حدد علماء غربيون فئة معينة من البكتيريا موجودة طبيعيا، ويمكنها تثبيط نمو الطفيليات المسببة لعدوى الملاريا عبر أنثى بعوضة أنوفيليس، وهو اكتشاف سيكون له نتائج إيجابية لمكافحة الملاريا، بحسب بيان تلقته الجزيرة نت من معاهد الصحة القومية. وأجرى الدراسة باحثون بكلية الصحة العامة ومعهد بحوث الملاريا في جامعة جونز هوبكنز ببلتيمور الأميركية، بقيادة الدكتور جورج ديموبولوس، ونشرت بمجلة (سَيَنْس). وتقدر منظمة الصحة العالمية حالات عدوى الملاريا السنوية عالميا بحوالي 225 مليون حالة، وتسبب 781 ألف وفاة. ورغم وجود المرض في 106 دول، يتركز معظم العدوى في أفريقية جنوب الصحراء. ويساعد طارد الحشرات والناموسيات في منع انتقال الطفيلي المسبب للوباء من البعوضة للإنسان. لكن لمكافحة الملاريا بمرحلة أسبق، تبحث بعض الدراسات في القضاء على العدوى داخل البعوضة ذاتها. وعادة عندما يصيب طفيلي الملاريا بعوضة بالعدوى، فهو ينتقل إلى أحشائها، حيث تقل حظوظه في البقاء لأن جهاز مناعة البعوضة وإنزيمات الهضم والبكتيريا الموجودة تشكل جميعها بيئة معادية. ووجد الباحثون في الدراسة بين مختلف أنواع بكتيريا قناة البعوضة الهضمية، أن البكتيريا المعوية (إنتيروباكتر) الموجودة طبيعيا لدى بعض البعوض، منعت بفعالية عدوى الطفيلي المسبب للملاريا الخبيثة ويرى مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، الدكتور أنتوني فاوتشي أن هذا الاكتشاف قد يفسر لماذا تتفاوت قدرات البعوض على نقل الملاريا للبشر. ووجد الباحثون أنه في وجود (إنتيروباكتر)، انخفضت مختلف مراحل نمو طفيلي الملاريا الخبيثة -ومنها مرحلة انتقاله للبشر عبر لدغة البعوضة- بنسبة 98 إلى 99 بالمائة. واستخدم الباحثون أساليب مخبرية لإحداث عدوى الملاريا، حيث تتسبب بعدوى أقوى من مثيلتها في البيئة الطبيعية. ويعتقدون أنه في الوضع الطبيعي حيث مستويات العدوى أقل كثيرا، يمكن للبكتيريا المعوية القضاء على الطفيلي تطبيق النتائج وتوصل الباحثون إلى أن البكتيريا تثبط نمو الطفيلي بإنتاج جزيئات قصيرة الأجل تسمى "سلالات الأكسجين المتفاعلة". وبرغم أن هذه الجزيئات تنتقل خلال سوائل جسم البعوضة، لكنها لا تحتاج للوجود في البعوضة لتثبيط الطفيليات. وتشمل خطط البحث المستقبلية فك متتابعات الخارطة الوراثية لبكتيريا (إنتيروباكتر) لأجل فهم أفضل لكيفية إنتاج الجزيئات المثبطة للملاريا، ودراسة البكتيريا الأخرى الموجودة بأحشاء البعوض لمعرفة إن كان لها تأثيرات مماثلة. واكتشاف أي ارتباط بين عدوى البعوض بالملاريا ووجود أو غياب بكتيريا معينة، قد يشير لأن هذه البكتيريا تثبط طفيليات الملاريا. وسيكون مفيدا فرز تنويعة من البكتيريا المثبطة لأن ليس كل البعوض بأحشائه (إنتيروباكتر). ويأمل الباحثون بتطبيق نتائجهم في مكافحة الملاريا، حيث سيعدلون أولا "إنتيروباكتر" لاستخدامها في البعوض. ثم نشر البكتيريا في بيئة البعوض الطبيعية بإستراتيجية مناسبة. وتعتبر خبيرة الوراثة الدكتورة نهلة الإبياري في حديثها للجزيرة نت أن هذه الدراسة تعد نهجا جديدا لفهم طبيعة التفاعل بين البكتيريا المعوية وطفيلي الملاريا، وأنها تفتح آفاقا لاستخدام الهندسة الوراثية في تصنيع علاجات لمقاومة الطفيلي بطريقة تشابه كيفية تصنيع الإنسولين البشري