مع اقتراب احتفال مؤسسة "البيان"بالعام الحادي والثلاثين من انطلاقها تذكرت حواراً ذاع صيته وآثار حالة من الجدل فى الساحة الرياضية الإماراتية أجريته يوم 30 ابريل عام 1998 مع رجل الاعمال خلف الحبتور فجر خلاله مفاجأة لم تكن واردة وغير متداولة وكان طرحها فى ذلك الوقت جرأة وشجاعة تسجل لصاحبها،واتصور انها كانت رؤية سابقة لزمنها . الحوار تركز على اهتمامات الرجل ببطولات التنس التى ينظمها من خلال مجموعة شركاته ولم يدر بخلدي انه سيأخذني الى طرح غير مسبوق، فقد بادرني بالسؤال عن الازمات المالية التى تعيشها معظم الاندية وقصور الدعم الحكومي عن تلبية احتياجاتها وهى مشكلة كانت قائمة خلال العقدين الماضيين قبل تطبيق نظام دوري الاحتراف. قال لي واتذكر نص كلماته بوضوح:مع تقديري للمسؤولين عن إدارة الاندية حان الوقت لتغيير مفهوم الادارة، والمرحلة المقبلة يجب ان تكون مرحلة رجال الاعمال لنجاحهم فى قيادة الشركات الناجحة، ومضى الحبتور فى طرحه الذي كان سابقًا لعهده، مقترحاً تحويل الاندية الى شركات تطرح اسهمها للبيع ويديرها رجال اعمال لهم خبراتهم وبمنتهى الثقة قال:أكاد أزعم أنه لن يوجد ناد مديوناً مادياً. اتذكر ان الحوار وقد أخذني إلى اتجاها لم اتوقعه كان مثيراً عندما أعلن بشجاعة رغبته فى شراء أحد الاندية المحلية ليديرها بعقلية التاجر المحترف، مؤكدًا عدم تدخله فى شؤون فريق كرة القدم تاركاً ذلك للمدربين والفنيين، وفوجئت بما يقوله "نعم أنا مسؤول عن كل كلمة وارغب فى شراء أحد الاندية، نعم أنا مستعد وعندي قناعة بأن هذه المبادرة ستعود بالنفع على رياضة الإمارات وشباب الدولة". وامتد الحوار طويلاً ونشره الاخ والصديق محمد الجوكر الذي كان رئيساً للقسم الرياضي فى صفحة كاملة وهو ما يعكس غرابة الطرح فى ذلك الوقت الذي كانت الاندية كلها مملوكة للحكومات المحلية بالكامل ولم يكن متداولاً ما يسمى بالخصخصة ، ومن اسرار ذلك الحوار ان خلف الحبتور كشف لي عن رغبته فى شراء نادي النصر وتعهد بتحقيق ارباح فى العام التالي قالها دون ان يتردد لحظة واثقاً من قدرته على إنجاح النادي مادياً مما يعود على المساهمين بالارباح . ما الذي حدث بعد ذلك؟ قامت الدنيا وجاءت ردود الافعال الرافضة لمجرد الرفض دون محاولة للنقاش والتفكير وفوجئت بحجم التحفظات بدعوى ان المجتمع غير مؤهل لهذه النقلة النوعية فى الادارة الرياضية،وماتت الفكرة فى مهدها ، وتذكرتها مع الظروف الصعبة التى تعيشها الرياضة المصرية منذ سنوات وتضاعفت مع اندلاع ثورة 25 يناير وتوقف العوائد المالية للاندية واعلان بعضها ما يشبه الافلاس كما يحدث مع نادي الزمالك الذي دعا انصاره للتبرع ونادي الاتحاد السكندري الذي توقف عن دفع الرواتب وعقود اللاعبين منذ أربعة أشهر والحالة المتأزمة للنادي الاسماعيلي وحتى النادي الاهلى الذي كان يوصف بالاكثر ثراء واستقراراً ، امتدت إليه الضائقة المالية ووجد نفسه فى وضع حرج بعد استدعاء رئيسه للتحقيق فى مخالفات الكسب غير المشروع. الرياضة المصرية تشن حملات ضد رجال الاعمال الذين تولوا إدارة بعض الاندية وأفسدوها وفى ظني ان الخطأ يكمن فى عدم توفر الحماية القانونية لخصخصة الاندية رغم ان الدولة اعلنت صراحة عدم قدرتها على تقديم الدعم للأندية وكفاية عليها الاتحادات الرياضية. الخطوات الناجحة تحتاج إلى مبادرات شجاعة كما حدث مع خلف الحبتور قبل 13 عاماً وربما يسجل التاريخ الرياضي للإمارات انه اطلق تكهنات تحققت بعد عشر سنوات وما زالت تخطو خطواتها الاولى، والسؤال هل تدخل الرياضة المصرية ميدان خصخصة الاندية والادارة المحترفة أم تضيع الفرصة؟