ذاع صيت وكالات التصنيف الائتماني خلال السنوات الماضية عبر سلسلة من الأحداث بدأت بفشلها في تقدير المخاطر المتعلقة بسندات الرهون العقارية والسندات المهيكلة والتي أدت إلى نشوء الأزمة المالية العالمية في نهاية عام 2008. وأخيرا خفضت وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني علامة الدين السيادي للولايات المتحدة، في أول إجراء من نوعه في تاريخ هذا البلد، وأعلنت ستاندرد اند بورز في بيان أنها خفضت بمقدار درجة واحدة علامة الدين السيادي الأمريكي من "ايه ايه ايه"، الدرجة الأعلى على الإطلاق، إلى "ايه ايه "، مبررة اتخاذها هذا الإجراء الأول من نوعه لوكالة تصنيف ائتماني عالمية، بـ"مخاطر سياسية" بأن تكون إجراءات واشنطن غير كافية لمواجهة عجز الموازنة الفيدرالية. فما هي هذه المؤسسة التي تجرأت وأصدرت هذا التصنيف ضد أكبر دولة اقتصادية وسياسية وعسكرية في العالم ؟ هي شركة خدمات مالية كما أنها واحدة من وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبار ومقرها نيويورك. و“ستاندرد آند بورز” هي وحدة تابعة لإحدى الشركات المدرجة في بورصة نيويورك، التي حصلت على بعض من قوتها من قرار هيئة الأوراق المالية الأمريكية في، 1975 وجاء الآن وقت تشكيك وزارة الخزانة الأمريكية فيها، تأسست وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز في عام 1860 في الولايات المتحدة، ولديها مكاتب في 23 بلداً حول العالم، وهي وكالة معروفة للمستثمرين في جميع أنحاء العالم كشركة رائدة في سوق البيانات والمعلومات المتعلقة بالأسواق المالية العالمية، و”ستاندرد آند بورز” هي وحدة تابعة لشركة “ماكجرو هيل” المدرجة بسوق نيويورك ويعمل فيها 9 آلاف موظف. تهدف ستاندرد آند بورز إلى توفير البيانات والمعلومات المالية والاقتصادية للمستثمرين الذين يرغبون في اتخاذ قرارات استثمارية، وتكون تلك المعلومات في شكل تقييمات ائتمانية ومؤشرات استثمارية يمكن الاعتماد عليها في التنبؤ بأحوال الأسواق المالية، بالإضافة إلى البحوث الاقتصادية والمالية والتجارية وتقييمات المخاطر. يذكر أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الذي بدأ العمل به منذ 54 عاماً على نطاق واسع يعتبر واحداً من أهم المؤشرات الخاصة بالأسهم والسندات الأمريكية . بالإضافة إلى ذلك يغطي مؤشر ستاندرد آند بورز جلوبل 1200 أيضاً ما يقرب من 30 سوقاً تشكل نحو 70% من القيمة السوقية العالمية. وترتبط مباشرة ما يقرب من 1.1 تريليون دولار من الأصول الاستثمارية إلى مؤشرات ستاندرد آند بورز، وأكثر من 5.3 تريليون دولار قياسية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 وهي أكثر من أي مؤشر آخر في العالم. وعلاوة على ذلك، وحدة أبحاث الأسهم المستقلة التابعة لوكالة ستاندرد آند بورز هي واحدة من رواد مقدمي المعلومات الاستثمارية المستقلة، حيث تقدم تغطية أساسية لنحو 2000 سهم. وتعد ستاندرد آند بورز من أكبر الوكالات في العالم المتخصصة في قطاع صناديق الاستثمار المشتركة وتحليلها. وكانت ستاندرد آند بورز حذرت في شهر أبريل الماضي من أنها تفكر بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بسبب استمرار العجز في الموازنة عند مستويات مرتفعة وارتفاع العجز العام. وتأكدت مخاوف الوكالة بعد الانقسامات الحادة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن الموازنة العامة والتي تجلت في سجالات وخلافات كادت تؤدي بالبلاد إلى التخلف عن السداد لأول مرة في تاريخها، وهي كارثة تجنبتها واشنطن في اللحظة الأخيرة الثلاثاء بالاتفاق بين البيت الأبيض والكونغرس على رفع سقف الدين العام. وقالت ستاندرد آند بورز إن خطة إعادة التوازن إلى الموازنة والتي اتفق عليها مؤخراً الكونجرس مع السلطة التنفيذية، ليست كافية بالمقارنة بما هو ضروري، من وجهة نظرنا، لتهدئة نشاط الدين العام على المدى المتوسط. وأضافت، أنها متشائمة حيال قدرة الكونجرس والحكومة على تحويل الاتفاق الذي توصلا إليه هذا الأسبوع إلى خطة أشمل لإعادة التوازن إلى الموازنة. وتسيطر كل من "ستاندرد آند بورز" و"موديز" على تصنيف أكثر من 80% من إصدارات الدين حول العالم سواء للشركات أو الحكومات أو البلديات والحكومات المحلية فيما تعد "فيتش" أقل سمعة نسبياً، مقارنة بالشركتين الأخريين. وبالعموم، فإن الشركات الثلاث تسيطر على ما يراوح بين 90 و95 % من سوق إصدارات الديون في العالم. وتعود سيطرة هذه الشركات الثلاث إلى قرار أصدرته هيئة الأوراق المالية الأمريكية في عام 1975 باعتبار هذه الشركات كشركات معتمدة من قبلها، حيث إن كثيرا من المؤسسات المالية وشركات التأمين لا تستثمر إلا في سندات ذات تصنيف عالٍ، فإن أسهل طريقة من قبل المصدرين للسندات لإثبات جدارتهم الائتمانية هو أن يحصلوا على تصنيف ائتماني من شركة أو اثنتين من هذه الشركات الثلاث لتصبح هذه الشركات الثلاث أشبه بمؤسسات محتكرة للتصنيفات الائتمانية حول العالم.