشرياني لتحقيقها عند المرضى مثل 130/ 85 ملمز عند المصاب بالقصور الكلوي المزمن المعزول ومثل 125/ 75 ملمز عند المصاب بالقصور الكلوي المزمن المترافق مع بيلة بروتينية تزيد عن 1غ/ اليوم. إن الوصول لهذه القيم يحتاج غالباً لإشراك العديد من الأدوية الخافضة للضغط مع بعضها الأمر الذي قد يحد منه السمية الدوائية وعدم مطاوعة المريض. كذلك فإن ارتفاع نسبة إصابة مريض الداء الكلوي المزمن بضخامة البطين الأيسر وبقصور القلب وبالداء الوعائي الساد، إن ارتفاع هذه النسبة يبرر بذل الجهود الشديدة لضبط التوتر الشرياني.
وجد أن مثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين أكثر فعالية في إبطاء ترقي القصور الكلوي من الأدوية الأخرى التي تخفض التوتر الشرياني بشكل مكافئ لها (انظر EBM Panel). قد ينجم هذا الفرق عن قدرة هذه المثبطات على تخفيض ضغط الإرواء الكبي بتوسيعها للشرينات الصادرة الأمر الذي يؤدي لانخفاض فوري في ضغط الرشح الكبي عند بدء العلاج بها. إن انخفاض معدل البيلة البروتينية مؤشر إنذاري جيد ولكن من غير الواضح احتمال وجود علاقة سببية بين هذا الانخفاض وجودة الإنذار. بغض النظر عن مثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين فإن ضادات مستقبلات الأنجيوتنسين II تخفض أيضاً ضغط الإرواء الكبي، كذلك قد يمكن الحصول على نفس هذا التأثير بإعطاء ضادات كلس معينة من غير زمرة ديهيدروبيريدين.
3. الحمية:
أظهرت الدراسات التجريبية أنه يمكن تأخير ترقي الداء الكلوي بتطبيق العديد من المناورات على الحمية، ومن أهمها تحديد الوارد من البروتين. إن نتائج هذه الدراسات المجراة على البشر أقل موثوقية وأضعف دلالة (انظر EBM Panel). فمن الصعب على المريض أن يلتزم بالحمية قليلة البروتين بالإضافة لكونها قد تسبب سوء تغذية. على كل حال تبقى هذه المسألة خلافية ولكن بالنسبة لمعظم المرضى الذين يعيشون في مناطق تتوافر فيها المعالجة المعيضة للكلية فإنه لا ينصح بتطبيق حمية صارمة جداً فقيرة بالبروتين. إن تحديد البروتين بشكل متوسط الشدة (60 غرام من البروتين يومياً) يجب أن يترافق مع واردٍ كافٍ من الحريرات لمنع سوء التغذية. قد يشير القهم والضمور العضلي لضرورة البدء بالديلزة.
EBM
القصور الكلوي المزمن- دور مثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين عند المرضى غير السكريين:
وجد أن إعطاء مثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين لمرضى غير سكريين مصابين بارتفاع التوتر الشرياني والقصور الكلوي المزمن المترافق مع البيلة البروتينية، إن إعطاءهم هذه الأدوية قد أنقص شدة البيلة البروتينية وأبطأ تدهور الوظيفة الكلوية. ربما تبدي مضادات مستقبلات أنجيوتنسين
II
نفس التأثير أيضاً، إن هذا التأثير أعظم من نظيره الناجم عن بقية خافضات الضغط وهو مستقل عن تأثيرها في تخفيض الضغط.
EBM
القصور الكلوي المزمن- دور الحمية الفقيرة بالبروتين:
رغم أن أكبر تجربة وحيدة عشوائية لم تبرهن على تأثيرٍ مهم لهذه الحمية، فإن التحليل اللاحق لمجموعات أصغر والتحليل لتجارب عشوائية مضبوطة منشورة أظهرا أن تحديد الوارد من البروتين مع الطعام يؤخر ترقي القصور الكلوي المزمن عند المرضى اللاسكريين وعند المرضى السكريين المعتمدين على الأنسولين. فقد وجد عند المرضى اللاسكريين أن حدوث القصور الكلوي بمراحله النهائية قد انخفض بنسبة 40% تقريباً مقارنة مع نظرائهم الذين لم يخضعوا لتحديد البروتين. طبقت هذه التجارب حمية مقدارها 0.3-0.8 غ/كغ من البروتين ولم تحدد الوارد المثالي منه.
4. الشحوم:
من الشائع أن يكون تركيز كوليستيرول الدم مرتفعاً عند المرضى الذين لديهم بيلة بروتينية مهمة، كذلك من الشائع أن يكون تركيز الشحوم الثلاثية مرتفعاً عند مرضى القصور الكلوي المزمن. بالإضافة لكون ذلك يؤدي لتطور داء وعائي فإنه يؤدي أيضاَ إلى تسريع ترقي الداء الكلوي المزمن. ولقد أدى استحداث مثبطات خميرة ريدوكتاز HMG-CoA إلى إمكانية إحداث تخفيض ملحوظ في الشحوم عند مرضى الداء الكلوي المزمن، ولكن إلى الآن لا توجد دراسات على المدى الطويل عند هذه المجموعة من المرضى. على كل حال يعتقد البعض أن الخطورة العالية لحدوث داء وعائي عند مرضى القصور الكلوي المزمن تبرر علاج هذه الاضطرابات في انتظار أن يأتي الدعم من نتائج الدراسات المضبوطة.
5. الشوارد والسوائل:
بسبب نقص قدرة الكلية القاصرة على تكثيف البول، فإنه لابد من توافر حجم بولي مرتفع نسبياً لإطراح منتجات الاستقلاب، ولذلك ينصح بأن يكون معدل الوارد من السوائل حوالي 3 ليتر يومياً. قد يحتاج المرضى المصابون بداء كلوي مضيع للملح، قد يحتاجون لوارد كبير من الصوديوم والماء بما في ذلك إعطاؤهم كميات من كلور الصوديوم وبيكاربونات الصوديوم لمنع نضوب السوائل وبالتالي تفاقم تدهور الوظيفة الكلوية. يشاهد هذا الأمر غالباً عند المصابين بالداء الكلوي الكيسي أو بالاعتلال البولي الانسدادي أو باعتلال الكلى الجزري أو بأحد الأمراض الأنبوبية الخلالية الأخرى، ولا يشاهد عند المرضى المصابين بداء كبي. يستفيد هؤلاء المرضى من تناول 5-10 غ/ اليوم (85-170 ميلي مول/اليوم) من كلور الصوديوم فموياً، وعادة نبدأ بجرعة 2-3 غ/ اليوم ونزيد الجرعة لاحقاً حسب الحاجة. إن الحد الذي يجب أن يوقفنا عن إضافة المزيد من الملح هو تطور وذمة رئوية أو محيطية أو تفاقم ارتفاع التوتر الشرياني. قد يستطب استبدال كلور الصوديوم بمحضر بيكاربونات الصوديوم عندما يستطب إصلاح الحماض.
قد يستطب تحديد الوارد من البوتاسيوم (70 ميلي مول/اليوم) والصوديوم (100 ميلي مول/اليوم) في المراحل المتأخرة من القصور الكلوي المزمن في حال وجود دلائل على تراكمهما في جسم المريض. إن تراكم السوائل بشكل مفرط عند المريض المصاب بقصور كلوي طفيف قد يؤدي أحياناً لتطور وذمة رئة دورية، تترافق هذه الحالة بشكل خاص مع تضيق الشريان الكلوي.
6. فقر الدم:
إن الإريثروبيوتين البشري المأشوب فعال في تصحيح فقر الدم الناجم عن القصور الكلوي المزمن. يعطى عادة بجرعات تؤدي لوصول تركيز الخضاب للمجال 10-12 غرام/ليتر. يجب أن يعطى حقناً، ويعد حقنه تحت الجلد الأكثر فعالية. تشمل اختلاطاته ارتفاع التوتر الشرياني الذي يتطلب غالباً تعديل الأدوية الخافضة للضغط، وزيادة قابلية الدم للتخثر وارتفاع نسبة حدوث الخثار ضمن الناسور الشرياني الوريدي المستخدم للديلزة الدموية، وإذا صحح فقر الدم بشكل تدريجي فإن نسبة هذه الاختلاطات تصبح أقل شيوعاً. تنخفض فعالية الإريثروبيوتين في حال وجود عوز حديد عند المريض أو وجود خباثة أو حدثية التهابية فعالة أو عند المريض المصاب بفرط حمل الألمنيوم الذي ينجم أحياناً عن الديلزة، ولذلك يجب البحث عن هذه الحالات وعلاجها إن أمكن ذلك قبل البدء بإعطاء الإريثروبيوتين.
7. الحثل العظمي:
يجب الحفاظ على تركيز كالسيوم وفوسفات المصل قرب الحد الطبيعي قدر الإمكان. يصحح نقص كلس الدم بإعطاء المماكب الصنعي للفيتامين D المعروف باسم 1-الفا- هيدروكسيلات فيتامين D. تضبط الجرعة بحيث نتجنب إصابة المريض بفرط كلس الدم، إن ضبط تركيز الكلس سيمنع عادة تطور تلين العظام أو يضبطه، رغم أنه قد يكون معنداً على العلاج أحياناً ربما بسبب وجود عوامل أخرى تثبط تمعدن العظم. يضبط فرط فوسفات الدم بتحديد الطعام الغني به (مثل الحليب والجبن والبيض) وباستخدام الأدوية الرابطة للفوسفات التي تتحد مع الفوسفات المتناول مع الطعام لتشكل معقداً غير ذواب يمنع امتصاصه (من الأدوية الرابطة للفوسفات نذكر كربونات الكالسيوم بجرعة 500 ملغ فموياً مع كل وجبة طعام). كذلك يبدي محضر هيدروكسيد الألمنيوم تأثيراً رابطاً للفوسفات (300-600 ملغ فموياً قبل كل وجبة، يعطى على شكل كبسولات)، ويجب إعطاء هيدروكسيد الألمنيوم بأقل جرعة فعالة ممكنة وقبل الطعام مباشرة للحيلولة دون الانسمام به. يمكن بتلك الإجراءات منع أو ضبط فرط نشاط جارات الدرق الثانوي، ولكن في حال وجود داء عظمي شديد مع فرط نشاط جارات درق مستقل يصبح من الضروري استئصال جارات الدرق.
E. الإنذار:
تحدثنا سابقاً عن ميل اضطراب الوظيفة الكلوية للترقي (انظر الشكل 21) وعن العوامل التي يمكن لها أن تؤثر على هذا الترقي.
إن المعلومات حول الإنذار طويل الأمد بالنسبة لمرضى الديلزة أو مرضى زرع الكلية محدودة لأن هذه التقنيات توافرت فقط منذ حوالي 30 سنة وهي تخضع للتطور بشكل سريع ومستمر. ورغم ذلك يمكن اعتبار الديلزة وزرع الكلية شكلين فعالين جداً من أشكال العلاج، وتبلغ نسبة البقيا لمدة 5 سنوات 80% تقريباً عند المرضى الذي يخضعون للديلزة الدموية المنزلية و 80% عند مرضى زرع الكلية و60% عند الذين يخضعون للديلزة الدموية المشفوية و50% عند الذين يخضعون للديلزة البريتوانية المستمرة المتنقلة
(CAPD).
لا يمكن مقارنة هذه النسب مع بعضها البعض بشكل مباشر بسبب اختلاف المرضى الذين يخضعون لكل طريقة حيث نجد أن المرضى الذين يعالجون بالديلزة البريتوانية غالباً ما يكونون متقدمين بالعمر ومصابين بأمراض جهازية مثل الداء السكري. من الصعوبات الأخرى في تحديد الإنذار طويل الأمد لمرضى القصور الكلوي المزمن أن نسبة كبيرة منهم تموت نتيجة تعرضهم لأسباب مرضية أخرى وعلى رأسها الأمراض الوعائية وذلك مقارنة مع باقي الناس من نفس العمر. على كل حال تشير الدراسات المبدئية إلى أن إنذار مرضى الداء الكلوي بمراحله النهائية الآن أفضل بكثير من إنذار المرضى المصابين بالعديد من الأمراض الأخرى المميتة.
المعالجة المعيضة للكلية
منذ ستينات القرن العشرين توافرت تقنيات معينة للتعويض عن بعض الوظائف الكلوية، وقد طبقت في البداية لتدبير القصور الكلوي الحاد، ولكن بعد ذلك أصبحت روتينية لتدبير مرضى القصور الكلوي بمراحله النهائية. بل إنها أضحت تشكل الجزء الأكبر من الخطة العلاجية لهم. هذه التقنيات الاصطناعية لا تعوض عن الوظائف الاستقلابية والغدية الصماوية التي تقوم بها الكلى السليمة، ولكنها على كل حال تضبط القيم المخبرية المصلية الخاصة بالكلية وتسهل التخلص من السوائل من الدوران (الترشيح الفائق). النموذج الأول للمعالجة المعيضة للكلى كان الديلزة الدموية التي لا تزال أشيع الاستراتيجيات المطبقة في هذا المجال، ولكن حالياً توجد تقنيات أخرى تستخدم بشكل خاص لتدبير مرضى القصور الكلوي الحاد غير المستقرين
قضايا عند المسنين:
المعالجة المعيضة للكلية
:
·
لا يعد العمر بحد ذاته مانعاً لضمان حياة بنوعية جيدة بتطبيق المعالجة المعيضة للكلية.
·
ارتفاع نسبة الأمراض القلبية الوعائية عند المسنين يجعل الديلزة صعبة لديهم، حيث أن المسن أكثر حساسية لاضطرابات توازن السوائل وأكثر أهبة للإصابة بانخفاض التوتر الشرياني خلال إجراء الديلزة وللإصابة بارتفاع التوتر الشرياني الارتدادي في الفترات الفاصلة بين جلسات الديلزة. كذلك فإن وجود الداء القلبي الإقفاري عند المسن يعرضه بسهولة للإصابة بوذمة الرئة فيما لو حدث لديه فرط حمل حجمي.
·
مما سبق نستنتج أن الطريقة الوحيدة المناسبة للمرضى المسنين هي الديلزة الدموية المطبقة في المشفى مع العناية الطبية والتمريضية اللصيقة.
·
من الصعب أن نتوقع البقيا الخاصة لكل مريض مسن موضوع على الديلزة، ولكنها بلا ريب ترتبط بالسن وبالقدرة الوظيفية (مقياس بارثيل أو كارنوفسكي) وبوجود أمراض مرافقة.
·
يعد التوقف عن إجراء الديلزة سبب شائع لموت المسنين المصابين بأمراض مرافقة.
·
إن المخاطر النسبية للجراحة ولإعطاء مثبطات المناعة ولمحدودية حياة الأجهزة الحيوية في جسم المسن، إن اجتماع هذه العوامل يجعل معظم المسنين مستبعدين من إجراء الزرع لهم.
·
قد يكون العلاج المحافظ الصارم دون اللجوء للديلزة، قد يكون الخيار الأوسع انتشاراً لتدبير المرضى الذين لديهم خطورة عالية من احتمال تعرضهم للاختلاطات الناجمة عن الديلزة وأولئك الذين يكون إنذارهم سيئاً والذين يملكون فرصة ضعيفة للتحسن الوظيفي بعد تطبيقها.
المعالجة المعيضة للكلية في القصور الكلوي المزمن
RENAL REPLACEMENT IN CHRONIC RENAL FAILURE
A. الديلزة الدموية:
تعد الديلزة الدموية المتقطعة الطريقة القياسية المعتمدة حالياً لتنقية الدم عند مرضى الداء الكلوي بمراحله النهائية (انظر الشكل 23). يجب البدء بالديلزة الدموية عندما نلاحظ أن المريض مصاب بقصور كلوي متقدم رغم تلقيه العلاج الدوائي المناسب، ويجب أن يتم ذلك قبل ظهور الاختلاطات الخطيرة، وهذا ما يحدث غالباً عندما يصل تركيز الكرياتينين المصلي إلى 600-800 ميكرومول/ليتر. يجب صنع ناسور شرياني وريدي (يجرى في الذراع عادة) عندما يصل تركيز الكرياتينين المصلي إلى حوالي 400 ميكرومول/ليتر وبالتالي يتاح له الوقت الكافي لكي يترسخ. بعد مرور 4-6 أسابيع على فتح هذا الناسور يؤدي ارتفاع الضغط ضمن الوريد المقدم من الناسور إلى تمدده وتثخن جداره (يصبح كالشريان). بعد ذلك يمكن إدخال إبر واسعة اللمعة داخل هذا الوريد لتأمين خط لكل جلسة ديلزة دموية (انظر الشكل 23). فإذا لم يكن ذلك ممكناً يمكن وضع قثطرة بلاستيكية في وريد مركزي واستخدامها كخطٍ للديلزة الدموية لفترة مؤقتة.
تجرى الديلزة الدموية بمعدل 3 مرات أسبوعياً على مدى 3-5 ساعات لكل مرة. يلاحظ معظم المرضى تحسناً تدريجياً في الأعراض خلال أول ستة أسابيع من بدء العلاج. ينخفض التركيز المصلي للبولة والكرياتينين مع كل جلسة ولكن لا يعودان للمجال الطبيعي. وتلتزم معظم الوحدات المعايير المعتمدة المقبولة للقول بأن الديلزة كانت كافية والتي ترتبط بتصفية البولة بالقياس إلى ماء الجسم الكلي. يمكن لبعض المرضى إجراء عملية الديلزة في المنزل. يعيش العديد من المرضى حياة طبيعية وحيوية وتمتد بقياهم لأكثر من 20 عاماً بشكل عام.
الشكل 23:
الديلزة الدموية.
مريضة تجرى لها ديلزة دموية بواسطة ناسور تحت جلد الذراع (ناسور يريسيو-سيمينو)، ولاحقاً زرع لها كلية من قريب حي.
B. الديلزة البريتوانية المستمرة الجوالة (CAPD):
تستخدم هذه الطريقة للحالات المزمنة، وهي تتم بإدخال قثطرة سيلاستيكية دائمة إلى الجوف البريتواني. يسرب عبرها ليتران من سائل الديلزة العقيم المعادل الحلولية ويحبس ضمن الجوف البريتواني لمدة 6 ساعات تقريباً، خلال هذه الفترة تنتشر الفضلات الاستقلابية من الشعيرات الدموية البريتوانية إلى سائل الديلزة عبر مدروج التركيز، ثم يرشف هذا السائل ويستعاض عنه بسائلٍ آخر جديد، وتكرر هذه الدورة 4 مرات يومياً، وخلال هذه الفترة يمكن للمريض أن يتحرك ويقوم بأداء كافة فعالياته اليومية العادية. هذه الطريقة مفيدة بشكل خاص عند يفعان الأطفال وعند المسنين المصابين بعدم ثبات قلبي وعائي وعند السكريين. قد يتعرقل استخدامها المديد بحدوث نوب من التهاب البريتوان الجرثومي، ولكن بعض المرضى عولجوا بها بنجاح لمدة تزيد عن 10 سنوات.
شاع بشكل واسع حالياً استخدام الديلزة البريتوانية الآلية (APD)، وهي شبيهة بالطريقة السابقة ولكنها مزودة بجهاز خاص يقوم بمبادلة السائل خلال الليل مع ترك المريض حراً خلال النهار أو تجرى مبادلة وحيدة فقط خلاله.
C. زرع الكلية:
تسمح هذه الطريقة بإمكانية استعادة الوظيفة الكلوية الطبيعية وبتصحيح كل الاضطرابات الاستقلابية الناجمة عن القصور الكلوي المزمن. تؤخذ الكلية الطعم من متبرع متوفي أو من قريبٍ للمريض. يجب أن تكون الزمرة الدموية (ABO) متطابقة بين المتبرع والمستقبل، وعادة يتم اختيار الكلية المُتبرَّع بها على أساس التوافق النسجي (HLA، مستضد الكريات البيض البشري) التام بينها وبين نسيج المستقبِل لأن ذلك يحسن بقياها. يعد رفض الطعم المتواسط مناعياً السبب الرئيس لفشل الزرع. لقد تحسنت نتائج زرع الكلى بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. حيث تبلغ نسبة بقيا الطعم المزروع حياً لمدة 3 سنوات حوالي 80% ونسبة البقيا الخاصة بالمريض لنفس المدة 90% تقريباً.
يجب إعطاء المريض معالجة طويلة الأمد مثبطة للمناعة بعد زرع الكلية. وضعت العديد من الخطط الدوائية لهذه الغاية ولكن أكثرها تداولاً يقوم على إشراك محضر بريدنيزولون مع سيكلوسبورين A مع أزاثيوبرين. يوجد تركيز حول السمية الكلوية الطويلة الأمد الناجمة عن محضر سيكلوسبورين. حالياً أثبت الدور المفيد للأدوية الحديثة المثبطة للمناعة (تاكروليموس، ميكوفينولات موفيتيل، راباميسين) في هذا المجال اعتماداً على التجارب السريرية.
يترافق تثبط المناعة مع ازدياد نسبة الأخماج ولاسيما الانتهازية منها، وارتفاع خطورة الإصابة بالأورام الخبيثة ولاسيما الجلدية منها، حيث أن 15% من المرضى البيض سيصابون بخباثة جلدية بعد مرور 15 سنة على الزرع. إن اللمفومات نادرة ولكنها تحدث باكراً وغالباً تكون مرتبطة بالإنتان بحمة الحلأ ولاسيما حمة إبشتاين-بار. رغم هذه المشاكل يعد الزرع مصدر الأمل الأفضل لممارسة حياة عادية بالنسبة للمريض، وهو أقل الطرق العلاجية كلفة مقارنة بنتائجه الجيدة في تدبير القصور الكلوي المزمن.
قضايا عند المسنين:
المعالجة المعيضة للكلية
:
·
لا يعد العمر بحد ذاته مانعاً لضمان حياة بنوعية جيدة بتطبيق المعالجة المعيضة للكلية.
·
ارتفاع نسبة الأمراض القلبية الوعائية عند المسنين يجعل الديلزة صعبة لديهم، حيث أن المسن أكثر حساسية لاضطرابات توازن السوائل وأكثر أهبة للإصابة بانخفاض التوتر الشرياني خلال إجراء الديلزة وللإصابة بارتفاع التوتر الشرياني الارتدادي في الفترات الفاصلة بين جلسات الديلزة. كذلك فإن وجود الداء القلبي الإقفاري عند المسن يعرضه بسهولة للإصابة بوذمة الرئة فيما لو حدث لديه فرط حمل حجمي.
·
مما سبق نستنتج أن الطريقة الوحيدة المناسبة للمرضى المسنين هي الديلزة الدموية المطبقة في المشفى مع العناية الطبية والتمريضية اللصيقة.
·
من الصعب أن نتوقع البقيا الخاصة لكل مريض مسن موضوع على الديلزة، ولكنها بلا ريب ترتبط بالسن وبالقدرة الوظيفية (مقياس بارثيل أو كارنوفسكي) وبوجود أمراض مرافقة.
·
يعد التوقف عن إجراء الديلزة سبب شائع لموت المسنين المصابين بأمراض مرافقة.
·
إن المخاطر النسبية للجراحة ولإعطاء مثبطات المناعة ولمحدودية حياة الأجهزة الحيوية في جسم المسن، إن اجتماع هذه العوامل يجعل معظم المسنين مستبعدين من إجراء الزرع لهم.
·
قد يكون العلاج المحافظ الصارم دون اللجوء للديلزة، قد يكون الخيار الأوسع انتشاراً لتدبير المرضى الذين لديهم خطورة عالية من احتمال تعرضهم للاختلاطات الناجمة عن الديلزة وأولئك الذين يكون إنذارهم سيئاً والذين يملكون فرصة ضعيفة للتحسن الوظيفي بعد تطبيقها.