أعلم أن مسئولي الرياضة أينما كانوا يقعون تحت طائلة النقد و التذمر و تحميل ما لا يحتمل . و أعلم أيضا أنهم يذهبون كبش فداء للأقلام و الإعلام ككل , و كذلك يعتبرون المصدات المتاحة للقائمين على الأندية و الاتحادات في حالة إخفاق أو تراجع للتبرير و زاد لتصاريحهم و فرقعاتهم ..! و مع هذا كله , أكاد أجزم أن حالة هرم الرياضة السعودية و العربية الأمير الشاب نواف بن فيصل بن فهد بن عبدالعزيز حالة نادرة و خاصة . فكيف هو حالة نادرة و خاصة ؟ إن ما يتعرض له المسئول الرياضي الشبابي الأول في المملكة العربية السعودية , و منذ توليه زمام الأمور بثقة غالية من خادم الحرمين الشريفين , أمر لا يصدق , إذ يأتي ذكره بالاسم مباشرة أو بطريقة غير مباشرة من خلال أطروحات و نقاشات و تحليلات و حوارات الوسط الرياضي السعودي , ربما لا نجد لها مثيلا في منظومة الرياضة في عصرنا الحاضر . لكم أن تتخيلوا ( 153 ) ناديا معتمدا من الرئاسة العامة لرعاية الشباب , و أكثر من ( 25 ) اتحادا رياضيا في برنامج اللجنة الأولمبية السعودية , و فئات المنتخبات السنية لكرة القدم , و المنشآت و المرافق الرياضية العديدة بالمملكة من شرقها و غربها و جنوبها و شمالها , أقول كل هذه الجهات من المنظومة الرياضية السعودية , و متى حدثت حالة لافتة , فترمى بتقصيرها و إخفاقها و عثراتها على القيادة الرياضية أسرع من البرق, فمن تعليل بقلة الموارد, إلى تأخر في البرمجة , أو عدم الاستجابة لمطالب لها في وقت من الأوقات , أو عدم الأخذ برأيها في شأن ( ما ) , و هلم جرا, فمن الاستحالة – و هذا ما لاحظته بحكم المتابعات اليومية لما يطرح - أن يأتي مسئول في الأندية الرياضية أو الاتحادات أو بقية القطاعات يتخلى عن هذه الثقافة الغريبة ثم يعترف بتقصير ناديه أو اتحاده أو الكوادر التابعة له , إنهم جميعا يرمون كل هذه التبعات على طاولة الرئيس العام , و ينتظرون على الدوام أن يتولى بنفسه نيابة عنهم هذه الأمور التي هي في الواقع من صميم مهامهم و مسئولياتهم و ما هو مطلوب منهم إن أردنا دقة الوصف . فما الفائدة التي تحققها الرئاسة و هي تعطي موافقاتها على اعتماد مجالس الإدارات بتكامل عناصرهم من حيث تعريف كل واحد منهم باختصاصاته و تخصصاته و خبراته , و كذا اللجنة الأولمبية ماذا عساها أن تقدم لاتحاد رياضي ينتفض أول فترة التعيين ثم يتوارى شيئا فشيئا ليصبح حضورهم فقط عبر الإعلام الرياضي ..! لا أقول جديدا عن حرص الوزير الرابع في الرياضة السعودية على تلبية احتياجات و متطلبات الأندية و الاتحادات وفق المتاح , و متابعاته المباشرة التي لا حصر لها و لا يرغب في اطلاع الإعلام عليها , و اجتماعاته شبه الدورية مع مجالس إدارات الأندية بمكتبه, كثير من هذا الذي يحدث على أرض الواقع و يعتبره الأمير نواف مسئولية لا مناص منها و يفتخر بخدمته الشباب السعودي و العربي , بيد أن هذا كله لا يعني الاتكالية التي نراها واضحة للمتابع الفطن , و لا يعني بحال أن تستهلك هذه الجهات أنواع الخطابات و البرقيات , فعليها أدوار و مسئوليات حقيقية يتوجب على هؤلاء القيام بها على الوجه المطلوب من أجل جعل المسئول الأول لديه الوقت الكافي للدراسة و التخطيط المستقبلي السليم , فضلا عن تأصيل هوية قيادية جديدة أقرها الأمير الشاب بأن أعطى كافة لجان العمل بالرئاسة و اتحاد الكرة و اللجنة الأولمبية كامل الصلاحيات و اتخاذ قراراتها و الإعلان عنها مباشرة دون الرجوع إليه إلا في حالات ضيقة جدا. على وسطنا الرياضي السعودي بمختلف قطاعاته و مكوناته أن يتفاعل مع حقبة جديدة تعمل وفق رؤية عصرية مفادها التخصص و الكفاءة و منح الصلاحيات , و أن يبتعد عن حالات الاتكالية المعتادة في تسيير أموره , و أن لا يجعل من التذمر سلاحه في التعاطي مع الإعلام الرياضي , و هذا الأخير عليه دور مختلف عما اعتاده في سنوات طويلة بتعليق شماعات الإخفاق أيا كان ذلك الإخفاق بأسلوب الطريق الأسرع بأن يوجه سهامه تجاه الجهاز ككل و أن يحصر نقده في ذوي الاختصاص سواء بأندية أو اتحادات , فما نلاحظه استسهال البعض رمي الاتهامات و التقصير جزافى على عاتق المسئول الأول و ترك من هم أساس الإشكالية و سوء التسيير و قلة ( الدبرة ) .؟! و أخيرا .. و هي حقيقة , أن العمل الرياضي يظل منظومة متكاملة لا يمكن له أن ينجز أو يتقدم من الدخول عبر بوابة واحدة هو جهاز الرئاسة العامة لرعاية الشباب بقطاعاتها المختلفة , بل من خلال كافة أركان الفعل الرياضي من أندية و اتحادات و قطاع خاص و جمهور و إعلام , وكذا قطاعات عامة ذات صلة برعاية فئة الشباب بالمملكة . متى تكاملت مع بعضها البعض حتما سنرى رياضة سعودية مؤثرة و فاعلة في محيطها المحلي و الإقليمي والقاري و الدولي إن شاء الله تعالى .