أمراض القلب والأوعية .. الجزء الثانى عشر

الناقل : فراولة الزملكاوية | الكاتب الأصلى : مـ الروح ـلاك | المصدر : forum.te3p.com

جراحة الاستبدال الدسامي
VALVE REPLACEMENT SURGERY



يمكن استبدال الدسامات القلبية المريضة بأخرى حيوية أو صنعية. يشمل أشهر ثلاثة أنواع مستخدمة من الدسامات الصنعية كلاً من دسام الكرة والقفص Boll and Cage ودسام القرص المفرد المائل والدسام ثنائي الوريقات المائل. وكل هذه الدسامات تحدث أصواتاً صنعية أو تكات تسمع بالإصغاء. يعد الدسام الخنزيري المثبت على قالب داعم أشهر الدسامات الحيوية تداولاً في الممارسة، وهذه الأخيرة تولد أصواتاً قلبية طبيعية. إن كل الدسامات الصنعية التي تركب عوضاً عن الدسام الأبهري تسبب ظهور نفخة جريان انقباضية.

يحتاج كل المرضى الذين وضع لهم أي نوع من أنواع الدسامات الصنعية، يحتاجون لتناول المميعات لفترة طويلة لأن هذه الدسامات قد تصاب بالخثار حولها مما يؤدي لانسداد الجريان عبرها و/أو حدوث الانصمام (انظر الجدول 96)، قد لا تعود تسمع تكة الدسام الصنعي فيما لو تعرضت وظيفته لخلل.

الجدول 96: الدسامات القلبية الصنعية: التمييع المثالي المطلوب.

الدسام الصنعي
INR المطلوب

الكرة والقفص (ستار – إدوارد).
القرص (بجورك – شيلي).

3.5

ثنائي الوريقات (ST-Jude).

3

دسامات حيوية مع رجفان أذيني.

2.5

تتميز الدسامات الحيوية بأن صمامها لا يحتاج لتناول المميعات للحفاظ على وظيفتها بحالة جيدة. على كل حال فإن العديد من المرضى الذين خضعوا لجراحة استبدال الدسامات ولاسيما الدسام التاجي سيصابون بالرجفان الأذيني الذي يضطرهم لتناول المميعات مهما كان نوع الدسام المستخدم. إن حياة الدسامات الحيوية أقصر من حياة نظيرتها الصنعية فهي قد تتنكس خلال 7 سنوات أو أكثر قليلاً بعد زرعها ولا سيما عندما تزرع مكان الدسام التاجي.

قد تكون أعراض وعلامات قصور القلب غير المعلل عند المريض الذي لديه دسام قلبي صنعي، قد تكون ناجمة عن سوء وظيفة الدسام وتحتاج هذه الحالة لتقييم قلبي إلحاحي.




أمراض القلب الخلقية
CONGENITAL HEART DISEASE

عادة تتظاهر أمراض القلب الخلقية خلال مرحلة الطفولة، ولكنها قد تمر ولا تشخص إلا في مرحلة البلوغ. إن التشوهات التي يتحملها المرضى عادة بشكل جيد مثل خلل الحاجز الأذيني قد لا تعطي أعراضاً إلا بمرحلة البلوغ أو قد تكشف لأول مرة صدفة عند إجراء فحص روتيني أو إجراء صورة صدر شعاعية.

إن التشوهات الخلقية التي كانت سابقاً تؤدي للموت في الطفولة يمكن تصحيحها الآن أو على الأقل يمكن تصحيحها بشكل جزئي وبالتالي غدت القاعدة الآن استمرار البقيا حتى مرحلة البلوغ. مثل هؤلاء المرضى قد يبقون بحالة جيدة لعدة سنوات وبعدها يراجعون في مرحلة متأخرة من الحياة بمشاكل ذات صلة بالتشوه الخلقي الذي كانوا مصابين به، من هذه المشاكل اللانظميات أو سوء الوظيفة البطينية (انظر الجدول 97).
الجدول 97: مظاهر أمراض القلب الخلقية خلال مراحل الحياة.
فترة الولادة وما حولها:
· الزراق.
· قصور القلب.
فترة الرضاعة والطفولة:

· الزراق.
· قصور القلب.
· اللانظميات.
· النفخات.
· فشل النمو.
فترة اليفع والبلوغ:

· قصور القلب.
· النفخات.
· اللانظميات.
· ارتفاع التوتر الشرياني (تضيق برزخ الأبهر).
· الزراق الناجم عن انقلاب الشنت (متلازمة إيزنمنغر).
· عقابيل متأخرة لجراحة قلبية سابقة (مثال: لانظميات، قصور القلب).

الدوران الجنيني The fetal circulation:
يساعد فهم الدوران الجنيني في إدراك آلية حدوث بعض التشوهات القلبية الخلقية. يملك الجنين جرياناً دموياً ضئيلاً فقط عبر رئتيه ولذلك فهو لا يستطيع أن يتنفس في هذه المرحلة من الحياة وهو داخل الرحم. ولذلك فإن الدوران الجنيني يسمح للدم المؤكسج القادم من المشيمة بالمرور مباشرة إلى الجزء الأيسر من القلب عبر الثقبة البيضية دون مروره عبر الرئتين (انظر الشكل 92).


الشكل 92 (اضغط على الشكل للتكبير): التبدلات الطارئة على الجهاز الدوراني عند الولادة.
A: يأتي الدم الجنيني المؤكسج عبر الوريد السري حيث يدخل الوريد الأجوف السفلي عبر القناة الوريدية. يجري الدم المؤكسج من الأذينة اليمنى عبر الثقبة البيضية المفتوحة إلى الأذينة اليسرى وعبر البطين الأيسر إلى الأبهر. يلتقي الدم الوريدي من الوريد الأجوف العلوي مع تيار الدم الرئيسي في الأذينة اليمنى وعندئذ يختلط بشكل جزئي مع الدم المؤكسج ثم ينتقل إلى البطين الأيمن والشريان الرئوي. يبدي الدوران الرئوي مقاومة مرتفعة وبالتالي تمر كمية قليلة من الدم إلى الرئتين بينما يمر معظم الدم عبر القناة الشريانية إلى الأبهر النازل. البرزخ الأبهري عبارة عن تضيق في الأبهر يتوضع عند القوس الأبهري قبل الاتصال مع القناة الشريانية ويحد من جريان الدم الغني بالأوكسجين إلى الأبهر النازل. هذا التركيب يعني أن دماً غنياً بالأوكسجين قليل نسبياً سيزود الأعضاء التي تقوم بوظائفها بشكل رئيسي بعد الولادة مثل الكلى والأمعاء.

B: عند الولادة تتمدد الرئتان بالهواء وتنخفض المقاومة الوعائية الرئوية بحيث أن الدم الآن يجري إلى الرئتين ثم يعود منهما إلى الأذينة اليسرى. يرتفع ضغط الأذينة اليسرى لقيمٍ تزيد عن ضغط الأذينة اليمنى وينغلق الدسام السديلة (الشريحة) Flap Valve الخاص بالثقبة البيضية. تنغلق الشرايين السرية والقناة الوريدية. وفي الأيام القليلة التالية تنغلق القناة الشريانية تحت تأثير التبدلات الهرمونية (ولاسيما البروستاغلاندينات) ويتمدد البرزخ الأبهري.

قد تنشأ التشوهات الخلقية في حال أن التبدلات اللازمة للانتقال من الدوران الجنيني إلى الدوران خارج الرحمي لم تكتمل بالشكل المناسب. تحدث تشوهات الحاجز الأذيني عند موضع الثقبة البيضية. قد تبقى القناة الشريانية سالكة في حال فشلت في الانغلاق بعد الولادة. وقد يؤدي فشل الأبهر في التطور عند نقطة البرزخ الأبهري إلى ما يعرف بحالة تضيق برزخ الأبهر.

في الحياة الجنينية يتطور القلب كأنبوب وحيد ينطوي على نفسه ثم ينقسم إلى دورانين منفصلين. وإن الفشل في الانفصال قد يؤدي لبعض أشكال عيوب الحواجز الأذينية والبطينية. وإن فشل ارتباط الأوعية الكبيرة مع البطينات يؤدي لتبادل مواضع الشرايين الكبيرة وإلى رباعي فاللوت وإلى الجذع الشرياني.

A. الأسباب والتواتر Aetiology and incidence:
تبلغ نسبة التشوهات القلبية الخلقية ذات التأثيرات الهيموديناميكية المهمة حوالي 0.8% من الولادات الحية (انظر الجدول 98).
الجدول 98: نسبة الحدوث والتواتر النسبي للتشوهات القلبية الخلقية.

الآفة
النسبة المئوية لتواترها من كل الآفات القلبية الخلقية

اضطراب الحاجز البطيني

30

اضطراب الحاجز الأذيني

10

بقاء القناة الشريانية السالكة

10

التضيق الرئوي

7

تضيق برزخ الأبهر

7

التضيق الأبهري

6

رياعي فاللوت

6

التبدل التام لمواضع الشرايين الكبيرة

4

تشوهات أخرى

20


إن إصابة الأم بالإنتان أو تعرضها للأدوية أو الذيفانات قد يؤدي لتشوهات قلبية خلقية عند جنينها. تترافق إصابة الأم بالحصبة الألمانية ببقاء القناة الشريانية سالكة وتضيق الدسام الرئوي و/أو التضيق الشرياني وخلل الحجاب الأذيني.

يترافق سوء استخدام الأم للكحول مع تشوهات الحجاب البطيني و/أو الأذيني وتترافق إصابتها بالذأب الحمامي مع حصار قلب تام خلقي. قد تسبب التشوهات الجينية أو الكروموزومية مثل متلازمة داون تشوهات الحجاب البطيني و/أو الأذيني ولقد حددت العديد من الاضطرابات الجينية مثل متلازمة مارفان ومتلازمة دي جورج كعوامل مسببة لتشوهات نوعية.

B. المظاهر السريرية Clinical features:
قد تكون الأعراض غائبة، أو قد يشكو الطفل من ضيق النفس أو يكون مصاباً بفشل النمو والتطور الطبيعيين. وتشاهد كل الدرجات على اختلاف شداتها، فبعض التشوهات لا تتوافق مع إمكانية الحياة خارج الرحم أو يكون ذلك فقط لفترة قصيرة. تختلف العلامات السريرية باختلاف الآفة التشريحية. إن الحوادث الوعائية الدماغية والخراجات الدماغية هي اختلاطات للأمراض الخلقية المزرقة الشديدة.

إن التشخيص الباكر مهم لأن العديد من الأمراض القلبية الخلقية قابلة للعلاج الجراحي، ولكن هذه الفرصة قد تضيع في حال تطورت تبدلات ثانوية مثل أذية السرير الوعائي الرئوي. ولقد أوضحنا المظاهر الرئيسة للأمراض القلبية الخلقية في (الشكل 93).


الشكل 93 (اضغط على الشكل للتكبير): المظاهر السريرية التي قد توجد في مختلف أشكال الداء القلبي الخلقي.

1. الزراق المركزي وتبقرط الأصابع Central cyanosis and digital clubbing:
يحدث الزراق المركزي ذو المنشأ القلبي عندما يدخل الدم غير المشبع إلى الدوران الجهازي دون المرور عبر الرئتين (بما معناه يوجد شنت من الأيمن إلى الأيسر). عند الولدان نجد أن أشيع سبب لهذا الزراق هو تبادل منشأ الشرايين الكبيرة حيث ينشأ الأبهر من البطين الأيمن والشريان الرئوي ينشأ من البطين الأيسر. أما عند الأطفال الأكبر سناً فإن الزراق يكون عادة نتيجة لخلل الحجاب البطيني المترافق مع تضيق رئوي شديد (رباعي فاللوت) أو مع داء وعائي رئوي (متلازمة إيزنمنغر). يترافق الزراق المديد مع تبقرط الأصابع والأباخس (
انظر سابقاً).

2. تأخر النمو وصعوبات التعلم Growth retardation and learning difficulties:
قد تنجم هذه المظاهر عن الآفات المترافقة مع شنت كبير من الأيسر إلى الأيمن على مستوى البطينات أو الشرايين الكبيرة ولكنها قد تحدث مع اضطرابات أخرى ولا سيما إن كانت تشكل جزءاً من متلازمة وراثية. إن الاضطراب الشديد في الذكاء غير شائع عند الأطفال المصابين بداء قلبي خلقي معزول، ولكن على كل حال قد تحدث صعوبات طفيفة في التعلم عندهم وقد تكون أيضاً نتيجة للجراحة القلبية.

3. الغشي Syncope:
قد يحرض الجهد الغشي في حال وجود زيادة في المقاومة الوعائية الرئوية أو بوجود انسداد شديد في مخرج البطين الأيسر أو الأيمن. تنخفض المقاومة الوعائية الجهازية خلال الجهد ولكن المقاومة الوعائية الرئوية قد ترتفع مما يؤدي لمفاقمة الشنت من الأيمن إلى الأيسر وبالتالي تدهور الأكسجة الدماغية.

4. ارتفاع التوتر الرئوي ومتلازمة إيزنمنغر Pulmonary hypertension and Eisenmenger's syndrome:
يؤدي استمرار ارتفاع معدل الجريان الرئوي (مثل حالات الشنت من الأيسر إلى الأيمن ) إلى ارتفاع المقاومة الرئوية المتبوع بارتفاع التوتر الرئوي. تشمل التبدلات المترقية إمحاء الأوعية القاصية الرئوية الذي عند حدوثه يؤدي لزيادة غير عكوسة في المقاومة الرئوية. يظهر الزراق المركزي ويتطور تبقرط الأصابع. تظهر صور الصدر ضخامة الشرايين الرئوية المركزية ودقة الأوعية الرئوية المحيطية. يظهر تخطيط القلب الكهربي علامات ضخامة البطين الأيمن.

إذا تطور ارتفاع شديد في التوتر الرئوي قد ينعكس الشنت الذي كان من الأيسر إلى الأيمن ليتحول إلى شنت من الأيمن إلى الأيسر ويترافق مع زراق ملحوظ (متلازمة إيزنمنغر). هذه الظاهرة أكثر شيوعاً مع خلل الحجاب البطيني الواسع أو مع بقاء القناة الشريانية سالكة أكثر مما هو عليه مع خلل الحجاب الأذيني. إن مرضى متلازمة إيزنمنغر يتعرضون لخطورة خاصة فيما لو أصيبوا بتبدلات مفاجئة تناولت الحمل البعدي بحيث فاقمت الشنت من الأيمن إلى الأيسر (توسع وعائي، تخدير، حمل).

C. الحمل Pregnancy:
تتحمل معظم مريضات الآفات القلبية الخلقية اللواتي خضعن للإصلاح الجراحي والعديد من المصابات بآفات من هذا النوع ولكنهن عولجن بشكل ملطف أو لم يعالجن، يتحملن الحمل جيداً. على كل حال فإن الحمل يكون خطر عند المصابات بآفات مزرقة أو بارتفاع التوتر الرئوي الشديد، فعلى سبيل المثال نجد أن نسبة المواتة الأمومية تعادل 50% أو أكثر عند المصابات بمتلازمة إيزنمنغر وينصح عادة بإجراء التعقيم Sterilisation لمثل هؤلاء النسوة.

بقاء القناة الشريانية سالكة
PERSISTENT DUCTUS ARTERIOSUS


A. الأسباب Aetiology:
خلال الحياة الجنينية قبل أن تبدأ الرئتان بالعمل نجد أن معظم الدم القادم عبر الشريان الرئوي يمر إلى الأبهر مباشرة عبر القناة الشريانية (انظر
الشكل 92). في الحالة الطبيعية تنغلق هذه القناة بعد الولادة مباشرة ولكنها أحياناً تفشل في ذلك. إن بقاء القناة الشريانية سالكة قد يترافق مع تشوهات أخرى وهو أشيع عند الإناث.

بما أن الضغط ضمن الأبهر أعلى من نظيره ضمن الشريان الرئوي فسيحدث شنت مستمر شرياني وريدي يعتمد حجمه على حجم القناة. إن حوالي 50% من نتاج البطين الأيسر قد يعاد دورانه عبر الرئتين مع زيادة في عمل القلب ناجمة عنه.

B. المظاهر السريرية Clinical features:
عندما يكون حجم القناة صغيراً فالحالة تبقى لاعرضية لعدة سنوات، ولكنه عندما يكون كبيراً فقد يصاب المريض بتأخر في النمو والتطور. عادة لا يوجد عجز خلال مرحلة الرضاعة ولكن قد يصاب المريض بقصور القلب في آخر الأمر والذي يتظاهر بالزلة التنفسية في المراحل الأولية منه.

تسمع نفخة مستمرة (نفخة الماكينة Machinery Murmur) مع اشتداد في نهاية الانقباض، وهي تكون بشدتها العليا عند الورب الأيسر الثاني تحت الترقوة (انظر الشكل 94)، ومن الشائع أن تترافق مع الهرير. يمكن كشف ضخامة الشريان الرئوي بواسطة صورة الصدر الشعاعية، يكون تخطيط القلب طبيعياً عادة.
إن الشنت الكبير من الأيسر إلى الأيمن والمشاهد خلال فترة الرضاعة قد يسبب ارتفاعاً ملحوظاً في ضغط الشريان الرئوي، وقد يؤدي هذا أحياناً إلى أذية وعائية رئوية مترقية. يزداد حجم النبض.


الشكل 94: بقاء القناة الشريانية سالكة. يوجد اتصال بين الأبهر والشريان الرئوي مع شنت من الأيسر إلى الأيمن وتوسع الشريان الرئوي والأذينة اليسرى والبطين الأيسر.

بقاء القناة الشريانية سالكة مع انقلاب الشنت Persistent ductus with reversed shunting:
إذا ارتفعت المقاومة الوعائية الرئوية سيرتفع ضغط الشريان الرئوي الذي قد يستمر في الارتفاع حتى يساوي الضغط الأبهري أو يزيد عنه، عندها قد ينقلب الشنت عبر القناة مما يؤدي لتطور زراق مركزي (متلازمة إيزنمنغر) يكون أكثر وضوحاً في القدمين والأباخس منه في الجزء العلوي من الجسم. تغدو النفخة أخف، وقد تقتصر على الانقباض وقد تختفي كلياً. يظهر تخطيط القلب الكهربي علامات ضخامة البطين الأيمن.

C. التدبير Management:
حالياً يتم في الممارسة إغلاق القناة الشريانية السالكة بواسطة القثطرة القلبية حيث يتم زرع جهاز ساد خاص (انظر
الشكل 15). يجب أن يتم الإغلاق في مرحلة الرضاعة في حال كان الشنت مهماً وكانت المقاومة الرئوية لم ترتفع بعد. ولكن يمكن تأخيره حتى مرحلة الطفولة المتأخرة في حالة كانت الشنت صغيراً وكان الإغلاق منصوحاً به لتخفيف خطورة الإصابة بالتهاب الشغاف.

المعالجة الدوائية خلال مرحلة ما بعد الولادة Pharmacological treatment in the neonatal period:
عندما تكون القناة سليمة من الناحية البنيوية يمكن استخدام مثبطات خميرة بروستاغلاندين سينثيتاز (مثل إندوميثاسين أو إيبوبروفين) خلال الأسبوع الأول من الحياة لتحريض انغلاقها.

على كل حال بوجود تشوه خلقي مع ضعف الإرواء الرئوي (مثال: تضيق رئوي شديد مع شنت من الأيسر إلى الأيمن عبر القناة).

قد ينصح عندئذ بتحسين الأكسجة بالحفاظ على القناة مفتوحة بإعطاء البروستاغلاندين. لسوء الحظ فإن هذه المعالجات لا تنفع في حال كان تركيب القناة غير طبيعي بشكل جوهري.
تضيق برزخ الأبهر
COARCTATION OF THE AORTA



A. الأسباب Aetiology:
غالباً ما يحدث تضيق الأبهر عند المنطقة التي تتصل فيها القناة الشريانية مع الأبهر (أي عند البرزخ) تحت منشأ الشريان تحت الترقوة الأيسر تماماً (انظر
الشكل 92، والشكل 95).

الشكل 95: تضيق برزخ الأبهر.

يحدث هذا التشوه عند الذكور بنسبة مثلي تواتره عند الإناث، وتبلغ نسبته 1 لكل 4000 طفل. يترافق مع تشوهات أخرى وعلى رأسها الدسام الأبهري ثنائي الشرف وأمهات دم عنبية في الدوران الدماغي. إن تضيق برزخ الأبهر المكتسب نادر ولكنه قد يتلو الرض أو قد يحدث كاختلاط لالتهاب الشرايين المترقي (داء تاكاياسو).

B. المظاهر السريرية Clinical features:
يعد تضيق برزخ الأبهر سبباً هاماً لقصور القلب عند حديثي الولادة، ولكن غالباً ما تكون الأعراض غائبة عندما يكشف في مرحلة الطفولة المتأخرة أو البلوغ. قد يصاب المريض بالصداع نتيجة ارتفاع التوتر الشرياني في المنطقة الدانية بالنسبة للتضيق، وقد يحدث أحياناً ضعف أو معص عضلي في الساقين نتيجة انخفاض معدل الجريان الدموي إلى الجزء السفلي من الجسم.

يكون التوتر الشرياني مرتفعاً في الجزء العلوي من الجسم بينما يكون طبيعياً إلى منخفض في الساقين. يكون النبض الفخذي ضعيفاً ومتأخراً بالمقارنة مع النبض الكعبري. عادة تسمع نفخة انقباضية من الخلف فوق منطقة البرزخ.

وقد تسمع أيضاً تكة قذفية ونفخة انقباضية في البؤرة الأبهرية نتيجة وجود الدسام الأبهري ثنائي الشرف. نتيجة تضيق الأبهر يتطور دوران رادف يشمل بشكل رئيسي الشرايين حول لوح الكتف والشرايين الثديية الباطنة والوربية مما قد يؤدي لتطور لغط موضع.

تكون الصورة الشعاعية في مرحلة الطفولة الباكرة طبيعية غالباً، ولكن في العمر الأكبر قد تظهر بعض التبدلات في قوس الأبهر (يظهر تثلم الأبهر النازل على شكل 3) وتظهر تثلمات على الحواف السفلية للأضلاع ناجمة عن الدوران الرادف. إن التصوير بالرنين المغناطيسي ممتاز لكشف الآفة (انظر الشكل 96). قد يظهر تخطيط القلب الكهربي فرط ضخامة البطين الأيسر.


الشكل 96: التصوير بالرنين المغناطيسي لحالة تضيق برزخ الأبهر. الأبهر متضيق بشدة تحت القوس تماماً عند منشأ أو بداية الأبهر النازل (السهم المتوسط العلوي). تطور دوران رادف كبير مع تضخم الشريان الثديي الباطن (السهم الكبير). والعديد من الشرايين الوربية (الأسهم الصغيرة). في هذه الحالة نلاحظ أيضاً تضيق الأبهر البطني (السهم المتوسط السفلي).

C. التدبير Management:
في الحالات غير المعالجة قد يموت المريض نتيجة إصابته بقصور البطين الأيسر أو بالتسلخ الأبهري أو بالنزف الدماغي. ينصح بالإصلاح الجراحي لكل الحالات باستثناء الحالات الطفيفة جداً. وإذا تم هذا الإصلاح بشكل كافٍ خلال المرحلة الباكرة من الطفولة فإنه يمكن عندئذ تجنب استمرار ارتفاع التوتر الشرياني.

أما المرضى الذين خضعوا للإصلاح الجراحي خلال مرحلة متأخرة من الطفولة أو خلال مرحلة البلوغ فإنهم غالباً سيبقون مصابين بارتفاع التوتر الشرياني أو أنهم سيصابون به مرة أخرى في مرحلة لاحقة من حياتهم.

قد ينكس التضيق مع نمو الطفل، ويمكن تدبير هذه الحالة بالتوسيع بالبالون الذي يمكن اللجوء إليه كعلاج مبدئي في بعض الحالات (انظر
الشكل 15). قد يؤدي وجود الدسام الأبهري ثنائي الشرف المرافق الذي يحدث في أكثر من 50% من الحالات إلى تضيق أبهري مترقٍ أو إلى قلسٍ أبهري يحتاجان للمتابعة على المدى الطويل.
خلل الحجاب الأذيني
ATRIAL SEPTAL DEFECT



A. الأسباب Aetiology:
يعد خلل الحاجز الأذيني واحد من أشيع التشوهات القلبية الخلقية ويحدث بنسبة الضعف عند الإناث عنه عند الذكور. إن معظم الحالات هي خلل في الفتحة الثانوية Secundum Ostium حيث يشمل الخلل الحفرة البيضية التي كانت في الحياة الجنينية تشكل الثقبة البيضية (انظر
الشكل 92). ينجم خلل الفتحة الأولية Ostium Primum عن خلل أصاب الحاجز الأذيني البطيني وهو يترافق مع تشوه آخر يعرف باسم الدسام التاجي المشقوق (انشقاق الوريقة الأمامية للدسام).

بما أن البطين الأيمن الطبيعي أكثر مطاوعة بكثير من البطين الأيسر فإن كمية كبيرة من الدم تتسرب عبر الفتحة من الأذينة اليسرى إلى الأذينة اليمنى ومن ثم إلى البطين الأيمن والشرايين الرئوية (انظر الشكل 97). نتيجة لذلك تحدث ضخامة مترقية في القلب الأيمن والشرايين الرئوية. قد تختلط هذه الحالة أحياناً بارتفاع التوتر الرئوي واانقلاب الشنت، وعلى كل حال فهذا التطور يحدث بشكل أقل شيوعاً مما هو عليه الحال في بقية حالات الشنت من الأيسر إلى الأيمن ويميل للظهور في مرحلة متأخرة من الحياة.
الشكل 97: خلل الحجاب الأذيني: يجري الدم عبر الحاجز الأذيني (السهم) من الأيسر إلى الأيمن. تنجم النفخة عن زيادة سرعة الجريان عبر الدسام الرئوي نتيجة وجود الشنت من الأيسر إلى الأيمن وكبر حجم الضربة. تتناسب كثافة التظليل مع سرعة جريان الدم.

B. المظاهر السريرية Clinical features:
يبقى معظم الأطفال لا عرضيين لعدة سنوات وتكشف الحالة غالباً بالفحص السريري الروتيني أو بعد إجراء صورة صدر شعاعية. وتشمل المظاهر الأخرى التي قد يراجع بها المريض الزلة التنفسية والإنتانات الصدرية وقصور القلب واللانظميات ولاسيما الرجفان الأذيني. تنجم العلامات الفيزيائية المميزة عن فرط الحمل الحجمي الذي يتعرض له البطين الأيمن:

يلاحظ انشطار واسع وثابت في الصوت القلبي الثاني:
- واسع بسبب تأخر قذف البطين الأيمن (زيادة حجم الضربة ووجود حصار غصن ايمن).

- ثابت لأن خلل الحجاب الأذيني يساوي بين الضغوط في الأذينة اليسرى ونظيرتها في اليمنى خلال الدورة التنفسية.

تسمع نفخة جريان انقباضية فوق الدسام الرئوي.
عند الأطفال الذين لديهم شنت كبير قد تسمع نفخة جريان انبساطية فوق الدسام مثلث الشرف. وخلافاً لنفخة الجريان التاجي نجد أن هذه النفخة تكون عالية النغمة عادة.

تظهر صورة الصدر الشعاعية في الحالات النموذجية ضخامة ظل القلب والشريان الرئوي وزيادة الامتلاء الدموي الرئوي. يظهر تخطيط القلب الكهربي عادة حصار غصن أيمن غير تام ناجم عن تأخر زوال استقطاب البطين الأيمن التالي بدوره لتوسعه (في حالة الفتحة الأولية يشاهد انحراف المحور للأيسر أيضاً).

يمكن لتصوير القلب بالصدى أن يكشف مباشرة هذا الخلل ويظهر بشكل نموذجي توسع البطين الأيمن وضخامة البطين الأيمن وتوسع الشريان الرئوي. يمكن تحديد حجم الخلل بدقة وموضعه بواسطة التصوير القلبي بالصدى عبر المري (انظر الشكل 98).


الشكل 98: تصوير القلب بالصدى عبر المري لحالة خلل الحجاب الأذيني (ASD).
A: إن الخلل ظاهر بشكل جلي بين الأذينة اليسرى والأذينة اليمنى.
B: يظهر تصوير الجريان الملون بالدوبلر تسرب الدم عبر الخلل.

C. التدبير Management:
إن خلل الحاجز الأذيني الذي يؤدي لزيادة الدوران الرئوي بقيمة 50% فوق الجريان الجهازي (أي أن نسبة الجريان هي 1.5 إلى 1)، إن مثل هذا الخلل يكون كبيراً غالباً بشكل كافٍ لأن يكشف سريرياً وبالتالي يجب إغلاقه جراحياً.

ويمكن أيضاً إجراء هذا الإغلاق بزرع أجهزة إغلاق بواسطة القثطرة القلبية (انظر
الشكل 15). إن الإنذار التالي للعملية على المدى الطويل ممتاز ما لم يكن قد تطور ارتفاع توتر رئوي. يعد كل من ارتفاع التوتر الرئوي الشديد وانقلاب الشنت مضاد استطباب لإجراء العمل الجراحي.
خلل الحاجز البطيني
VENTRICULAR SEPTAL DEFECT



A. الأسباب Aetiology:
يحدث خلل الحجاب البطيني الخلقي نتيجة الانفصال غير الكامل للبطينات. جنينياً يملك الحاجز البطيني جزء غشائي وآخر عضلي، وينقسم هذا الأخير إلى مدخل ومخرج وجزء تربيقي. تحدث معظم التشوهات الخلقية عند منطقة اتصال الجزء الغشائي مع العضلي.

تعد تشوهات الحاجز البطيني أشيع التشوهات القلبية الخلقية مصادفة في الممارسة، وهي تحدث بنسبة 1 لكل 500 ولادة حية. قد يكون التشوه معزولاً أو قد يشكل جزءاً من معقد تشوهي خلقي قلبي. قد ينجم خلل الحجاب البطيني المكتسب عن تمزقه التالي لاحتشاء العضلة القلبية الحاد أو التالي للرض (حالة نادرة).

B. المظاهر السريرية Clinical features:
يؤدي الجريان من البطين الأيسر المرتفع الضغط إلى البطين الأيمن المنخفض الضغط خلال الانقباض إلى ظهور نفخة شاملة للانقباض تسمع عادة بشكل جيد على حافة القص اليسرى ولكنها تنتشر فوق كل الساحة البركية (انظر الشكل 99).


الشكل 99: خلل الحاجز البطيني. في هذا المثال يوجد شنت كبير أيسر - أيمن (الأسهم) سبب ضخامة الأجواف.

يسبب الخلل الصغير نفخة مرتفعة اللحن غالباً (مالادي دي روجر) بغياب أي اضطراب هيموديناميكي آخر. وبالعكس فإن الخلل الكبير قد يؤدي لظهور نفخة أنعم ولا سيما في حال كان الضغط داخل البطين الأيمن مرتفع، وهذا ما يحدث ما بعد الولادة فوراً عندما تكون المقاومة الرئوية لازالت مرتفعة أو عندما ينقلب الشنت (متلازمة إيزنمنغر الموصوفة سابقاً).

قد يتظاهر هذا التشوه بقصور قلب خلال مرحلة الرضاعة أو بنفخة فقط مع اضطراب هيموديناميكي طفيف عند الأطفال الأكبر سناً أو البالغين، وفي حالات نادرة يتظاهر بمتلازمة إيزنمنغر. عند نسبة من الرضع تغدو النفخة أخفض أحياناً أو أنها تختفي بسبب الانغلاق العفوي للتشوه.

إذا اختلط التشوه الكبير بقصور قلب فإن هذا الأخير لا يظهر عادة بعد فترة الولادة مباشرة بل يتأخر لمدة 4-6 أسابيع تالية قبل أن تظهر أعراضه وتصبح واضحة. بالإضافة للنفخة يوجد نبضان قوي جنيب القص وتسرع تنفس وسحب الأضلاع السفلية للداخل خلال الشهيق. تظهر صورة الصدر زيادة الامتلاء الدموي في الرئتين (زيادة التوعية الدموية)، ويظهر تخطيط القلب الكهربي فرط ضخامة بطينية يمنى ويسرى.

C. التدبير Management:
لا تحتاج التشوهات الصغيرة لأي علاج نوعي سوى الوقاية من التهاب الشغاف. يعالج قصور القلب الناجم عن خلل الحجاب البطيني خلال مرحلة الرضاعة دوائياً في البداية بالديجوكسين والمدرات. ويشكل استمرار القصور القلبي استطباباً لإصلاح الخلل جراحياً. طورت حالياً بعض الأجهزة التي تسد هذا التشوه وتدخل بواسطة القثطرة القلبية.

يساعد تصوير القلب بالإيكو دوبلر في التنبؤ بالتشوهات الصغيرة التي يغلب لها أن تغلق بشكل عفوي. يمكن تجنب إصابة المريض بمتلازمة إيزنمنغر بمراقبة (مراقبة منتظمة بالتخطيط الكهربي وتصوير القلب بالصدى) علامات ارتفاع المقاومة الرئوية وإجراء الإصلاح الجراحي في الوقت المناسب. يعد الإصلاح الجراحي (إغلاق الفتحة) مضاد استطباب عند المريض الذي تطورت لديه متلازمة إيزنمنغر بشكل كامل، عندها تكون الطريقة العلاجية الوحيدة الفعالة هي بزرع القلب والرئة.

D. الإنذار Prognosis:
باستثناء حالة متلازمة إيزنمنغر فإن الإنذار الطويل الأمد جيد جداً عند مرضى خلل الحجاب البطيني الخلقي. يموت العديد من مرضى متلازمة إيزنمنغر خلال العقد الثاني أو الثالث من الحياة، وقلة منهم يعيشون للعقد الخامس دون إجراء الزرع.