توصل فريق من العلماء الألمان باستخدام أحدث تكنولوجيات المغناطيسية الأرضية للبحث عن أبنية مدفونة تحت سطح التربة، لموقع مضمار سباق قديم للعربات الخفيفة في اولمبيا باليونان طمرها الطمى قرونا. والمضمار على شكل ساحة بيضاوية هائلة شيدت على غرار سيرك ماكسيموس في روما، حيث كانت تقام فيها سباقات العربات الحربية الخفيفة التى تجرها الخيول، هي السباقات التى اشتهر فيها الإمبراطور نيرون الذى كان يفوز فى كل مشاركة له تعقد في اولمبيا.
ولم تبق لمضمار السباق أثار إلى اليوم، لكن العلماء بذلوا جهودا لإعادة بناء الحلبة عن طريق الأوصاف التى خلفتها نصوص قديمة، بما فيها كتابات عالم قديم يدعى بوسانياس.
الموقع النهائي
والآن، وللمرة الاولى تم تحديد الموقع بصورة نهائية على يد فريق بحثي شاركه البروفيسور نوربرت مويلر، المؤرخ الرياضي من جامعة ماينز، وكذلك الدكتور كريستيانكر عالم الآثار الرياضية من جامعة كولونيا، والدكتور راينارد سينف رئيس فريق الحفر بالمعهد الألمانى للآثار.
وقال مويلر "هذا الاكتشاف له دلالة كبيرة فى مجال الآثار" فقد استغرق المشروع البحثي عدة أسابيع قبل أن يتم الانتهاء منه فى منتصف آيار. وقبل الاكتشاف، لم يكن المضمار معروفا سوى من مصادر مكتوبة. وأخفق علماء الآثار فى العثور على الموقع الحقيقي للمضمار، وهذا مما يثير الدهشة، فقد كان علماء الآثار الألمان يبحثون باستمرار عن الموقع فى المكان الذي كانت تقام فيه دورة الألعاب الاولمبية القديمة منذ عام 1875، ومنذ ذلك الحين، شارك علماء الآثار والمؤرخون الرياضيون من أنحاء العالم في محاولة لحل هذه اللغز.
وتقع المنطقة التى وصفها بوسانياس إلى الشرق من حرم اولمبيا وقد غمرتها مياه نهر ألفيوس منذ العصور القديمة، حيث غطاها الطمي. وتذكر الرسوم والأوصاف الحديثة في بساطة انه "لم يبق شيء من المضمار بسبب الفيضانات التى وقعت فى العصورالوسطي". وقد صب ذلك فى مصلحة الباحثين الألمان كمحفز إضافى، حيث استخدموا الاساليب الجيوفيزيقية الحديثة للبحث فى المنطقة بصورة منظمة للمرة الأولى.
وتمكن الخبراء ارمين جروبرت من ماينز وكريستيان هويبنر من فرايبورج، وهما متخصصان فى مجال استخدام تقنيات المغناطيسية الأرضية والرادار الارضي من رسم خريطة لاضطرابات التربة، مثل المجاري المائية، والخنادق، والجدران.
هياكل واضحة
وقد اكتشفوا هياكل واضحة مستقيمة المعالم تمتد بطول ما يقرب من 1200 متر. ويعتقد الباحثون أن تكون هذه هي ساحة المضمار، التى تمتد متوازية مع الاستاد. كما تم اكتشاف بقايا هيكلية حددت بأنها معبد ديميتر، المعروف بأنه كان يقع بالقرب من المضمار، فى الجزء الشمالى من المنطقة التي تم البحث فيها ربيع 2007 . يشار إلى أن المنطقة الواقعة الى الشرق من حرم اولمبيا لم تكن موضوع أبحاث أثرية من قبل، على الرغم من أن المصادر القديمة المكتوبة أظهرت أن هذا الموقع لا بد أنه كان موقعا لاكبر هيكل تمت اقامته لاستضافة الأحداث هناك.
تقنيات حديثة
ووفقا لما جاء فى كتابات بوسانياس، فإن المضمار يقع إلى الجنوب من الاستاد الذي تم اكتشافه وإعادة بنائه، والذى لا بد أن يكون الان على مسافة عدة أمتار تحت المستوى الحالي. ولايقع إلا هنا، في المنطقة بين التلال المجاورة، وهنا فقط بين التلال الواقعة على جانب الطريق المؤدي الى أركاديا فى الشمال وقاع نهر ألفويس في الجنوب، تناسب طبوغرافيا المكان استضافة السباقات في مسافة تتعدى الكيلومتر.
وبطبيعة الحال تغيرت الطبيعة في هذه المنطقة، حيث من المستحيل إعادة بنائها على ما كانت عليه العصور القديمة. وقال مويلر: "دون حاجة إلى أعمال حفر، وفرت لنا تقنيات المغناطيسية الارضية الحديثة أول المؤشرات الواضحة لموقع المضمار شرق حرم أولمبيا". وأضاف "يعني هذا أن الأبحاث الأثرية والمتعلقة بالتاريخ الرياضي اقتربت قليلا من حل واحدة من كبرى الألغاز الأخيرة لأولمبيا".