في رده على المزيني.. الشيخ الفوزان: الرد يجب أن يكون بالدليل لا بالآراء
قرأت في "الوطن" في العدد (2005) التاريخ 19/5/1427هـ تعقيباً للكاتب حمزة قبلان المزيني على ما كتبته حول المطالبة بتغيير المناهج الدراسية وما يثار حولها من ضجة مبعثها من خارج البلاد من الأعداء وقد تأملت التعقيب فوجدته تكراراً لما قيل من انتقادات للكتب الدراسية خصوصاً كتب العقيدة والتفسير وما يتعلق بالكتب التي تختص بهذا الموضوع. وأقول لا يخفى أن هذه الكتب مستمدة من الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة وأئمتها وهي مبنية على الكتاب والسنة لا على الأفكار ورغبات الناس. وما ذكره الكاتب وغيره من انتقادات على تلك الكتب لا يقام له وزن لأنه لم يبن على دليل شرعي وإنما هو مبني على أن تلك الكتب لا توافق رغبات أولئك الكتاب. والانتقاد لأي فن من الفنون لابد أن يكون صادراً عن متخصص فيه ولابد أن يقيم ذلك المنتقد المتخصص دليلاً على انتقاده حتى يكون مقبولاً ويكون له اعتباره ـ هذه مقدمة إجمالية. وأما تفاصيل الرد على تعقيبه فهي كما يلي والقصد من ذلك النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فأقول:
1- لم يقم المزيني ولا غيره دليلا واحداً من الكتاب والسنة على صحة ووجاهة ما انتقدوه على الكتب الدراسية. وإنما يعتمدون على أفكارهم ورغباتهم ولو أقاموا دليلا على ما يقولون لوجب على الجميع اتباعه والعمل به وترك ما سواه لأن الحق ضالة المؤمن.
2- قال المزيني: ويشير ما ورد في مشاركة الشيخ الفوزان بوضوح إلى الأساس الذي يجعل المناهج محل شكوى. فقد استخدم فضيلته مصطلح (كفار) واستشهد بقوله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) وذلك ما يشير إلى أن العالم لا يزال عند الشيخ الفاضل مقسوما إلى كفار ومسلمين يمثلان كيانين متعازلين متظاهرين (كذا) بشكل واضح. وأن العلاقة بينهما علاقة حرب وتنافس وقطيعة وهو ما يجب في نظره أن تصوره المناهج الدراسية ومنها الدينية.
وأقول للمزيني:
1- الله سبحانه هو الذي قسم الناس إلى كفار ومسلمين بحسب ما يدينون به في حياتهم. فمن دان لله بالتوحيد واتباع الرسل فهو مسلم ومن دان بالشرك والكفر وعصى الرسل فهو كافر. قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فهذا التقسيم جاء من الله وليس هو من عندي كما يقول المزيني وليس هو مصطلحاً وإنما هو مسمى شرعي أنزله الله في كتابه.
2- والله تعالى هو الذي جعل الكفار والمؤمنين متعازلين مختلفين في الأسماء والأحكام في الدنيا والآخرة قال تعالى (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) وقال تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ* مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) هذا لا يليق بعدل الله وحكمته أن يسوى بين المؤمنين والكفار والأبرار والفجار وإن استووا في نظر بعض الناس.
3- أوجب الله على المؤمنين معاداة الكفار والبراءة منهم قال تعالى (لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) إلى قوله (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) هذا نهي صريح عن موادة الكفار.
4- وأما قول المزيني والعلاقة بينهما علاقة حرب وتنافس وقطيعة فأقول عنه: نعم هو كذلك أوجب الله على المسلمين حرب الكفار وجهادهم بعد دعوتهم إلى الله ورفضهم دين الله بشرط أن يكون عند المسلمين القدرة على ذلك. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) وقال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وقال تعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) أي دين (وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو دينه فقط لأنه ناسخ للأديان كلها.
5- لا يمنع التمايز بين الكفار والمؤمنين التعامل مع الكفار في المباحات من التجارة وتبادل المصالح وعقد المعاهدات معهم إذا اقتضت مصلحة المسلمين ذلك وكذلك لا مانع من الإحسان إلى من أحسن إلى المسلمين منهم. قال تعالى: (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
6- الإسلام يحرم دماء المعاهدين من الكفار وأموالهم ويحترم العهود والمواثيق معهم إذا لم يحصل منهم غدر ولا خيانة قال تعالى: (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) وهذه الأمور هي التي تتضمنها مناهجنا الدراسية ونربي عليها أولادنا. فهل في المناهج الدراسية عند الكفار مثلها لا بل فيها سب الإسلام والمسلمين. هذا هو الواقع كما قال تعالى: (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ).
3ـ قال المزيني: وربما كان هذا الوصف [يعني إطلاق لفظ الكفر على غير المسلمين] ربما كان هذا صحيحا عموما في القديم. لكنه لا يصلح إطلاقه في الوقت الحاضر. ذلك أن المجتمعات البشرية الآن مختلطة بشكل كبير ـ إلى آخر ما قال من كلام خطير في هذا الموضوع ينادي به الكثير اليوم من الكتاب والصحفيين. وهذا مخالف لصريح القرآن والسنة وملغ لحكم شرعي وهو وجوب وصف الكافر بالكفر حتى يتميز، ويعامل معاملة الكافر التي شرعها الله في حقه. وأقول له ولغيره إطلاق وصف الكفار على غير المسلمين حكم شرعي مستمر لا يتغير بتغير الزمان والمكان منذ ظهور الشرك والكفر في قوم نوح إلى أن تقوم الساعة. وبراءة المسلمين منهم ومن دينهم لا تزال مستمرة ما استمر الكفر والإيمان. واختلاط الكفار بالمسلمين لا يمنع وصف الكفار بالكفر كما وصفهم الله به بل إنه يؤكد على المسلمين وصفهم بذلك لأجل أخذ الحذر منهم وعدم المداهنة والتميع والتساهل معهم. والمسلم لا يختلط مع الكفار إلا بقدر الضرورة مع تمسكه بدينه والاعتزاز به وعدم المساومة عليه فقد حرم الله على المسلمين التشبه بالكفار في دينهم وما هو من خصائصهم.
4ـ قال المزيني: ومن اللافت للنظر في مناهجنا أنه لم يرد التمييز بين الكافر المحارب والكافر غير المحارب إلا في مقرر واحد من المقررات الكثيرة في مختلف المراحل وهو كتاب التفسير السنة الثالثة المتوسطة. أما في المواضع الأخرى من الكتب الدراسية التي تبلغ العشرات فلا نجد إلا نصوصاً تخلو من هذا التمييز ـ إلى أن قال: وفي كتاب التوحيد للسنة الثانية الثانوية: قوله الكفر بغيض إلى الله تعالى ويجب أن يكرهه المؤمن كما يكره أن يقذف في النار والكافر بغيض إلى الله ويجب أن يكرهه المؤمن لما اتصف به من هذه الصفة الذميمة التي تؤدي بصاحبها إلى النار. إلى أن قال المزيني وتبين هذه النصوص أن سبب كره الكفار وبغضهم هو كفرهم لا كونهم محاربين للمسلمين مع أن الآيات الكريمة التي استشهد المؤلف بها هناك تدل دلالة واضحة على أن هذه المعاملة مخصوصة بكون هؤلاء الكفار محاربين. ثم قال المزيني مستغرباً: ومن الغرابة بمكان أن يأتي بعد النص الأخير مباشرة قول المؤلف: ولا يعني هذا عدم التعامل معهم أو معاملتهم بالأخلاق الحسنة ـ إلى أن قال المزيني عن الكتب المدرسية إنها تطالب الطالب بالمستحيل.
كيف يريد المؤلف أن يعامل الطالب الكفار بأخلاق حسنة وهو يبغضهم وهذا منتهى التناقض وجمع المتضادات هذا في نظر المزيني وتصوره والجواب عن ذلك كله أن نقول:
1- قوله: لم يرد في مناهجنا التمييز بين الكافر المحارب والكافر غير المحارب في مختلف المراحل ـ نقول عنه مراحل الدراسة تختلف ويتدرج فيها مع الطلاب بحسب مداركهم من الابتدائية إلى الدراسات العليا فما أجمل في مرحلة فصل في المراحل التي بعدها وأنت لم تحط بمقررات جميع المراحل من البداية إلى النهاية وتقارن بينها وإنما اختطفت عبارة من بعضها وركزت عليها ـ لأجل التضليل والمغالطة.
2- التمييز بين الكافر المحارب والكافر غير المحارب إنما هو في التعامل الديني بالبراءة منهم ومن دينهم ببغض الكفار وبغض دينهم فلا فرق فيه بين كافر محارب وكافر غير محارب قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) فالكافر لا يحب سواء كان محاربا أو مسالما بل يبغض مطلقا قال تعالى (وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)
3- والمؤمن يكره الكفر كما يكره أن يقذف في النار هذا نص الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. وأن يحب المرأ لا يحبه إلا لله. وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار" والكافر إذا مات على الكفر فإن مأواه النار قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً* خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) هذا مصيرهم في الآخرة وبئس المصير. فمن أحب الكفار حشر معهم يوم القيامة كما في الحديث: "المرء مع من أحب يوم القيامة" فاحذر أن تحب الكفار فتكون معهم يوم القيامة في النار.
4- قول المزيني ومن الغرابة بمكان قول المؤلف [أي مؤلف كتاب التوحيد]: ولا يعني هذا عدم التعامل معهم أو معاملتهم بالأخلاق الحسنة واعتبر هذا من المطالبة بالمستحيل ـ وجوابه أن نقول هذا مبني على الفرق (كما سبق) بين محبة الكافر وكونها لا تجوز بين التعامل الدنيوي معه وتبادل المصالح كما تدل عليه الأدلة، ولكن لكون المزيني لم يفهم الفرق صار هذا الحكم غريبا ومستحيلاً عنده وهذا نتيجة عدم رجوعه إلى كلام أهل العلم في كتب التفسير وغيرها من الكتب المعتمدة التي تجمع بين النصوص وتفسير كلام الله بعضه ببعض. كما قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) فالواجب رد المتشابه إلى المحكم حتى يتضح معناه كما هي طريقة الراسخين.
5- قال المزيني كما جاء في هذا الكتاب [يعني كتاب التوحيد] جهاد الكفار لإعلاء كلمة الله شعيرة من شعائر هذا الدين وهو باق إلى يوم القيامة قال: أليس هذا حضاً على الجهاد لا دفاعا عن المسلمين بل لإعلاء كلمة الله ونقول له هذا هو الذي شرع الجهاد من أجله بنص القرآن والسنة وإجماع أهل العلم ونقول له: الجهاد على قسمين: القسم الأول للدفع عن المسلمين إذا هاجمهم العدو في بلادهم وهو فرض عين على كل قادر وهو ما يسمى بجهاد الدفاع والقسم الثاني جهاد الطلب وهو غزو المسلمين للكفار في بلادهم بعد دعوتهم إلى الله ـ إذا كان في المسلمين قوة عليه ـ وهو فرض كفاية لإعلاء كلمة الله كما جاهد النبي صلى الله عليه وسلم الجهادين وجاهد هما أصحابه من بعده حتى انتشر دين الله في الأرض وانقمع الكفر. والجهاد ماض إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال كما في الحديث، وإن كرهه من كرهه من ضعاف الإيمان والمنافقين الذين تدور أعينهم عند ذكره كالذي يغشى عليه من الموت.
6- قال المزيني: ومما لا تخطئه العين أن مناهجنا تصور الطالب كأنه محاصر بأعداء لا نهاية لعددهم ومن هؤلاء الأعداء أهل البدع والسبئية والجهمية والمعتزلة والأشاعرة والكفار واليهود والنصارى والمنافقون والشيوعيون واللبراليون والعلمانيون. ونقول له جوابا عن هذا التهويل: نعم المسلم محاط بهؤلاء الأعداء الذين حذره الله منهم فيجب علينا أن نسلحه ضدهم من خلال المناهج الدراسية بالكتاب والسنة والعقيدة الصحيحة التي يميز بها بين الحق والباطل والهدى والضلال. لأن الله قد أوجب علينا تعلم العلم النافع والقيام بالعمل الصالح والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) وقال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) وهذا لا يتم إلا من خلال التعليم السليم الجاد القائم على منهج الكتاب والسنة ومنهج السلف المتمثل في مناهجنا الدراسية. وكثرة المخالفين للإسلام ليست غريبة، قال تعالى: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) وقال تعالى: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ).
7- ثم قال المزيني في ختام كلمته: ومن البين أن هذه المناهج ترسم للطالب مواقف سلبية تجاه هؤلاء جميعاً وتطلب منه أن ينظر إليهم نظرة عدائية وجوابنا أن نقول له: بل على العكس هذه المناهج تعلم الطالب كيف يتعامل مع هؤلاء التعامل الشرعي العادل الذي لا جور فيه ولا ميوعة. بل يكون هاديا مهديا. وإنما ترسم هذه المناهج للطالب مواقف سلبية لو خلت من مضامينها الصحيحة حسبما تدعو إليه أنت وأمثالكم وقولك: ومن الأفضل لنا أن نراجعها ونترك ما فيها من هذه المآخذ ـ نقول لك: ما حيلتنا فيك إذا كنت تعتبر المزايا والمحاسن مآخذ.
إنه لو سلبت هذه المعاني الجليلة من المناهج فأصبحت جسدا بلا روح كما تطالبون به منذ زمن بعيد فإنها لن تسلب من نصوص القرآن الذي تكفل الله بحفظه فقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ولو ضللتم بهذه الأفكار بعض المسلمين فلن تضللوا جميع الأمة قال تعالى (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى"، وهذه المملكة في هذه البلاد المباركة قامت على الكتاب والسنة وبنت مناهجها الدراسية عليها ولن تحيد عن ذلك بإذن الله. فخير لكم أن تعيدوا النظر فيما تكتبون حول المناهج وغيرها وأن تكون كتاباتكم في الدفاع عن تلك المناهج السليمة حتى تكون كتاباتكم مثمرة وجهودكم جهودا مفيدة ولا تجروا وراء السراب وتكونوا عونا للأعداء على أمتكم.