يأمل الباحثون أن يقوم جهاز لقياس المؤشرات الحيوية في العمل على مدار الساعة لمساعدة المرضى في التحكم بصورة أفضل في مستوى ضغط الدم الخاص بهم. وتذكر جمعية القلب الأميركية أنه على الرغم من إمكانية قياس ضغط الدم المرتفع ومعالجته بفعالية عن طريق استخدام بعض العقاقير، فإن نحو ربع عدد الأشخاص المصابين بضغط الدم المرتفع لا يدركون أنهم مصابون به. كما يتم علاج ثلثي الأشخاص الذين يعرفون أنهم مصابون به فقط، بينما يتمكن أقل من نصف عدد المصابين من التحكم فيه. قياس لا سلكي * ونجحت شركة «هوليت - باكارد» وشركة أخرى من سنغافورة تدعى «هيلس ستاتس» مؤخرا بتصنيع جهاز قياس لا سلكي جديد يهدف إلى تسهيل عملية قياس ضغط الدم على المرضى والأطباء. ويستطيع هذا الجهاز الذي يشبه ساعة اليد في الشكل والحجم، قياس الضغط بصورة مستمرة كما يقدم قراءة أكثر دقة من القراءات المتباعدة التي تتم في عيادة الطبيب. وتتم الطريقة الوحيدة المتبعة حتى الآن للقيام بهذا الرصد المستمر من خلال جهاز قياس الضغط المزعج الذي يتطلب لف جزء منه حول الذراع أو المعصم. ويزود الجهاز الجديد ببرامج مصممة لتوضح للمرضى والأطباء المؤشرات الحيوية الأساسية للشخص الذي يرتديه من بينها ضغط الدم. ويتم إرسال البيانات من الجهاز إلى الهاتف الجوال للمستخدم ومن ثم إلى الطبيب المعالج حتى يتسنى له الاطلاع عليها وفحصها. ويستطيع المرضى والأطباء مشاهدة رسم بياني لضغط الدم على مدار الـ24 ساعة. ومن الممكن أن يطلق الجهاز صافرة إنذار في حال رصده لتغير غير طبيعي في ضغط الدم أو أي تغير آخر. يأتي هذا البحث في إطار جهد متنام يبذل من أجل استخدام أجهزة القياس اللاسلكية في تسجيل البيانات الطبية على مدار الساعة خارج المستشفى. ويأمل الأطباء أن يعمل هذا الجهاز على مساعدة المرضى في الاهتمام بصحتهم وكذلك اكتشاف الحالات التي يصعب على الأطباء تشخيصها مثل ارتفاع ضغط الدم أثناء الليل. استشعار تدفق الدم * وعلى عكس جهاز قياس ضغط الدم التقليدي المعتاد، فإن الجهاز الذي تقدمه «هيلس ستاتس» يعتمد على مستشعر يتم وضعه أعلى شريان في المعصم لملاحظة شكل موجة الضغط عند تدفق الدم خلاله. ويتم التأكد من دقة قراءات الجهاز ابتداء بمعايرته بقراءات جهاز قياس ضغط الدم التقليدي. وصرح تينغ تشون مينغ، الطبيب ورئيس مجلس إدارة «هيلس ستاتس» بقوله: «لقد استطعنا تطوير الجهاز باستخدام قواعد الجبر، ومن الممكن أن تتم معالجة المؤشرات لمعرفة معدل ضربات القلب وضغط الدم الانبساطي والانقباضي وغيرها من الأمور». ويتم استخدام نسخة سلكية من جهاز «هيلس ستاتس» في المستشفيات في سنغافورة ومناطق أخرى من العالم. وبدأت الشركة في تطوير النسخة اللاسلكية من الجهاز منذ عام مضى وذلك بالتعاون مع شركة «هوليت باكارد» التي قامت بتطوير نظام برامج من الممكن أن يتم استخدامه في هذا الجهاز وغيره من أجهزة القياس اللاسلكية. وقال لويد أوكي، نائب رئيس المبيعات والاتصالات والحلول الإعلامية الخاصة بغرب المحيط الهادي لشركة «هوليت باكارد» في حديث نقلته مجلة «تكنولوجي ريفيو» الأميركية: «لقد قمنا بابتكار برنامج للمرضى والأطباء يعمل على توصيل جميع المعلومات إلى الشخص المناسب. ومن الممكن أن يقوم أي شخص بالغ بشراء جهاز قياس محمول لوالديه أو أن يتم تتبع شاب من خلال المعلومات التي يتم إرسالها إلى الطبيب أو ولي أمره، وتكون هذه الأجهزة مفيدة أيضا للرياضيين المحترفين ومن الممكن أن تجذب الانتباه إلى الرياضيين الذين يبدون بصحة جيدة رغم إصابتهم بأمراض القلب». ولكن يبقى سؤال واحد يحتاج إلى إجابة وهو ما مدى دقة هذا الجهاز في قياس ضغط الدم في حال استخدامه أثناء الحركة. أوضحت شركة «هيلس ستاتس» أن جهاز قياس ضغط الدم يعمل بينما يجلس المستخدمون، لكنها لم تنشر بعد نتائج يمكن مقارنتها بنتائج قياس ضغط الدم للأشخاص أثناء حركتهم. وقالت دينا ريفكين، الطبيب والأستاذ المساعد في طب الكلى بجامعة كاليفورنيا، بسان دييغو: «خلاصة القول من وجهة نظري أنها فكرة عظيمة تحتاج إلى أن يتم العمل عليها حتى يتم تطبيقها في حالة تحرك المرضى». تهدف التجربة العملية التي تجرى في سنغافورة إلى تقييم مدى تأثير الجهاز على سلوك المرضى والأطباء أكثر من كونها تهدف إلى تقييم مدى دقته. وسوف يستخدم 100 مريض خلال هذه التجربة بعضهم بصحة جيدة، والبعض الآخر معرض للإصابة بأمراض مزمنة أو أصيب بجلطات دماغية هذا الجهاز لمدة ثمانية أسابيع. وقال تينغ: «سيقومون بتسلم رسالة كل صباح تشير إلى ملخص النتائج. وسيتولى مركز اتصالات فحص البيانات على مدار الساعة وسيتدخل إذا لزم الأمر». كذلك سوف يحدد الباحثون حينها ما إذا كان جهاز قياس ضغط الدم قد ساعد المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم في ضبطه والسيطرة عليه على نحو أفضل، وما إذا كان قادرا على تحديد أي تغير غير طبيعي في مستوى ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يبدون بصحة جيدة. وبينما يقوم كثير من الناس بقياس ضغط الدم على مدار اليوم، يكتشف الأطباء أشكالا مختلفة من عدم انتظام ضغط الدم مثل ارتفاع ضغط الدم فقط أثناء الليل أو ارتفاعه في الصباح الباكر، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالجلطات الدماغية التي تحدث في الصباح الباكر.