رفع أجهزة الإنعاش عن الميت دماغياً ... جدل يحسمه الأطباء

الناقل : فراولة الزملكاوية | الكاتب الأصلى : ورنـآ هجرك | المصدر : forum.te3p.com

الوفاة هي موت الدماغ وليس توقف القلب

رفع أجهزة الإنعاش عن الميت دماغياً ... جدل يحسمه الأطباء !


أسرة العناية المركزة حاجتها كبيرة


أبدأ موضوعي بخير الكلام وأعظمه قول الله عز وجل "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" ومن السنة المطهرة حديث البراء بن عازب رضي الله عنه المشهور الذي أخرجه أحمد في المسند : "أنهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فجلس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة حول القبر حتى يُلْحَد ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن قبض روح المؤمن فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ، فيأخذها ملك الموت ." مما سبق يتضح أن معنى الوفاة هي مفارقة الروح للجسد .
عجز العلم الحديث بتقنياته وابتكاراته وفشل العلماء بأبحاثهم وتجاربهم في فهم ذلك الشيء الذي يسري في جسد الانسان فيبقيه حيا فسبحان الله رب العالمين .
عندما يتعرض المخ الى نقص في الاكسجين ولو لدقائق معدودة بسبب مرض أو اصابة الدماغ نتيجة سقوط أو حادث مروري فان ذلك قد يؤدي الى فقد نشاط خلايا المخ بشكل كامل وغير رجعي وهو مانسميه طبيا بالموت الدماغي .
سابقا وفي وسط المجتمعات الطبية كانت الوفاة تعني توقف نبضات القلب والتنفس ولكن مع التقدم العلمي الكبير منذ بداية الستينات الميلادية ونتيجة تطور إمكانات الإنعاش في المحافظة على التنفس وضربات القلب تم التوصل الى تحديد مفهوم الوفاة بشكل أدق حيث نشرت كلية الطب في جامعة "هارفارد" توضيحا يحدد مفهوم الغيبوبة غير الرجعية وذلك في عام 1968م وتم تعريف الوفاة بأنها فقْد وظائف الدماغ بشكل كامل بما في ذلك جذع الدماغ بالرغم من استمرار ضربات القلب والتنفس بمساعدة التقنية الحديثة للتنفس الاصطناعي . مع بداية السبعينات الميلادية كانت فنلندا أول دولة تعتمد مفهوم الموت الدماغي الجديد كمؤشر للوفاة فيما سبقتها ولاية "كانساس" بالولايات المتحدة الامريكية بالعمل ضمن هذا المفهوم .
أجزاء الدماغ الرئيسة
1- المخ : ويقوم بوظيفة الحركة ، الوعي والاحساس وموت ذلك الجزء يؤدي الى حالة مانسميه بالحياة النباتية نسبة الى النبات وصاحبها يتنفس وقلبه ينبض ولكنه فاقد الوعي وهو مايسمى ايضا بالموت الاكلينيكى.
2- جذع الدماغ : ويوجد في هذا الجزء مركز تنظيم التنفس والعلامات الحيوية الاخرى ووفاة ذلك الجزء تعادل الوفاة الدماغية .
3- المخيخ : وهو الجزء المسؤول بشكل عام عن الاتزان عند الانسان .
العلامات الدالة على الموت الدماغي
* عدم الاستجابة
يكون المريض أو المصاب في غيبوبة كاملة لايستجيب الى أي مؤثر خارجي سواء بالبصر أو السمع أو اللمس وغير قادر على الاتصال بأي شكل من الاشكال بالمحيط الخارجي
* توقف عمل المخ وجذع الدماغ
ويتضح ذلك من خلال الفحص السريري حيث ان الانسان في الوضع الطبيعي تظهر لديه بعض المنعكسات العصبية خلال تحفيزها بمؤثرات خارجية ومن ذلك منعكس حدقة العين ومنعكس حركة العين حين وضع الماء البارد داخل الاذن أما في حال حدوث الوفاة الدماغية فان تلك المنعكسات تكون غائبة .
اضافة الى ذلك تكون حركات عضلات الوجه واللسان مفقودة حتى عند استثارتها كما يشمل ذلك عضلات الجسم الاخرى والاطراف .
* اختبار توقف التنفس
من المعرف أن الانسان الطبيعي يستنشق الاوكسجين من الهواء ليتم تبادل هذا الغاز مع غاز ثاني اكسيد الكربون في الرئتين حيث يتم حمل الاوكسجين من الرئتين الى انسجة الجسم عبر القلب ويتم طرد ثاني اكسيد الكربون من الرئتين الى الخارج عبر القصبة الهوائية .
يعتبر فحص توقف التنفس عند المريض المصاب بحالة الاغماء الكامل احد الفحوصات التي يمكن ان تكشف عن الوفاة الدماغية من عدمها . يبدأ هذا الفحص باعطاء المريض تركيز أوكسجين 100% لمدة خمس دقائق ويسحب أنبوب التنفس الصناعي بعدها مع السماح للأكسجين بالتدفق من خلال أنبوب عبر القصبة الهوائية بمعدل 4لترات في الدقيقة تقريبا . هذا سوف يسمح لغاز ثاني اكسيد الكربون بالارتفاع لدى المريض ولكن دون حدوث اختناق بسبب نقص الاوكسجين حينها تسحب عينة دم من المريض لقياس غازات الدم أي نسبة غاز الاوكسجين ونسبة غاز ثاني اكسيد الكربون في الدم ويترك المريض على هذا الوضع حوالي خمس دقائق مع ملاحظة ما اذا كان هناك أي حركة للصدر أو عضلات البطن بمعنى هل المريض يتنفس بشكل تلقائي أم لا ؟ وفي كل الاحوال يعاد سحب عينة دم أخرى من المريض لمقارنة غازات الدم مع نتيجة العينة الاولى ومن ثم يعاد المريض الى التنفس الصناعي مرة اخرى .
نتيجة هذا الفحص كالتالي : اذا كان المريض ليس تحت تأثير أي مخدر ولم يحدث عند المريض أي جهد للتنفس عند وصول مستوى غاز ثاني اكسيد الكربون مستوى 60 ملم زئبق او اكثر فان المريض متوقف التنفس بشكل كامل بسبب خلل عصبي مركزي . حيث انه في الاحوال الطبيعية يقوم غاز ثاني اكسيد الكربون بتحفيز مركز التنفس في جذع الدماغ للقيام بدوره وتحفيز عضلات التنفس للقيام بوظيفتها . أما اذا لم يكن هناك استجابة من جذع الدماغ للقيام بدوره وتحفيز التنفس رغم ارتفاع المحفز وهو ثاني اكسيد الكربون فان ذلك يؤيد تشخيص الوفاة الدماغية .
* تخطيط المخ
تخطيط المخ الطبيعي يظهر موجات كهربائية متعددة مما يشير الى وجود نشاط في خلايا الدماغ أما في حالة الموت الدماغي فان التخطيط يظهر على شكل خط مستقيم مما يدل على موت خلايا المخ .
* توقف تدفق الدم داخل الدماغ
فحص اخر يعتمد على حقن المريض ببعض المواد المشعة التي تبين حركة ودوران الدم في الجسم . في حالة الوفاة الدماغية يكون هناك توقف للدورة الدموية داخل الدماغ .
تشير جميع الحقائق والاثباتات العلمية الى ان الوفاة الدماغية هي المعنى الحقيقي للوفاة وليست الوفاة بتوقف التنفس والقلب فالأخير وخلال بعض العمليات الجراحية يمكن ايقافه مؤقتا دون ان يتوفى المريض بإرادة الله عز وجل .
* رفع أجهزة الإنعاش عن المتوفى دماغيا
بعد ثبوت الوفاة الدماغية بالتشخيص الدقيق لم يثبت الطب حالة واحدة عادت اليها الحياة . بحكم عملي في العناية المركزة للأطفال لعدة سنوات واجهت الكثير من حالات الوفاة الدماغية سواء تلك الناتجة عن حوادث السير ، الغرق أو بعض الامراض الخطيرة ومن تلك الحالات كانت حالة غرق في مسابح إحدى الاستراحات كانت الحالة متأخرة عند وصولها حيث شخصت كحالة وفاة دماغية ورغم شدة تأثري كطبيب مسعف من وضع الطفل ووضع والديه حين إحضاره . إلا أن تأثري كان أبلغ عندما رأيت الأم بجوار طفلها لاتفارقه نظرات حسرات بادية عليها تقلم أظفاره وتهتم بشعره وتنكر حقيقة حالة طفلها . استمر الوضع على هذا الحال فترة أشهر ليست بالقصيرة والألم يعتصر قلوبنا قبل والديه . من هنا تذكرت سماحة ديننا الحنيف حيث أجاز أكثر أهل العلم فصل أجهزة الإنعاش في مثل تلك الحالة وعند اتفاق الأطباء على التشخيص وتقرير وفاته فيما بعد بالعلامات المعروفة . رأفة بحال الأهل وإعطاء فرصة لمريض آخر قد يكون جهاز الإنعاش هذا سببا في إنقاذ حياته .



الوفاة ليست بتوقف القلب





أجزاء الدماغ





الرئتان مكان تبادل الغازات





الانعاش القلبي الرئوي





جهاز التنفس الصناعي





إجماع الأطباء ضروري للتشخيص





تخطيط المخ