مدربو الأزمات

الناقل : The Princess | الكاتب الأصلى : علي النعيمي | المصدر : www.kooora.com

في أحدى المحاضرات الدراسية، وجّه إلينا سؤال أحتار فيه الجميع للإجابة عليه والطريف انه شائع ومتكرر وسيواجهه أي مدرب في الكون أثناء حياته التدريبية لكنه حمل أوجه عدة في مسألة اتخاذ القرار الأنسب.وكان السؤال

يومها: لو كنت مدرباً ما في إحدى الدول وجاءتك ثلاثة عروض تدريبية معتبرة في آن واحد وذات شروط مثالية من حيث المال والتجهيزات وتلبية الطلبات والمكاسب المعنوية، فما طريقة المفاضلة التي يجب ان تتبعها لتتخذ

قرارك؟ تعددت إجابات الطلبة ، أحدهم قال: سوف أختار الدوري والبلد الأقوى فنياً عن طريق مستوى لاعبيه المتطور، وآخر قال انه سيهتم بالملاك التدريبي من حوله وسيراعي نسبة الانسجام معهم وتطويعهم على آلية عمل

واحدة لكنها مشتركة..وتوالت الإجابات المختلفة وجميعها صبت في هدف واحد .



ولما عجزت حيلتنا عن إفهام المقابل وإقناعه..أجابنا المحاضر ببساطة عليك أن تختار العرض الذي تجد فيه نفسك تملك معلومات كافية عن اللاعبين وظروف الاستمرار فيه..وما تختزنه من تصورات منطقية وإحصائيات

مختلفة عن هذا الفريق، وان تطوّع أفكارك وخططك قبيل الموافقة عليه أي ان تعمل (تهيئة نفسية وذهنية لطبيعة مهمتك) بوجود هدف محدد سلفاً (هدف الطموح) وهذا قابل للزحف والتحرك وفق التدرج بالمنجزات وإعداد

منهاج تكاملي ودائم التطوير على ما تمتلكه من لاعبين ثم تأتي الأمور المادية والمغريات ومقترحات ضم اللاعبين الآخرين.



بهكذا معايير وغيرها، يختار مدربو العالم عروضهم التدريبية ليفاضلوا فيما بينها بهدوء.. والموضوع ببساطة لا علاقة له بازدواجية التدريب وعدم الجمع ما بين مهنتين في آن واحد، لا بجلسة عشائرية أفضت إلى ترشح اسم

معين لتولي تدريب هذا المنتخب ولا حتى بزيارة مفاجئة في منتصف الليل (من دون إذن مسبق) لبيت احد المدربين من رابطة أحد الأندية لحثه على قبول تدريب ناد ٍ معين، لكن قضية تولي تدريب المنتخبات الوطنية مسألة

حساسة وتتطلب من صاحب القرار الإداري الرياضي دراسة دقيقة ومعمقة لتدارك تبعاتها المستقبلية والعمل المتواصل على تأطير مكتسباتها القادمة، على ان تناقش جيداً إمكانات ومؤهلات وقدرة هذا المدرب وما يضيف لهذه

المهمة لاحقاً، لا ان يتم حشر هذه المهمة أيضا ضمن بورصة « الأصوات المربحة « التي سيزداد لهيب أسهمها الحارق في الأسابيع القادمة كلما قدم علينا صيفنا القائظ ونحن نستقبل حزيران القادم الساخن في كل شيء! بل ان

جينة هذا (السرطان الرياضي والعضال المستفحل ) بدأ يتناسخ ويتكاثر في أروقة العمل الإداري بمختلف توجهاته أيضاً لينشطر ورمه الخبيث في جسد إدارات بعض الأندية الجماهيرية وهم يعدّون العدة ويجهزون غزوات الردة

ضد كل مَن خالفهم وسيخالفهم النهج ويشذ عن صراطهم التحالفي المستديم، كأنها حرب شعواء بين طرفين أو سجالات حملة انتخابية سياسية مستعرة وليست قضية انتخابات رياضية أساسها اختيار الشخص المناسب الأجدر

والأكفأ والأفضل لتولي مسؤولية العمل الإداري الرياضي.



ومع تحفظنا الشديد لبعض الأسماء التي طرحت على طريقة تعيينهم وهذا لا يتقاطع وضرورة دعم مهماتهم القارية المختلفة لاعتبارات وطنية كونهم سيمثلون اسم العراق خارجياً لكننا نجد تلك الخطوة على انها أهون الأمرين

لهضم واقعنا الرياضي المرير وسوف نكررها وللمرة المليون متسائلين وبتعجب شديد ما نزال نجهل تلك المعايير(الفنية والخططية ) التي رجحت كفة المدرب فلان على حساب الآخر، رجاءً لا تلجموا أفواهنا بحكاية الزمن

الجميل وماضي صولاتهم وجولاتهم في الملاعب وانتهاءً بقصص كان يا مكان وهؤلاء فرسان الميدان!



والمحزن هنا، أن رياح التحاصص والتحالفات المقيتة لم تكتف بتغيير ملامح العلاقات الإنسانية وإعادة رسم أواصرها الأخوية ما بين الرياضيين فحسب ، بل هدمت ما تبقى من جدار ما كان يُسمى « بالمدرب الوطني « الذي

بات اليوم مائلاً وخاضعاً لمعادلات وتوافقات غريبة وأحيانا لسطوة البعض وإملاءات جبروتهم فتحوّل مصطلح (زمن الانتماء الفطري والحس الوطني) المجرد من أية نزوة ومصلحة ذاتية في خدمة الكرة العراقية لحظة

تشريفهم بتدريب المنتخبات الوطنية المختلفة إلى مصطلح (ثمن الولاء وجزاء الأوفياء الخلّص ) كشرط أساسي لشغله!بل ان مرارة واقعنا أشارت باستحياء وبخجل شديدين بأن هناك من جعل من مهمة تدريب المنتخبات

الوطنية كالحدائق الخلفية المغرية للجاننا الفنية ، فأن لم يرق لأحدهم العمل فيها رمى بربطة عنقه الزاهية « وبدلته الراقية « على سطح مكتبه ليعتمر بعدها قبعة التدريب مرتدياً ملابسه الرياضية مرة أخرى!



ويبقى السؤال الملح هنا، من ذا الذي سيقيّم ويحاسب عمل هؤلاء المدربين ان أخفقوا مع المنتخبات الوطنية المختلفة ، ومن الذي سيتخذ بحقهم القرار الفني والإداري الأنسب، هل سيجتمعون مع أنفسهم لاتخاذ قرار تنحيتهم مثلا

،أو أنهم سيخرجون بعد كل إخفاقة من هذا (الباب) ليدخلوا اللجان الفنية مرة أخرى، لكن من تلك (النافذة) وبمسميات أخرى؟.