- أزمة بين الجيش وشباب الثورة - تحقيق أهداف الثورة.. تباطؤ أم تواطؤ؟ - الثورة تضع الجيش على المحك - جمعة التصحيح - دعوة لثورة الغضب الثانية - الإخوان واحتمال سيطرتهم على السلطة محمد كريشان وحيد عبد المجيد تقادم الخطيب باسم كامل عصام العريان سامح عاشور
محمد كريشان: السلام عليكم وأهلاً بكم في حديث الثورة، وفيه نفتح اليوم ملف الأوضاع في مصر التي تعيش هذه الأيام توتراً ظاهراً أحيانا ومكتوماً أحيانا أخرى، بعد أكثر من ثلاثة اشهر على الإطاحة بنظام مبارك. على طرفي هذه الحالة ، يقف المجلس الأعلى للقوات المسلّحة الممسك بزمام الأمور في مصر، والقوى الثوريّة المتذمّرة من بطء وتيرة الإصلاح والقطع مع العهد السابق. وفي هذه الأجواء راجت مؤخراً دعوات إلى تنظيم مليونيّة جديدة الجمعة المقبل تحت اسم ثورة الغضب الثانية، وذلك إحتجاجاً على ما تعتبره بعض القوى الشبابيّة تراجعاً من قبل الجيش عن تحقيق مطالب ثورة الخامس والعشرين من يناير. أمّا المجلس الأعلى فأصدر بياناً ندّد بمن سمّاهم عناصر مشبوهة، تدّعي البطولة والوطنية هدفها الوقيعة بين الجيش والشعب، وقال البيان: إنّ هناك عناصر خارجية يدلون بتصريحات كاذبة تهدف إلى إثارة الفتنة. وأضاف أنّ هذه العناصر التي وصفها بالمشبوهة، توجّه أتباعها من الخارجين عن القانون بغرض الاندساس بين متظاهرين، لاستفزاز رجال الجيش والشرطة، بغرض حدوث انفلات أمني. وأكدّ المجلس أن هدف هذه العناصر هو ضرب استقرار المؤسسة العسكرية، وأن لا صحة لما تنشره بعض المواقع الإلكترونية، التي تعمل ضد المصلحة العليا للبلاد، وأنّ مصر مفتوحة أمام كلّ القوى الوطنيّة للتعبير عن آرائها بحريّة. وأهاب المجلس العسكري بالمصريين من كافّة الطوائف، بأن يكونوا حذرين من هذه العناصر. ينضمّ إلينا لمناقشة هذه القضيّة، من القاهرة د.وحيد عبد المجيد مستشار مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجيّة، وتقادم الخطيب عضو تحالف القوى الثوريّة والقوى الوطنيّة للتغيير. ومن إئتلاف شباب الثورة معنا باسم كامل أهلا بضيوفنا الثلاثة لو بدأنا بتقادم الخطيب كيف يمكن تشخيص هذه الأزمة بين الجيش وبعض القوى الشبابية؟
أزمة بين الجيش وشباب الثورة
تقادم الخطيب: إذا ما قلنا أو تحققنا أن هناك أزمة، ليست هناك أزمة حقيقية بقدر أننا نريد أن تتحقق مطالب الثورة التي قامت من أجلها الثورة، وأن تكون هذه المطالب بصفة واضحة.
محمد كريشان: كيف؟
تقادم الخطيب: الخط انقطع..
محمد كريشان : لم ينقطع سيّدي اتفضّل، على كل سيد تقادم الخطيب قد نعود إليك أنت من قطعت الخط من عندك دون أن يقول لك أحد شيئا، على كل سيد باسم كامل هل هناك أزمة الآن؟
باسم كامل: طبعاً في أزمة، لو بصّينا للموقف الراهن إحنا في ثورة قام بها الشعب المصري، الجيش قام ودعم هذه الثورة، علشان الكلام اللّي حقوله بعد كده لا يؤخذ من سياقه، لازم نأكّد أن الجيش بالنسبة للمصريين وبالنسبة لإئتلاف شباب الثورة، وبالنسبة اليّ أنا شخصياً، خط أحمر هو شئ مقدس نجلّهم ونحترمهم جميعاً على راسنا من فوق، ولكن لازم نفصل تماماً بين حاجه اسمها الجيش أو القوات المسلّحة المصريّة، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة. المجلس الأعلى للقوات المسلّحة بيقوم في الوقت الحالي بمهمه سياسية وهي إدارة شؤون البلاد، وهو منصب رئيس الجمهورية، وهذه مهمة سياسية قابلة للنقض، وقابلة للأخذ والرد. وعلى المجلس العسكري الذي يقوم بإدارة شؤون البلاد أن يفهم أن هناك شيئاً اسمه المعارضة، ويبقى مستوعباً تماماً أنه هو لما يقول حاجة ويِدّينا قرار أو يصدر أمراً، من حقّنا إحنا كشعب أن إحنا نقبل ونرفض هذا الذي يقوله. ولمّا نرفض ما يقوله المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليس معناه انه إحنا نشكّك في الجيش، هذا أمر وهذا أمر، الثورة كانت ماشيه في طريق، اتّهمنا القوات المجلس الأعلى للقوات المسلّحة بالتباطؤ، قاموا بفترة من الفترات بمجموعة من العمليات السريعة المتلاحقة اللّى بدأوا يكسبوا فيها ثقتنا، ولكن بعدها بفترة الأمور توقفت، لقينا قوانين بتتاخذ وبتطرح دون أن يرجع فيها إلى المجتمع المدني كما لو كان الأمر لا يعنينا، كما لو كان إحنا رجعنا للنظام الديكتاتوري في عهد مبارك، قانون حيطبق علينا إحنا كمصريين، من باب أولى أن يؤخذ رأي هؤلاء المصريين حتى يكون قانون يحكمنا، بيتعمل حاجة اسمها الحوار الوطني، بيتعمل حاجة اسمها الوفاق القومي، إيه الجدوى من الحوار والكلام إذا كان في النهاية القوات المسلّحة بتاخد القرارات من غير ما ترجع للناس، يبقى إحنا حنتكلم كلام غير ذي جدوى، حنقعد نتكلم مع بعض وفي النهاية همّ حيعملوا اللي همّ عايزينه. المجلس الأعلى ما بيسمعش حد، ما بيقعدش مع حد، بياخد قرارات منفرده، فبنشعر النهارده أنه هو ما بعبرش عن مطالب الثورة. على المجلس الأعلى للقوات المسلحة إذا كان يطالب الشعب بأنه يثق في هذا المجلس الأعلى، ويثق بقياداته، أن يثبت لنا هذا، نحن نجل ونحترم الأشخاص الموجودين في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لكن المسألة ليست مسألة شخصية، المسألة بيحكمها الأداء والقوانين والقرارات التي يصدرها هذا المجلس الأعلى.
محمد كريشان: نعم، في هذه الحالة دكتور وحيد عبد المجيد، هل يمكن القول بأنّ شهر العسل بين شباب الثّورة أو على الأقل جزءاً من شباب الثّورة والمجلس الأعلى في طريقه إلى النهاية تقريباً؟
وحيد عبد المجيد: لا، لا أعتقد أنّه في طريقه إلى النهاية، لكن في مشكلة يعني لم تصل بعد في اعتقادي إلى مستوى الأزمة، لكن من الضروري التعامل معها بجديّة قبل أن تتحول إلى أزمة بالفعل، رغم أنه في إختلاف في وجهات النّظر حول أداء المجلس الأعلى للقوّات المسلّحة في الفترة الأخيرة، إلاّ أنه في قطاع مهم من شباب الثورة ما بين غاضب ومتحفّظ، كما سمعنا الآن، هناك تفاوت في المواقف، لكن هناك حالة من عدم الرضا بشكل عام في أوساط هذا القطاع، وبالتالي هذا يحتاج إلى الإسراع بحوار جدّي، ليس على طريقة الحوارين الشكليّين الذين بدى في اليومين الماضيين، وكان واضحاً أنهما ليس لهما من اسم الحوار نصيب يذكر، يحتاج الأمر إلى حوار محدّد حول قضايا محدّدة وفي مقدمتها خارطة طريق، لأن المشكلة الأساسية تنبع في اعتقادي من وجود حالة من الضباب فيما يتعلق ببقية الفترة الإنتقاليّة، ما بقي من الفترة الإنتقالية هناك حالة من الضبابيّة، نتيجة عدم وجود خارطة طريق واضحة بخطوات محدّدة، فيما عدا المعالم الأساسيّة العامّة جداً وهو أنه ستجرى انتخابات برلمانيّة بعد في سبتمبر القادم ، ثمّ البرلمان يشرع فيه من خلال جمعيّة تأسيسيّة يشكلّها، في وضع دستور جديد، وتجرى إنتخابات رئاسيّة. فيما عدا ذلك، تضاريس الخريطة وتفاصيلها ليست واضحة، وهذا يحتاج إلى حوار لكن أيضاً ينبغي أن يكون هذا الحوار باتجاهين لأن الغاضبين والمتحفظين على أداء المجلس الأعلى، يركّزون بالأساس على الإجراءات المتعلقة باستكمال عملية إزالة النظام القديم.
تحقيق أهداف الثورة.. تباطؤ أم تواطؤ
محمد كريشان: ولكن اسمح لي دكتور يعني اسمح لي دكتور، اسمح لي اللهجة التي صدر بها بيان المجلس الأعلى وهنا اسمح لي بالإنتقال إلى تقادم الخطيب، اللّهجة التي استعملت في بيان المجلس، لا يوحي بأن هناك تفهماً لمطالب معينّة، أو استعداد للحوار، هناك اتهامات تقريبا بالإندساس، واتّهام بأنّ هناك من يزايد بالوطنية وغيرها، ما سبب هذا الإتهام سيد تقادم برأيك؟
تقادم الخطيب: لا بد أن نفرق بين أمرين، الأمر الأول أنّ المجلس العسكري يختلف عن الجيش، المجلس العسكري الآن هو يمارس السياسة، بالتالي فهو لا...
محمد كريشان: يعني هذا ما، هذا هذا هذا ما، هذا ما قاله أيضاً سيد باسم كامل، ولكن رغم هذا التفريق..
تقادم الخطيب: نعم..
محمد كريشان: رغم هذا التفريق الذي يبدو يعني يبدو مقنعا إلى حد كبير، ولكن برأيك لماذا بدأت الثقة نوعاً ما تتلاشى، وهناك جو من الريبة بين قطاعات من الشباب وبين المجلس الأعلى هل من تفسير؟
تقادم الخطيب: نحن حتّى هذه اللحظة رأينا أن الثورة لم تكمل طريقها، رأينا أن الثورة وقفت في منتصف الطريق، هناك الكثير جداً من الأمور التي لم يأتِ عليها الفعل الثوري، مثل عدم حل المجالس المحلية، عدم حل الإتحاد العام لنقابات العمال، عدم وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، مسألة الحد الأدنى للأجور، أشياء كثيرة جداً لا زالت عالقة في الفعل الثوري من خلال الثورة، قطاعات كبيرة لم تأتِ عليها الثورة المنظومة الإعلامية لا زالت كما هي تعمل بالإطار السابق الذي حدد إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، المؤسسة الجامعّية لا زالت حتى هذه اللحظة موجود بها رؤساؤها فهي بالتالي لم يأتِ عليها الفعل الثوري، وبالتالي فإن هذه المؤسسات بصفة أو بأخرى هي تمس الحالة الجماهيرية .
محمد كريشان: ولكن سيد ، ولكن سيد خطيب نعم ، سيد خطيب يعني هل كانت لديكم توقعات تفيد بأن كل هذه الإنجازات الثورية كما سميتها، أو الخطوات الثورية يمكن أن تنجز في ظرف ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر بهذه السرعة؟
تقادم الخطيب: بعض الأمور يحتاج إلى فترة، وبعض الأمور عاجل في حلّه، حلّ المجالس المحلية هذا ليس إشكاليه كبيرة جداّ حينما نحل المجالس المحلية، عند حل الإتحاد العام لنقابات العمال لن تكون هناك مشكلة، إذا ما أتيت بمسألة الإفراج عن المعتقلين السياسيين، توقف المحاكمات العسكريّة للمدنيين، الثورة حينما قامت في أصلها قامت ضد المحاكمات أو الممارسات التي كان يمارسها النظام السابق ومن بينها المحاكمات العسكرية للمدنيين، نحن مدنيون ولا يمكن تحويل المدنيين إلى المحاكمات العسكرية، ولا بد من الإفراج عن المعتقلين السياسيين، هذا هو ما تلخّص فيه الأمر وبصورة معيّنة نحن لم نر ان الثورة قد انجزت كل متطلباتها التي قامت من أجلها، لا زال حتى هذه اللحظة الإدارات التي تحكمها الحكومة، إدارة مؤسسات الدولة لا زالت فيها الذين يتبعون نظام مبارك، وبالتالي لا بدّ أن يأتي عليها الفعل الثوري، هناك ما يأخذ فترة من الزمن، هناك ما يمكن معالجته بسرعة كبيرة جدا في إطار أن الزمن هو جزء من العلاج. المؤسسات الجامعيّة، لن يضر كثيراً إذا ما تمّ تغيير القيادات الجامعيّة وتبني آلية الإختيار الحر التي يريدها أساتذة الجامعات، وبهذه الطريقة سوف تستطيع أن تحتوي كثيراً جداً من ردة الفعل لدى الشارع المصري، إذا ما أنت قمت بحل الإتحاد العام لنقابات العمال، فإنّك بهذه الطريقة ستضمن أنّ قطاعاً كبيراً من العمال سيتوافقوا معك سيكونوا في صفك، هذا هو الشئ الأساسي الذي نريده، المؤسسة الإعلامية حتى هذه اللحظة لم يأتِ عليها التغيير الثوري، أين المؤسسة الإعلانية من التغيير الثوري، المؤسسة الإعلانية لا زالت تعمل بالطريقة السابقة التي رسمها لها نظام مبارك.
محمد كريشان: هو واضح سيد خطيب، واضح أن هناك أشياء تسير بوتيرة سريعة انْ صح التعبير وأخرى متباطئة، ولكن هنا الشباب الذي يفترض أو دعا للنزول لميدان التحرير الجمعة المقبل سيد باسم كامل من بين أبرز شعار أنا ما حسيتش بالتغيير ونازل تاني للتحرير. هل فعلاً هذا التشخيص دقيق.. يعني فعلاً لا يوجد أي تغيير ممّا يستدعي ثورة ثانية، أو جمعة ثانية للغضب أو غير ذلك من التحركات الجماهيرية الواسعة؟
باسم كامل: علشان نكون موضوعيين هو طبعاً حصل تغيير، مش ممكن ننكر كل الأحداث اللي حصلت منذ بداية الثورة حتى الآن، لأ حصل طبعاً تغيير كبير، انما خلينا نتفق على ما لم يحدث، إحنا النهارده لمّا نقول أن وتيرة الإصلاحات كانت سريعة، ده لو قسناها بالمعدلات الطبيعية للدولة الطبيعية في ظروف طبيعية إنما إحنا النهارده في ظروف ثوريّة، النهارده لما تيجي تشوف القوات المسلّحة تتعامل او المجلس الأعلى يتعامل بالمحاكمات العسكريّة مع أي شاب من الشباب، في حين أنه هو مع رموز النظام السابق ما بيتعاملش معاهم بالمحاكمات العسكريّة، الشباب بيتقبض عليهم في مظاهرة بعد أسبوع بيبقى ماخد حكم، رموز النظام السابق لغاية النهاردة بيتحاكموا بمحاكمات بطيئة ومملّة، بتخلي الناس تحس انه لأ ده في مشكلة، احنا بنطالب هذه المحاكمات، علانية المحاكمات، والإسراع في المحاكمات، واستكمال المحاكمات، في ناس من أعتى رموز النظام السابق فساداً سواء على المستوى الإقتصادي والمالي أو على المستوى السياسي لغاية النهاردة لم يتم استدعاؤهم ولا التحقيق معاهم، عايزين العلانية والاستكمال والإسراع. نمرة اتنين لازم في قانون للإفساد السياسي، النهاردة تونس عملوا قانون اللي كانوا في الحكم واللي كانوا في مناصب قيادية عزلوهم سياسياً لمدة محددة ، ليه ما يتعملش ده عندنا النهارده، لما يتعمل الحوار الوطني، امبارح بنلاقي رموزالحزب الوطني قاعدين في الصف الأول، إزاي يعني، حوار ايه اللي أنا حعمله مع رموز نظام إيده ملوثة بدماء الشهداء، اللي لسه دمهم ما بردش، اللي لسه أهاليهم ما خادوش التعويضات بتاعتها لغاية النهاردة، اللي لسه المصابين لغاية النهاردة مش عارفين يتعالجوا، لسه بنعملّهم جمعية علشان نعالجهم يبقى مش حفهم، ومش حستوعب فكرة انه لأ ده فيه حاجات كتيرة اتعملت مهما كان آه قلنا أسقطنا نظام مبارك، فيه ناس تحاكمت وفي ناس في السجن، كل ده شئ رائع وجميل، إنما لأ مش حفهم إنه نستكمل كل هذه الإجراءات بالإجراءات الروتينية الطبيعية، إحنا كمان فكرة الدستور اللي بيفرض علينا النهارده انتخابات ودستور، إحنا عايزين حوار مجتمعي النهارده، ليه النهارده نعمل انتخابات الأول وبعد الإنتخابات نعمل دستور، ما نعمل إحنا ما بنقولش الطرح بتاعنا إحنا كائتلاف عايزين الدستور الأول، بس ما بنفرضش ده أو ما بنطلبوش، إحنا بنقول يتعمل حوار مجتمعي على مستوى واسع، ونفكر إزاي يتعمل الدستور وفي كل دول العالم، احنا مش حنخترع العجلة.
محمد كريشان: نعم..
باسم كامل: الدستور ممكن نجيب ناس خبراء من قيادات النقابات ومنظمات المجتمع المدني الكتيرة جدا، ويتعمل لجنة ونجبلهم ناس خبراء قانونيين مع هذه اللجنة ويقعدوا يعملوا دستور يشكل حياتنا بعد كده .
الثورة تضع الجيش على المحك
محمد كريشان: هو واضح فيما يتعلق سواء بمطلب الدستور أو المطالب التي كنت تشير إليها الآن، واضح أن بالنسبة للشباب على الأقل هناك صورة إلى حد ما واضحة ما الذي أنجز وما الذي ما زال معلّقاً، وهنا أسأل دكتور وحيد عبد المجيد، إذا كان هؤلاء الشباب لديهم وضوحاً في الرؤيا كما يبدو ذلك فيما بقي من إصلاحات، لماذا المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يحاول الدخول معهم في حوار ما له مصداقيّة كما يقولون، وأعود مرة أخرى للبيان الذي أصدره المجلس فيه الحقيقة الكثير من الإتهامات مدّعي البطولة والوطنية، عناصر مشبوهه بغرض الإندساس، ضرب الإستقرار، المؤسسة العسكرية، هل تعتقدون بأن مثل هذه الإتهامات ستصعد أيّ عملية تواصل في المستقبل مع هؤلاء الشباب؟
وحيد عبد المجيد: يعني ما فهمت من صيغة البيان أن هذه الإتهامات ليست معممّة ، يعني هذه الإتهامات تتعلّق من وجهة نظر المجلس الأعلى، ببعض ما تمّ وضعه في بعض المواقع على الإنترنت من اتهامات للمجلس الأعلى والقوّات المسلّحة بلغة وبلهجة في الحقيقة تختلف اختلافاً جذرياً عمّا سمعناه الآن من لغة يعني راقية ومحترمة، وراغبة في البناء وراغبة في تغيير حقيقي بدون صدام مع المجلس الأعلى ومع الجيش، لكن كان فيه في الأسبوعين الأخيرين اتهامات حادة جداً ووصلت إلى يعني مستوى فيه تجاوزات شديدة، إلى حد أنها تضمنت اتهامات أيضاًً لبعض الشباب الذين شاركوا في ندوة دُعى إليها المجلس الأعلى منذ حوالي عشرة أيام عن النظام الإقتصادي الجديد، وشارك فيها إليها بعض الشباب وشاركوا فيها، فوجهت اتهامات أيضا إلى هؤلاء الشباب لأنهم شاركوا في ندوة مع أنه هذا نوع من الحوار ولكنه لا يمثّل الحوار المطلوب يعني حواراً جزئياً جدا، ليس الحوار الكلي الشامل المطلوب لكن الإتهامات هي في هذه الحدود بالإضافة إلى اتهامات لمن يندسون في المظاهرات، وهذه الإتهامات موجّهة إلى من يوجههم بعض فلول النظام السابق أو الثورة المضاده وسبق لبعض بيانات المجلس الأعلى أن أشارت بأصابع الإتهام إلى الثورة المضاده، فيما يتعلق بما يحدث في بعض أو ما حدث في بعض المظاهرات من محاولات لخلق وقيعة مع الجيش. لكن في كل الأحوال نحن لدينا مشكلة حقيقية نتيجة فيما أظن أن الطريقة التقليدية التي يتعامل بها المجلس الأعلى مع أمور تحتاج إلى مواجهة سريعة وإلى إجراءات سريعة ليس فقط كي يرضي الشباب لكن أيضاً لكي يحقق مشاركة حقيقية، يعني موضوع المجالس المحلية واتحاد العام للعمال والنقابات العمالية ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات، كل هذه أمور لو أن المجلس الأعلى شرع في إجراء انتخابات فيها في الشهرين الماضيين، لكان المشهد الحالي قد تغير تغيراً كاملاً، لكنّا وجدنا حالة من الحيوية فضلاً عن التخلص من أجزاء من بقايا النظام السابق، لكن أيضاً لا يقل أهمية عن ذلك أن إجراء انتخابات في هذه القطاعات الحيوية، يخلق حيوية شديدة، ويشعر المجتمع كله بما فيه بسطاء المصريين، بانّهم مشاركون وقادرون على التأثير في صنع مستقبلهم.
محمد كريشان: هو واضح دكتور، هو واضح اسمح لي الآن، هو واضح سواء في الحالة المصريّة أو حتى في الحالة التونسية، أنّ حجم الطموحات لدى النخبة ولدى الشباب ولدى قطاعات واسعة، أقوى بكثير من قدرة سواءً الحكومة المؤقتة في تونس أو المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر على تحمله، ولكن هناك تساؤل نريد أن نسأله للسيد تقادم الخطيب، الآن إذا ما تمّ أولاً توضيح الدكتور مهم على أساس أنّ هذه المفردات في بيان المجلس الأعلى لا تعني الشباب بمجموعهم ولا يجب أن ندخل في أي تعميم قد يساء فهمه، ولكن إذا ما قررت قطاعات واسعة من الشباب أن تنزل إلى ميدان التحرير الجمعه المقبل في مليونية في غضب ثاني وغيره، ألا يرسخ هذا إعتقاداً بأنّه لا مجال للتقدم في أي عملية إصلاح إلا عبر النزول إلى الشارع، هل هذا هي الفكرة أو هي الفكرة الأساسية؟
تقادم الخطيب: الفكرة الأساسية أنّ التغيير حينما يأتي من الشارع، الثورة حينما استطاعت أن تكتسب مكتسباتها، اكتسبتها من خلال الشارع، النزول إلى الشارع يعني أن الشعب يريد شيئا، أن الشعب يريد أن يحافظ على الفعل الثوري، يريد أن تشمل الثورة كل مؤسسات الدولة، هناك وضع أمني مترهل حتى هذه اللحظة في الدولة، أين الجيش من هذه الأمور، أنّ إعادة بناء هيكل الشرطة مرة أخرى لماذا استمرت قيادات الشرطة على عدم النزول إلى الشارع؟ في عام 1967 أنهار الجيش المصري واستطاع أن يعيد بناءه في خلال شهر واحد ودخل معركة وادي العش، كذلك حينما يعني الآن الجيش المصري هو عليه ثقل كبير جدا ومسؤولية هو لم يعد لها من قبل هو النزول إلى الشارع والتواجد في الشارع، لماذا لا يتم التعاون ما بين أفراد الشرطة ما بين أفراد الجيش لعودة الحالة الأمنية التي يحتاجها المواطن بصورة كبيرة جدا، المواطن مازال حتى هذه اللحظة في حالة من الفزع في حالة من الترقب لما يحدث في الشارع، من خروجه من البلطجة، وبالتالي فإنّ المجلس العسكري لا بدّ أن يقوم بمحاكمة، وأن يقوم بضبط العناصر التي تنتمي إلى فلول الحزب السابق، وهي عناصر أمن الدولة الذين سمعنا حتى هذه اللحظة أنّهم الآن تمّ استدعائهم للعمل في جهاز الأمن الوطني، ولا زال البعض منهم يمارس الممارسات السابقة القديمة التي كان يمارسها في جهاز أمن الدولة، سنة 1967 حينما كانت هناك قضية المخابرات تمّ تعيين لجنة حقيقية للتحقيق في هذا الأمر، لماذا حتى هذه اللحظة لا يتم تعيين لجنة على أعلى مستوى سياسي وحقوقي، للتحقيق في الإنتهاكات التي ارتكبها جهاز أمن الدولة؟ أين هم من هذه الإنتهاكات التي كانت؟ الحالة الأمنية هي المطلب الأساسي والحقيقي للمواطن المصري، ولا بد بالتالي أن يكون هناك تعاون ما بين الجيش والشرطة. قدمنا مقترحاً إلى مجلس الوزراء والمجلس العسكري، وقدمت اقتراحات من شباب آخرين لتفعيل الشرطة المجتمعيّة المدنيّة بتفعيل اللجان الشعبيّة ، حتى هذه اللحظة لم نر أي استماع لها، لماذا حتى هذه اللحظة لا يحاكم مبارك سياسياً، المحاكمات التي تعرض لها مبارك حتى هذه اللحظة هي محاكمات جنائية ولا زلنا نرى تباطؤاً في عملية المحاكمات لا بدّ..
جمعة التصحيح
محمد كريشان: ولكن هل هناك اسمح لي فقط هل هناك اجماع وهنا انتقل لباسم كامل هل هناك اجماع على هذا التحرك الذي قرّر ليوم الجمعة؟
باسم كامل: نقدر نقول أه تقريبا في شبه إجماع على النزول، لأن الطلبات اللي إحنا بنطالب بها طلبات مشروعة، وإحنا لو لقينا قناة تحاورية مع أصحاب القرار نتحاور معاهم، ونقول لهم إحنا عايزين طلبات واحد اثنين ثلاثة ويبدأوا ينفذوها، حتى لو قالوا لنا والله الطلب ده مش حنقدر ننفذه النهارده وحياخذ جدول زمني لمدة أسبوع لمدة أسبوعين لمدة شهر، نبقى إحنا حاسين أن الطلبات بتاعتنا وصلت وجاري تنفيذها، ده حيدينا إحساس بالرضا، إنّما إحنا الحقيقية ما عندناش وسيلة تانية نتواصل معاهم غير ميدان التحرير اللّي بننزل فيه ونعبر فيه عن رأينا، النهارده الحالة الإقتصادية اللي حصلت زي ما يكون موضة كده أو هوجه، طالعين الأسبوع اللي فات كل وسائل الإعلام بتتكلم عن سوء الحالة الإقتصاديّة، وانهيار الإقتصاد المصري، وإنه إحنا حنجوع مش عارف كمان أد إيه، كل الكلام ده كما لو كان المشاكل الإقتصادية حصلت بسبب الثورة، ده اللي إحنا فهمناه من الإعلام لأنه عايز ينقل لينا الصورة ده. هو الشعب المصري كان قبل الثورة عايش برفاهية والناس مش عارفه تودي الفلوس فين؟ ما الناس كانت مش لاقيه تاكل ومش عارفه تتعالج ومش عارفه تتعلم، وده كان أهم سبب خلى الناس تقوم بالثورة، الصفوة والنخبه والشباب لمّا قاموا بالثورة ليه بقية الشعب انضم لهم ونزل معاهم في الشارع، لأن الناس حاسه بالألم من ده، النهارده عندي دجاجه تبيض ذهباً اسمها شرم الشيخ، إحنا مش حابسين الرئيس مبارك المخلوع في شرم الشيخ، إحنا حابسين شرم الشيخ، ما ناخده من شرم الشيخ نحطّه في أي سجن ولا في أيّ مستشفى، ونفرج عن شرم الشيخ ونعمل دعاية للسياحة إللي هي منجم ذهب مفتوح للمصريين، مين صاحب المصلحة في أن تقف شرم الشيخ وتقف السياحة وتقف الغردقة، ويبقى مروج على مستوى العالم إنه في أزمة في الأمن في مصر علشان الناس تخاف تيجي، العرب إللي المفروض خلاص كمان شهر حيبقوا ماليين مصر في الإجازة الصيفية، والأوروبيون اللي بييجوا في شرم الشيخ وفي الغردقه يمارسوا رياضات الغطس والكلام ده فين الدعاية للكلام ده، إحنا قافلين لهم شرم الشيخ بوجود الرئيس فيها، إحنا حابسين شرم الشيخ وحابسين المصريين، مش حابسين الرئيس، وبقية السياحة في مصر كلها نايمه لأن الإعلام بروّج فكرة أنه ما فيش أمن يبقى إحنا عندنا مشكله الأمن إللي النهارده بيتكلموا عنه في غياب أمني، البلطجية الموجودون في جميع مصر كانوا سلاحاً من أسلحة أمن الدولة وأجهزة المباحث القديمة، ومعروفون بالإسم في سجلات الشرطة، لو فيه جديّة، إحنا حاسين بعدم الجديّة في فرض الأمن في الشوارع المصرية، لو فيه جديّة البلطجية دول اسم حيتلموا في وقت محدود جداً، إنّما إحنا حاسيين أنهم عايزين يوصّلوا الشعب المصري، إنه هو يقول ولا يوم من أيام مبارك، مهو لمّا مبارك مشي الناس ما بقاش فيه أمن، ما بقاش فيه اقتصاد، الناس بقت جِعانه، يبقى الشعب المصري لمّا عمل ثورة، جاع وخاف وأتألم واتبهدل، يبقى عبرة لمن يعتبر علشان بقية الشعوب العربيّة إللي حوالينا محدش يفكر يعمل زيه، يبقى فيه مصالح إحنا مش عارفين بقى. لازم المجلس الأعلى يقول لنا والله لأ الكلام ده غلط، الشكوك إللي عندكم ده غلط، إحنا معاكم .
محمد كريشان: هو حالة أمان..
باسم كامل: من الجيش ومن الشعب المصري، ويحقق لنا طلباتنا ، ويحقق طلبات الناس، علشان ساعتها نبقى إحنا شعار الشعب والجيش إيد وحده، ده شعار حقيقي بس عايزين نقول أن الجيش والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، يبقى إيد وحده وده كلام حقيقي.
محمد كريشان: هو واضح، هو واضح أن الكلمة التي استعملها دكتور وحيد عبد المجيد، هناك حالة من الضبابيّة السياسية، الحقيقية نريد أن نتطرق لهذه النقطة تحديداً، الآفاق السياسية في مصر في ضوء بعض التصريحات وأهمّها تصريح الدكتور البرادعي سيكون في جزء ثاني من هذا البرنامج. في النهاية نشكر باسم كامل وهو من ائتلاف شباب الثورة، نشكر أيضاً تقادم الخطيب عضو تحالف القوى الثورية والقوى الوطنية للتغيير، دكتور وحيد عبد المجيد نشكره أيضاً ولكنّه سيبقى معنا، وسينضم إلينا في الجزء الثاني كل من الدكتور عصام العريان وسامح عاشور، إذن نعود إليكم بعد قليل
[فاصل إعلاني]
محمد كريشان : أهلاً بكم من جديد ، إذاً في خضّم هذا الإحتقان المتصاعد والتساؤلات العديدة التي طرحناها في الجزء الأول من البرنامج، تشهد الساحة المصريّة حالة من الإستقطاب السياسي وسط تحذيرات من صعود التيّار الأسلامي ممثلاً على وجه الخصوص بجماعة الإخوان المسلمين، وتنبيهاً إلى أن البلاد قد تعيش تفككاً إجتماعياً وانهياراً إقتصادياً كما جاء على لسان الدكتور محمد البرادعي أحد الطامحين لمنصب الرئاسة في مصر، سمير عمر يجمل لنا خلفيات هذه الأزمة والعوامل التي تغذيها.
[تقرير مسجّل]
سمير عمر: سؤال تحريضي ألقى به المتظاهرون في وجه المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعبيراً عن اتساع دائرة الشك في أسباب التباطؤ في تنفيذ مطالب الثورة. كان هذا قبل البدء في إجراءات محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك، بعدها انطلق قطار محاكمة مبارك وأسرته، ورموز نظامه المقربين، الذين استقروا جميعا في سجن مزرعة الطرة، فيما يرقد الرئيس المخلوع محبوساً في مستشفى شرم الشيخ. هذه الإستجابة لمطالب الثوار دعمت وجهة النظر القائلة بأنّ استمرار التظاهر هو الوسيلة الوحيدة لضمان تنفيذ مطالب الثورة، وأنّ سياسات المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي احتضن الثورة وأيّد مطالبها ليست محصنّة ضد الانتقاد. وفي هذا لا بدّ من التفرقة كما قال الثوار بين قيادات المجلس التي تلعب دور رئيس البلاد، فيجري عليها ما يجرى عليه من التأييد أو الرفض، وبين القوات المسلحة كمؤسسة وطنية تحظى بالتأييد الشعبي المطلق. في هذه الأجواء شاع أن نيّة المجلس تتجه نحو إصدار قرار بالعفو عن الرئيس المخلوع بعد تنازله عن ممتلكاته للشعب، فاستشاط الثوار غضباً وقفزت إلى الواجهة مرة أخرى مطالب ثورية تأخر تنفيذها، كتشكيل مجلس رئاسي يدير شؤون البلاد في المرحلة الانتقاليّة، وحل المجالس المحلية والنقابات العمالية، وتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور للبلاد قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، لتنتشر الدعوة إلى ثورة جديدة في السابع والعشرين من مايو الجاري. لكنّ تلك الدعوة لم تصادف إجماعاً لدى الجماعة الوطنية بتشكيلاتها التقليديّة أو فصائلها الثورية، وساهم في خلق حالة الانقسام في صفوف الجماعة الوطنية ما أقدم عليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة من قرارات بالعفو عمن أدانتهم المحاكم العسكرية كبادرة حسن نيّة، وما أعلن بشأن وجود فئات وصفها بالضالة تستهدف الوقيعة بين الجيش والشعب، ومن هنا اتسعت دائرة الخلاف. فالتيّار الديني بتنوعه تحفّظ على دعوة ثورة الغضب الثانية، وانطلقت دعوات مضادّة تحذّر ليس من التظاهر وحسب ولكن ممّا سمته جماعة الإخوان المسلمين، محاولات البعض الالتفاف على ما أقره الإعلان الدستوري بشأن جدولة مواعيد الانتخابات أيضاً. ووصل الأمر ببعض التشكيلات السلفية وعبر موقع الفيسبوك إلى اتهام الداعين لثورة الغضب بأنّهم ملحدون، وأنّ الدعوة لتشكيل مجلس رئاسي هي محاولة من العلمانيين للتضييق على السلفيين. بينما ردّ المؤيدون لثورة الغضب وهم من مختلف التشكيلات ما بعد الخامس والعشرين من يناير، والجمعية الوطنية للتغيير وحركة السادس من أبريل، بأنّ ثورة الغضب الثانية هي الرد الوحيد على ما وصفوه بتجاهل مطالب الثوار واستئثار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصدار القرارات المصيريّة دون تشاور. في هذه الأجواء تدور عقارب الساعة نحو يوم الجمعة المقبل، الذي يرى كثيرون أنّه سيكون حاسماً في مسيرة الثورة المصرية. سمير عمرـ الجزيرة ـ القاهرة.
[نهاية التقرير]
دعوة لثورة الغضب الثانية
محمد كريشان: إذن نرحب الآن بانضمام الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحريّة والعدالة في مصر، ونرحب أيضاً بسامح عاشور رئيس الحزب الناصري، وما زال معنا الدكتور وحيد عبد المجيد مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجيّة، د.عصام العريان ما موقفكم من هذا التقييم للموقف، هذا التقدير للموقف السياسي في مصر إلى درجة العودة مرة أخرى إلى ميدان التحرير الجمعه المقبل؟
عصام العريان: بسم الله الرحمن الرحيم، لم يغب الثوار ولا الشعب عن ميدان التحرير وميادين مصر كلّها من الإسكندرية إلى المنصورة إلى الزقازيق إلى غيرها، نحن نعلم جيداً أنّ الثورة تحتاج إلى قوى الدفع الشعبيّة، وتحتاج إلى تنسيق بين مختلف القوى السياسية القديمة والجديدة والشباب والشيوخ والشعب جميعاً، من أجل استكمال مسيرة الثورة، الهدف الحقيقي للثورة هو استعادة مؤسسات الدولة للقيام بدورها بإرادة شعبية صريحة، وهذا ما ضمنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في بياناته إبّان الثورة قبل تنحي الرئيس مبارك عندما انضم إلى المطالب الشعبية، ووعد بأنّه يحمي هذه المطالب ويستجيب لها، ويحمي الإرادة الشعبية. نحن أمام تحد حقيقي أن نثق في أنفسنا كشعب، أن نثق في أنفسنا كقوى سياسية، أن نعظّم ساحات الاتفاق بيننا كقوى سياسية جديدة وقديمة، من أجل تجاوز هذه الشهور الصعبة في تاريخ البلاد، ومن أجل بناء مؤسسات قويّة قادرة: برلمان قوي قادر، حكومة وحدة وطنيّة، دستور جديد يتم بالتوافق بيننا جميعا، ثمّ نأتي إلى انتخابات رئاسيّة، وبذلك يعود الجيش إلى ثكناته تماما، ويعود المجلس الأعلى العسكري للقيام بواجباته كجيش يحمي البلاد، وليس كحام للثورة، وعندئذٍ نستطيع أن نقول إننّا أنجزنا أهدافنا وبدأنا مرحلة البناء الصعب، لأنّ ما يأتي بعد ذلك هو أصعب ممّا سبق، ما أسهل الهدم وما أصعب البناء، نحن نريد أن نبني وطناً، أن نستعيد وطناً بإرادة شعبه، ونعود..
محمد كريشان: ولكن ماذا عن هذه الدعوة.. نعم ماذا عن هذه الدعوة للنزول مرة أخرى لميدان التحرير، كيف تنظرون إليها؟
عصام العريان: هذه ليست أول مرّة يتم الدعوة من فصائل بعينها دون اتفاق مسبق بين اللّجان التنسيقيّة للثّورة على النزول إلى ميدان التحرير، سبق أن فعل البعض ذلك، وكانت النتائج معروفة للجميع، هناك ائتلاف شباب الثورة واللّجنة التنسيقيّة لكل مجالس الثورة وهي التي تقوم بالدعوة عندما ترى أنّ الأمر يحتاج إلى تظاهرة حاشدة، أعتقد أن يوم 13 مايو الماضي كانت تظاهرة حاشدة حوالي 600 ألف، 700 ألف كانوا في ميدان التحرير، وفي الإسكندريّة حوالي 150 ألف أو 200 ألف، نصرة للقضيّة الفلسطينيّة ودعماً للوحدة الوطنيّة.
محمد كريشان: ولكن بالنسبة.. اسمح لي يعني أسأل بشكل أدق، أنتم ستشاركون أم لا؟
عصام العريان: نحن نقرّر بناء على دعوة من اللجان التنسيقيّة للثّورة، ولا نستجيب لدعوات تأتي من خارج هذا الإطار لأننا ندرك أنّ وحدة الصف الوطني هي الضمان الحقيقي لتجاوز كل هذه الإشكالات التي نراها. المجلس الأعلى العسكري يتعرض لضغوط، ضغوط واقعية من واقع معايشته وإدارته للبلاد، وضغوط إقليميّة وضغوط دوليّة، نحن ندرك ذلك، وبالتالي يجب أن نواجهها بضغوط شعبيّة وبإصرار شعبي وبتماسك وطني وبوحدة القوى الوطنيّة. هذا ما يمكن أن يؤدي إلى نتائج ملموسة، لكن أن يتم شق الصف الوطني تحت أي دعوى من الدعاوى، والالتفاف على إرادة الشعب وعدم الثقة بأنفسنا، وعدم الثقّة بالشعب، هذا يؤدي في النهاية إلى ارتباك شديد، وإلى إحباط لدى المواطنين أنفسهم.
محمد كريشان: يعني أنا أنا أنا أفهم من هذا الكلام..
عصام العريان: التفاؤل بدل القلق واليأس في نفوس الشعب.
محمد كريشان: أنا أفهم من هذا الكلام واسمح لي أنتقل للسيد سامح عاشور أفهم من هذا الكلام أن هناك نوعا من التحفظ على المشاركة، بالنسبة لكم سيد سامح عاشور كيف تنظرون إلى الموضوع؟
سامح عاشور: بالقطع نحن مع هذه الدعوة وسوف نشارك فيها، ونحن نعتقد أنّ هذه المشاركة ضرورة بعد أن افتقدنا آلية الحوار والتواصل مع المجلس الأعلى العسكري. نحن نؤكد على مصداقيّة هذا المجلس وعلى قدراته وعلى وطنيّته وعلى دوره العظيم في الثورة، لكن نحن نختلف كثيرا، مع كثير الآن من القرارات التي تصدر ومن الإدارة التي يدير بها المجلس الثورة الآن، نحن نستشعر أنّ الهرم هرم المطالب مقلوب، ونحن نبدأ بالفروع ونؤجل الأصول إلى آجال، نحن نمر في مرحلة في غاية الخطورة، لا نعرف ملامح الدستور القادم الذي يجب أن نضع ثوابته أولاً، باعتبار أن الدستور هو أساس أيّ بناء سياسي لأيّ دولة تسعى لرسم مستقبلها، بعدها بعد الدستور يأتي الحديث عن تشكيلات مجلس الشعب، يأتي الحديث عن تشكيلات رئيس الجمهورية، يأتي الحديث عن المؤسسات المختلفة، التي تخرج من بطن هذا الدستور من هذا العقد الاجتماعي، تأجيل العقد الاجتماعي إلى ما بعد إجراء الإنتخابات التي يمكن أن تجري خلال شهرين أو ثلاثة أشهر، معناه أننا سوف نمر في مأزق شديد، ليس هذا المأزق في من سوف يحصل على الأغلبيّة، وفي من لن يحصل على الأغلبيّة..
محمد كريشان: ولكن هل النزول يعني اسمح لي هل النزول إلى ميدان التحرير الجمعة المقبل سيعيد الحيوية لهذه القضايا، وسيشكّل ضغطا على المجلس برأيك؟
سامح عاشور: بالقطع أصبحت هي الوسيلة الوحيدة للتحاور والتواصل لا توجد أي آلية للتواصل مع المجلس العسكري، لا يوجد أي حوار حقيقي، نحن نتحاور الآن بعد أن يصدر القرار، بعد أن يصدر التعديل، بعد أن يصدر القانون، هذا الأمر في غاية الغرابة، وهذا الأمر لا يبشّر بخير ولا يبشّر بالتواصل، ويمكن أن نصل لمرحلة تفكك تُلجئنا إلى ضرورة التواجد في المرجعيّة المرجعية الثوريّة إللّي إحنا قبلناها وهي ميدان التحرير، نعود لنقطة البداية لنؤكّد على ما بدأنا فيه، نحن لم نختلف على كل شعارات الثورة، لكن الآن يمكن أن نختلف على التفصيلات، هذه التفصيلات إذا ما تناقضت مع المبادئ التي سعى الشعب إلى تحقيقها من خلال ثورته، يبقى إحنا دخلنا في طريق مسدود، ولذلك لا بدّ من أن نعود إلى ميدان التحرير مرة أخرى من أجل أن نضع النقاط فوق الحروف.
محمد كريشان : قبل قليل حقيقة أحد الشباب لا أذكر أعتقد باسم كامل، قال بأنّ المجلس الأعلى للقوات المسلّحة لا يستمع إلى أحد ولا يجلس مع أحد ، هنا أريد أن أسأل السيد الدكتور وحيد عبد المجيد، هل تعتقد بأنّ ما سيحدث في ميدان التحرير قد يجعل المجلس يراجع أسلوب عمله في تعاطيه مع القوى السياسيّة في البلاد؟
وحيد عبد المجيد: هو أولاً هو المجلس الأعلى بيجلس كثيراً جداً مع أطراف مختلفة ومع أحزاب وقوى سياسية ومثقفين وإعلاميين، وبيعقد أعضاء من المجلس جلسات على يعني طول الوقت، مع مجموعات معظمها غير معلن نوع من العصف الذهنيBrain Storming لكن المشكله هي أنه ما يطرح على أعضاء المجلس في هذه اللقاءات والحوارات الضيقة، ولكنّها المتعدده والكثيرة جداً وفقاً لما لمسته، يعني لا يؤخذ بشئ منه تقريباً وتمضي الأمور في الطريق نفسه بدون تغيير، ليس لأنهم يقصدون ذلك، ولكن لأن هذه هي ذهنيّة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يعني لا بدّ أن نتعامل مع الأمور وفقاً للمعطيات القائمة، يعني هذه عقليّة مع كل الإحترام والتقديرهي عقليّة تقليديّة، تتعامل مع وضعٍ ثوري، فلا بد أن تحدث هذه المسافة. لكن المشكلة الحقيقة ليست فقط في تباطئ المجلس الأعلى أو استماعه أو عدم استماعه أو أخذه بالإقتراحات من عدمه هذا جانب من المشكلة، للمشكلة جانب آخر لا يقل أهميّة وهو أنه القوى التي شاركت بالثورة انقسمت بالفعل، نحن الآن أمام انقسام لا بدّ من الاعتراف فيه والبحث عن حل له إذا أردنا أن نتقدّم إلى الأمام، لأن هناك خلافاً كبيراً على الإجراءات التي تمّ الإعلان عنها وورد بعضها في الإعلان الدستوري، هناك بعض الأطراف أو الكثير من الأطراف تريد مراجعة ما ورد في الإعلان الدستوري الذي نتج في جانب منه على الأقل عن استفتاء عام، كانت هناك فيه أغلبيّة وأقليّة.
الإخوان وسيطرتهم على السلطة
محمد كريشان: ربما في هذه الأجواء، ربما هذه الأجواء تجعل.. هنا في مسألة مهمّة جداً أريد أن آخذ رأي الدكتور عصام العريان فيها ثمّ رأي سامح عاشور، ربما هذه الأجواء هي التي تجعل بعض الشخصيات تعرب عن قلق هنا أو هناك. من أهم ما قيل في الأيام الماضية، البارحة تحديداً ما قاله السيد د. محمد البرادعي لقناة سي.أن.أن من أنّه قلق بشكل شديد إذا ما سيطر الإخوان على الوضع السياسي والبرلماني في مصر، وأقاموا الشريعة وذلك في حالة إجراء انتخابات برلمانيّة مبكرة جداً، وعدم تأسيس أحزاب جديدة، ما رأيكم دكتور عصام العريان؟
عصام العريان: أعتقد أن مبررات القلق هذه لا مبرر لها، نحن أعلنا بوضوح أننا نريد توافقاً وطنياً حول الدستور، توافقاً وطنياً حول قائمة موحدّة لخوض الانتخابات القادمة، وأعلنا بقرار واضح وحاسم أنّنا لا نسعى إلى أغلبيّة في البرلمان القادم، ونسعى الآن لتشكيل هذه القائمة لخوض الانتخابات البرلمانيّة بتوافق وطني واسع يضم التيارات الأساسيّة والقوى الجديدة والقوى القديمة في المجتمع المصري، ونحن قلنا بوضوح أنّنا لن نرشح أحداً للرئاسة، ولن ندعم أحداً منّا يخالف هذا القرار، إذن نحن أمام وضع أعلنا فيه سياستنا منذ اللحظة الأولى، ونحن نعلم دقّة الظروف التي نعيش فيها وحجم التحديات التي يواجهها الوطن، لا يوجد حتى الآن إلاّ أعباء يجب أن نتحمّلها جميعاً مشتركين، لا يوجد مغانم أو مكاسب يتم الحصول عليها، نحن نريد أن نبني هذا الوطن وأن نستعيد مؤسساته، الكلام عن الإعلان عن وضع دستور جديد يعني فرض دستور على الشعب دون إراده منتخبه ، الأراده التي تتجّلى في الأرادة الشعبيّة هي التي يمكن أن تنتخب جمعيّة تأسيسيّة على درجتين، تنتخب أولاً مجلساً نيابياً، ثمّ هذا المجلس ينتخب جمعيّة تأسيسيّة تضم كل ألوان الطيف السياسي والفكري والثقافي والأقتصادي في مصر. يجب أن يكون واضحاً أن القول بإعداد دستور جديد دون الدخول إلى إنتخابات يعني الدخول إلى مجهول، لأننا سنكون أمام أسئلة من المستحيل الإجابه عليها، من الذي يحدد أسماء الجمعيّة التأسيسيّة؟ كيف يتم اختيار هذه الجمعية التأسيسيّة؟ هل يتم انتخابها مباشرة من الشعب؟ أم يتم تعيينها بواسطة من المجلس العسكري؟ هذه كلها أسئلة لا إجابة عليها عند الذين يقولون بوضع دستور جديد.
محمد كريشان: وربما هذا الذي يجعل، اسمح لي فقط، وربما هذه الأجواء والتساؤلات الحائرة انْ صحّ التعبير هي التي تجعل تصريحات أو قلقاً من باب ما قاله الدكتور البرادعي ونريد أن نعرف رأي سامح عاشور فيما قاله البرادعي عن الموضوع؟
سامح عاشور: يا سيدي الفاضل أنا شخصياً أرى والحزب الناصري يرى ان هناك ثلاثة أسباب للتعجيل ولضرورة التعجيل في الدستور. السبب الأول أن الدستور هو أساس لأي بناء في تنظيم للدولة.
محمد كريشان: اسمح لي فقط مش موضوع الدستور، موضوع ما أعرب عنه البرادعي من خوف من هيمنه للإخوان وربما في الإنتخابات المقبلة؟
سامح عاشور: هذه نتيجة يمكن أن نختلف عليها لأن في النهاية هناك أصول يجب أن نتمسك بها، يجب أن نتمسك بأنّ الدستور أصبح ضرورة لابد أن تبدأ حتى ولو بدأ البناء، حتى لو انتخبنا جمعية تأسيسية مباشرة لكن لنبدأ بالدستور اثنين أن المجتمع أنّ الأمن المصري الآن غير جاهز الآن لحماية العملية الإنتخابيّة بالكامل، لابد من أن نعيد بناء الشرطة من أجل أن تحمي الصندوق الإنتخابي لو جرت الإنتخابات، في ظل الفوضى الأمنية الموجودة الآن سوف تسفر عن إرادات أخرى، وسوف تسفر عن نتائج لا تعبر عن إرادة الناخبين الحقيقين ولا تعبّرعن ديمقراطيّة حقيقية. الأمر الثالث والأهم لدينا أيضاً هو لا بد أن يجد الشعب فرصة في أن يرى الوجوه الجديدة والأحزاب الجديدة والقيادات الجديدة، والأفكار الجديدة التي طرحت، ويأخذ المهلة الكافية التي تؤهله لإختيار من يمثله في النيابة أومن يمثله في رئاسة الجمهورية. لذلك أمّا قضية من يحصل على أكثر الأصوات ديه قضية في النهاية حصادها في علم الغيب، والتخوف من حق الدكتور البرادعي أن يتخوف منه ومن حق كتير لأن يتخوف من هذه النتائج، لكن ما هو أهم من هذه التخوفات، هي المسلمات البديهيّة، الدستور أولاً، الأمن أولاً، الحق الناس في قراءة كل البرامج الحزبيّة، حتى الآن لم يخرج لم يعلن تشكيل أي حزب جديد، حتى من تقدّم للأحزاب حتى الآن لم يتم منه .
محمد كريشان: شكراً لك سيد أسامه عاشور رئيس الحزب الناصري، شكراً أيضاً دكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، شكرا أيضاً لضيفنا الدكتور وحيد عبد المجيد مستشار مركز الأهرام للدراسات الأستراتيجيّة، بهذا نصل إلى نهاية حديث الثورة لهذا اليوم، دمتم في رعاية الله وإلى اللقاء.