نداء إلى حكام العرب والمسلمين

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : أ. حمود بن عقلاء الشعيبي | المصدر : saaid.net

 نداء إلى حكام العرب والمسلمين


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد

فهذا نداء موجه لحكام العرب والمسلمين يتضمن تذكيرهم بما أوجب الله عليهم من الدفاع عن دينه وشرعه وحماية بلاد المسلمين وحريمهم من أن يعتدي عليهم أو تغتصب أراضيهم ، فإن من أهم الأولويات وأوجب الواجبات على الحاكم المسلم القيام بأمر الله ومن ذلك إعداد الجيوش وتدريبها وتسليحها بشتى أنواع الأسلحة ، وقيادته لتلك الجيوش بشجاعة وعزيمة ، إذا هوجِم بلد من بلاد المسلمين من قِبَل أعداء الله وأعداء دينه وشرعه ، حيث إن أقطارا كثيرة في العالم الإسلامي تعاني من احتلالٍ لأراضيها وقتل وتدمير وذل وإهانة وانتهاك للحرمات كما هو الواقع في جمهورية الشيشان المسلمة ، فهذه الجمهورية منذ سنوات وهي تعاني من احتلال وتدمير من قِبَل روسيا الدولة الكافرة التي حشدت مئات الألوف من الضباط لقتال هذا الشعب المسلم القليل العدد والعدة ، ومع أن المجاهدين من الشيشان وأنصارهم من العرب لا يألون جهدا في مقاومة هذا الجيش الغاشم إلا أنهم يحتاجون إلى التأييد والدعم بالمال والرجال ، غير أنهم مع الأسف لا يتلقون من المساعدة إلا القليل ، مع أن روسيا مع قوتها مدعومة من قِبَل أمريكا وأوربا ودولة اليهود .

وكذلك الأمر في فلسطين التي ما زالت منذ أكثر من خمسين عاما وهي تئن تحت وطأة الاحتلال الصهيوني ، وتقاوم هذا الاحتلال بالحجارة والعدو يقتل ويشرد ويهدم البيوت والمساجد على أربابها ، ولا أحد يثأر لهؤلاء المنكوبين فيدعمهم بالسلاح والمال على الرغم من أن دولة اليهود مدعومة من قبل قوى الكفر بشتى أنواع التأييد ، بالمال والسلاح والتأييد في المحافل السياسية ، فلا يستغرب مثل هذا لأن الكفر ملة واحدة ، وإنما الذي يستغرب تقاعس الحكام المسلمين عن نصرة إخوانهم وتأييدهم ، فإن الشعوب المسلمة لم تر منذ النكبة حتى الآن من قادتهم سوى عقد المؤتمرات والندوات التي لا تُسفر إلا عن التنديد بدولة اليهود والشجب والاستنكار .

وقد أثبتت التجارب أن الشجب والإدانة والتنديد وعقد المؤتمرات واللجوء إلى هيئة الأمم الكافرة ، ومجلس الخوف لا يجدي شيئا في ردع المعتدين وإيقافهم عند حدهم ، ولا يجدي في ذلك إلا الجهاد بأنواعه .

أيها الحكام
لقد بلغ السيل الزبى وتمادت دولة اليهود في جرائمها ضد الفلسطينيين ومقدسات المسلمين وأصبحت لا تبالي بأحد ولا تخشى عقابه على جرائمها ، وقد سئمت الشعوب الإسلامية من هذه الأساليب العقيمة التي تمارس لمقاومة الاحتلال ، واغتصاب المقدسات وتدنيسها برجس اليهود ، تلك الأساليب التي تنحصر بالشجب والاستنكار والاستغاثة بالكفار وأصبح جليا أنه لا يجدي في مقاومة اليهود وطردهم من فلسطين إلا الجهاد المسلح ، فإن ما أخذ بالقوة لا يعود إلا بالقوة ، فلا بد من رفع راية الجهاد المسلح لمقاومة دولة الصهاينة وإيقاف غطرستها ، وتدنيسها للمقدسات ، لكن إعلان الجهاد يتطلب أمورا منها :

الاتحاد والتكاتف والتعاون وترك الخلاف والنـزاعات التي فرقت كلمة المسلمين ومزقت وحدتهم وأضعفت قوتهم ، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بالاجتماع والاتحاد وحذرنا من الفرقة والاختلاف ، قال تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ) الآية ، وقال تعالى ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ) الآية ، وقال تعالى ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ) الآية .

والرسول صلى الله عليه وسلم حث أمته على الاجتماع والاتحاد وحذرهم من الاختلاف والتفرق فإذا اتحد المسلمون وكانوا أمة واحدة مع كثرة عددهم ، إذ أن المسلمين يزيدون على مليار وميئتي مليون ، وعدوهم الصهيوني لا يتجاوز عدده بضعة ملايين ، فلن تصمد دولة اليهود لمقاومة هذا العدد الهائل من المسلمين .

وكما أن العرب والمسلمين يتفوقون على اليهود من حيث العنصر البشري فإنهم يتفوقون عليهم من حيث المال ، إذ إن معظم الدول العربية من أغنى دول العالم ، خزائنها ملئ تصب فيها أودية من الذهب من البترول والجمارك والضرائب والجزاءات والرسوم ، فإذا توفر العنصر البشري والعنصر المالي ، وانظم إلى ذلك اتحاد الكلمة والعزم والتصميم والتخلي عن الرفاهية والنعيم وترك التبعية للغير ، فإن النصر متحقق بإذن الله .

وإذا كان إعداد الجيوش وتدريبها يحتاج إلى بعض الوقت فلا أقل من تسليح الشعب الفلسطيني بشتى أنواع السلاح ودعمه بما تتطلبه المعركة مع اليهود ، بالمال والرجال والإعلام ، كما يتحتم على الدول العربية المجاورة لدولة الصهاينة فتح حدودها للمتطوعين من الشباب المتعطشين لمشاركة إخوانهم الفلسطينيين للتصدي لهؤلاء الصهاينة المجرمين وإيقافهم عند حدهم .

ومن أنواع الجهاد التي يجب القيام بها إعادة المقاطعة العربية و تفعيلها ، تلك المقاطعة التي كانت تحرم الدولة اليهودية من ثلاثة مليارات دولارا سنويا .

كما أن من أنواع الجهاد ضد اليهود مقاطعة الدولة الكافرة التي تدعم اليهود الغاصبين بشتى أنواع الدعم ، وهي أمريكا ، تجب مقاطعتها اقتصاديا وتجاريا وثقافيا ، وتقاوم مصالحها في البلاد العربية ، إذ من المعلوم أن أمريكا تتمتع بامتيازات ومصالح كثيرة في كثير من البلاد العربية ، كإقامة القواعد العسكرية وجلب الضباط والجنود من النصارى واليهود وإقامتهم في تلك القواعد التي ما فتئوا يشنون منها الغارات الجوية على الشعوب المسلمة ، فإن هذه الدولة الكافرة إذا شَعُرت بما يهدد مصالحها فسوف تغير مواقفها من دولة الصهاينة ، لأن مصالحها أهم عندها من دولة اليهود .

أيها القادة
إن لنا أخوات مسلمات في فلسطين ثكالى وأرامل يندبن ويستغثن وينادين برفع الذل والإهانة عنهن ، فهل من غضبة معتصميّة ترفع عنهم هذا الذل وتعيد لهن كرامتهن ؟ إن الخليفة العباسي المعتصم لما بلغه أن امرأة مسلمة أهينت من قبل النصارى وأنها استغاثت به قائلة : وا معتصماه .. هب لنجدتها ورفع الذل والعار عنها ، فجهز جيشا لغزو هؤلاء الكلاب ، فهزمهم وأنقذ المرأة المسلمة من براثنهم ورد لها كرامتها وعزتها ، على الرغم من محاولة الانخذاليين والمنجمين منعه من هذا الغزو بحجة أن النجوم والطوالع تدل على فشل هذه الحملة ، ولكنه لم يلتفت إلى هؤلاء وضرب برأيهم عرض الحائط فسجل له التاريخ هذه البطولة بأحرف من نور .

أما هذه المواقف التخاذلية والانهزامية فسيسجلها التاريخ بأحرف من ( قار ) أسود حالك السواد إن استمرت على الحال .

أيها القادة
إن التجارب واستقراء التاريخ أثبت أن الدين الإسلامي لا يستقيم إلا بإقامة علم الجهاد ، ولهذا أكد سبحانه وتعالى في كتابه العزيز حتمية الجهاد وحث عليه ، ونبيه صلى الله عليه وسلم أكد ذلك ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ) إلى قوله ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) وقال ( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ) وقال سبحانه وتعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم و آخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) الآية .

وكما أوجب الله سبحانه وتعالى الجهاد وحث عليه فقد بين فضله وثواب المجاهدين في آيات كثيرة ، منها قوله تعالى ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ) .

والنبي عليه الصلاة والسلام حث على الجهاد ورغب فيه وحذر من القعود عنه ، قال عليه الصلاة والسلام : إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم . ففي قوله صلى الله عليه وسلم : حتى تراجعوا دينكم إشارة إلى أن ترك الجهاد قد يكون كفرا ، قال عليه الصلاة والسلام : من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق .

والجهاد في سبيل الله على مراتب ، تارة يكون بمقارعة العدو بالقوة المسلحة في جبهات القتال ، وتارة يكون بالمال ، وتارة يكون باللسان ، وتارة يكون بالقلم ، وأعلى هذه الدرجات وأفضلها الجهاد بالنفس ، لأنه أشق على المقاتلين وأكثر تضحية ولأنه قد تترتب عليه الشهادة ومعلوم ما أعد الله للشهداء من الأجر والثواب ، ولأنه أشد نكاية بالعدو مما سواه من أنواع الجهاد ولأن ما سواه من أنواع الجهاد مكمل له ، والجهاد بالنفس هو الذي يرهب العدو ويحطم معنوياته ، وهو الذي يتحقق به النصر غالبا وتتم به حماية حوزة المسلمين ، والذب عن حرماتهم ، وقديما قيل :

السيف أصدق إنباء من الكتب ***** في حده الحد بين الجد واللعب

أما الجهاد بالمال فلا يقل أهمية عن الجهاد بالنفس ، إذ بدونه لا يتمكن المجاهدون من الحصول على السلاح ، وبدونه لا يستطيعون تأمين النفقات الأخرى التي تتطلبها المعركة ، من دفع نفقات الجند وتكاليف علاج الجرحى وغير ذلك مما يحتاجه المجاهدون .

أما الجهاد في سبيل الله باللسان والقلم فالمراد به دور الإعلام من خطب وقصائد ودعاية للمعركة وإذاعة بانتصارات المجاهدين وهزائم أعدائهم ، والإعلام له أثر كبير في تغيير موازين المعارك إذا كان القائمون عليه على مستوى المسؤلية إذا خَلُصَ قصدهم ، أما إذا كان القائمون على الإعلام في واد وقضايا المسلمين ومشاكلهم في واد آخر كما هو واقع الإعلام العربي والإسلامي اليوم ، فإنه فضلا عن أن يكون عونا للمجاهدين فقد يصير ضررا عليهم بحيث تأثره بالإعلام الكافر وتقليده في مضامينه وأساليبه .

وعندما أصاب إخواننا في فلسطين من تقتيل وتشريد وهدم للمنازل والمساجد على من فيها على أيدي إخوان القردة والخنازير أيقنّا بأن الإعلام في الدول العربية والإسلامية سيشمّر عن ساعديه ويترك أساليبه الهابطة التي كان يسير عليها ، فإذا هو لم يعبأ بهذه الكوارث واستمر على الاهتمام بالأمور التافهة كالاهتمام بالحفلات الرياضية والحفلات الغنائية وعرض الصور الخليعة المتهتكة والبرامج المنحطة كالمسلسلات الخليعة التي ما أقيمت إلا لإفساد عقائد المسلمين وأخلاقهم ، وكذلك اهتم الإعلام بالإشادة بإنجازات الحكام التي لا وجود لها وكيل المدح والإطراء لهم بدون حياء ولا خجل ، ومن المؤسف أننا عندما نستعرض جوانب الضعف في الأمة الإسلامية والعربية نجد أن من أبرزها الضعف الواضح في العدد والعدة فلا أسلحة ولا رجال .

وإن مما يؤسف له حقا بل يؤلمنا كثيرا أننا كنا نسمع عبر وسائل الإعلام عن عقد صفقات أسلحة متطورة بأنواعها المختلفة من طائرات ودبابات وغيرها وقد رصدت لهذه الصفقات مليارات الدولارات والتي أعلن عنها في حينها ، ومع أن هذه المبالغ الطائلة وقد أرهقت بيت مال المسلمين ومع هذا فقد كان الكثيرون يستبشرون بعقد مثل هذه الصفقات ظنا منهم أنها ستكون حصنا واقيا بعد الله تعالى لصد أي اعتداء على المسلمين وأراضيهم المقدسة ، ولكن الذي حدث هو عكس ذلك تماما .

ودليل ذلك أن بعض الدول العربية عندما هوجمت من قبل إحدى الدول المجاورة لم تستطع الصمود أمام من هاجمهم ، وذلك عائد إلى ضعف استعدادهم العسكري ، فقد أثبتت خلو خزائن الأجهزة العسكرية في هذه الدولة من الأسلحة التي كان الناس يأملون بها ، والتي عقدت لها الصفقات ، كما أن قلة الأسلحة صاحَبها شح واضح في الكفاءات البشرية المدربة ، ولذلك كله لم تتردد هذه الدولة باستدعاء الدول الكافرة لحمايتها والدفاع عنها غير مكترثين بالحكم الشرعي المترتب على ذلك .

أليس عار ما بعده عار وخزي ما بعده خزي أن نلجأ إلى طلب الحماية من دول الكفر ، نهيّء لهم الاستقرار في أراضينا التي حرم المصطفى صلى الله عليه وسلم إقامتهم فيها وأمر بإخراجهم منها ، مع توفر أسباب القدرة بأنفسنا على صد عدوان المعتدي .

أيها القادة
لقد أصبح الجبناء المنْخَذِلون يكررون عبارة : ( دولة اليهود دولة لا تقهر ) ، إن هؤلاء الذين يتعللون بهذه المقولة الجبانة ( إن قوة اليهود قوة لا تقهر ) ، هؤلاء المتخاذلون الإنهزاميون يبررون تقاعسهم عن القيام بالحروب المسلحة ضد دولة اليهود بهذه المقولة ، ولو نظر هؤلاء في التاريخ القديم والحديث لوجدوا أن هذه المقولة باطلة من أساسها ، وسأذكر أمثلة تاريخية تسقط هذه المقولة وتبطلها :

المثال الأول :
كل من له أدنى إلمام بتاريخ المسلمين يعلم أن الصليبين احتلوا بلاد المسلمين وأقاموا فيها أكثر من تسعين سنة يعيثون فيه الفساد ويسومون المسلمين سوء العذاب ولا أحد يتصدى لهم من الحكام والأمراء بحجة أن أوربا ملوكها وجيوشها قوة لا تقهر ، وتحملوا الذل والاستهانة والاستعمار بسبب هذه المقولة ، ولما أراد الله للمسلمين الخلاص من هؤلاء الغاصبين المستعمرين قيض لهذه الأمة بطلا مسلما هو صلاح الدين الأيوبي ، فشن حربا مسلحة بصدق وصبر وشجاعة على هؤلاء الصليبيين فهزمهم شر هزيمة فطهر بلاد المسلمين من شرهم ورجسهم وألقى بهم في البحر ، فلم يثني عزمه كثرة عددهم وعدتهم ، ولم يمنعه من شن الغارات المتواصلة على هؤلاء الطغاة المعتدين اعتقاد أن أوربا قوة لا تقهر .

المثال الثاني :
قبل سنوات كان الاتحاد السوفيتي دولة عظمى لا يماثلها في القوة في العدد والعدة والتسليح إلا دولة أمريكا ، ولما اعتدت على دولة الأفغان واحتلتها قام أبطال الأفغان بمقاومتها ، ومع أن الشعب الأفغاني بالنسبة لعدده وتسليحه وتدريبه لا يساوي شيئا بالنسبة للاتحاد السوفيتي الدولة العظمى ، لكنهم هزموا هذه القوة وأخرجوها من بلادهم تجر أذيال الهزيمة والعار ، ولم تقف هزيمة هذه الدولة الطاغية عند طردها من الأراضي الأفغانية ، بل ترتب على هذه الهزيمة انحلال هذه الدولة وتفككها وسقوطها إلى الأبد إن شاء الله .

المثال الثالث :
قامت أقوى دولة عربية في العالم العربي وأكثر الدول العربية عددا وأتمها عدة بالاعتداء على دولة عربية تعتبر من أضعف الدول العربية من حيث الموارد المالية ومن حيث التسليح والتعليم ، لكن هذه الدولة الأضعف قاومت هذا الاحتلال بصبر وشجاعة وحطمت قوة الدولة المعتدية وهزمتها وأخرجتها من بلادها صاغرة تجر أذيال الخيبة والعار .

إن المتأمل لهذه الأمثلة الثلاثة التي ذكرتها يدرك أن القوة التي لا تقهر هي قوة الإيمان بالله والاعتماد عليه وتحمل المشاق والتضحيات بكل غال ورخيص ، ثم إن من يتعلل بهذه المقولة الجبانة ، ( دولة اليهود قوة لا تقهر )
لا يخلو من أحد رجلين :

إما أن يكون جاهلا في تاريخ الشعوب ولا سيما في تاريخ الشعب اليهودي الذي جبل على الجبن والخور والذل والاستكانة ، وإما أن يكون عميلا لهذه العصابات اليهودية ومَن وراءها من يدعمها من النصارى في أمريكا وأوربا ليثبط من عزائم المسلمين ويبعث في نفوسهم الخوف والفزع بهذه المقولة .

ولقد أخبرنا الله في كتابه العزيز في مواضع كثيرة عن جبن اليهود وهلعهم وخوفهم من الحروب ، قال تعالى حكاية عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إنّ فيها قوما جبارين و إنّا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) إلى قوله تعالى ( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) ، وقال سبحانه وتعالى ( ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) الآية ، وقال عز وجل ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ) إلى غير ذلك من الآيات التي تبين أن اليهود شعب ذليل .

ولم يعرف في التاريخ أن اليهود قادوا معركة ضد خصومهم علنا ، وإنما حروب اليهود دائما بالمكر والخداع والمؤامرات في الخفاء ، وسأضرب مثلا لجبنهم وخورهم وعدم قدرتهم على ملاقاة الخصم :

قبل سنوات قام الجيش المصري الشجاع بحملة عسكرية اقتحم فيها الحواجز المائية والحواجز الرملية وخط برليف الذي زعمت دولة اليهود أنها ليس في العالم قوة تستطيع اقتحام هذا الخط ، لكن الجيش المصري البطل اقتحمه بدقائق ، وحين رأى الضباط والجنود من اليهود هذه الحملة الجريئة ولّوا مدبرين ، وتركوا دباباتهم ومدافعهم كالجرذان التي غرقها الماء ، ولولا خيانة القيادة السياسية التي أصدرت أوامرها إلى الجيوش بالتوقف لاحتلوا دولة الصهاينة وقذفوهم في البحر ، وصدق الله إذ يقول ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ) .

نسأل الله أن يقيم علم الجهاد وأن ينصر الإسلام والمسلمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .