رجل يشتري قطعا أرضية ثم يبني عليها شققا ويبيعها، وأحيانا لا يجد رأس المال الذي يشتري به البقعة، فيأخذ مقدما من الزبناء الذين يرغبون في شراء الشقق منه، ولما أردت أن أشتري منه شقة كان عندي نصف ثمنها فطلبه مني لشراء البقعة، لكنني قلت له أخشى أن يكون هذا من بيع ما لا تملك، فاتفقنا على نية إنشاء عقدين: عقد إرفاق: أسلفه فيه المال، ثم يرده لي عند بدايته في البناء أو أثنائه، وعقد بيع: عندما ينتهي من البناء لكنني ـ بعد التأمل ـ خشيت أن أكون قد وقعت في الربا، فما هو التخريج الفقهي لهذه المسألة؟ مع إحالتي ـ أيضا ـ على فتاوى مشابهة. وجزاكم الله خيراً. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فشراء شقة حسب الطريقة المذكورة يدخل في عقد الاستصناع، وهذا العقد يلزم لصحته شروط: منها: أن يوصف العقار وصفاً يمنعه الجهالة، بأن يبين نوعه وقدره ومكانه وأوصافه المطلوبة، فإن كان العقد بينكما تم وفق تلك الضوابط، فلا حرج فيه، ويمكن تقسيط الثمن ودفع بعضه الآن وبعضه عند نهاية العمل أو في أثنائه ـ حسبما تتفقان عليه. وأما إن كانت هناك جهالة في صفة من صفات المعقود عليه، فذلك مما يمنع صحة عقد الاستصناع، ولا بد من تصحيحه، وراجع ـ للمزيد في عقد الاستصناع ـ الفتويين رقم: 74087، ورقم: 28827. ويمكنك جعل الدين الذي في ذمته قسطاً من أقساط ثمن المستصنع، كما بينا في الفتوى رقم: 80155، لكن إن كان العقد الكائن بينكما هو أنك أقرضته على أن يبيعك العقار أو يصنع لك الشقة، فذلك العقد باطل، إذ لا يصح الجمع بين عقد سلف وبيع، أو استصناع ونحو ذلك، جاء في الفواكه الدواني: فكما لا يجوز اشتراط السلف مع البيع، لا يجوز شرط السلف مع الإجارة أو الكراء، ولا خصوصية للبيع، بل النكاح والشركة والقراض والمساقاة والصرف لا يجوز شرط السلف مع واحد منها. وإذا كان العقد بينكما قد تم على ذلك، فلا بد من تجديده وفق ما ذكرناه من ضوابط عقد الاستصناع. وأما إن كنتما لم تجريا عقداً بعد، فقد تقدم أن لكما أن تجريا عقد استصناع بضوابطه الشرعية. وننبهك إلى أن هناك فرقاً بين عقد الاستصناع وبين بيع ما لا يملك، حيث إن عقد الاستصناع يكون على موصوف في الذمة، بينما بيع ما لا يملك يكون على معين قائم، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 119712. والله أعلم.