سر الاختفاء
وفي رده عن أسباب اختفائه في الفترة الأخيرة قال البرادعي، إنه موجود ولكن كل مرحلة لها أسلوبها، فقبل الثورة كان ملتزما بدور معين عليه أن يقوم به، وهذا الدور تمثل في النزول للشارع والجلوس مع الشباب وتشجيعهم وزيارة الأقاليم لتوعية الناس بحقوقهم وكيفية الوصول إليها، وكان يحلم معهم بثورة مليونية، وعندما حدث هذا ونجحت الثورة ورحل النظام السابق، كان من الطبيعي أن يكون هناك دور آخر له وتتغير طريقة عمله بتغير المرحلة، حيث أنه بعد الثورة حدث انقساما بعدما كان هناك توحد بين الجميع قبل الثورة وفي أيامها الأولى، وهذا الوقت لا ينفع فيه الانقسام، لأن الثورة لم تحقق أهدافها بعد. وأكد البرادعي أن دوره الآن هو لم شمل كل أطياف المجتمع تحت هدف واحد، وهذا سبب غيابه عن ميدان التحرير، لأنه هناك أولويات أهم من ذلك، مشيرا إلى أنه جلس مع شباب من 20 محافظة في محاولة منه لتوحيد الصفوف.
كما أكد البرادعي أن من ضمن الأدوار التي يقوم بها حاليا هو أنه يعمل على وضع مصر على طريق الاستثمار الصحيح، فقد كان في زيارة لروسيا منذ أيام، حيث أنه يعمل مع إحدى الهيئات وبالفعل أقنعها بالاستثمار في مصر، كما أنه التقى وزير الخارجية السعودي الذي وعده بانعقاد مجلس الأعمال المصري السعودي بالمملكة الشهر القادم، لوضع خطة للاستثمار في مصر، مشيرا إلى أن هذه أدوار أهم من نزوله لميدان التحرير، مؤكدا أنه يتمنى أن تقف مصر على "رجلها" أولا ثم يتحدث بعد ذلك في الانتخابات وترشيحه للرئاسة.
وقال البرادعي إن الثورة حققت بعض الأهداف، أخرها تمثل في وجود عدد من القيادات الشابة والثورية ضمن الوزارة الجديدة التي شكلها الدكتور عصام شرف، ومن هذه الوجوه الدكتور حازم عبدالعظيم المرشح لوزارة الاتصالات، وأيضا وزير الخارجية السفير محمد كامل عمرو، وأكد البرادعي أنهما كانا معه يوم 28 يناير وخلال أيام الثورة وأن أحدهما هدد من أمن الدولة وقتها بأنه سيتم قتل أولاده إذا خرج مع البرادعي في المظاهرات والآخر فقد وظيفته بسبب علاقته بالبرادعي، وقال البرادعي إن الشباب الذين تم القبض عليهم أيام الثورة من منزله هم الآن وزراء وقادة وزعماء في أحزاب وائتلافات ولهم رأي ووجهة نظر تحترم، مشيرا إلى أنه لابد أن نتفاءل لأن مصر لن تعود مرة أخرى للخلف، فالجميع يشعر الآن أنه حر ويثق في نفسه، ويعرف كيف يدافع عن حقوقه.
وعندما أخبر معتز الدكتور البرادعي بأن هناك أخبار عاجلة تشير إلى استبعاد الدكتور حازم عبد العظيم من وزارة الاتصالات لأسباب أمنية، لأنه شريك في شركة إسرائيلية، غضب الدكتور البرادعي وقال إنه لا يعرف شيئا عن استبعاده من الوزارة، ولكنه قرأ عن أن الدكتور حازم عبد العظيم شريك بنسبة 5% في إحدى الشركات الإسرائيلية، ولكنه لا يدير هذه الشركة، وأكد أنه طالما لا يدير فليست هناك مشكلة وبالتالي فقرار استبعاده خاطيء، ويؤكد أننا نعود للخلف، فكيف تتعامل الدولة مع إسرائيل وتصدر لها الغاز وتضع رجل وطني ومحترم مثل الدكتور حازم عبدالعظيم ككبش فداء، وأكد أنه بذلك نحن نضحك على أنفسنا!
وأكد البرادعي أنه عندما قامت الثورة كان هدفها الوصول لنظام ديمقراطي حر، وتحقيق عدالة اجتماعية، لذلك فهو مهموم الآن بملايين المصريين الذين لا يجدون "لقمة العيش"، فهناك 20% من المصريين يعيشون بـ3 جنيهات يوميا، و20% آخرين يعيشون بـ5 جنيهات، وهذا أقل من الحد الأدنى للفقر بمراحل، كما أن نصف الشعب ليس لديه تأمين صحي، وثلث الشعب لا يقرأ ولا يكتب، والثورة قامت من أجل هؤلاء وليست من أجله أو من أجل النخبة، مؤكدا أن طعام الفقراء في مصر يتصدر قائمة أولوياته.، وأكد أنه لا يصح أن يقول أن البلد "زي الفل" ونصفها من الجوعى.
وأشار البرادعي أنه لا بد من وجود خارطة طريق، يحدد على أساسها ما سيحدث حتى يتم تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب، واقترح البرادعي أن تكون مده المرحلة الانتقالية سنة ونصف، مؤكدا أنه لابد أن تكون هناك صلاحيات للوزارة في المرحلة الانتقالية، لأنها حتى الآن بلا صلاحيات، مشيرا إلى أنه من يملك السلطة (المجلس العسكري) ليس لديه خبرة ومن يملك الخبرة (مجلس الوزراء) ليس لديه سلطة، مشيرا إلى أن عدم وجود خارطة طريق سبب قلقا في الشارع، وأكد البرادعي أن الثورة ليست مسئولة عن سوء الأوضاع في مصر ولكن غياب الأمن هو المسئول، فالوضع الأمني أصبح لغزا غير مفهوم، فلماذا لم يعاد هيكلة الأمن حتى الآن، فانعدام الأمن هو السبب في عدم عودة السياحة لطبيعتها، ويجعل المستثمر يخاف من الاستثمار في مصر، فغياب الأمن السبب في كل مشاكلنا وليس معتصم ميدان التحرير، فالشاب المعتصم ليس مجبرا على الجلوس في الشمس، إلا أنه لم يشعر بأي تغيير حتى الآن، ويحلم بتحقيق أهداف الثورة التي قام بها.
وقال البرادعي إنه حتى يتم السيطرة على الوضع الأمني لابد أن تكون هناك مصارحة، بعيدا عن الشعارات، فضباط الشرطة محبطون بسبب اعتداءات البلطجية عليهم في أقسام الشرطة، وبسبب تدني المرتبات، فهنا ضباط شرفاء ولكن أخذوا بذنب الضباط غير الملتزمين، وبالتالي لابد من عقاب الضباط المتهمين بقتل الثوار وليس نقلهم لإدارات أخرى، الطبيعي أن يسجنوا أو على الأقل يخرجوا من الخدمة، ولابد أيضا من إعطاء الضباط الشرفاء حقوقهم، بالإضافة إلى تغيير ثقافة وعقلية أفراد الشرطة، وأن يقول وزير الداخلية للشعب أن الأمن سيعود قويا بعد فترة محددة، وأنه سيتم ضبط الشارع خلال هذه الفترة، وقال البرادعي إن وزير خارجية ألمانيا أخبره بأن بلاده تريد الاستثمار في مصر ولكن هناك تخوف من الوضع الأمني.
وتحدث البرادعي عن الحد الأدنى للأجور وقال إنه من غير المعقول أن يكون الحد الأدنى للأجور 700 جنيه، في دولة يوجد بها موظفون حكوميون يتقاضون مليون جنيه شهريا، وهذا الراتب لا يحصل عليه أي موظف في أروبا حتى الرئيس الأمريكي نفسه لا يتقاضى هذا الرقم، مشيرا إلى أنه عندما كان مديرا لوكالة الطاقة الذرية كان راتبه أكبر من أصغر موظف 14مرة فقط، وهذا هو المتعارف عليه عالميا، حيث أن مرتب أكبر موظف في أي مؤسسة لا يزيد عن 15 ضعفا عن أصغر موظف، ولكن في مصر قد يصل إلى 200 ضعف.
وأشار البرادعي إلى أنه ليس لديه مشكلة مع الأحزاب التي شكلت على خلفية دينية، فأروبا بها أحزاب ديمقراطية مسيحية مرجعيتها القيم المسيحية، وقال البرادعي أهلا وسهلا بأي حزب له مرجعية دينية، بمعنى أن يكون منهجه القيم الإسلامية من حرية وعدالة ومساوة، لا أن يرفع شعار "الإسلام هو الحل" ولا "المسيحية هي الحل" لأن هذا يخلق جوا من المنافسة والتشاحن، لأننا لا نحتاج إلي انقسام حاليا، وأكد أنه منذ سنتين طالب بأن تتاح الفرصة لجماعة الأخوان المسلمين بأن تمارس عملها السياسي في إطار ديمقراطي ودولة مدنية، ولا داعي لأن يطلق عليها محظورة.
وأكد البرادعي أنه إذا أصبح رئيسا لمصر فلن يصدر الغاز لإسرائيل أو أي دولة أخرى لأننا أولى به، وقال إن حل القضية الفلسطينية يتطلب أن يعمل العالم العربي على بناء نفسه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا فعندما يكون هناك 400 مليون عربي يقفون على أرض ثابتة، وقتها تتساوى موازيين القوى، وستأتي أمريكا وإسرائيل للبحث عن حل، فلابد أن يكون هناك تكامل بين مصر والعالمين العربي والإسلامي، لأن حل القضية الفلسطينية ليس عسكريا، مشيرا إلى أنه إذا أصبح رئيسا لمصر فإنه ليس مجبرا على التعامل اقتصاديا مع إسرائيل. وقال البرادعي إنه إذا قدر له تولى الرئاسة وفشل في حكم مصر لن يجد غضاضة في الاعتراف بفشله وسيترك الساحة لغيره طواعية، مشيرا إلى أن مصر تحتاج إلى رجل "حمش" وحاكم إنسان، قوي أمام أي تجاوزات، ولكن تزرف دموعه أمام مشاكل البسطاء.، مشيرا في نفس الوقت إلى أنه يقبل الجلوس في مناظرة أمام أي مرشح آخر للرئاسة، ليعرض فكره ويعرض الآخر فكره، بحيث ننتقل من مرحلة الشخصنة إلى مرحلة الفكر حتى يمكن للمواطن الحكم على من ينتخبه.
وأضاف البرادعي أن الإعلام غيب العقل المصري، فلدينا 34% من الشعب لا يقرأ ولا يكتب ويعتمد في معلوماته على الإعلام، ولكن الإعلام الحكومي غيب الشعب، لذلك أسماها بلطجة فكرية، فالقيم والروح المصرية الجميلة هذا الإعلام غيبها بالضحك على عقله وإمداده بمعلومات مزيفة، لذلك فهي أخطر من البلطجة، وبالتالي لابد من تطهير ماسبيرو. وفي رده على سؤال ورد للبرنامج من أحد المشاهدين عن الفريق الذي يشجعه قال البرادعي، إنه أهلاوي وأنه تربى في هذا النادي، وكان يدفع "5 صاغ" للعسكري الذي يقف باستاد مختار التتش حتى يسمح له هو وزملائه بالنزل لأرض الملعب لمشاهدة اللاعبين عن قرب، مؤكدا أنه من الصعب أن يغير انتمائه للأهلاي بعد هذا العمر، ولكنه أشار أنه لديه سماحه مع الزمالك ومع الأندية الأخرى، وقال ايضا إنه كان يلعب الإسكواش بالنادي الأهلي.