أخذ الدور الذي ما زال يؤديه (صانع العاب) في المنتخبات حيزاً كبيراً من اهتمام النقاد،حيث طرحت العشرات من الآراء والتحليلات الكروية بخصوصه،وشمرّ كل مدرب عن ساعديه وهو يبرر غاياته المتعددة
في اختيار لاعبه المفضل لشغل هذا المركز الجوهري،واختلفت الآراء بين المدربين منذ العقد الستيني ولحد يومنا هذا حول تعدد أدواره الهجومية أم ان واجباته الثانوية تنحصر فقط بالواجب الدفاعي.حتى جاء مونديال
كأس العالم الأخير2010 وفرض علينا تشكيلاً مرناً حافظت بموجبه المنتخبات على إيقاعها الهجوم والدفاعي معاً وبوتيرة واحدة مما أعطى توازناً نسبيا في الواجبات، لاسيما تلك الفرق التي امتازت بلاعبين أتقنوا اللعب
في أكثر من مركز، بفضل هذا تشكيل أي(4-2-3-1) وتعديلاته الطفيفة الأخرى تمكنت ثلاث منتخبات عالمية بأن تظفر بالمراكز الأولى في المونديال هي(اسبانيا -هولندا –المانيا). مثلث الكبار الخطر هذا التشكيل المشتق والمعدل من طريقة(4-5-1)لم يأت مبدأ تحويره من فراغ إنما جاء من خلال التوظيف الأمثل لقدرات صانعي الألعاب في المنتخبات، وفق خصائصهم المهارية ومزايا تكنيكهم اللافت وثقافة
لعبهم.والنتيجة، ان هؤلاء اللاعبين برعوا بشكل لافت في تولي مهمة صناعة اللعب وبإشكال مختلفة انسجمت مع طبيعة فكر مدربيهم التكتيكي،عوضاً عن بقاءهم في منطقة الوسط لإتاحة خيارات لعب مثالية لحامل الكرة
وخلق مساحات تمرير نموذجية..كما شاهدناهم جنحوا نحو الأطراف بإتقان فريد وأخذ الكرات هناك في الفراغ الصحيح من مختلف الأوضاع..في المقابل لم يعان المدربون كثيراً وهم يتعاملوا مع لاعبين امضوا
سنوات عديدة جبلت ثقافاتهم الكروية على أداء دور الجناح وتم تحويلهم بامتياز إلى صانعي العاب في الوسط في أماكن أخرى بمقتضى التغيير الأدائي او المرونة الخططية في الملعب لكن الملاحظ على منتخبات المانيا
واسبانيا هولندا أنها أجادت محاصرة الفرق التي تقابلها في مناطق جزائهم عن طريق مثلث افتراضي زاويتاه
في منطقة الجزاء ورأسه يتخذ عدة أماكن متحركة حسب طبيعة اللاعب(الجناح - الوسط) ما بين قوس الجزاء لكنه لن يخرج عن الجناح و وسط مهاجم.. تشافي- أوزيل- شنايدر أمثلة نموذجية ونحن،عندما نتكلم عن نجاح هذا التشكيل فلا بد لنا ان نتوقف عند الذين أمثلة نموذجية بارزة وهم كل من "تشافي ومسعود أوزيل ويسلي شنايدر"،فقد لعب تشافي لاعب وسط اسبانيا وكان بجانبه أنيستا على جهة
اليمن و بيدرو على اليسار أو العكس و في المقدمة الهداف فيا وأجتهد تشافي في اللعب على الأطراف ببراعة كاملة أو التقدم للأمام كمزود وصانع العاب ومهاجم ثالث وقد توقفنا كثيراً في السابق عند مقدرته الخارقة.وما
دمنا قد ذكرنا شنايدر هنا فلا بد ان نتوقف جانباً عند الرؤية الثاقبة لداهية التدريب خوزيه مورينيو مدرب ريال مدريد حالياً وكيف استشرف على مستقبل تغييراته الجهنمية عندما طلب من شنايدر عندما كان مدربه
في الإنتر ان يتحول من الطرف إلى وسط الملعب في حالتي الدفاع والهجوم وأيضا ان يدخل بسرعة خاطفة في العمق كمهاجم ثالث وكمزود ومحطة وصانع العاب في نفس الوقت. في حين تميز الألماني مسعود أوزيل مع منتخب بلاده في هذا الدور عندما كان يلعب مع نادي فيردر بريمن سابقاً ونجح في العمل خلف المهاجمين تارة وتارة كان يتحول إلى صانع العاب عندما يدخل من العمق أيضا
وكيف كان يتحكم بمقاليد اللعب عن طريق تمرير البيني للكرات بالعرض من جهة إلى جهة وإجبار لفريق المقابل إلى الرجوع وقيادتهم في مناطق محددة. (جيرارد) و(جا تشول) طبقا(الجناح-الوسط) و حاول المدرب الايطالي فابيو كابيلو ان يعطي هذا المركز إلى القائد ستيفن جيرارد اللعب على الأطراف في المنتخب الانجليزي علما بأن الأخير اشتهر بلاعب وسط الميدان لاعب (ذو نزعة هجومية) و(صانع
العاب ماهر) خلف المهاجمين في حالة الانتقال الجماعي من الدفاع إلى الهجومي وكذلك الحال مع اللاعب نادي أستون فيلا(أشيلي يانغ) فهذا اللاعب يجيد اللعب كجناح وكذلك لاعب وسط متقدم كمهاجم ثانٍ. كما يوجد هناك الكثير من اللاعبين أجادوا اللعب في هذا المركز وهذا ما شجع المدربين على أن يجهزوا لاعبيهم لشغل هذا المركز الحساس والمهم وهو ان يكون ذات اللاعب (كصانع العاب) من طراز نادر واللعب
خلف المهاجمين الأساسين في التشكيل مع النزعة الدائمة في اللعب على الإطراف (كجناح)بل حتى ان
المنتخب الكوري الجنوبي اجتهد كثيراً في أمم أسيا الأخيرة كي يقترب من هذه الفلسفة الأوروبية وخلق مركز(الجناح - الوسط معاً)عن طريق لاعبه المميز (جا تشول كو). أوروبا وصانع الألعاب التقليدي ومن خلال ما تقدم يتضح لنا ان الكرة القدم الحديثة وفق ما شاهدنا في كاس العالم الأخيرة والدوريات الأوروبية ودوري أبطال أوروبا قد تخلت عن دور صانع الألعاب التقليدي الذي كان يلعب بمناطق لعب
متنوعة دائرة(منتصف الملعب) وعندما يكون خلف المهاجمين بل ان الكرة الحديثة بدأت تدين لصانع العاب يتقن مركزي(الجناح -الوسط)معاً لكن في مركز واحد كما ولديه القدرة كي يتحول إلى(محطة) او(مزود)
فاعل خلف كل هجمة وان هذا اللاعب (المزود) بموجب هذا التشكيل يتم تحويره من جناح تقليدي إلى مهاجم ثالث أو ثانٍ يلعب خلف المهاجمين الحقيقيين ويمتاز بالاحتفاظ بالكرة تحت الضغط في منطقة الربع الرابع
(دفاع الخصم) فأما ان يتحرك مع الكرة بطريقة عرضية في حالة تغيير المراكز مع جناح آخر أو عن طريق فتح اللعب عن طريق مثلثات هو رأسه مع تبديل مركزه مع أي لاعب ساند..بالإضافة إلى ما ذكر فأن هذا
اللاعب (الجناح - الوسط)كان يؤدي مهامها دفاعية في الوسط من اجل المراقبة ومعادلة الزيادة العددية عند
فقد الكرة وعند الحيازة رأيناه يهرب إلى الجناح لفك الرقابة وعمل ربط مع أي ظهير متقدم إضافة إلى دور صناعة الهجمات كما أسلفنا أعلاه إذن هو مركز مهم يدعونا إلى نتأمل خواصه تحركاته في الملّعب.