كيف تكونى جميله
أمام حوض السمك أتأمل جمال شكلها وبديع الألوان وروعة الخالق وقفت
فقال لي زوجي: هذه الأسماك الملونة تكون في قاع البحار في أماكن مظلمة لا يراها أحد، ومع ذلك فهي في منتهى الروعة والجمال والإبداع، أتدرين لماذا؟ فقلت لماذا؟ قال: لأن الله جميل يحب الجمال.
أختي الفتاة المسلمة، إن الجمال والزينة بالنسبة للمرأة المسلمة أمر فطري جبلها الله عليه وقد اهتم الإسلام بهذا الأمر اهتماما كبيرا وأباح لها من الزينة ما لم يبح للرجل كالحرير والذهب، وذلك لتلبية نداء الأنوثة لديها، قال تعالى: (( أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين )) [الزخرف:18].
الزينة وأحكام الشريعة
وزينة المرأة من حيث استعمالها ثلاثة أقسام:
1- زينة مباحة:
وهي كل زينة أباحها الشرع وأذن فيها للمرأة لكل ما فيه جمالها ويدخل في ذلك لباس الحرير، والحلي والطيب (العطر)، وفاعل المباح لا يثاب بفعله ولا يعاقب بتكره، إلا أن يكون المباح وسيلة لغيره من الواجب أو الحرام.
2- زينة مستحبة:
وهي كل زينة رغب فيها الشارع وحث عليها، ويدخل في هذا القسم سنن الفطرة كالسواك ونتف الإبط... إلخ.
والمستحب هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
3- زينة محرمة:
وهي كل ما حرم الشارع وحذر منها ونهى عنها، وما تعتبره النساء زينة كالنمص والوصل للشعر ومشابهة الكافرات أو الرجال ونحو ذلك، والحرام هو ما يعاقب فاعله ويثاب تاركه امتثالا لحكم الشرع.
أنواع الجمال
1- جمال الشكل والصورة: وهو الجمال الحسي، الله I خلق الإنسان في أحسن صورة فقال تعالى: (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) [التين:4]، وقال تعالى: (( وصوركم فأحسن صوركم ))، [غافر:64].
اهتمي بجمال الشكل فإن الله جميل يحب الجمال، ولكن لا تنسي جمال الخلق والدين والأدب، يقول الشاعر:
جمال الوجه مع قبح النفوس كقنديل على قبر المجوس
ويقول الآخر:
ليس الجمال بأثواب تزيننا إن الجمال جمال العلم والأدب
2- جمال العقل: إن التفكير السليم ووضع الأمور في نصابها من الجمال وهو من الرزق الوفير الذي يسوقه الله إلى العبد، قال تعالى: (( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا )).
3- جمال الروح والجاذبية: وتتمثل في الألفة وحسن العشرة مع حسن الخلق وخفة الظل والمرح والابتسامة، يقول r: (( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون )).
4- جمال الخلق: يقول r: (( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ))، [رواه الترمذي]، ويقول الشاعر:
5- جمال التدين: وهو الجمال المعنوي، قال r: (( تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك )) [متفق عليه]، [ملخص من مقالات هل أنت فتاة جميلة].
وهنا نصل إلى سؤال هام، كيف تكون الفتاة المسلمة جميلة؟
1- اهتمي بجمالك وبزينتك، ومن الزينة ال حسنة الخضاب بالحناء في يد الفتاة ورجلها ورأسها، والتكحل بالأثمد لأنه زينة ودواء، والأثمد هو حجر الكحل الأسود، والكحل أفضل من تلك الألوان التي تتلون بلون الثوب، وتوضع على الجفن، وهذا له آثاره السلبية على الجفن.
والكحل من الزينة الباطنة لأن رؤيته تستلزم رؤية موضعه، ولذا لا يجوز للفتاة أن تبدي هذه الزينة إلا للنساء وللرجال المحارم.
2- التزين بالحلي مهما كان نوعه، وذلك في حدود الشرع بلا إسراف ولا مباهاة لقوله تعالى: (( أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين )) [الزخرف:18]، ولكن عليها أن تخفي حليها عن الرجال الأجانب ولا سيما إذا كان في يدها وذراعها؛ لأن الحلي زينة والله تعالى يقول: (( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )) [النور:37].
3- اهتمي بشعرك لأن جمال الفتاة في شعر رأسها، وبه زينة، ولكن بدون مبالغة، فعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: (( من كان له شعر فليكرمه )) [رواه أبو داود، (4/107)، في كتاب الترجل، باب في إصلاح الشعر]، وإكرام الشعر يكون بتنظيفه وتمشيطه وتطييبه وتحسين شكله وهيئته، وخضابه بالحناء مع اجتناب الصبغ بالسواد، فمن حديث جابر t، قال: أُتي بأبي قحافة والد أبي بكر رضي الله عنهما يوم فتح مكة ورأسه كالثغامة بياضًا، فقال رسول الله r: (( غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد )) [أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب استحباب خضاب الشيب، (2102)].
4- ويجوز استخدام المساحيق وأدوات التجميل للزينة ولكن بعدة شروط:
أولًا ـ ألا تكون بقصد التشبه بالكافرات.
ثانيًا ـ ألا يكون هناك ضرر من استعمالها على الجسم.
ثالثًا ـ ألا يكون فيها تغيير للخلقة الأصلية، كالرموش الصناعية.
رابعًا ـ ألا تصل إلى حد المبالغة المذمومة.
خامسًا ـ ألا تكون مانعة من وصول الماء إلى البشرة عند الوضوء أو الغسل، كالمانيكير.
سادسًا ـ ألا تتسبب في ضياع الوقت وضياع الحقوق، كالصلاة مثلًا، [ملخص من كتاب الدور التربوي للوالدين مرحلة المراهقة، حنان عطية الطوري الجهني].
ومن هنا نفهم أن الفتاة المسلمة ـ وخاصة الداعية ـ تتسم بالأناقة والجمال الأنثوي وحسن المظهر وحسن الهيئة ونظافة الثياب والأظفار والشعر، وذلك أما أهلها ومحارمها والنساء لتكون أكثر جاذبية وتتغلغل في قلوب الناس لخدمة الدعوة ولتكون قدوة لغيرها من النساء.
كل هذه الزينة الحلال في حد الاعتدال الوسط بلا إفراط ولا تفريط ولا تضييع للوقت والمال، قال تعالى: (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا )) [الفرقان:67]، وقال r: (( تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخيصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض )) [فيض الباري، (6/81)، كتاب الجهاد، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله].
إن الله يحب أن يُرى أثر نعمته على عبده [(4/206)، كتاب الاستئذان، باب أثر النعمة على العبد]
لا تهملي أختي الفتاة المسلمة في مظهرك وجمالك بدعوى الزهد والتواضع، فرسول الله r وهو سيد المتواضعين كان يلبس اللباس الحسن ويتجمل لأهله وأصحابه، ويرى في ذلك إظهارًا لنعمة الله عليه، كما جاء في الحديث المذكور السابق الذي رواه الترمذي.
الله جميل يحب الجمال:
هناك فرق بين حب الجمال والكبر أوضحه لنا الرسول r، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود t أن رسول الله r قال: (( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ))، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنه، [يعني أيعد هذا من الكبر؟]، قال النبي r: (( إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق [إنكاره وعدم قبوله] وغمط الناس [أي احتقارهم] )) [صحيح مسلم، (2/89)، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر].
ومن الزينة المحرمة
1- قص الشعر على وجه التشبه بنساء الكفار، وتشبه المرأة بالرجل.
2- وصل الشعر والزيادة عليه، قال r: (( لعن الله الواصلة والمستوصلة )) [أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب الوصل في الشعر، (934)].
3- النمص وتفليج الأسنان ورشها والوشم، قال r عن ابن مسعود t: (( لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله )) [أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب المتفلجات للحسن، (5931)].
الجمال لا يتعارض مع اللبس الشرعي
اهتمام الفتاة المسلمة بالزينة والجمال لا يتعارض مع الزي الشرعي وهو الحجاب فهو جمال الحشمة والجمال النظيف الذي يرفع الذوق الجمالي ويجعله لائقا بالإنسان ويحيطه بالنظافة والطهر.
وهذه هي صفات الزي الشرعي:
1- أن يستوعب جميع البدن.
2- ألا يكون زينة في نفسه.
3- ألا يكون مبخرًا أو مطيبًا.
4- ألا يكون ضيقا يصف شيئا من جسمها.
5- ألا يشبه لباس الرجال أو لباس الكافرات.
6- ألا يكون لباس