لم تسلم المياه الأطهر على وجه الأرض (مياه زمزم) من محاولات الاستغلال والجشع التى يمارسها ضعاف النفوس لاستغلال زيادة الطلب عليها في المواسم التى يقبل فيها كثير من المسلمين على الحرمين الشريفين . فقد طال عبوات زمزم التزوير وعمليات التقليد التى مارسها باعة جائلون وتجار امتهنوا بيع (زمزم) للزوار في أماكن تواجدهم وعلى مخارج المدينتين المقدستين، وقد تم أخيرا ضبط كميات من المياه (مغشوشة) كانت تباع على أنها (مياه زمزم) . وتلقت الجهات المسئولة فى مدينة الرسول (صلى الله عليه وسلم) شكاوى عديدة من زوار اكتشفوا أنهم وقعوا ضحايا عمليات نصب بعد شرائهم عبوات على أنها مياه زمزم حيث أن الطعم مختلف عن مكونات وخواص زمزم الحقيقية. كما أن أغلب الذين اكتشفوا عمليات الخداع والنصب ممن سبق لهم ارتياد الحرمين وشرب مياه زمزم من قبل وعرف طعمها، أما الزوار لأول مرة فانه يصعب عليهم اكتشاف ذلك . وتكون بعض العبوات المغشوشة مجهولة المصدر، وأخرى مشابهة للعبوات الخاصة بالمشروع الحكومى (مياه زمزم) وثالثة مختلطة حيث يتم تقسيم "الجركن" الواحد على اثنين أو ثلاثة وتكملته بمياه عادية كما يرفع البعض سعر "الجركن" إلى الضعف (الصغير من خمسة إلى عشرة ريالات والمتوسط من عشرة إلى عشرين والكبير من عشرين إلى ثلاثين.. إلخ).
وقد انتبهت الجهات المسئولة فى المدينة المنورة وبثت فرقا للتفتيش والمتابعة في زيارات مفاجئة للأماكن التى يتم فيها بيع عبوات زمزم وتمشيط منطقة الحرم النبوي والمنطقة المركزية ومخارج المدينة المنورة لتفقد الكميات المعروضة من مياه زمزم ومصادرة العبوات مجهولة المصدر . وتقوم لجان التفتيش بمصادرة أية عبوات مجهولة المصدر أو التى يثبت تعرضها لأشعة الشمس لساعات طويلة تنذر بتبدل العناصر والمواصفات التى تتميز بها مياه زمزم ويؤكد المسئولون باستمرار حرصهم الشديد على وصول مياه زمزم نقية إلى الباحثين عنها من الزوار والمصلين وبمقدار نقاوة الكميات التي تتدفق من منبعها الصافي، ولذلك شرعت الحكومة السعودية تنظيمات للحفاظ على هذه المياه من العبث والاستغلال حيث أطلق العام الماضي مشروع (هدية خادم الحرمين الشريفين للزوار والمعتمرين) الذى يحتوي على عبوات مختلفة الأحجام من مياه زمزم معبأة بعناية ومحكمة الإغلاق . وتصل إلى المدينة المنورة على مدار الساعة صهاريج معبأة بمياه زمزم قادمة من محطة التعبئة المركزية في مكة المكرمة لإرواء عطش مئات الآلاف من الزوار والمصلين فى الحرم النبوي يوميا، حيث يحرص زوار المدينة على اقتناء (زمزم) إلى جانب تمور المدينة ، وهي في صدارة السلع والهدايا التي يبحث عنها الزوار ويحرصون على تصديرها إلى بلدانهم خلال مواسم العمرة والحج . وتنقل مياه زمزم من محطات التعبئة بمكة المكرمة بشكل يومي إلى خزانات زمزم في المسجد النبوي بمعدل 120 طنا يوميا في الأيام العادية تزيد خلال المواسم لتصل إلى 250 طنا، بما يعادل 20 صهريجا تصل تباعا عبر طريق الهجرة السريع . وتحدد مواصفات خاصة للصهاريج الناقلة وتشدد وكالة شئون المسجد النبوي على تطبيقها، في مقدمتها نظافة الصهريج من الداخل والخارج، والحرص على أخذ عينات من الماء المنقول قبل عملية النقل من العاصمة المقدسة، وكذلك لحظة وصوله إلى المدينة المنورة ويقول المسئولون إن الكميات المنقولة من مياه زمزم تحظى بمواصفات خاصة تهدف إلى حماية المياه من أي مؤثرات وملوثات، إضافة إلى إحكام إقفال الصهاريج بحيث لا تفتح إلا عن طريق الموظف المختص بالوكالة في المدينة المنورة. ويتم تدوين كافة الإجراءات التى يتم اتخاذها منذ انطلاقة الصهريج من مكة المكرمة لساعة وصوله للمدينة ، فيتم تدوين أسماء سائقى الصهريج والموظف الذى يتسلم الشحنة حتى وصولها إلى الحافظات داخل المسجد النبوي فى قسمى الرجال والنساء. ويقدم ماء زمزم لزوار المسجد النبوي خلال شهر رمضان فى أكثر من 7 آلاف حافظة معقمة ومبردة توزع داخل المسجد وبسطحه وفى ساحاته، إضافة إلى نوافير الشرب الموزعة في المسجد النبوي والمرافق المحيطة به . كما يتم فى المواسم وضع خزانات لشرب المياه المبردة، كما خصص موقع سبيل زمزم الكائن في الجهة الشمالية الغربية من ساحة المسجد لتعبئة الجوالين وحافظات المياه الخاصة بالزوار والمصلين، وتتم تعبئة مياه زمزم في الحافظات من قبل مشرفين خاصين ويراعى تقديمه مبرد وغير مبرد تلبية لمختلف رغبات الزوار والمصلين.