بسم الله الرحمن الرحيم من الفقير لرحمة ربه/مهنا نعيم نجم.. أبو الحارث. عضو هيئة العلماء والدعاة- فلسطين إلى/ من وصلته رسالتي، سلمه الله تعالى، ورزقه البصيرة والعمل الصالح، آمين .. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد فالموجب لهذا هو الوصية بتقوى الله تعالى، وإتباع أمره، والتزام سننه وسنن نبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. أخي الحبيب، أختي الفاضلة.. لساني رطب بذكرك، ومكانك من قلبي معمورٌ بمحبتك، فإذا ثبتت الأصول في القلوب نطقت الألسن بالفروع، ولا يَظهرُ الودّ السليم إلا من القلب المستقيم. ما أجمل النصيحة حين تُقدم على طباق المحبة، وتَنْثُر عبيرها مع عبق الإخلاص، فتأنس بعباراتها، وتشتاق لكلماتها، فتقع في قلبك، قبل وقوع بصرك عليها، وتودُ حينها لو تطوى المسافات لتجدني أنتظرك بلهف لأقول لك: إني أحبك في الله.. فما أجملها من كلمة، وما أصدقها من مشاعر، وما أروعه من لقاء، تسابقنا فيه الأرواح الصافية، والنفوس المطمئنة، لتجتمع في ظل العرش يوم لا ظله إلا ظله ( ورجلان تحابّا في الله) .. واعلم أن رأس الأمر كله، إتباع الهدى الذي جاء بالكتاب والسنة ثم سلف الأمة، ولا تنازع الأمر صاحبه، ( واسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبدٌ حبشيٌ رأسه زبيبة) ، وإن لكل منا مسئوليته ( أيما راعٍ استرعى رعيةً فغشّها فهو في النار ) . واعلم أخي الحبيب، أختي الفاضلة... أن ( أنفع الناس لك رجل مكنك من نفسه حتى تزرع فيه خيراً أو تصنع له معروفاً، فإنه نعم العون لك على منفعتك وكمالك، فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه منك أو أكثر.. وأضر الناس عليك من مكَّن نفسه منك حتى تعصي الله فيه، فإنه عون لك على مضرتك ونقصك..) ولا يخفى عليكم أن الإنسان مرتهن يوم القيامة بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشرـ والعياذ بالله ـ فما بال أناس نذروا أنفسهم لجمع سيئات غيرهم وكأن سيئاتهم لا تكفيهم ؟! فما أجمل أن تكن سباقا للخير، مثالا للإخلاص، عنوانا للمحبة، فبالحديث عنه صلى الله عليه وسلم ( من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيء ..) وعليك بالإخلاص، فإنه أساس الدين، فصحح النية والسريرة، وتوكل على الله وحده، ثم خذ بالأسباب تُعان، ولا تركن إلى هوى فَتَضل، أو إلى علم فَتَجهل، أو إلى مالٍ فتفقر، ولا إلى جاه فَتُذل.. وإياك والحسد، فإنه مهلكة الأحبة، وخسارة الصحبة، وإذهاب للسمعة، وتجارة بوار، فلله در الحسد بدأ بصاحبه فقتله.. وترى اللبيب مُحَسّداً لم يَجْتَرِمْ شَتْمَ الرجال وعِرضُه مشتومُ حسَدوا الفتى إذ لم يَنالوا سعيـَهُ فالقومُ أعداءٌ لـه وخُصومُ كضرائرِ الحسناءِ قُلن لوجهها حَسداً وظُلماً إنـه لدميمُ فبادر بالخير تُشكر، وانشر المعروف تُسعد، وابتعدت عن الرذيلة تَنعم، وإياك ودعوة المظلوم، فإنها مستجابة، ولا تستهن بالضعيف فإن البعوضة تدمي مقلة الأسد.. وما أجملك في تواضع، وأرقاك في هدوء، فلا تَهْمِل ولا تُهْمل، وكن لماحا لماعا، فاستمع لمن يشكو همّه، ولا تفشي سرّه، فإن من سوء الخلق إفشاء السر، ومن خرم المروءة هتك الأعراض . واصبر على الناس، فإن فيهم الضعيف، والجاهل، والمتعلم، والعالم.. ولكل حديثه، وأسلوبه. وإني أرى فيك الخير، وأحسبك ممن (أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً) ، وإني لأربأ بك أن تكون ممن سَعِدَ الناس بغيابهم، فلا تشغلك المناصب (فإنها أمانة وإنها خزيٌّ وندامة يوم القيامة إلا من أخذها بحقها وأدى حق الله فيها) ... وإياك والقطيعة بين الأحبة، فإن للزمن هفوة، وللجواد كبوة، فمن وجدت لك عنده حاجة في نفسك، فبادره بالنصيحة وألزمه بالحقيقة، فلا يثبت الحق بالظنون، وإنما هي البينة والحجة والبرهان. ولا تلتفت لكلام مغرض نمام، أو مفسد فتان، (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) .. فإن وقع في قلبك شيء مما قيل فهي المواجهة بين الناقل والمنقول عليه ، وحينها تعلم الحق من الباطل، وكما قيل : وحين ينجلي الغبار اعلم ما تحتي أفرسٌ هو أم حمار!! لعمرُكَ ما مالُ الفتى بذخيرةٍ ولكنّ إخوانَ الثقاتِ الذخائرُ أخي الحبيب، أختي الفاضلة.. في عملك وفي حياتك.. استشعر رقابة الرحمن: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) اعمل بوصية خير الأنام صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) . القوة والأمانة جناحا العمل فحافظ عليهما . أرشد العاملين لكل خير، وأخلص في انتشالهم من الخطايا والآثام. ترفع عن سقط الكلام، واختر لنفسك صفات الكرام تنل محبة واحتراماً. لتكن ليناً في سماحة، قوياً في حكمة، مشفقاً في نصيحة. من شيم الكرام التجاوز عن الهفوات، فغض طرفك عن عثراتهم. لا تفارق ابتسامتك محياك، وأرفق بالمراجعين عملاً بوصية خير المرسلين صلى الله عليه وسلم . أفش السلام، وطيب بذكر الله الكلام، وقم بعملك على أكمل وجه وأحسن نظام. كن مثالياً في سمتك، إيجابياً في عملك، حريصاً على شعور زملائك، باسطاً كف التوجيه والإرشاد للجميع . وإذا أدّيتِ ما عليكِ فلا عليكِ هذا وأسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين التوفيق لما فيه الخير، وأن يجمع قلوبنا على طاعته، وأن يخلص لنا النية ويبين لنا ما خفي علينا، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..