اللعب والاستطلاع في مرحلة المهد

الناقل : elmasry | المصدر : www.kenanaonline.com

من ستة أشهر إلى سنة

  • أثناء هذه المرحلة يحتاج الطفل إلى مكان متسع، فأهم شيء بالنسبة له الآن هو وجود مساحة كافية يتحرك فيها بحرية تامة .
  • فعليك أن تخصصي لطفلك في هذه السن مكانا مناسبا للعب والحركة، والمكان الأمثل هو المكان الخالي من قطع الأثاث، ذو الأرضية الناعمة سهلة التنظيف والقريبة من مكان وجودك .
  • يمكنك وضع سجادة أو حصيرة على الأرضية المصنوعة من البلاط وقد تكون الحصيرة أو السجادة خشنة بالنسبة لركبتي الطفل، ولكنها لن تؤذي رأسه بحال من الأحوال .
  • في هذه المرحلة من النمو يرغب الطفل في أن يعتمد أكثر على نفسه . لقد كان في الماضي يعتمد على الكبار في إحضار الأشياء أو اللعب لكي يتناولها ويتعرف عليها، أما الآن فإنه يستطيع أن يجد هذه الأشياء ويحصل عليها بنفسه، كما أنه لا يرغب في أن يظل سلبيا إزاء ما يعرض عليه، بل يبدأ في تكوين أفكاره الخاصة بالنسبة لما يريد أن يفعله وبالنسبة لما يريد أن يلعب به .

ولكن بالرغم من هذه الاستقلالية الجسمية فإن الطفل مع ذلك يظل في حاجة إلى من يعتمد عليه عاطفيا فهو يريد منك التشجيع والدعم باستمرار أثناء تعلمه الدروس الصعبة من خلال اللعب .

الألعاب المناسبة

في هذه الفترة من العمر لا تكون أدوات اللعب من الأهمية بالقدر الذي تكون عليه حرية الحركة التي تنتهي بالطفل إلى مرحلة الاستكشاف، ومع ذلك فإن الكثير من اللعب المقترحة للأطفال الأصغر سنا تكون مثيرة أيضا في هذه السن، ذلك لأنها تبدو لهم بشكل مختلف بمجرد استطاعتهم الوقوف وحدهم دون مساعدة وتناولهم اللعب أو الحبو على الأرض للوصول إليها والحصول عليها .

ولكن هناك أيضا بعض الأشياء الأخرى التي يمكن أن تشعر طفلك بالسرور لمناسبتها لهذه المرحلة من النمو . فبمجرد أن يبدأ طفلك في الحبو، سوف يجد لذة كبيرة في اللعب بالأشياء التي تتدحرج سواء كانت كرات أو لعبا ذات عجلات، وسوف يحبو وراءها ويتعلم كيف يدفعها أمامه ويطاردها أو يتتبعها . اختاري اللعب ذات الحجم الكبير وتأكدي من أن اللعب الخشبية خالية من أي أطراف خشنة أو حادة .

وبمجرد أن يتعلم طفلك كيف يلقي بالأشياء يصبح هناك نوعان من اللعب التي يستمتع بممارسته لها : فسوف يستمتع حقا برمي الأشياء . كالوسائد الصغيرة الحجم أو البالونات نصف المملوءة بالهواء " حتى لا تنفجر" وسوف يستمتع بوضع الأشياء في الأوعية ثم تفريغها مرة أخرى .

وتعد المكعبات الصغيرة الحجم والصناديق الصغيرة وأكياس الورق وأمثالها أشياء مثالية للعب بها في مثل هذه السن، حيث تمكن الطفل من التعبئة والتفريغ وهي لعبته المفضلة وعندما يبدأ طفلك تعلم العلاقة بين السبب والنتيجة يشعر بالاستمتاع عندما يلعب بإحدى الآلات الموسيقية البسيطة مثل الطبلة والأكسلافون .. وسوف يسر بالموسيقى نفسها – حتى لو لم تسري أنت – وذلك لشعوره بأنها نتيجة فعله وأن في استطاعته القيام بها مرة أخرى متى أراد .

كذلك يشعر بنفس الشعور إذا منح ألعابا ذات خيط إذا ما شده تتحرك أو بطة تصدر صوتا إذا ما قام بدفعها بنفسه .. وهكذا .

تنظيم اللعب

  • لا تتركي كل اللعب ملقاة أمام طفلك فإن ذلك سوف يشعره بالملل منها، أعطيه عددا قليلا من اللعب في كل مرة وعندما تشعرين بأنه بدأ يمل استبدليها بمجموعة أخرى .
  • يمكنك الاستعانة بسلة أو ( سبت ) كبير الحجم من الخوص أو البلاستيك لوضع اللعب في داخله .وسوف يتعلم طفلك بسرعة عندئذ أين يبحث عن اللعبة التي يريدها، كما يكون من السهل عليك أنت جمع اللعب بعد كل مرة يفرغ فيها الطفل من اللعب .
  • عندما يبلغ من العمر حوالي ثمانية أشهر يبدأ في التقليد – وسوف يظهر هذا في محاولته تقليد أفعالك وتصرفاتك واستعماله للأشياء التي تقومين باستخدامها .
  • حاولي أن تختاري بعض الأعمال المنزلية التي تستمتعين بالقيام بها وحاولي أن تقومي بها ببطء حتى تدعي فرصة لطفلك للمشاركة في الاستمتاع بها . فيمكن مثلا أن تضعيه على السرير أثناء القيام بترتيب السرير وأن تداعبيه أثناء ذلك، أو تقومي بلعبة الاستغماية أثناء تلميعك أو تنظيفك للأثاث، بأن تخبئي وراء بعض قطع الأثاث، لاحظي أن المواد المنظفة خطيرة بالنسبة لطفلك فعليك مراعاة إبعادها عنه دائما .
  • عندما تخرجين إلى السوق يمكنك اصطحاب طفلك معك، ولعل شراء باكو من البسكويت الصغير له مثلا، يكفي لكي يشغله عن القيام بأشياء مثل مد يديه لتناول بعض الأشياء التي تكون أمامه أثناء تسوقك .

أما الأعمال المنزلية التي لا تريدين إشراكه فيها فيمكنك القيام بها أثناء نومه مثل الغسيل والكي .

من سنة إلى سنتين ونصف

في هذه المرحلة من عمر طفلك لا يمكن الفصل بين عمليتي التعلم واللعب، فطفلك هنا يتعلم الكثير أثناء استمتاعه باللعب .

عالم طفلك في هذه المرحلة

إن الطفل عندما يبلغ من العمر عاما واحدا يكون شاغله الأساسي الأشياء الحقيقية الملموسة فقط، ولا يكون لديه أي استعداد للخيال، فهو لا يستطيع إدراك مفهوم الماضي أو المستقبل .. إن كل ما يدركه هو اللحظة التي يعيشها والمكان الذي يوجد فيه في هذه اللحظة فقط وعندما يبلغ من العمر عاما ونصف عام تقريبا يبدأ في الاستكشاف ويساعده على ذلك الحركة والانتقال من مكان إلى آخر، ويبدأ في البحث عن الأشياء واللعب التي تجذب انتباهه، كما يوجه الأسئلة – أحيانا بدون استخدام الكلام – عما يثيره من الأشياء الصغير لأن كل شيء تقريبا يعد جديدا بالنسبة له ..

ويلعب الأطفال بأي شيء يقع في متناولهم فهم يحتاجون أشياء للاستكشاف والتجريب دون أن يهتموا بمصدر هذه الأشياء، سواء كانت من محل ألعاب أو هدية من صديق أو مصنعة من بقايا مواد مهملة، ولعله من المستحيل أن ننصحك عن أي من آلاف الأشياء المتاحة يمكن تقديمها لطفلك، ذلك أن الأمر كله يتوقف على ما يكون بالفعل متوفرا لدى طفلك، وما يفضل هو أن يقضي وقته في اللعب به .

اللعب خارج المنزل

اللعب خارج المنزل مهم جدا لطفلك، فحاولي الاستفادة من أي مساحة خارج منزلك، فإذا كان لديك شرفه ( بلكونه )، يمكنك أن تؤمنيها من اجل سلامة طفلك بأن تضعي قماشا على السور لسد الفتحات ويستطيع طفلك أن يلعب فيها في أمان .

أما إذا توافرت لديك ملاعب خاصة بالأطفال في سن ما قبل المدرسة فسوف تكون هذه الأماكن أنسب شيء بالنسبة له .. ولكن إذا لم تتوافر، فعليك أن تفكري جيدا قبل اصطحاب طفلك إلى الملاعب والأماكن المخصصة للأطفال الأكبر عمرا، فالازدحام والضوضاء قد تكون ضارة وغير محتملة بالنسبة لطفلك الصغير، كما أن الألعاب سوف تكون كبيرة بدرجة غير مناسبة له في هذه المرحلة، ولن يشعر بالأمان أو السلامة بالنسبة لتجاربه المحدودة، فهو مازال يستكشف . ولهذا فلن يستفيد كثيرا وخاصة إذا ما تدخل في لعبة الأطفال الأكبر عمرا .

إن مجرد الخروج الروتيني يصبح شيئا مثيرا بالنسبة لطفلك في هذه السن، ولن يشعر بالملل إذا ما اصطحبته معك أثناء شراء احتياجاتك ، وسوف يتعلم الكثير أيضا إذا ما اصطحبته في بضع زيارات لحديقة الحيوان .

أما أثناء الشتاء فيمكنك دعوة صديقة لها طفل من نفس عمر طفلك حتى يشاركه اللعب بالمنزل، وفي مرة أخرى يمكنك اصطحابه لزيارة إحدى الصديقات ليلعب مع أطفالها .

طفل ما قبل المدرسة

أثناء هذه الفترة من الحياة ينمو وعي الطفل بالاستقلالية . إنه لم يعد ذلك المخلوق الذي كان يحمل على الكتف أو يحبو إذا كان له أن ينتقل من مكان إلى آخر صار الطفل الآن قادرا على الوقوف على رجليه والتحرك بواسطتها بدرجة كبيرة من الثقة والتلقائية . أصبح اكثر تحررا وزادت قدرته على النشاط الأيجابي بشكل واضح إلى جانب ذلك أصبح لديه حصيلة لغوية يستطيع عن طريقها أن يعبر عن نفسه بحرية أكثر . فبعد أن كانت كلماته في بداية هذه المرحلة لا تعدوا الخمسين كلمة أو تزيد قليلا تصير بعد سنة واحدة ( أي في سن الثالثة ) حوالي ألف كلمة ولا يصل الطفل إلى سن الرابعة الا ويكون قد سيطر تماما على المهارة اللغوية .

 

وإذا لاحظت طفلك في هذه المرحلة فإنك قد تتعجبين حقا من اصراره على استخدام هاتين المهارتين : الحركة والكلام . فنشاطه في هاتين الناحيتين لا يهدأ وبتقدم السن في هذه المرحلة يزداد نشاطه هذا تدريجيا فتجدينه يفضل الجري على المشي والصياح على الهمس ولا يكف طوال الوقت عن اللعب والسؤال والاستطلاع .

 

 

ليس هذا فحسب بل أن الأطفال بمجرد تعلمهم الجري مثلا يجدون لذة كبرى في أن يرتعوا حول الحجرات متظاهرين بأنهم خيول جامحة أو سيارات سباق .

 

 

ولا يوجد طفل عمره أربع سنوات لم يمارس القفز من أعلى المائدة أو من أعلى الدرج " السلم " . وقد يوحي إليه القفز من مكان عال بالطيران في الجو . وقد يدفعه ذلك إلى استكمال اللعبة فيلف المنشفة حول رقبته ويطرحها وراء ظهره ويتظاهر بأنه رجل الفضاء أو " السوبر مان " ويتحول القفز إلى الطيران ولو لمدة قصيرة وقد تتحول هذه المهارات الحركية من مجرد ألعاب في ذاتها إلى مهارات تستغل في ألعاب أخرى كمطاردة أو لعبة الصياد أو السباق أو التسلق أو غير ذلك – وهكذا تستمر هذه الحركات الشيطانية والاندفاع الجنوني في الجري والقفز طوال النهار وفي كل جزء من أجزاء المنزل حتى أن الملاحظ لطفل هذه المرحلة يجد أنه لم يعد يمارس المشي العادي بل أن مشيه قد تحول إلى جري وقفز في أي مكان يوجد فيه أن هذه المهارة الجديد هي لا شك سرور لا يقدر بالنسبة للطفل .

 

وبالمثل في النشاط اللغوي أن الطفل في هذه المرحلة لا يكف عن الكلام والسؤال والاستفسار وحتى عندما يكون وحيدا فإنه يتحدث مع نفسه أو مع الدمي الذي يلعب بها انه بالفعل قد أصبح ثرثارا ولا يروق للأطفال في هذه المرحلة عندما يتكلمون أن يهمسوا بل هم يفضلون دائما أن يصيحوا وترن الكلمات في آذان الكبار المحبطين كالأجراس في كل وقت وكل مكان . ويساعد الطفل على ذلك، النمو المذهل لقدرته على الكلام .

الاستقلالية أهم معالم هذه المرحلة

الواقع أن ما يؤول إليه موقف الطفل يتوقف إلى حد كبير على اتجاه الوالدين . فإذا كان للطفل أن يصل إلى أي نتيجة ايجابية فان ذلك يستلزم صبرا وتشجيعا إلى ابعد حد من ناحية الكبار . ذلك أن رغبة الطفل في النشاط الذاتي في هذه المرحلة عادة ما تكون ملحة تتحدى كل نية حسنة للوالدين اللذين يجدان أن عليهما واجبات كبيرة لكي يرتفعا به إلى المستوى المطلوب . فعليهما أن يتعلما الصبر وان يمتدحا طفلهما ويشجعاه ويساعداه بل أن يمتصا " التجاوزات " في بعض الأحيان وان يظهرا من المشاعر ما لا يشعران به حقيقة وان يسمحا للطفل – مرغمين – بمحاولة القيام بأشياء يعرفان مقدما أن من الصعب عليه القيام بها . فإذا نجح الأبوان في ذلك كله واستطاعا أن يتحملا العبء الشديد في تشجيع الطفل على ممارسة سلوكه التلقائي، وتجريب أعمال جديدة باستمرار كان الأمل كبيرا في تنمية الشعور بالكفاءة لديه والوصول به إلى الأساس الضروري للنمو السوي في المرحلة التالية .

على أن بعض الآباء قد لا يستطيع ذلك وبدلا من التشجيع قد يعمد هؤلاء إلى النقد والإحباط والإصرار على حجب تلك الخبرات الإيجابية عن الطفل وتكون النتيجة عندئذ هي نمو شعور جارف بالخجل والشك والشعور بالذنب وتلك هي النتيجة التي قد يصل إليها الطفل بنهاية هذه المرحلة أن مثل هؤلاء الأطفال يفقدون الثقة في أنفسهم وفي قدرتهم على الأداء ويتوقعون الفشل فيما يقومون به .

ولما كان مثل هذه المشاعر شيئا مؤلما لذا فإن الطفل تجنبا لها قد يعزف عن القيام بأي نشاط جديد وعلى ذلك يصبح اكتساب المهارات الجديدة بطيئا ومؤلما ويحل محل الثقة بالنفس شعور دائم بالشك في القدرة على القيام بأي عمل جديد ويرتاح الطفل إلى الإقدام على المواقف المألوفة فقط والتي يكون التصرف فيها معروفا ومحددا وحيث يكون احتمال الخطأ في أدنى حدوده وفي هذا تعطيل للنمو . على أننا يجب أن نتذكر أن هذا النموذج هو الحد الأقصى للنمو السلبي في هذه المرحلة .إن الأطفال في الظروف العادية يمرون وسط خبراتهم الناجحة المتعددة بخبرات من الفشل لا مناص عنها ذلك أن أكثر الآباء صبرا قد لا يتوانى عن تقريع طفله عندما يقوم ذلك الأخير بإزعاج الآخرين أو إحداث الفوضى في مكان وجوده . على أن مثل هذه الأحداث قد تساعد الأطفال على أن يقيموا مهاراتهم واستقلالهم تقييما اكثر واقعية وتتوقف النتيجة في نهاية الأمر ليس على حدث بالذات أو على مجموعة قليلة من الأحداث بل على الجو العام الذي ينشأ فيه الطفل فإذا كان ذلك الجو قد سمح له بتنمية التلقائية والشعور بالكفاءة فإنه غالبا ما يكون مستعدا لتجربة نشاطات يمكن أن نعتبرها نحن سلوكا مشكلا .

والذي نريد أن نقوله في النهاية هو

إن في محاولات الطفل التلقائية للتخلص من القيود التي تفرض عليه يوجد تفسير لمعظم الخصائص التي يتميز بها في هذه المرحلة سواء كان ذلك في لعبه ام إبداعه واستكشافه أم في تخيله ومخاوفه أم في عناده وغيرته وعدوانه .