هالة من الفرح والحماس والسرور والترقب تحيط بأغلب المسافرين، خاصة السائحين منهم، الذين ينشطون بالبحث والاستعلام عن أفضل الأماكن التي ينوون التنَزُّه فيها. هذه الفرحة إما أن تتكامل بحُسْن الاستقبال والترحيب والتعامل الجيد والإرشاد اللطيف مِن قِبَل عاملي المطار الذين يستقبلونهم؛ فيشعر المرء في الغالب بارتياح شديد، وشيء من تحديد الانطباع عن أخلاق أهل البلد، وفَيْض كرمهم، ورُقِيِّ تعاملهم.. وإما أن تُصيبه حالة من الاغتمام، ووأد للفرحة والحماس الجم؛ بسبب عنجهية بعض الموظفين، وتعسفهم المفرط في استقبال المسافرين. كان الفرح يغمر محدِّثتي التي استمتعت بزيارة إحدى دول الجوار، وما وجدته وعائلتها من حُسْن استقبال، وطيب إقامة، وسهولة خدمات، ولم يعكر صفو تلك الزيارة سوى مرورهم ببعض المواقف المزعجة أثناء العودة للوطن، كلغة الإشارة المتباطئة من الموظف للإجابة عن أسئلتهم عن مكان الأمتعة، وبعثرة المفتشات هداياها اليدوية الثمينة بلا مبالاة، إضافة إلى أمور أخرى غير التعامل: تأخر رحلة الترانزيت الداخلية، وفوضوية الصالة!.. هذا رأي وانطباع أبناء البلد في هذه التصرفات فكيف بغيرهم؟! بالطبع هذه الحادثة وغيرها في التعامل، كبرت أو صغرت، لا يمكن تعميمها على الجميع، بل يُقدَّم لهم جزيل الشكر على القيام بواجبهم على أتَمِّ وجه، لكن كما يكون الواحد منا حريصاً على أن يمثل نفسه والبلد الذي ينتمي إليه خير تمثيل في أسفاره يريد خير المثال هذا والرقي أن يكون ماثلاً في بلده وفي النواحي كافة، ومنها الجدية في خدمة العملاء! من المؤسف حقًّا أن يتكبد المسافر من ماله ووقته الشيء الكثير، ويقطع المسافات، ويحمل البهجة في جنبات روحه، شوقًا للبقاع المقدَّسة، أو للسياحة بهذا البلد الطيب، أو العودة بكل شوق للديار.. فيصطدم بما يخالف توقعاته عند قدومه على الأصعدة كافة. واسألوا بعض الشرق آسيويين القادمين لأداء فريضة الحج أو مناسك العمرة عما يواجهونه من بعض أفراد خدمة العملاء من الحدة في المعاملة لأسباب تافهة: الأمر بإشهار جواز السفر مثلاً! متى يعي الموظف المفتقر إلى التعامل الحسن أنهم ضيوف الرحمن وحجاج بيته الحرام؟! أو حتى أنها عمالة لها أنفس وكرامة محترمة؟!.. لقد انتهى زمن الدكتاتورية والفوضوية!.. فهناك بلدان فقيرة ونائية ضربتْ أروع الأمثلة في هذا الجانب برغم ضعف الإمكانات، إلا أن الإحساس بالمسؤولية كان حاضرًا، ولا يشترط أن تكون نجماً مشهوراً لتحظى بمعاملة خاصة!! إن الخدمات الجليلة والأموال الطائلة التي تقدمها الدولة لتحسين المنشآت عامة، والمطارات وخطوط الطيران وخدماتها خاصة، ينبغي أن يوافقها وجود الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة؛ لأن التعامل الجيد في حد ذاته قد يغطي ويجبر الإنسان على التغاضي في كثير من الأحيان عن بقية العيوب الحاصلة، لا أن تُفقد هذه وتلك! * أقترح على خطوط الطيران، وإدارات المطارات، وما يلحقها، أن يقوموا بدورات خاصة لموظفيها في فن التعامل مع المسافرين، وأن تكثفها إن كانت موجودة! * كذلك تفعيل خاصية مراقبة هذه السلوكيات المشينة، ومحاسبة المقصِّرين؛ فهم الواجهة الأولى للبلد، ويحتاجون إلى بذل المزيد من الجهود لإعادة الثقة إلى من فقدها فيهم؛ فالتطوير وإصلاح الخلل خير من الاستمرار فيه، مع عدم إغفال مكافأة المُحسن. * كما أنني أشير إلى أفضل دورة مجانية كبرى في "فن الأخلاق والتعامل مع الناس"، يقدمها شهر رمضان المبارك مشكوراً!! نشر بصحيفة سبق الالكترونية 30-07-2011